وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمه قتل قديمه فى امدرمان ..... بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 16 - 08 - 2010


فى الكرسى الساخن فى سودانيات وجه لى هذا السؤال .
(( أول سؤال تم توجيهه للاستاذ شوقي بدري في هذا البوست جاء من الدكتورة احسان فقيري عن ملابسات مقتل ابراهيم سند التي كتب عنها عمنا شوقي بدري في كتابه حكاوي امدرمان وفي كتابات متفرقة اخرى. وبالفعل, فقد مثل موت ابراهيم سند المأساوي صدمة كبيرة لاسرته ولمجتمع امدرمان بصفة عامة في ذلك الوقت, وظل الغموض يكتنف تلك الحادثة. بالطبع لم أكن موجودا في هذه الدنيا في ذلك الزمان. ولكن كجزء من اهتمامي بالتاريخ, فقد كنت مهتما بتلك الحادثة.وأذكر ان مقتنيات ابراهيم سند كانت مخزنة في "القاطوع" في البيت الذي نشأ فيه حتى وفاته, والذي أصبح فيما بعد بيتنا, وأذكر انني قد قمت باخراج كراسي القماش والمقاعد خاصته والتي كانت لا تزال بحالة جيدة وحرصت على وضعها بصالون البيت وفاء لذكراه.
قبل فترة جآءت والدتي الحاجة آمنة حسن جميل لزيارتنا هنا في امريكا, وهي سيدة حكّاية ولها ذاكرة ممتازة, وقد حاولت أن استخلص منها بعض التفاصيل عن مقتل ابراهيم سند. حسب روايتها -باختصار-, ان إ سند الذي كان يعمل وكيلا بالبوستة قد كان يتمتع بقوة جثمانية فوق العادة, وقد كان يرهب فتوات امدرمان في ذلك الزمان ويقف لهم بالمرصاد,ولهذا فقد كان بينهم عداء أدى الى رحيله المأساوي, ونتيجة لقوته الخارقة, فقد عمد اعداؤه الى دق المسمار على رأسه على حين غفلة منه حتى يشلوا حركته.
المعلومة الجديدة بالنسبة لي ان قاتله قد تم اكتشافه بعد سنوات طويلة بالصدفة والذي كان يدعى ب "كبس الجبة"- ما عارف هل كتبتها صاح- وكبس الجبة هذا كان من فتوات امدرمان الشهيرين, ويقال انه كان يترصد بمناسبات الافراح وفي لحظة معينة يقوم باطفاء الرتينة حتى يستولي على الاموال التي كانت تجمع للعريس, وفي واحدة من مداهماته تلك أصابه رجل أعمى مما أدى وفاته لاحقا, ويقال أنه قد أبدى غضبه وحسرته وهو على فراش الموت, أن تكون نهايته على يد أعمى وهو الذي قتل ابراهيم سند!,,,, القصة تبدو مثل حكاية عنترة بن شداد,,, ولعل التاريخ قد أعاد نفسه.
وهنا أسأل عمنا شوقي بدري, ماذا يعرف عن كبس الجبة هذا, وماذا يعرف عن هذه الواقعة التي أدت الى نهايته )),,,
الابن / معروف سند لك التحية ..
وفاة الخال ابراهيم سند شغلت الرأي العام في امدرمان لفترة طويلة. و لا يزال الناس يتحدثون عنها خاصة اهل بيت المال و لا تزال المأساة عالقة باذهان الكثيرين. و هناك عشرات القصص عن سبب موته مثل القصة التي اوردتها والدتك لان القاتل لم يوجد. و سأحاول هنا ان اساعد في كشف بعض الاسرار.
الحقيقة ان ابراهيم سند كان شابا قويا و وسيما و معتدا بنفسه. الشباب كانوا يبحثون عن مجالات اللهو والمرح و النساء. منطقة بيت المال و امدرمان القديمة كانت قديمة و مؤسسة، و الناس يعرفون بعضهم البعض و كل الاسر متداخلة و يجد الانسان نفسه بانه داخل المنظومة و عليه ان يحمي حلته و بنات حلته و اولاد حلته . كما قلت ان امدرمان خرجت من عباءة بيت المال و امدرمان القديمة. و الاطراف في امدرمان كانت في الاربعينات و الخمسينات تعتبر مناطق جديدة. و كان كثير من النازحين لا يعرفون بعضهم البعض و كانت اماكن اللهو و الشرب و السهر في هذه الاطراف هذا اذا استثنينا منطقة وسط امدرمان (فريق جهنم) و منطقة العباسية كانت مناطق يتواجد فيها الخمر و النساء مثلها مثل بعض الاماكن الاخرى.
