محمد وداعة: الجنجويدي التشادى .. الأمين الدودو خاطري    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنبدأ رحلة البحث عن وطن بديل ؟ ... بقلم: حلمي فارس المدينة المنورة
نشر في سودانيل يوم 10 - 08 - 2010


أنبدأ ( رحلة البحث عن وطن بديل )؟
إهداء للوزير الصديق : كرمنو ، ومؤتمر الهجرة العائدة
حلمي فارس المدينة المنورة :
ما أكثر الحالات التي يخرج فيها الهم الخاص عن دائرة الخصوصية و ينداح متسعاً ليصبح هماً عاماً يلامس حياة الجميع في وطن ممتد ،، و التجربة الشخصية التي قد يعيشها الفرد قد تعكس حالة عامة تنسحب على معظم خلق الله في ذات الموقع الجغرافي أو ذات الظرف الحياتي أو ذات الملابسات ، بهذا أسوق مقدمتي معتذراً ومبرراً عزمي طرح تجربتي الشخصية أمامكم ، أيها القراء الكرام ، وكلي ثقة بأن ذكاءكم الفطري قادر على قياس الحالة ومطابقتها بالواقع ومن ثم إتخاذ قراركم بشأن كونها حالة خاصة أم واقع عام .
فقد جلسنا يوماً ، كما أعتدنا كأسرة ، لمناقشة أمر جلل يتطلب أن نجيب على سؤال هام : وأبنتنا الكبرى على أعتاب المرحلة الثانوية في دراستها : أتعود الأسرة للسودان جزئياً لتباشر الدراسة هناك ؟ أم ننتظر قليلاً ريثما تترتب أوضاع السودان ويتجاوز هذا المنعطف الخطير !؟ أم نصرف النظر عن العودة ويجاهد أبنائي في الدراسة هنا وهم المتفوقين الذين لا يقل تحصيلهم الأكاديمي عن 99 % كل عام ، ونرضى بذلك بمقص حكومتنا الرشيدة التي سوف يلتهم جزء مقدر من جهدهم بلا مبرر ، و لنكابد بعدها تحمل مصاريف دراستهم ( المضاعفة ) فقط لكونهم أبناء ( ...... ) مغترب !؟ أم ... ؟ فجاء قرارنا بشبه إجماع أن ( التجربة خير دليل ، وليس من عاش وجرب كمن سمع ) فقررنا أن نجرب خلال إجازتنا السنوية أن نعيش حياة من عاد للسودان ، فأدخلنا أبناءنا في المدارس السودانية بإحدى مدن السودان الكبيرة ، وخضنا التجربة ،،
وأبنائي بمدارسهم ظللت أدقق النظر حولي لأرى : أيصلح الحال والوضع في السودان الحالي لتنشئة و تربية وتعليم أبناءك فيه ؟ أخترت خمسة من العوامل المهمة لجعلها معيار لدراستي للحال الماثلة ، وحرصت أن أستقي معلوماتي وبياناتي من جهات رسمية أو محايدة ، وأن أبتعد بقدر استطاعتي عن أي مؤثرات سالبة قد تبعدني عن الموضوعية والعلمية في بحثي هذا ، لهذا قررت عدم مقابلة معظم أصدقائي ممن يدينون بالولاء أو العداء للحزب الحاكم ، إلا من الدستوريين الذين أردت الإستعانة بمعلوماتهم الإحصائية ، وإليكم بإختصار شديد ، غير مخل بفحوى الدراسة ، خلاصة ما خرجت به وعلى ضوئه اتخذت قراري الخاص بأسرتي ومستقبل عودتها للسودان :
1. الأمن العام للدولة و للأفراد ( نسرد ثلاث نقاط ونحتفظ بالبقية إختصاراً ، وحفظاً للأسرار ! ) .
