في الأفق برنامج حضاري لإحياء تراث مندثر سفارتنا في الخارج (باش بزق) العصر محمد سليمان احمد – ولياب [email protected] كنت أود أن أستريح قليلا من الحديث في هذا النمط المزعج ( لبضعة ساعات ) وأريح المتابعين.. وطاقم المسؤولين عن هذا العبث و الهراء الذي نعيش فيه ، بفضل جهودهم المبذولة في ( عكننة المغتربين ) ، ولكن لاستشعاري بان ما كتبته حول " تفنن السفارات في فرض الجبايات " حركت مشاعر الكثيرين من إخوتنا المكتوين بهجير الغربة وظلم السلطات إلى الإقبال الهائل من المتابعين على ما نُشر منه في العديد من المواقع الالكترونية نقلا عن مصادر نشرت المقالة . حيث ورد إلى بريدي العديد من الرسائل. فكان لي أن أعود واستكمل وأضيف بعض النقاط التي كنت قد أهملتها خشية الإطالة والإسهاب أو التركيز حول واقعة أو مشهد في سوق الانتهازيات الممارسة من قبل السلطات. فبالرغم من التقدم والوعي المطرد الذي حظي به كل شعوب العالم إلا أن قيادتنا ، والمسؤولين من حولنا لا يقرون بان ذاك التطور في المفاهيم والإدراك يكون قد وصل شذرات منه إلى مدراك وعقول من يحملون في مكوناتهم ( جينات لسودانية ) . لذا يتعاملون معهم بأساليب بالية من المفترض أن تكون قابعة في أرشيف الذكريات الموجعة .. فالعالم يتقدم . وجميع من حولنا من اقرأننا ونظرائنا من شعوب العالم يعملون بجد ونشاط في تطوير الأدوات والوسائل . فالتقديم للجامعات في محيطنا الإقليمي والعربي يتم وفق آليات ونظم إدارية تستخدم وسائل تقنية حديثة (أو على الأقل) تخطوا نحوها بثبات. ونحن نتقهقر إلى الخلف بتعمد غريب...!! لماذا يحدث هذا ? سؤال حائر، والإجابة المستدل عليها بالقرائن الواضحة تقول:- من اجل حفنة ( دراهم و ريالات ) تُجمع لصالح جهات لا يستطيع احد منا (لغياب الشفافية ) أن يؤكد حُسن إدارتهم لمواردها المالية ، وفي ظل اتهامات تلاحقهم من العامة، ومن المختلفين معهم في الرأي أو الفكر أو المنهجية . صور مؤلمة. وممارسات خاطئة ( أقل ما يمكن أن يقال عليها أنها مُتخلفة ) هي السائدة في محيط مؤسساتنا العاملة في سفاراتنا بالخارج وملحقياتها.. لردح من الزمان كانت هنالك ( شماعة الإمكانيات ) التي حملت على عاتقها الكثير من إخفاقات العاملين على تنظيم إداراتها. وبموجها وتحت بنودها تم تحصيل مبالغ إضافية ذهبت( هباءًا منثورا ) ولم تستطع الجهات المكلفة بجمعها في أن تضيف إلى قناعات دافعيها جدوى دفع المزيد منه . بل ولأسباب منطقية ( ونتائج معدومة) استنزفت الكثير من المفاهيم والقيّم الأخلاقية، وأضاعت قيم سودانية كانت متوارثة في المساهمة ، و العون الذاتي، والتكافل الاجتماعي . إلى جانب أنها أفقدت هيبة موظفي السفارات وألصقت بهم صورة قبيحة مُقيته تصورهم وكأنهم ( باش بزق ) العصر والزمان .. والباشبزق لمن لم تسعفهم الذاكرة اسم من أسماء المهن ( في المصطلحات العثمانية.. كالسفرجي والبوسطجي ) فهي من الأسماء والألقاب التي كانت مستخدمة في عصر الاستعمار التركي العثماني .. وتطلق على جامعي الجبايات عنوة من المواطنين .. اندثرت كلمة ( باش بزق ) لاندثار الوظيفة ذاتها .. بينما ظلت كلمة ( باشمهندش / وباشكاتب ) باقية لبقاء المهن . ولكن يبدوا لي أن في الأفق برنامج حضاري لإحياء تراث مندثر.