مشكلة ابراهيم سند انه كان خارج منظومة عباسية-موردة و ارتبط بالخالة سالمة التي كانت شابة طويلة حسناء ممشوقة القامة، صارت جارتنا في "العباسية فوق" في بداية الستينات و كانت تخطو نحو الاربعين، كان لسالمة في شبابها كثير من المعجبين و كانت ترتدي عادة الجميل من الثياب و تبدو كأمرأة معتدة بنفسها و تحسن التصرف كانها سيدة بحق و حقيقة. و كانت عندما تحضر لمنزلنا للتحية تتطرق للخال ابراهيم سند و تحكي عنه و تتحسر لموته، و تعتذر لامي لانها تربطها علاقة بآل سند و هي من سكان بيت المال، كما تربطنا قرابة بالدكتورة احسان فقيري . و ابراهيم سند رحمه الله فاز بقلب سالمة و لم يعجب هذا البعض، و الذي قتل ابراهيم سند كان من المعجبين بسالمة و القتل لم يكن بسبب المال او الذهب او اي شيئ كهذا.
كانت الغيرة و التفرقة الاثنيكية، في ذلك الزمان كانت سالمة (خادم) او بقايا الرقيق، و كانت تقول انها على صلة بآل ابو العلا، و هذه مخلفات الرق الكريهة، و سند كان يعتبر (ود عرب) و لقد تعدى حدوده، و كان يحضر من بيت المال الى العباسية و الموردة و اخيرا فاز بقلب احدى الحسان. موت ابراهيم سند كان بواسطة مسمار غرز في رأسه، و كان الناس يبالغون و يقولون انه مسمار مراكب كبير دق في رأسه بمطرقة ثم القي به في خور ابو عنجة. و لكن القصة الحقيقية كانت مختلفة قليلا، فموت ابراهيم سند لم يكن مباشرة بل اخذ ابراهيم سند عدة ايام قبل ان يموت. و الامر كان معركة اصيب فيها، و سبب الموت هو انه لم يعرض على طبيب. و كانت سالمة و بقية سكان المنزل يتوقعون ان يشفى سند الذي كان يأن و يتألم و "يقنت" و كان الجيران يسألونها و تقول "غنمايتنا بتلدي"، و وجود غنماية كان يعني ان المنزل لم يكن منزل دعارة مفتوح مثل "فريق جهنم" عندما يدخل الناس و يخرجون في دقائق، بل ان اهل المنزل كانوا يعيشون حياة عادية او شبه اسرية. و كان كثير من المنازل في منطقة العباسية و الموردة يقدمون المشروبات البلدية الروحية، و قد تجالس صاحبات الدار و بعض الفتيات الزباين في السمر، و قد تستلطف صاحبة الدار و فتياتها بعض الزوار و من يأتي بالهدايا و يحيطونهم ببعض الاهتمام، و سالمة و ابراهيم سند كانا في حالة حب او استلطاف و هذا هو سبب قتل سند.
و عندما توفي سند لم تعرف الفتيات كيفية التصرف و اخذوا جثته و تركوها بخور ابو عنجة .. و كان قد حدث ان بعض الرباطين قد اعتدوا على بعض الناس في خور ابو عنجة. و كان النهب يمارس في امدرمان حتى نهاية الستينات و بداية السبعينات، و يحدث هذا في القماير و منطقة كلية التعليم بو دنوباوي و المساحة الخالية بين امدرمان و امبدة، و لكن تبقى منطقة خور ابو عنجة هي مركز الرباطين. ولم يكن كل الرباطين باشرار و لكنه نوع من الفتونة و الرجولة و لم يعتبروا عملهم اجرامي، بل كان امتدادا لروح البادية و الهمبتة، و كان هؤلاء الرباطين اول من يهبون للنجدة و اكرم الناس. و هناك قصة الفنان عبيد الطيب له الرحمة، الذي كان آتيا من بانت بعد حفلة فاوقفه الرباطون، و عندما شاهدوا العود طلبوا منه ان يغني لهم، وتسامروا معا في انس و متعة و تقاسموا صندوق السجائر الكبير الذي اهداه له العريس و اكملوا السهرة الى الفجر، ثم ودعوه و وعدوا ان يحموا حفلاته و قد كان.
الغرض من ترك جثة ابراهيم سند في خور ابو عنجة هو تضليل البوليس بان العملية و الجريمة قام بها الرباطون، و لكن امدرمان كانت صغيرة و اشارت اصابع الاتهام الى سالمة، و اعتقلت لفترة طويلة و وقتها لم يكن يسمح بتعذيب المتهمين، و كانت تقول ان آل ابو العلا حموها، و قد قال لها مدير السجن "و الله ما شفت لي مسجونة نظيفة و قيافة و ممسحة زيك، و العواميد و البستلات داخلة و مارقة بالاكل". و لم تعترف سالمة و ربما خوفا من ما قد يحدث لها او لاهلها، و قد نصحت بان لا تورط نفسها او اي انسان آخر . الا انها كانت متأثرة حتى بعد سنين عديدة بموت ابراهيم سند ..