أ‌- بحسب إفادة وشهادة دستوريين وقياديين في الحزب الحاكم نفسه ، وأمنيين نافذين ، فإن الوضع السياسي المتأزم دائماً بين الشريكين بعضهما البعض ، وبينهما وبين بقية الأحزاب السياسية بالسودان ، وحالة الشقاق الذي لا يكاد يجتمع ويتفق فيه الفرقاء السياسيون على شيء ، يجعل من الوضع الراهن بالسودان كالمشي في حقل من الألغام ، تتكاثر فيه القنابل الموقوتة والمزالق الخطرة التي تهدد الأمن العام للدولة والأفراد على حد سواء . أضف إلى ذلك الوضع الأمني المتفجر بغرب السودان عموماً وبدارفور على الوجه الأخص ، وإستمرار الاشتباكات هنا وهناك ، التهديدات الماثلة بإختراقات أمنية هنا و هناك سيكون لها أنعكاساتها بالوسط ، ووجود أكثر من ثلاثة ملايين نازح بمعسكرات تشرف عليها ما يفوق المائة من المنظمات الأجنبية ، مع وجود عشرات الآلاف من الجنود الأجانب بالبلاد ، وعشرات الحركات المسلحة الموقعة على أتفاقيات ( تقاسم كيكات السلطة والثروة ) المتواجدة بكامل عتادها الظاهر والمخفي بالخرطوم ، ومليشيات الحزب الحاكم الخاصة وقوات الحركة الشعبية المنتشرة بأطراف الخرطوم وضمن القوات المشتركة ، و مليشيات بقية الأحزاب المعارضة التي تتحسب وتنتظر ( ساعة صفر ) ما قد تنتجها الخلافات السياسية التي تسود الساحة ، وبحسب إفادة ( مسئول أمني وحزبي وسيط ونافذ ) فإن الوضع الحالي هو قنبلة موقوتة ستنفجر حتماً ، ولا أحد يعلم متى سيحدث هذا الإنفجار !!؟ وكانت نصيحته الأخوية المخلصة لشخصي : ( أنت مجنون تجي السودان في الوقت ده ؟ أصبر شوف البلد دي ماشه على وين بعدين قرر ) .
ب‌- إ َضف إلى ذلك الخطر الأمني الماثل بدخول البلاد في مرحلة الإستحقاق النيفاشي بإجراء الإستفتاء على تقرير مصير الجنوب والذي بحسب إفادات معظم المتابعين عن قرب لا يُعتقد بأنه سيمر دون إخلال بالأمن العام وأمن الأفراد ، و مما قيل نصاً : ( إجراءه معضلة وعدم إجرائه مشكلة ، والتصويت للإنفصال كارثة لن يسكت عليها الوحدويون ، و التصويت للوحدة مصيبة لن يرضى بها الإنفصاليون ) وكأنه في كل الأحوال الصدام واقع لا محالة .
ت‌- بحسب إفادة مسئولين في وزارة الداخلية وبحسب التصريحات المنشورة بالصحف وإحصائيات الشرطة فإن جرائم الاعتداء على الأنفس ( قتل ، شروع في القتل ، أذى جسيم ، نهب مسلح ، سطو ، إغتصاب ، مشاجرات عنيفة ، وغيرها من جرائم السرقات النهارية وعصابات النيجرز ) في تزايد مستمر ومضطرد ، ويرجعون ذلك للوجود الكثيف للسلاح في أيدي المواطنين وامتلاء العاصمة وكثير من مدن السودان بالمسلحين من مليشيات الحكومة و طوائف الحركات المسلحة ، كما أن الضعف في العقوبات التي توقع على المجرمين أصبحت حديث العامة ، وكذلك إنعدام الثقة لدى المواطنين في فعالية وكفاءة ونزاهة القوات الشرطية والأمنية الحامية لأمن المواطن .
2. الأمن الاجتماعي والأخلاقي.
