من بين السمات البارزة التى تتصف بها حكومة الانقاذ الوطنى والسادة القياصرة الجدد، هى اطلاق التصريحات الكذوبة والتى لا اظنها تداعب خيال الفقراء والجوعى فى السودان فجماعة المؤتمر الوطنى واعلامهم الكذوب لا يتدبرون فى تلك التصريحات- فبدأ من ترعة كنانة والرهد، وامريكيا روسيا قد دنى عذابها الى آخر تصريحات اليسد المتعافى التى جاءت كالآتى: (نفكر فى زراعة الصحراء الكبرى كشف المتعافى عن نيته عن زراعة الصحراء الكبرى والتى تمتد من جنوبى امدرمان حتى الحدود مع ليبيا وتشاد(امك جاتك)، لافتا الى امكانية نجاح الخطوة لتوفر مخزون مياه فى تلك المنطقة ليوفر 5 مليار متر مكعب سنويا، اجراس الحرية- الاربعاء 28-1-2010 العدد 758 ). حسنا قارئى الكريم ونحن نعرف جميعا، ميدانيا وبالتجربة ان المؤتمر الوطنى هو من قام بتدمير القطاع الزراعى (التقليدى والحديث) وسياساته الزراعية هى التى ادخلت مزارع القضارف الى السجون بسبب الاعسار هذا من ناحية ومن ناحية اخرى لماذا يكلف السيد المتعافى نفسه عناء استخراج المياه الجوفية؟ (ولايكلف الله نفسا الا وسعها) لزوم التأصيل وكدا ياجماعة! فمشروع الجزيرة الذى عاثت فيه ايادى القهر والتخريب والفساد مازال موجودا والمياه متوفره والرى كما هو معروف انسيابى- والجدير بالملاحظة ان مشروع الجزيرة يقف شاهدا على اكبر المجازر الزراعية فى عهد الانقاذ، وانا اذكر تماما وهنالك فيض من الذكريات التى تتدفق وتتوالى متجاوزة المسافات حينما يكون الحديث عن مشروع الجزيرة، تلك المأساة التى تقف شاهد عصر على ما يمكن ان يفعله الطغيان السياسى والفساد الذى يطول كل شئ حتى النفس البشرية. فقبل وصول الامويين الجدد، كان المشروع ينتج القمح والذرة والفول وكان انسان الجزيرة عال العال، وحينما كنا صغارا كنا نشارك الاهل فى عملية زراعة القطن ونحصل على الاجر، وخصوصا فى زمن الاجازات والعطلات الصيفية، وكان كل بيت من بيوت الجزيرة يمتلك عددا مهولا من الثروة الحيوانية وذلك لانها تقتات على بقايا القمح والقطن الذى يسميه اهل الجزيرة(موسم الطلق) وكان موسم صرف السلفيات والحساب الفردى الذى يتقاسم فيه الزراع والحكومة عائدات القطن، بالرغم من جور علاقات الانتاج الا انها كانت كما العيد، فالعربات واللوارى والكوارو كانت تنقل المزراعين فى الصباح الباكر الى اقسام وتفاتيش المشروع المختلفة، وكنا ننتظر عودتهم بفارغ الصبر فهم يغشون السوق ويشترون اللحمة والخضروات ويسددون ما عليهم من ديون لدى التجار- فقد كان موسم عيد بحق وحقيقة- ومنهم من كان يغشى الانداية لاحتساء قليل من المريسة ومن ثم اخذ جركانة صغيرة فى طريق عودتهم الى المنزل، ولا ينسون ايضا التبرك بالشيوخ وسداد ما عليهم من نذور وهذا كله فى وئام تام وتصالح مع الذات فالمهم هو التدين الداخلى واما التدين على شاكلة الدقن الدائرية و المركوب الابيض الذى لم يجلب سوى الخراب والدمار والفساد والافساد، واذكر جيدا جدى وجارنا الطيب ود عبدالله حينما يكون هنالك حساب فردى، فبعد اعطائنا ما فيه النصيب