لا ادري ماهية ( الساجور – على لغة اهل الكونكان - ) الذي بات يقف بيني وبين موقع ( سودانيز اون لاين ) الذي واظبت على الكتابة فيه لثلاث سنوات متتالية قبل ان ( يشتمني ) فيه احد احفاد الخديوية الذين اضحوا – بفعل التقادم - سودانيين بالميلاد لا بالتجنس ، فيما استحلنا – نحن – الى رعايا لا مواطنين كشأن رعايا دولة اريتريا واثيوبيا بالجريف غرب ، وبمفارقتها – اي سودانيز اون لاين - فاتني ان اطلع على ( بوست ) نشر بالموقع حكي لي عنه احد الاصدقاء ، تناول بسخرية وتهكم سيرة الدكتور كمال عبدالقادر بمناسبة احتفائه بتخرج ابنه ( ياسر ) في كلية الطب ، واتهمه – ضمن اشياء اخرى – بانه لص اغتنى من منصبه . ليست علاقة الدم وحدها التي تربطني بالدكتور كمال عبدالقادر ( والدته شقيقة والدي ) ، فقد فتحنا سويا على هذه الدنيا الفانية ، وجمعت بيننا صداقة ورفقة لم تنقطع حتى بفعل سنوات الانقاذ العشرين العجاف التي جعلتني واولادي نضرب في اصقاع الكون حتى استقر بنا المقام في اقصى اطرافه التي تشرق منها الشمس ، فيما انتهى المطاف باخي كمال الى صاحب اقامة دائمة ومركز وضعه في صدر صفحات الصحف في وطننا – السابق- ( السودان ) ، ومن ثم فاستطيع – باطمئنان بالغ – ان ادعي معرفتي بالرجل اكثر من معرفة اشقائه واصدقائه الاخرين به . الدكتور كمال عبدالقادر هو الابن الثاني ( بعد الدكتور حسن عبدالقادر – اخصائي النساء والولادة ) للحاج عبدالقادر احمد ( الملقب ب عبدالقادر الشين ) ، وقد كان ( الشين ) من اكبر تجار الاسبيرات بالجزيرة ، وقد عاش كمال مع اخوته في نعمة لا تخطئها عين راضية او حسودة . عقب تخرج ( كمال ) في كلية الطب – جامعة الخرطوم – سافر الى المملكة المتحدة للتخصص ، كان ذلك في منتصف الثمانينات ، وبقى هناك حيث عمل بمستشفيات بريطانيا ، وقد حقق فيها نجاحا علميا مشهودا ، وقد ظل رغم بعده عن الوطن مهموما بقضايا بلده واهله ، وكان يطل على القراء من خلال عموده الصحفي الشهير ( كلامات ) وكان – ولا يزال – جريئا ، ساخرا خفيف الظل ، ومصادما في الحق . بعد عودته – النهائية – من بريطانيا ، قام الدكتور كمال بانشاء وحدة لتدريب الاطباء السودانيين في مجال التخصيب وزراعة الاجنة ، وقد عمل في تلك الوحدة دون اجر ، ولم يعلن عن تبرعه باجره ، وكان يعمل لساعات طويلة ، ومنذ ان عاد الدكتور كمال للسودان لم يفتح لنفسه عيادة خاصة ولم يعمل في مستشفى خاص ، وفي عمره العامر ، لم يتقاضى الدكتور كمال اجرا من مريض لا قبل سفره لبريطانيا ولا عقب عودته . قلت امازح كمال : بقى ان تنشئ منظمة اطباء بلا اجور ، ومن جهته كان جادا ومخلصا فيما يفعله وكان يقول بانه يسعى لرد ما قدمه له الوطن وانه يشعر بالخجل لبعده عنه وخدمته خارجه . لم تكن لعين ان تخطئ مثابرة الدكتور كمال وجديته في مجال تدريب الاطباء ، ولذلك لم يكن بغريب ان يتم ترشيحه كمدير لمستشفى الخرطوم ، وقد حقق نجاحا ملحوظا خلال فترة بسيطة في تحديث المستشفى وتطوير الخدمات الطبية و البيئية ، وكتبت عنه اقلام كثيرة ، واشتهر امره . ومن هنا كان الطريق الى ( وكالة ) وزارة الصحة . لصاحب البوست الذي نوهنا عنه في بداية هذا المقال ، بعض العذر في ان يعتقد ان الدكتور كمال احتفى بتخرج ابنه خصما على حساب دافعي الضرائب ورسوم النفايات والعوائد والجبانات ، فقد اخذ – صاحب البوست – الدكتور كمال باخوانه الوزراء والوكلاء ومسئولي هذا العهد الارعن . ولكن .... كلمة حق في شأن الدكتور كمال ، فهو يعطي لوطنه دون ان يأخذ ، وقد رزقه الله من المال ما يكفيه وابنائه واحفاده – اللهم زده وبارك له فيه – ومن حقه ان يفرح بابنه كيفما اتفق له اسباب الفرح ، وكمال – عندنا – رمز للعفة وطهارة اليد والقلب واللسان. انا شخصيا ومع ما اتمناه للدكتور كمال من تحقيق مزيد من النجاحات في الحقل الطبي ، الا انني اتمنى ان يكون منصب ( الوكالة ) هو آخر محطاته ما دام الوطن في عهدة وكنف اناسا لا يشبهونه ( لا يشبهون الوطن ولا كمال ) . اما كمال نفسه ، فهو اكثر بكثير من مجرد وكيل لوزارة صحة ، مع امنياتنا لابننا ياسر بالتفوق على ابيه