قصة ان كبس الجبة قد قال في موته و افتخر بقتله سند، هذه قصة ليس لها اي نصيب في الحقيقة. فكبس الجبة قتل برصاصة في الرأس بمسدس العم خاطر، في حادثة فرتكة حفلهم ببيت المال كعادة الفتوات و مات مباشرة. و كما اورد الاستاذ الاخ هلال زاهر الساداتي فان شقيق كبس كان يقول "كبس لم يكن ليموت الا بالرصاص لانه مافي شي بوقفه" . و كبس لم يكن بلص او سارق او من ينهب و ياخد "ختة العريس". و كما ورد انهم كانوا يطفأون الرتينة ثم يسرقون "النقطة" ، عندما قتل كبس كانت البيوت تضاء بالكهرباء ، و منزل آل خاطر كان محاطا بالزينة و الانوار الملونة، و عندما اطلقت النار على كبس كان يحمل كرسي خيزران و يحاول قطع سلك الزينة ، و السبب انهم قد منعوا من ان ياخذوا شبال من البنات الراقصات في الحفل، و كان مع كبس مجموعة من الاشداء اولهم احمد عبد الفراج، رحمة الله عليه، و هو خال الفنانة حنان بلوبلو، و عرف في امدرمان ب "قدوم زعلان" و شقيقه خضر كرموش و معهم دغماس و راس الميت، واسم راس الميت اتى من ثقافة السينما، حيث كان هناك كاوبوي يرتدي قبعة عليها رسم جمجمة. برأت المحكمة العم خاطر و محامي الدفاع كان محمد احمد المحجوب، رئيس الوزراء فيما بعد، و دفاعه سبب شرخا في علاقة الناس في امدرمان، فقد سأل احد الشهود و الذي قال انهم لم يقصدوا شرا في الحفل، فسأله المحجوب انتوا منو ؟؟ فقال له انا و المرحوم كبس، و قدوم زعلان، و دغماس، و راس الميت، فقال المحجوب للقاضي بطريقة مسرحية : سعادتك دي اسامي ناس اولاد ناس ما عاوزين مشاكل و جايين من الموردة !! ...
وجد اهل الموردة و العباسية صعوبة في تقبل الامر، بالرغم من ان المحجوب كان من مجموعة الهاشماب مثل الادباء محمد و عبد الله عشري و هؤلاء من الشلك، و ان الامر هو عبارة عن حيلة محاكم، و لكن الامر حز في نفس الكثيرين، و اعتبرت براءة العم خاطر نوع من العنصرية و بالرغم من ان كبس الجبة كان لاعبا في فريق الهاشماب كذلك.
لسؤ الحظ كان مقتل ابراهيم سند ينظر اليه بنظرة عنصرية، و ظهرت هناك اغنية شعبية تتطرق للجريمة و فيها بيت يقول "حلتكم بعيدة و بخاف انا من عبيدها" . كبس لم يصطدم بابراهيم سند، و كبس و مجموعته كانوا صبية في الجيش فيما يعرف ب "نص تعيين" ، و هؤلاء الصبية يدربهم الجيش كي يصيروا ميكانيكيين، نجارين، تفشكية (يصينون و يصلحون الاسلحة)، و بنايين، و عندما يكملون الثامنة عشر يصيرون جنودا يصرف لهم الزي الكامل و هو عبارة عن جبة و تكون واسعة يأخذونها للترزي للتقييف، و لكن كبس بسبب التمارين الرياضية و الاكل المتوفر كبس الجبة و هذا سبب تسميتة. اشتهر كبس كملاكم ولم يستعمل اي سلاح في معاركه بل يده فقط، و عندما كان الشاويش الانجليزي الضخم يدربهم على الملاكمة، صرعه كبس بلكمة واحدة. اشترك كبس في معارك و مشاجرات كثيرة و سجن بسببها لانها كانت عنيفة و دموية.
بعد الحرب العالمية الثانية سرح كثير من الجنود و احيلوا للاستيداع، و تطوع كبس و مجموعة للحرب في فلسطين بتشجيع من العم زاهر سرور الساداتي، و رجعوا محبطين بسبب الهزيمة و اعتقال قائدهم زاهر سرور الساداتي. و التفرقة العنصرية و الاهانة التي وجدوها في احيان كثيرة من من ذهبوا ليدافعوا عنهم. و هذا العنف و عدم الانضباط يمر به الجنود بعد الحروب، مثل محاربي فيتنام في اميركا، و لفترة كان كبس يدير الشادوف او النبرو الذي كان يسقي حديقة برمبل او الريفيرا بالقرب من الطابية، و هذا لتخفيف عقوبة السجن عليه .