بحسب تصريحات المسئولين الحكوميين والمختصين من التربويين والباحثين الاجتماعيين فإن الإنفلات الأخلاقي والتفكك الإجتماعي يسود واقع البلاد من أدناه إلى أقصاه ، وتتمثل ظواهره التي لا تخطيها عين المراقب في التالي على سبيل المثال لا الحصر ( نكتفي بثلاث ظواهر فقط ) :
أ‌- تفشي المخدرات والمسكرات بصورة غير مسبوقة لم تعرفها أسوء فترات تاريخ السودان على الإطلاق ، سيطرت بشكل مخيف على أوساط الشباب بالجامعات والثانويات وحتى مرحلة الأساس وهم الفئة التي ينبني عليها مستقبل البلاد ، وتمدد هذه الظاهرة لتشمل الفتيات مع الفتيان ، هذا الأنتشار جعل الأباء لا يبالون بإنتشار ظاهرة التدخين وتعاطي الشيشة عند شباب الجنسين بإعتباره أخف ضرراً من المخدرات !!؟ وكذلك تعدد وسائل الترويج لها ووسائل الإيقاع الماكرة بالشباب من الجنسين ممن قد يتورعون عن تعاطيها برغبتهم بوازع دين أو تربية أو أخلاق ( راجع تصريحات وزير الداخلية ومدير عام الشرطة ومدير مكافحة المخدرات ومدراء الجامعات ) وكذلك الصحف وكبار كتابها تمثيلاً لا حصراً : http://www.rayaam.info/Raay_view.aspx?pid=704&id=55339
http://www.altayarnews.net/showcoltxt.aspx?no=3311
ب‌- مظاهر الإنفلات والتمرد والخروج عن الطاعة لدى الشباب على السيطرة والتوجيه والرقابة الأسرية ، لدى الجنسين من الشباب وإنجراف تيار الشباب وراء موجات التغرب ومجاراة النمط المادي العبثي البحت كأسلوب للحياة برغم الرفض الأسري المتمثل في الوالدين لذلك ، المظهر العام المتحرر والأزياء الفاضحة الغير محتشمة في الشارع العام والميادين العامة والجامعات السودانية دون إستثناء ، والتي تصل قمة إنحلالها وإنحرافها وخروجها على الشرع والعرف في حفلات الزفاف في القاعات العامة ، مما جعلها محور نقاش أجهزة الأعلام والصحافة بكل أطيافها ، كل ذلك مصحوب بموجة عارمة من التشبه والتقليد الأعمى لشبابنا لأخر تقليعات موضات الملابس والمكياجات الصارخة الضاربة التي أصبحت من أبجديات السلوك البناتي لمن أرادت القبول الإجتماعي !! و كذلك الأنماط السلوكية الخارجة على تقاليد أمتنا والمأخوذة بالكامل من القنوات الفضائية المفتوحة بلا رقابة أسرية ، مما جعل الجميع ، بمن فيهم رئيس الجمهورية نفسه ، يتناولها كظاهرة خطيرة ومؤثرة ويدعو للتشدد في التعامل معها ، ومما جعل الجامعات السودانية بوصفها أكبر تجمع للشباب تفكر في إعادة ( بدعة ) الزي الجامعي الموحد للطالبات لمنع تحولها لمعارض أزياء باريسية !! .
أ‌- كنتيجة للعاملين السابقين وعوامل أخرى تنامت ظاهرة إنتشار وتزايد حالات الحمل السفاح والإجهاض والأطفال مجهولو الأبوين وأنواع العلاقات الحميمة المفتوحة بين الجنسين والزيجات الدخيلة على المجتمع مثل العرفي والصداقات الحميمة وغيرها ، وإرتفاع معدل الجرائم المدونة بأقسام الآداب والنظام العام ، مع دخول الكثير من الأجانب في هذا المجال بتجارة رائجة ومنظمة ، جعلت من حرائر البلاد ومن ذوات الحاجة والعوز فريسة لتجارة تزداد كل يوم ( راجع تصريحات مدير شرطة النظام العام ) بالصحف اليومية بأن 80 % من جرائم الآداب البالغة 7852 جريمة لهذا العام مدونة ضد طالبات جامعيات !؟ .
3. الوضع الصحي و الرعاية والخدمات الصحية. وأكتفي بشاهد واحد لعكس الحال الماثل والمائل ، ثم أضيف عليه عاملين مكملين للصورة :
أ‌- إنتشار الوبائيات والأمراض المهلكة ، و التردي البيئي العام: بمراجعة مراكز إحصائية عامة وبوزارة الصحة تحديداً ، تشير الإحصاءات إلى التزايد المضطرد لأعداد الحالات للأمراض المهلكة ، نذكر منها مثالاً لا حصراً : السرطانات ، الفشل الكلوي ، الأيدز ، السل الرئوي والأمراض الصدرية ، الكبد الوبائي ، الملاريا ، التايفويد ، القارديا ، الدسنتاريا ، وتطول القائمة ، و تضاف عليها إرتفاع حالات الوفيات أثناء الحمل والولادة بمعدلات مخجلة ذكرها مندوب اليونسيف بالإعلام أمام وزيرة الرعاية الاجتماعية الأسبوع الماضي بسبب ضعف الرعاية الصحية الأولية ، وحالات سوء التغذية والأمراض الناتجة عنها !.
