تروي الذكرة الشعبية الدارفورية بأن السلطان علي دينار أوكل تدريب الجيش إلى ضابط مصري، إتضح لاحقاً أنه غواصة للبارون النمساوي سلاطين باشا مفتش عام السودان آنذاك، ومن مخططات هذا العميل المصري لتقويض سلطنة دارفور الإهتمام ببناء إسطبلات للخيول بغرض التدليل والتقليل من كفاءتها في الحروب، ورغم إستخدام الإنجليز للطائرات الحربية لأول مرة في أفريقيا والتي كانت تقلع من مطار النهود، لو لا هذا التدليل والغنج المدروس للخيول السلطانية لتمكنت البعض من فلول جيوش السلطان على دينار من صعود جبل مرة بعد معركة برنجية، ولتغيرت وجه التاريخ قبالة دارفور. وما نلحظه في الآونة الأخيرة، أن الوسطاء وأصحاب خير النظام، يخططون بدهاء لتدليل قادة الثورة الدافورية بشتى الطرق، وممفكوا يشروعون أبواب الفخ المُخدر داخلياً وخارجيا لكل طامح في تحسين ملفه الثوري والسياسي، وما يتراى للمشاهد من بعيد أن النظام وحلفائه قد تمكنوا من عزل الثورة عن قادتها، ميدانيا ومزاجياً، ومن حسن طالع خصوم الثورة أن جل قادتها هم من الأفندية الذين برزوا للوجود مع فلاشات الميديا ولم يحتملوا الوقوف (ديدبان) تحت الشمس لفترات طويلة. الشئ المؤسف، من هؤلاء القادة من دخل الضُل بإختياره، ومنهم من إستظل مكرهاً لا بطل، ومنهم من إستجاب لطراوة لسان الوسطاء فوجدها حجة وتجره، (تكل) القائدة البنادق، فألقاها الثوار أرضاً، ظنا منهم أن د. مجذوب الخليفة قد مات، وما أدراهم أن حكومة الإنقاذ تصنع ألف خليفة وتحبك ألف حيلة وحيلة لتجعل آفاق السلام مستحيلة. لقد قنا من قبل ولن نمل تكراره أن السلام يفرض بالإستعداد للتضحية ويصان بقدير المسئولية، ومن ينتظر حلول السلام بالبارد بالتأليد سيقبض الريح، ذلك أن إحلال السلام الشامل والعادل في دارفور، يستلزم تفكيك النظام بشكل أو بآخر، ومن المنطقي ألا يقدم عليه أحد من قادة الإنقاذ إلا وهو مكره، ومن ينتظر المجتمع الدولي أن تخنق له الخرطوم، أو جنود تتنزل من السماء لتقاتل معه النظام، لا شك أنه دروش ثوري يخدع نفسه والآخرين. ظهرت علامات التراخي الثوري، على محيا القادة، وسكنت ضجيج قطارها، فلِم لا تغير النظام إستراتيجيته؟ في ظرف فيه من يصدق أو يكذب أن حلفاء الثورة بالأمس أصبحو أصدقاء النظام اليوم، والمتعاطفون أخذوا الحياد بسبب تعنت قادتها وتكرار أخطائهم الحسابية، والمجتمع الدولي ما برح يتثاءب دون أن يضع يده على فاه، ورفيق التهميش شريك النظام على أعتاب الإنعتاق من إستعمار المركز، كل هذه المعطيات خارج حسابات قادة الثورة، فالنظام أزكى وأمكر من أن تفوت هكذا فُرصة للنيل من إنسان دارفور المستهدف في ذاتيه ومقدراته. ألم يلحظ ثوار دارفور أن منتجع نيفاشا يقع وسط الغابات الكينية الكثيفة وأن القرنتية حاضرة المفاوضات حيوان بهري شرس، ولا شك أن للراحل جون قرنق كلمة في إختيار موقع التفاوض، حيث كان خطوط التواصل بين القادة والمقاتلين سالكة، وجاء توقيع برتكول وقف إطلاق النار مؤخرا، وخلال المفاوضات حررت توريت ثم سقطت مرة اخرى، ولم ينزل قائد الحركة الشعبية إلى منتجعات التفاوض إلا بعد ترفيع الوفد الحكومي والممنوح الصلاحيات، ليس من شاكلة أمين حسن عمر او غازي صلاح الدين حتى، ولو لا الضغط العالي التي مارستها الحركة الشعبية على النظام عن طريق جبهة الشرق بقيادة الكماندر باقان أموم هل يا تُرى كان قادة التوجه الحضاري سيرضخون للسلم وسينكسون رايات الجهاد؟ كلا ثم كلا، كل هذه الدورس والعبر لم يستلمهما أحد من قادة ثوار دافور حتى اللحظة فيما يبدو. من أراد الحياة عليه أن يحرص على الموت، كذلك من أراد السلام عليه أن يحرص على الحرب... للحرب أوقات وللسلم مثلها ولكن أوقاتي للسلم أقرب... والأرصدة السابقة والأقساد المؤجلة معاملات غير صالحة في بورصة الثورة، وعلى الجادين توفير الأرصدة الكافية قبل ولوج بوابة الحرب لان الرابحون هم أصحاب النفس الطويل والمستعدون لبذل الغالي والنفيس لتجاوز كافة الحواجز وتخطي العقبات. أصحبنا على قناعة، أن الثورة لن تنتصر في دارفور ما لم يلتقي عبد الواحد نور وخليل إبراهيم والتجاني سيسي (الترتيب حسب الأسبقية الثورية مع حفظ الألقاب) يلتقوا ويضعوا أيدهم فوق بعض، إن كان هذا مستحيلا، فعلى أهلنا في المعسكرات النزوح التهجير القسري البحث عن سُبل المخارجة لحفظ النفس وهو أمر مقدم على الترضيات والإلتزامات الثورية والجمرة بتحرق بواطيها، وعلى هؤلاء القادة الأماجد التأمل كيف تسامى الراحل جون قرنق ورياك مشار ولام أكول فوق خلافاتهم الشخصية؟ إنتصاراً لقضية أهليهم، وما الذي يحول بينهم والتلاقي والتسامي؟ هل الأيدلوجيا أهم ام القضية؟ وهل شخصنة الخلافات منطقية والقضية تحتضر؟ وهل الأهم عزة النفس أم المبادرة من أجل شعب تتكرر إبادته مرة تلو المرة؟ التاريج يستمر يسجل: لا أحد مستعد للتواصل! إجتازت الثورة مرحلة التشظي الامتنائهي، لتلج في نفق المعارضة الفندقية بإمتياز، ماذا تظنون بنظام الإنقاذ في ساعة (المقيل) الشامل للثورة غير النكوس وتبديل أوراق اللعب؟ وفيما يبدو أنه خطط جيدا لهذا الإنقلاب، بإختياره لواليين من أخيب أبناء دارفور، هما كاشا وعبد الحكم عُرفا بالغدر والبيع الرخيص، لتكتمل حلقة التآمل الأهلي بالمرابي الضليل كبر، فهل يا ترى قيادات الثورة الآن هم على قدر التحدي أم سيقفون فراجا للمشهد الثاني من مسلسل الإبادة؟؟ نتمى أن يوفق الناطقون الرسمين للحركات من الحصول في قواميس ومعاجم اللغة العربية مفردات بديلة لعبارات ندين ونشجب ونستكر أوالإكتفاء بعبارة: ويا مجلس الامن والمنظمات الدولية ألفونا!! [email protected]