لم يستطع القادة الأفارقة فى قمتهم التى انفض سامرها تواً فى كمبالا عاصمة يوغندا أن يجيزوا الفقرتين التين كانتا تحث أولاهما الدول الإفريقية بعدم الإمتثال لأمر المحكمة الجنائية الدولية القاضى بإعتقال عمر البشير بموجب أمرى قبض أصدرتهما المحكمة لإتهامه بجرائم الإبادة الجماعية و جرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية فى دارفور و تهاجم ثانيهما لويس مارينو أكامبو المدعى العام للمحكمة الجنائنة الدولية بإعتبار أن مجهودات المحكمة موجهة ضد القادة الأفارقة دون غيرهم من قادة العالم مما يعنى أن المحكمة أصبحت تكيل بمكيالين فيما يتعلق بالعدالة الدولية. لقد فشل هؤلاء القادة فى إجازة تلكم الفقرات من بيانهم الختامى بعد أن رفضها قادة من دو ل أفريقية تقف فى صف المحكمة فى ضرورة تحقيق العدالة و وقف مثل هذه الجرائم فى أرجاء القارة التى يملؤها الظلم من كل حدب و صوب. و بخلو البيان الختامى للقمة من هاتين الفقرتين ، يكون البشير قد فقد عنصراً مهماً لطالما تشبث به لإبقاء روحه المعنوية حية و إن كان على مستوى دون الوسط خاصة عندما يهم بالسفر فهو لم يستطع حضور القمة الأخيرة و أن عقدت فى بلد جار للسودان و قد سكت الرجل هذه المرة خلافاً لما تعاهده العالم من (تحد لأوكامبو و محكمته و اوامر قبضه) فلم نسمع أي من هذه المصطلحات التى عهدناها طوال الفترة الماضية. هذا السكوت هذه المرة يختلف عما سبق لم نسمع عن السادة المستشارين ذلك الجدل الذى كنا نسمع عنهم قبيل كل حدث خاصة الأحداث التى تحدث قريباً من السودان مثل مصر و تشاد و يوغندا. هذه المرة لم تفاجئنا الفضائية السودانية بخبر جازم بأن الرئيس سوف يحضر مؤتمر القمة للإتحاد الإفريقى فى كمبالا. و لم تفاجئنا وسائل الإعلام الرسمية و شبه الرسمية بأن الرئيس حر فى قراراته حول حضور اي مناسبة من عدمه. كما أختفى ذلك الكم الهائل من المستشارين الذين لا تتضارب تصريحاتهم فحسب بل تذهب مضارب شتى فى جميع الإتجاهات البوصلة حول ما إذا كان بإمكان الرئيس حضور القمة الإفريقية لطلب الدعم فى وقت هو أمس الحاجة إليها لتخفيف من عقدة تزوير أهم إنتخابات فى تأريخ الأمة السودانية بسبب الجنوب و دارفور. هذه المرة لم نسمع شيئاً من على عثمان و لا من نافع و لا من مصطفى عثمان و لا حتى من مسار و هم يتلون الرئيس فى القائمة التى زادت أرقامها بأكثر من مئات ثلاث بعد أن كانت بضع و خمسين و ذلك بسبب الجهل و الأنانية. و نحن فى إنتظار تصريح من هؤلاء ماذا يعنى عدم حضور كبيرهم هذه القمة؟ و تأتى الأخبار من بنوم بنه لتقلق مضاجع القادة الأفارقة و أولهم البشير بأن لعنة هذه المحكمة أصبحت قرينة لا مناص من مفارقتها حيث أصدرت المحكمة الخاصة بمحاكمة مجرمى الخمير الخمر فى كمبوديا حول الأحداث التى وقعت بين عامى 1975 و 1979 حكمها الاول على مدير السابق للسجن دوتش (اس 21) بالسجن 35 عاماً و قد بلغ الرجل من العمر 67 عاماً بعد إختفاء دام لأكثر من 20 عاماً. و موضوع المحاكمة هو إرتكاب جرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية و لم تشمل قائمة الإتهام تهم بإرتكاب جريمة الإبادة الجماعية. مع العلم بأن هذه الأمم التى إجتمعت و قررت تشكيل هذه المحاكم شاءت بألا تتقادم هذه الجرائم حتى لا تتقيد العدالة بعامل الزمن و لا بعامل عمر المتهم طالما قام دليلٌ قاطعٌ على مسؤولية المتهم فهل يفهم البشير بأن حركة الجنائية الدولية تتناسب طردياً مع مرور الوقت من لحظة إرتكاب هذه الجرائم التى تهتز لها العرش فى ربوع دارفور " اللوح و القرآن"؟ إذاً فليعلم البشير بأن العدالة - و إن أبطأت - فإنها لا محالة قادمة. فهل شمرت لها ساعداً؟ أو هل أعددت نفسك للقصاص المفضى للحياة؟ Ali Jubran [[email protected]]