ويكفينا من الحديث عن البيئة العامة جيوش الذباب والناموس المتناوبان طوال اليوم ، وجبال القمامة والنفايات بوسط أسواق المدن الرئيسية كتفاً بكتف مع طاولات وبسطات بيع اللحوم والخضروات والخبز !!؟ ويكفي القارئ نظرة على شكاوي خلق الله من إنقطاع المياه عن مناطق العاصمة ( أكرر العاصمة !!؟؟ ) معظم ساعات اليوم ،، (http://www.rayaam.info/Raay_view.aspx?pid=706&id=55497 ) ونزولها من مواسيرهم ، إن أكرمتهم هيئة المياه بها ، وهي بلون الطين ، بل أجزم الكثيرون برؤية بعض الديدان الصغيرة تخرج من مواسير بيوتهم !؟ أثبتتها معامل فحص متخصصة ، وتتردد الإشارات والإشاعات بإختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي ببعض المناطق ! ولن ينجيك حرصك مهما حرصت في إتباع قواعد الصحة والسلامة والنظافة . فحسبك الله وحسبنا .
ب‌- حال المستشفيات ومراكز الخدمات الصحية العامة الحكومية : يغني حالها عن السؤال بشهادة مديرها العامين والطبيين والأطباء والعاملين فيها ، وبشهادة العشرات الذين يدخلون إليها على أرجلهم ليخرجوا منها إلى المقابر ، ولن يشفع في ذلك بعض التطور الطفيف في المنشآت والمعدات بما لا يتناسب وتفشي الأمراض آنفة الذكر وعدد المراجعين وبنقص كبير في مستوى الجودة النوعية في الخدمة ، ويبدو الفرق الشاسع والفاضح في مستوى الخدمات بين القطاعين الحكومي والخاص برغم القصور المريع الذي يشوب الأخير برغم المبالغ الطائلة التي يتكبدها المريض لينال هذه الخدمة .
ت‌- مراكز البحوث المختصه والطب الوقائي : هي غير موجودة أو غير فاعلة في جمع وتحليل الإحصاءات الواردة أعلاه وإيجاد الحلول أو أقله التوصيات اللازمة لمكافحة والحد من آثار هذه الأمراض الفتاكة ، وفي ظل الميزانيات الضعيفة المخصصة للصحة والتعليم والبحث العلمي مقارنة بميزانيات الدفاع والأمن والعمل السياسي ، فإن مراكز البحوث تجد العذر الأسهل لقصورها في ضعف الأمكانيات وضيق ذات اليد ، تاركة بذلك المواطن والوطن نهباً للأمراض المشار إليها أعلاه ، ومعلقة بذلك ذنبهم على رقبة الحكومة التي لم تكن صحة المواطن يوماً في مقدمة أولوياتها .
4. البيئة التربوية و التعليمية .
