الظهران/المملكة العربية السعودية رمضان وأهدافه السامية رمضان كريم، رمضان شهر التوبة والغفران، رمضان هذا الشهر الفضيل، رمضان شهر الصوم ومراقبة النفس. كل عمل آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به، هذا الحديث القدسي يدل على عظمة شعيرة الصيام حيث لا رقيب ولا حسيب على الشخص إلا المولى العلى القدير، فالعبد قد ترك ما لذ وطاب من طعام وشراب وكل ما تشتهيه نفسه أثناء فترة الصيام إيماناً واحتساباً. في هذا الشهر الفضيل تسمو النفوس وترقى إلى منازل عليا من الإيمان والتقوى وتتبارى النفوس في أعمال الخير والبر والإحسان وتوزيع الصدقات ومواساة الفقراء وذوي الحاجات والأخذ بأيدي الأيتام ومسح دموع الضعفاء، كل ذلك إبتغاء مرضات الله ودرجات الإحسان دون من ولا أذى. فإذا ما ظلت النفوس على ما هي عليه في شهر الصوم من زهد في الدنيا وتطلع إلى الآخرة لكانت الدنيا جنة أخرى ينعم بها المسلم في حياته، ولكنها حكمة المولى العلي القدير في خلقه، الذي خلق الموت والحياة، الصحة والمرض، الغنى والفقر، العلم والجهل وما إليها ليبتلى عباده تلك الابتلاءات التي يخرج منها المؤمن القوي وقد إزداد إيمانه ونما إحسانه وعظم عند المولى شأنه وربح عمله وتضاعف أجره، أما غيره فقد خسر وأضاع فرصة العمر وأهدر الوقت، نسأله تعالى أن يجعلنا من المقبولين الموفقين. وهذا الشهر فيه الكثير من المعاني والأهداف السامية التي ينبغي أن يفيد منها المسلم ويضع نصب عينية الحكمة والفلسفة من وراء فرض شعيرة الصوم. ولكن مما يؤسف له نجد أن معظم الناس درجوا في هذا الشهر المبارك الفضيل على التباري والتفنن في اختيار مالذ وطاب من أصناف الطعام والحلوى وغيرها من المأكولات بشكل عشوائي تبذيري، تكون فيه موائد رمضان متخمة بشتي ألوان وضروب الأطعمة والمشروبات. وهذا هو لعمري عكس الغاية وضد الهدف السامي الذي هدف اليه المشرع والفلسفة التي من أجلها فرض علينا الصوم. الفائدة التي تعود على المرء في هذا الشهر مزدوجة بدنية وروحية. علينا ان نستغل هذا الشهر الفضيل في نبذ عادات الشره والإقلال من الطعام رحمة بابداننا وأجسادنا والامتثال لقول رسولنا الكريم الذي يحض على عدم الاسراف في الأكل حيث قال: ماملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، والإقلال من الأكل لاعطاء المعدة فترة راحة تستجم فيها لتعاود العمل بهمة ونشاط وكذا بقية الاعضاء الداخلية الهامة من كبد وبنكرياس وغدد وأجهزة الجسم كافة التي هي في امس الحاجة لهذه الصيانة الدورية خلال هذا الشهر المبارك حيث سنحس بعظمته ما التزمنا بالتعاليم التي حض عليها ديننا الحنيف. وكذلك العمل على نبذ العادات الضارة والاستعانة بالصيام على القضاء عليها والتخلص منها مثل عادات التدخين والتعود على المنبهات الضارة والاستعاضة عنها بما هو مفيد للجسم. أما الجوانب الروحية فتتمثل في توطين النفس على عمل الخير والصبر ومراجعتها ومحاسبتها والعمل على درء آثار التقصير وكبح جماحها والاكثار من الاستغفار والتصدق على الفقراء والمساكين وأعمال الخير وغيرها من الأعمال التي ينتفع بها المجتمع مثل الصدقات الجارية ومشروع افطار صائم. هذا فضلا عن تلاوة القرآن وتدبر معانيه وصلاة القيام واعمار المساجد واحياء شعيرة الاعتكاف وأداء العمرة وزيارة المدينةالمنورة. ففي الوقت الذي يعمل فيه الصوم على غسل البدن من كافة السموم التي تخزن في جميع إعضائه الداخلية من معدة وكلى وكبد وغيرها من أجهزة الجسم. تنعكس الجوانب الروحية على سمو الروح والتحليق بها في أجواء روحانية خلاقة وتطهير وغسل النفوس من الأدران الدنيوية والتطبع بأخلاق وقيم السلف الصالح ومحاولة التشبه بهم وتقليدهم في العمل الصالح وكل ما هو مفيد للسمو بالأعمال الى مرتبة عالية سامية وبر الوالدين والاحسان الى الجار وصلة الرحم وزيارة الأقارب وغيرها من الأعمال الصالحة والله المستعان.