كان يقوم بعمل كرامة من البليلة ويوزعها على الماشى والغاشى. و ايضا المشروع يعج بانتقال البشر من منطقة البطانة وبثرواتهم الحيوانية الضخمة ولا ننسى نيجيريا وغرب السودان- عمال موسميين وغيرهم- حقا فقد كانت الجزيرة من اقصاها الى اقصاها تموج. ففى يوم صرف الحساب الفردى وفى منتصف النهار لا تسمع سوى قهقهات الكبار والضحك والقرقراب والونسة بالسفة الكبيرة والكتاتيح والغبار كما قال الراحل الدوش ويمكنك ان تشتم رائحة الشواء وانت على بعد كيلو او ينقص وانت داخل اى قرية فى ذالك اليوم وفى المساء وخصوصا اذا صادف ليلا مقمر والقمر فى منتصف السماء كن نلعب شليل وين راح (اظنه خطفه المؤتمر الوطنى) فالقمر كنا نتصوره على صورة انسان او فتاة جميلة تحتضن طفلا فى بعض الاحيان، واحيانا كان يولد فينا بعض الاحاسيس (الراعشة) وعن ذلك الجمال الذى لا يوصف وعن الصبايا اللائى يذهبن الى الترعة لغسيل الملابس وهن يتمتعن باجسام نضرة ويكشفن عن اجسادهن، بدون ان يعبأ احد من الماره فلا احد وصيا على احد بل كلهم اخوات وبنات بالنسبة اليه، وهذا قبل وصول مطاوعية الجبهه الاسلامية! فالحديث عن مشروع الجزيرة فيه ما فيه من اوله الصوفى الى الاعجاب الذى يصل حد الدهشة. المتعافى والصحراء الكبرى: اصدق تعبير لحكاية زراعة المتعافى للصحراء الكبرى هو ما حكاه لى والدى سعيد عرمان متعة الله بالصحة والعافية واظن ان مقدرة الوالد على ايراد الحكاوى له علاقة بالتدريس الذى قضى فيه ردحا من الزمن وطاف على معظم اقاليم السودان وانتهاء باليمن الشمالى فقد قلت له ذات يوم ان الحكومة وعدت بالاهتمام بالمعاشيين، وانت كرجل بالمعاش سوف تكون محظوظا، فكان متكأ فجلس قائلا( هذه تذكرنى بحكاية الرجل الذى كان يحتسى مع صاحبه نوعا من انواع الشراب البلدى، يقال انه مسكر والعلم عند الله فقال الاول لصاحبه بماذا تشرب شاى الصباح فاجابه(اغبش) اى بدون لبن فقال له ارسل له ابنك فى الصباح وسوف اعطه بقرة حلوب ففى الصباح الباكر ارسل ابنه الى صاحبه وقال له ابى ارسلنى اليك لتعطنى البقرة التى حدثته عنها بالامس فانتهره وقال له ابوك يسمع حديثات ام بٍلبل؟)-بكسر الباء- فالسيد وزير الزراعة الهمام بدلا عن زراعة الصحراء الكبرى عليك باصلاح الخراب الذى قام به حزبك فى مشروع الجزيرة وتدمير السكة حديد وسودن بورد والفبارك وغيرها من اصول المشروع واما حكاية الصحراء الكبرى ان صحت سوف تكون لمنع خليل وغيره من حركات التحرر من الوصول الى مركز السلطة فى الخرطوم، وقضية التمرد هى قضية سياسية واقتصادية يتم حلها بالوسائل السلمية. وحديث زراعة الصحراء الكبرى نحسبه ايضا احدى حكاوى الانقاذ مثلها مثل ترعة كنانة والرهد او احدى حكاوى ام بلبل الانقاذية وانت صاحب احجية سوف يصبح الدجاج وجبة الفقراء والمحتاجين حينما كنت واليا للخرطوم( وان كان غلبك الجداد احسن توسع قدها). وان ذهبت بحديثك هذا الى اهلنا فى الجزيرة سوف يقولون لك كما يقول الفرنجة )stop kidding around and listen to us(! او نحسبك تمزح يا شيخ المتعافى!