[email protected] و تتلخص أولى ملاحظاتنا على ما ذهب إليه الدكتور مجدى غيث فى رسالته هو أنه فرّق بين سعر الفائدة و سعر الخصم تمهيدا لتحريم القرض البنكى باعتبار أن قيمة تدفقاته النقدية المستقبلية تحتسب على أساس سعر الفائدة المطبق فى البنوك التقليدية و إيجاد تكييف شرعى لسعر الخصم الذى تحتسب على أساسه القيمة الحالية للتدفقات النقدية انطلاقا من قناعاته بتغير قيمة المبالغ المالية عبر الزمن أي أن المبالغ المالية التي تقع على شريط الزمن لها قيم مختلفة وإن استوت من حيث الكم والمقدار، فالحاضر خير من المؤجل، والعين خير من الدين. و لهذا فقد اعتبر الدكتور الزمن سببا لخصم المبالغ المالية للديون الآجلة والناجمة عن بيع لا عن قرض واعْتُبر الزمن كذلك سببا لخصم التدفقات النقدية المتوقعة في المشاريع الاستثمارية لإيجاد قيمتها الحالية. وهذا ما أطلق عليه نظرية الحسم(الخصم) الزمني. و هذه التفرقة بين سعر الفائدة و سعر الخصم جاءت واضحة فى مقدمة و ملخص رسالته التى ورد فى صفحتها رقم 11 ما نصه "و للنظرية أثر على المصرفية الإسلامية من خلال التزامها بضوابط ومعايير الحسم الزمني بما يتعلق بمماطلة العميل، والسداد المبكر للعميل وخصم الأوراق التجارية. ومن أبرز أثار النظرية أثرها في دراسة الاستثمار حيث يتم بناء على فكرة التفضيل الزمني و خصم التدفقات النقدية المستقبلية بمعدل خصم مقترح بعيداً عن سعر الفائدة للوصول إلى القيمة الحالية". إلا أن هذه التفرقة تتعارض مع مفهوم سعر الفائدة الذى سبق و تطرقنا له فى المساهمة الثانية فسعر الفائدة فى الأسواق يتحدد وفقا لتفاعلات قوى العرض و الطلب حيث يمثل المستثمرون الجهة العارضة للنقود و المستدينين يمثلون الجهة الطالبة للنقود و لكل طرف من الأطراف له حساباته المختلفة عن الطرف الآخر و التى تختلف بدورها حسب ظروف السوق ، و إذا تناولنا الموضوع من زاوية الحسابات الخاصة بالمستثمرين نجد أن سعر الفائدة يعرف بأنه القيمة المستقبلية و التى تحتسب عادة وفقا للمعادلة التالية: (Future Value) FV = (Present Value) PV (1+r) أو باختصار: FV = PV (1+r) و بعكس المعادلة أعلاه يمكن تقدير القيمة الحالية كما يلى: PV = FV/ {1/ (1+r)} و من المعادلتين نلاحظ : أولا: أن القيمة الحالية هى معكوس القيمة المستقبلية و ثانيا: أن سعر الفائدة (1+r) و معدل سعر الفائدة (r) هو نفسه ثابت لم يتغير سواء فى معادلة القيمة المستقبلية أو فى معادلة القيمة الحالية فيما عدا أنه فى حالة الفيمة المستقبلية نستخدم سعر الفائدة (1+r) و فى حالة القيمة الحالية نستخدم معكوسه أو ما يعرف بسعر الخصم {1/(1+r)} و بالتالى فإن افتراض الدكتور مجدى غيث افتراض غير صحيح فليس هنالك فرق بين سعر الفائدة و سعر الخصم فهما وجهان لعملة واحدة و يتم تحديدهما بنفس الآلية التى تم التطرق لها سابقا فى هذا البوست القائمة على حقيقة أن سعر الفائدة (و كذلك سعر الخصم) عبارة عن سعر يتم تركيبه من مجموعة من هوامش المخاطرة التى يتم التعبير عنها اقتصاديا و محاسبيا بالمعادلة التالية: R =Risk-free rate + Inflation premium + Default risk premium + Liquidity risk premium + Maturity risk premium و بالتالى فإن افتراض الدكتور غيث بجواز استخدام سعر خصم معين لخصم التدفقات النقدية المستقبلية و تحريم القرض لعدة أسباب من ضمنها احتسابه على أساس سعر الفائدة افتراض أيضا غير صحيح ،،،،،،،،،،، و نواصل و الملاحظة الثانية هو أنه: و برغم عدم وجود فرق فى مضمون سعر الفائدة أو سعر الخصم حيث أنه مفهوم مرتبط بشكل مباشر بتعويض المستفيد عن مجموعة من المخاطر المحتملة إلا أن الفرق بينهما هو أن سعر الفائدة هو السعر الذى يتم بموجبه تعويض الجهة المانحة للتمويل (الممول) بينما أن سعر الخصم هو السعر الذى بموجبه يتم تعويض العميل فالمفهوم واحد و لكن المستفيد مختلف لذلك فإن سعر الخصم كما بينا سابقا هو معكوس سعر الفائدة دون إجراء أية تعديل فى مكونات هوامش المخاطر التى يحملها كل واحد منهما و لهذا السبب و بنفس القدر الذى حرمت فيه كل المجامع الفقهية القرض لعدم جواز أخذ تعويض مقابل الزيادة فى الزمن أو (الأجل) كذلك فقد حرمت التعويض مقابل تخفيض الزمن أو (الأجل) و لذلك فإن عملية تعويض العميل فى حالة السداد المبكر أجيزت باعتبارها كمكافأة للعميل للسداد المبكر و اعتبرتها المجامع الفقهية مكافأة غير ملزمة للبنك فله أن يمنحها للعميل أو أن يمنعها عنه تفريقا بينها و بين التعويض بمفهوم سعر الخصم الذى يجعل العميل مستحقا بشكل إجباري لذلك التعويض بحكم مفهوم القيمة الزمنية للنقود التى لا يعترف بها الشرع من أساسه ،،، و الملاحظة الثالثة هى أن مكافأة السداد المبكر مجرد محاولة لإيجاد تكييف شرعى لعملية الخصم الزمني للنقود فضلا عن استحالة حسبتها خارج إطار مفهوم القيمة الزمنية للنقود ،،، فالاختلاف بين الصيرفة الإسلامية و الصيرفة التقليدية إذن هو فى العقود حيث تنطبق في الصيرفة الإسلامية قاعدة (الأصل فى العقود الجواز) و لكنها لا تختلف فى آلية الحسبة حيث لم تسلم الصيرفة الإسلامية حتى تاريخه من شبهة الربا،،، و هنا تسقط و تتهاوى قاعدة (حرمة الربا) ،،،،،،،،،،،،،