أ‌- طبقية ولا مجانية التعليم : قصيدة الشاعر ود بادي التي يقول فيها : تبقى مصيبة إن تبقى السنه أنعدمت بين الناس ** وتبقى مصيبة إن يبقى القرش الأحمر قسم الخلق أجناس أجناس ،، هي الأقدر على التعبير عن مصيبة مجانية التعليم اليوم في السودان !! فالقرش الأحمر قسم أهل السودان لمحظوظين يملكون الملايين اللازمة لدخول المدارس الخاصة لينعموا ببعض مزايا تعليمية ، علماً بأن تكلفة التلميذ الواحد بمرحلة رياض الأطفال لعام واحد تفوق المليون جنيه !!؟ ، والمغضوب عليهم الذين لا يملكون الملايين اللازمة للتعليم الخاص هم مضطرون أيضاً لدفع مبالغ لا تقوى عليها أسرهم للتمتع فقط بحق التعلم من دون مزايا !! وقد قال لي وزير تعليم ولائي بالحرف الواحد : ( مجانية التعليم كذبة كبيرة ) قلت : قالها رئيس الجمهورية !! قال لي : ولو قالها رئيس الجمهورية !! نعم ، صدق الوزير وكذب رئيس الجمهورية والواقع يثبت ذلك ! فقد شهدت بنفسي وحكى لي مدراء المدارس الحكومية بالعاصمة وولاية الجزيرة أن الكتب و الطباشير وكل الوسائل التعليمية يتم شراءها من رسوم يدفعها التلاميذ والطلاب ! بل في بعض المدارس يدفع التلاميذ حوافز ووجبة إفطار المعلمين ،، وما ينطبق على المدارس لا تنجو منه الجامعات وطلابها الذين دفعهم العجز عن دفع مصاريفها منصرفات حياتها لهجرها أو امتهان أعمال صرفتهم عن التحصيل الأكاديمي .
ب‌- البيئة المدرسية و الكتاب المدرسي : بعيداً عن إعلام الدولة التي يبشرنا قبل فتح المدارس كل عام بإكتمال توزيع الكتب ووسائل الإجلاس على كااافة المدارس الحكومية ، فقد رأيت بأم عيني فصل بمدرسة بمدينة كبيرة بولاية الجزيرة مساحته ( 4x5 ) يضم 62 تلميذ وتلميذة يفترشون الأرض ويجلسون على الطوب ، ومكتب في ذات المدرسة يأوي أو يفترض به أن يأوي ( 16 ) معلمة !!؟ زار هذه المدرسة والي الولاية ومحافظ المحافظة ومعتمدها وظل الحال كما هو إلى هذا التاريخ !! وقد أقسم لي معلم وتربوي رقم بولاية الجزيرة أن كتاب الفيزياء المطبوع لمدارس الحكومة لا يوجد بالمدارس ويباع في السوق ب ( 75 ) جنيهاً ، و ( 63 ) جنيه لكتاب الأحياء ، ثم يخرج علينا مسئولون في قامة رئيس الجمهورية و وزاء تعليم ومالية ليدعوا بمجانية التعليم . ومدارسنا التي كانت حتى قريب العهد منارات أصبحت خرائب ينعق فيها البوم والغربان بمباني متهالكة لا يمنعها من الهبوط على قاطنيها إلا رحمة الله ، يعشعش فيها الوطاويط وتنقص فصولها أبسط مقومات التهوية الصحية السليمة !!؟ ودونكم مدارس بالخرطوم ومدن السودان الكبرى ( المؤتمر ، الخرطوم القديمة ، وادي سيدنا ، الحصاحيصا القديمة ، حنتوب ، الحصاحيصا الصناعية ، رفاعة الثانوية ، وغيرها ) كانت يوماً منارات ، فتفضلوا بزيارتها كما زرتها لتروا ما حل بها.
ت‌- مستويات التحصيل الأكاديمي و مخرجات العملية التعليمية : من المضحكات المبكيات أنني خلال بحثي ولقاءاتي مع تربويين بمختلف مراحل تعليمنا وجدت أن المعلمون والمشرفون التربيون بالثانويات يشتكون من ضعف مستويات القادمين للمدارس الثانوية من مرحلة الأساس ،،!! ويشتكي مدراء ومحاضري الجامعات من ضعف مستويات القادمين إليها من المدارس الثانوية ، ويشتكي بالتالي وكنتاج طبيعي المدراء والمختصين في سوق العمل من ضعف المخرجات التعليمية والمهارات المكتسبة لدى خريجي الجامعات خاصة في التخصصات الدقيقة والعملية مثل الطب والهندسة والعلوم الحيوية والمختبرية وبعض التخصصات الأدبية ، والطلاب أنفسهم ، ومنهم المتفوقون في دراستهم إلى حين تخرجهم ، يقرون بأنهم إنما خرجوا من هذه الجامعات بشهاداتهم فقط !؟ وما تقييم بعض المؤسسات العلمية البريطانية لشهادة بكالاريوس الطب من جامعاتنا كدبلوم وسيط ببعيد عنا أسامع الجميع ، وعدم إعتراف بعض المؤسسات العلمية والتعليمية وأسواق العمل في كثير من دول العالم بشهادات جامعاتنا الكثيرة بغائب عن المشهد , وكفى .