قصة سالمة و ابراهيم سند هي قصة حب و غيرة، و القتل كان بسبب الغيرة، و المنطقة التي كنا نسكنها في "العباسية فوق" و التي جاورتنا فيها الخالة سالمة ضمت انماط مختلفة من البشر، اشهر البيوت ما عرف بحوش البقر، و هو حوش كبير يسكنه عشرات الناس و يستأجرون غرفا و صاحب المنزل محمد خير و زوجته زوهرة و من سكانه ام سعيد و ابنها سعيد و بعض الفتيات، فاطمة مسمار النص و لونها فاتح، و كانوا جيراننا المباشرين من ناحية الغرب، و كانت هنالك فضل الساتر جارتنا من الجهة الشمالية، اخصائية القام زوت ، و اليمني علي ابن علي صاحب الدكان و متزوج سودانية، و كانت هنالك بت احمد صاحبة احسن عرقي في السودان، و جارتنا كذلك حواء كلاب اشهر بائعة عسلية في امدرمان، و يعم دارها نخبة مجتمع اهل امدرمان من افندية و صنايعية و يحجز الانسان مكانه و شرابه ليوم الجمعة مسبقا، و كانت هناك شخصيات اخرى مثل عيسى بن مريم و كاسترو من النجارين، و في نفس هذا الزقاق عام 1963 اشتبك الدابي و علي عليليبة جزار الكيري و انتهت المعركة القصيرة بان فتح علي عليليبة بطن الدابي بسكينه و الدابي يحمل عصا، و حدث هذا امامي و امام بابنا و السبب كان الغيرة، و حكم القاضي محمد صالح عبد اللطيف زوج اختي، و الذي كان يسكن معنا، حكم بالسجن 12 عاما على علي عليليبة بتهمة القتل العمد و ليس القتل العمد مع سبق الاصرار و الترصد، التهمة التي تؤدي الى الاعدام. هذا يؤكد ان الغيرة كانت السبب في موت ابراهيم سند.
في نهاية 1995 و في بداية الشتاء شاهدت رجل يحمل ملامح اهل جبال النوبة، و يرتدي فنيلة صوف و بنطلون انيق في السردارية بين منزل آل ابو سنينة و آل البيلي يتسرب الدم من ثقب صغير في الجانب الايسر من جبهته و هو يترنح، و لحق به العم تمتام و رجل آخر و ارجعوه الى منزل العم تمتام، و عرفنا من ابن العم تمتام الذي يصغرنا قليلا ان حامد ضربه بخشبة فيها مسمار، و حامد من ابناء الحي و شقيق صديقي عبد الرزاق اسحاق "ابو رزقة" و عبد العزيز اسحاق حلاق الموردة المشهور، و عرفوا باولاد اساغة "الاشارة لتوضيح ان الاخ حامد ينتمي لغرب السودان و دفاعه عن ابنة تمتام الذي ينتمي لجبال النوبة كان بمفهوم الشجاعة في ذلك الوقت ، و حامد لم يكن ضخم الجثة و لكن كان يدافع عن ابنة الحي بغض النظر عن اصلها" و اولاد اساغة تميزوا بحسن الخلق و الادب، و حامد صار مسؤولا عن توزيع المواد التموينية في عهد مايو. و امتاز فى آخر ايامه بالتدين و مساعدة اهل الحي و تحمله للمسؤلية. سبب ضرب حامد للرجل ان المصاب أساء التصرف مع احدى بنات تمتام و حامد تصرف طبيعيا كأبن الحي بالرغم من ان العم تمتام كان يبيع العرقي في منزله في حي السروجية .
تعرفت بالمصاب فيما بعد و صرت اجالسه في مقاهي امدرمان، و هو عبد العزيز جهاز، سمي بذلك لانه كان يردد دائما جملة " انعل د.. اي جهاز و ك.. اي جهاز" ،و كان من الممكن ان يتسبب الضرب لموته اذا كان المسمار اطول. و قد قام العم تمتام بتعويضه مبلغا محترما، و لكن عبد العزيز الجهاز تنازل و لم يذهب للبوليس ...
بعض المعارك خاصة في بيوت العزابة حسمت بزجاجات العرقي الفارغة . أو بالشماعة التي تعلق في الجدار لتعليق الملابس وتثبت بمسمارين ستة بوصة . أحد الإخوة في العباسية وفي حالة دفاع عن النفس انتزع الشماعة وانتهي الامر بالمسمار ستة بوصة مغروسا في كتف الآخر . ومن الممكن أن المسمار الذي انغرس في رأس المرحوم ابراهيم سند كان مسمار شماعة ستة بوصة . ولكن هذا لا ينفى اى احتمالات اخرى . والعادة ان من يستعمل السكين أو الزجاجة الفارغة هو من خسر المعركة وتصرف بيأس ..
و لك التحية ..
شوقي بدري
ع.س

Shawgi Badri [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.