سلامة وتأمين وصمود الجبهة الداخلية [email protected] ابان مرحلة الدراسة الثانوية كان لدينا استاذ خفيف الدم، ظريف، باسم وساخر وساحر، يسحرك ببيانه، وكان دائما يسخر من الطلاب ويداعبهم ويضفي جوا من المرح خلال حصص التاريخ التي كانت تجد صدودا كبيرا من معظم الطلاب، بحسبان أنها مادة جافة، لذلك كان يلطف الجو بتلك الدعابات والقفشات. وكان ضمن أقواله الساخرة: لو ......حرف شعبطة في الجو. والمتتبع لمجريات الأحداث وتداعيات قضية المحكمة الجنائية يقرأ كثيرا عن أولئك الذين يكثرون من استخدام (لو) التي لا طائل ولا فائدة مما يذكر بعدها. لقد وقعت الواقعة ولات ساعة مندم، ولا يفيد الا المفيد. قرأنا الكثير من سيناريوهات سئمنا ومللنا منها لكونها تفتح عمل الشيطان، فهذا يقول لو أن حكومة السودان فعلت كذا وكذا، وكاتب أخر يقول لو أن البشير قد انتهج ذاك السبيل وثالث يشير لو أن الرئيس اتخذ القرار الفلاني، وهكذا تتوالي متوالية سيناريوهات (لو) التي لا تغني ولا تسمن من جوع. القضية الماثلة الآن في مسرح الاحداث هي كيفية تفادي تداعيات وتأثيرات القرار السالبة ودرء المخاطر المتوقعة على السودان ومحاولة التصدي بكل الوسائل المتاحة والمتوفرة للسودان من منابر دولية مفتوحة يمكن أن يكثف السودان نشاطه المضاد لمقارعة هذا القرار، سواء كانت تلك الوسائل دبلوماسية أو قانونية أو عبر المنظمات الاقليمية والتكتلات التي تساند الدول المنضوية تحت لوائها قضية السودان. والمطلوب هو أولا سلامة وتأمين الجبهة الداخلية وصمودها والتفافها حول فكرة واحدة تنافح وتكافح من اجل ارساء قواعدها وتثبيت ركائزها، ألا وهي وحدة الصف وتماسكه وتعاضده. بمعنى أن تؤمن كافة الأحزاب والهيئات والتنظيمات المحلية ومنظمات المجتمع المدني بكل اشكالها بصرف النظر عن هوياتها ومبادئها وبرامجها ومناهجها بأن المقصود أولا وأخيرا هو السودان كقطر واحد، السودان ذلك المارد النائم، السودان ذي الموارد الطبيعية الوفيرة المتنوعة. السودان ذلك النسيج الاجتماعي المتفرد متعدد الأعراق والثقافات والاديان والمعتقدات. السودان ذي الأراضي الخصبة والسهول الغنية بثرواتها الطبيعية الزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية ومصادر المياه الوفيرة الجمة. ولا بد من نبذ الخلافات والنعرات القبلية والعرقية أو على الأقل تجميدها، في ظل هذه الظروف الراهنة القاهرة، سعيا وراء خلق جبهة داخلية صلبة تتكسر على اسوارها نصال الهجمات الشرسة لأعداء السودان وكل من يساندهم من المرجفين والمغرضين. ولتكن قيادات تلك الهيئات على قدر كبير من اليقظة والوعي والادراك لخطورة الموقف وما ينتظر البلاد وما تواجهه من خطر داهم ومكر ظالم، وعلى تلك القيادات أن تكون في مستوى المسئولية وتعمل على تنوير قواعدها وتذكيرهم بخطورة الموقف وتحذيرهم من العواقب الوخيمة لكسر تماسك الجبهة الداخلية، وليعلم الجميع أنهم في مركب واحد، وأن الطوفان قادم، حيث لا عاصم منه الا الاعتصام بحبل الله والتمسك بالوحدة والصمود في وجه قوى البغي والظلم والعدوان واللجوء الى وحدة الصف. وعلى الذين يتولون ادارة هذه الأزمة من سياسيين ورسميين وغيرهم وممن تستضيفهم وسائل الاعلام المحلية أوالدولية المرئية والمسموعة والمقروءة التحلي بالصبر والأناة والفطنة والحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. وعدم الاستجابة للاستفزازات التي تبثها بعض وسائل الاعلام المنحازة والتي تخدم اهداف هدامة مغرضة همها النيل من السودان وأهله الطيبين المسالمين. وبهذه المناسبة أدعو كافة الكتاب السودانيين المتخصصين وبخاصة في العلوم السياسية الى التصدي لحملة الأقلام المأجورة لأولئك الكتاب الذين يحاولون الصيد في الماء العكر ولا يخفون نواياهم السيئة، حيث تعكس كتاباتهم المكثفة عبر بعض وسائل الاعلام المرصودة، والتي لا تخطئها حصافة وذكاء القارئ السوداني، تحاملهم على السودان وحسدهم وحقدهم الدفين لكل ماهو سوداني، الذين استأسدت أقلامهم على السودان وهي في الحروب نعامة. ونقول لهم موتوا بغيظكم وهيهات هيهات أن تنالوا من السودان، والله المستعان.