5. الأمن الفكري والمفاهيمي . وحيث أن الأفكار والمفاهيم التي ينبني على المجتمع وأفراده هي معيار تقدمه ومؤشر مهم للتنبؤ بمستقبله ، خاصة في فئة الشباب عماد الحاضر وكل المستقبل ، فقد كان لافتاً للنظر بعض الظواهر السابلة الدخيلة على واقعنا ، منها ثلاثة فقط للإشارة :
أ‌- الخواء الفكري الذي يسود أواسط العامة ، خاصة الشباب ، في ظل غياب أنشطة المدارس الفكرية التي كانت تثري الساحة بالحوار والتنافس وتحدث الحراك التفاعلي الذي يرتقي بالفكر ويؤسس لمرجعيات تقاس عليها حركة الحياة ،، وفقدان الهوية وعدم الإحساس بالانتماء لكيان مرجعي تستقي منه التوجهات العامة ، فالانتماء للدين أصبح عندهم إنتماء لتيار سياسي كرهوه بما رأوا من نتائج مشروعه الحضاري ، فصار الدين عندهم تطرف أو تصوف أو تخلف كما يتردد ، والإنتماء لكيانات سياسية أصبح عندهم بحث عن مصالح ذاتية لا تخدم للوطن قضية ن فأصبح الشباب محاصرين بانتماءات لكيانات شللية صغيرة تجمع بينهم هويات أو روابط دراسية أو وظيفية ،، و الإحباط الذي يسيطر على جيوش الشباب من الخريجين الذين أقفلت أمامهم أبواب المستقبل ، ويزحف نحو الدارسين الذين يرون مصائر من سبقوهم من جيوش العاطلين من الخريجين ، ويقودهم ذلك في غالب الأمر ، في ظل غياب رعاية الدولة ومؤسسات المجتمع التربوية ، إلى اللجوء للتنفيس عن ذلك بممارسات وسلوكيات سبق وأشرنا اليها أعلاه .
ب‌- الإغتراب السلوكي والمظهري والتأثر بالفضائيات والإنترنت : النمط السلوكي والمظهري السائد في الوسط الشبابي والنسائي على وجه الخصوص يعكس التأثر الواضح بموجة الغزو الفكري الثقافي الناتج عن إنفتاح سماوات الفضائيات على البيوت السودانية ، فتحولت دوائر الأهتمام لدى الشخصية السودانية عموماً وفي أوساط الشباب والنساء على وجه الخصوص إلى أهتمامات مادية بحتة يسودها التنافس حول إبهار الآخرين والقبول الإجتماعي بالمظهر والملبس والمسكن وغيرها ، قياساً على تتبع ومواكبة أحدث مستجداتها ، فأصبحت مرجعياتنا في علاقاتنا هي المسلسلات المدبلجة وأفلام أجنبية والطرب عندنا في فضائيات الغرام الغنائية وجلسات الوناسة ، ومقياس الأناقة الجمال عندنا هن ممثلات العبث والهوى ومغنيات الليالي الحمراء وغرف النوم والحمام من روبي وساندي ووهبي وغيرهن ، ومن يشكك في ذلك فدونه أجهزة حاسوب وجولات شابابنا ، ومظهر ولسان وحياة وحال شاباتنا . حتى صار الحال يشمل المتدينين من الناس بمثل غيرهم ، فقد سألتني كريمتي بأحدى المناسبات الإجتماعية معلقةً على ملابس الحاضرات بأندهاش وصدمة : ألسن مسلمات ؟ ألا يعلمن تعاليم الأسلام في لباس المرأة ؟ ألا يعلمن حكم هكذا تبرج وغناء ورقص وسط الرجال دون حياء ؟ ألا يخشين الله وعذابه ؟ ألا يرغبن في رضاءه والجنة ؟ أين دولة المشروع الحضاري الذي حدثتنا عنها من هذا ؟ أين الحركة الإسلامية التي حكيت عن جهودها في أسلمة المجتمع ؟ أين الإعلام ؟ أفي مثل هكذا مجتمع تريدنا أن ننشأ ونكبر ؟ أمثل هكذا فتيات تريدنا أن نصير ؟ لم ولن أجد ما أجيبها به ، فكان صمت المتحسر هو الأجابة .
ت‌- اللامبالاة والإنصراف عن القضايا الأساسية للأمة : حيث أصبح اللهث وراء إشباع الحاجات الأساسية اليومية ، والركض لكسب رهانات التنافس حول المظهر والقبول الإجتماعي هو الشغل الشاغل لغالبية الشعب السوداني ، ويضاف إلى ذلك حالة الإحباط واليأس والشعور بالعجز تجاه تغيير الواقع المعاش خاصة السياسي والإقتصادي منه ، فبعد أن كانت الزيادات القليلة في سلع أساسية تحرك الشارع كعامل ضغط للتغيير أصبحت معاناة الناس التي تتضاعف يوماً بعد يوم هي مواضيع للتسامر والنقاش تحت أسقف البيوت ، وتعجب إذ تسمع أن بنود الخصم من مرتبات المعلمين في ولاية وسطية تبلغ ( 18 ) بنداً وتجدهم يتضجرون من ذلك ولا يستطيعون مقاومة ذلك بأي وسيلة ، ومن عجب أنك إن دعوت الناس لدعم أو حضور عمل خيري أو نشاط ثقافي أو فكري تقاعسوا بينما يتراكضون لهثاً ويقطعون المسافات سفراً لرفع ( فاتحة ) لا تغني ولا تسمن ، خوفاً من نقص القبول الأجتماعي بهم من الآخرين !!
بعد أن جلست مجتمعاً بأسرتي وعرضت عليهم خلاصة بحثي وتحليلي لواقع الحال بالسودان ، سألتني صغيرتي بحيرة ودهشة وإحباط : أبي : ألم تلاحظ أن السودان أصبح يستورد الطماطم من دول أفريقيا وآسيا ويستورد البرتقال من مصر ولبنان وعمال النظافة من بنغلاديش وعمال البناء من مصر ودول أفريقيا وأصحاب المطاعم معظمهم من الشام والحلاقين من أريتريا و تركيا وخدم المنازل من اثيوبيا وبنغلاديش وأندونيسيا ؟؟ في حين يشتكي أهله من العطالة ، ورجال أعماله ومستثمريه من إجحاف الحكومة والمحليات ؟؟ وسألتني بغضب وإحباط : أنبدأ بالبحث عن وطن بديل إذن ؟
أجبتها بقلب الوالد المشفق عليها و على الجيل القادم مما ينتظرهم من مهام جسام من أجل تغيير هذا الواقع : ما ذكرته أعلاه هي المؤشرات السالبة في طريق إتخاذ قرار العودة أو البقاء بدار الهجرة حتى حين ، ولا نتجاهل ولا نغفل بذلك المؤشرات الإيجابية الكثيرة بالوطن والأهل والأحباب التي تظل تربطنا به وتعيدنا إليه كل عام مرة أو مرتين ، وسنظل به نغني ونكتب ونرطن : وطني ، إن شغلت بالخلد عنه ** نازعتني إليه في الخلد نفسي { و } بلادي وإن جارت عليَ عزيزة ** وأهلي وإن ضنوا عليَ كرام {، وحدثتها عن الأمل في القادر العظيم أن يسخر للسودان وأهله أمر رشد يعز فيه المواطن وتتواضع فيه الحكومات ليصبح همها وأولوياتها المتقدمة هي سلامة و راحة و صحة و خدمة هذا المواطن ، حتى ذلك الحين فليظل قلبنا ينبض بحب الوطن وليظل اللسان يلهج بالدعاء له بصلاح الحال ، وسوف لن تتوقف جهودنا من أجل التغيير من حيث نكون .
نهاية الحكاية : تركوا مدارسهم ، حزمنا حقائبنا وعدنا من حيث أتينا ، حتى حين ، ودمتم سالمين

Hilmi Faris [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.