[email protected] منذ ستينيات القرن الماضى ظهر الاسلاميين فى منابر الطلاب وهم يهللون ويكبرون بأن دولة الاسلام قد تعود ومارسوا منذ تلكم الحقبة أبشع الطرق للوصول الى السلطة عبر بث الكراهية وإشاعة البغضاء بين أبناء الوطن الواحد باسم الدين حيث كان معلمهم الاكبر الذى تشرب الفكر الاسلامى من حركة الأخوان المسلمين وزعيمهم (البناء) جاء ليمسح على الجوخ إبان حكومة مايو الدكتارورية حتى ظهرت بوادر الفتنة وكان أشهرها اعدام الاستاذ المفكر محمود محمد طه فى حادثة إرتجف لها كل دعاة الإنسانية من حولنا . ثُم مارسوا بعد ذلك كل الوسائل بِغَضَ النظر عن الاليات التى ليست هى من الدين فى شٌىء، بغرض الوصول الى السلطة، و فى العام 1989وبدواء فى إعادة صياغة الانسان السودانى وفق منظور إسلاموى بحت وإعادة دولة الاسلام التى تلاشت أثارها مع عَمُر بَنِ عبدالعزيز وفق مايرون من محدودية افق، وإنكفأ على الذات وجاءت الشريعة الاسلامية التى وسعت الهوة بين المواطن البسيط وماسحى الجوخ للسلطان حتى إشتد اور الحرب فى الجنوب وتبعتة كل من جنوب كردفان(جبال النوبة) وجنوب النيل الازرق ثم شرق السودان الجهات الثلات التى كانت تتبنى رؤية السودان الجديد للمفكر د.جون قرنق والتى شخصت الازمة السودانية وضعت البدائل الناجعة لكل ازمة . وبالمقابل نجد على دفة الحكم من يتوهمون بما يسمى بالمشروع الحضارى الذى يتبنى الثقافة العربية كمكون أساسى للشعب السودانى تحت عباءة الدين وباسم الجهاد الأكبر فزادت الشقة ولم يتسنى لهم البقاء باسم الدين حتى جاءت المفاصلة الشهيره بين القصر والمنشية وإتضح للجميع إن الأمر للسلطان وليس لاعلاء كلمة الله كما كانو يزعمون . وفى بواكير الخلافات بينهم تحالف معلمهم الاكبر د.الترابى مع عدو الامس الحركة الشعبية وحينها قامت الدنيا ولم تقعد وزُجَ به فى السجون حتى قبل مجىء .دجون قرنق الى الخرطوم بايام قلائل.
وبعد ان وضعت الحرب أوزارُها وجيىء بربان السودان الجديد الى قصر غردون ليكون نائب للرئيس فى حدث كان الأبرز فى العالم أنذاك. وفى هذه الفتره بداء الصراع الحقيقى بين رؤيتين الاولى هى مشروع السودان الجديد الذى تبنته الحركة الشعبية وناضلت من اجله لما يقارب ربع قرن من الزمان. والثانية هى المشروع الاحادى الاستئصالى ذو الابعاد الذاتية والتجارة باسم الدين وهو المشروع الحضارى الذى يتبنه المؤتمر الوطنى للإعادة بناءَ الاُمة السودانية والتى وقفت ضده كل القوة السياسية إلا أنهم كانوا لايريدون الإستماع الى أحد ولسان حالهم يقول: (كل من ليس منا فهو ضدنا) حتى ولم تقل شيئا. فابتعدت كل القوة السياسية لانها كانت تدرك إن الطريق الذى يسير فيه أهل الانقاذ لم يكن إلا أكثر وعورةً وظلمةً وسيقود البلاد إلى الهاوية وظل إسلاميى السلطة يمارسون تارة الترغيب وأخُرى الترهيب وبث الفتنة والفرقة والشتات وعلى إثر ذلك تنامت القبلية وأرتفع معدل التعصب الجهوى والدينى والمحسوبية وإقصاء الأخر وعم الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الانقاذ. وظهر الإضمحلال التربوى والفساد الأخلاقى وإستشراء النفاق باسم الدين وتنامت الجماعات المتطرفة ناهيك عن إنتقاص الكرامة التى أصبح المواطن يعيشها على الدوام فضلاً عن عدم الإحساسُ بالأمن الذى ظل يسيطر على الكثيرين وأشرأبت على ظهر السلطة مجموعات منفعية لايهما شىء غير تحقيق الرفاهية الذاتية من حقوق الشعب. وتعالت نزعة التطهير العرقى والابادة الجماعية كما حدث فى دارفور وتعداها الى تسليح القبائل العربية فى جنوب كرفان لاذكاء نار الفتنة ولكن أهل السلطة أنكرو ذلك. ومن أكبر المصائب إن الإنقاذ لا يهمها غير التمثيل المظهرى وملء فيك بالتكبير والتهليل وهى لله ثم تقبض على ذلك قيمة لاتثمن ولاتغنى من جوع وإن كنت من عشيرة يمكن أن تبؤك منصب وهمى لخطب ود القبيلة المعنية فلذلك كثر التسول وكثيراً ماتشاهد اصحاب العممات الكبيرة والجلاليب البيضاء يتجولون عند سرادق السلطان لكسب (لقمة)حتى اصبح الفرق بينهم ومتسولى الاسواق الكبيرة فى السودان انهم يمدون ايديهم لفئات محددة والاخرين يطلبون يد العون من العموم! وفى ظل هذا التوقيت الحرج من تاريخ البلاد التى تشارف على الانقسام يصر مرجفى المؤتمر الوطنى على إقامة المشروع الحضارى الفاشل حتى ولو تقسم السودان الى اربعة دويلات صغيرة وقطعاً هذا ما سيحدث إن إنفصل الجنوب ويصرون على إقامة دولة الاسلام المظهرية التى ما برحت تقود البلاد من هاوية الى أخُرى فبعد أن وقُعِت إتفاقية السلام الشامل بين الجنوب والشمال تفأل الجميع بأن تعم الديمقراطية والمساواة والعدالة وإعلاء قيم الإنسانية لنعبر إلى بناء وطن مرحاب يسع الجميع ولكن اهل المشروع الحضارى رفضوا ذلك ولم ينفذوا من إتفاقية السلام الشامل مايقود البلاد الى الإستقرار الدائم لبناء أمة عظيمة يمكن أن تقود أفريقيا الى رحاب أوسع وذلك عبر إقامة دولة المؤسسسات لا دولة الحزب وعبر توسيع الخدمة المدنية وإشراك الجميع وليست المحسوبية والحزبية والجهوية وتشبسوا بمشروع (إعادة صياغة السودان لا إعادة صياغة الانسان ) فمهما ينفى اهل الانقاذ فانهم ضالعين فى اغراق البلاد فى ازمة طاحنة ستمزقة الى أشلاء لان تصريحاتهم تقول اننا لن نرضى بالعلمانية حتى لو تقسمت الخرطوم(امين حسن عمر) وحدة قرنق خير منها الانفصال(نافع على نافع) نحن مع خيار الوحدة ولكن يمكن ان يكون الخير فى الانفصال – الرئيس البشير هذه قليل من مقولات قيادات المشروع الحضارى الذى جاء لانقاذ السودان واعادة تركيبة البنية الاجتماعية وهم يطلقون الاحاديث جزافة وكأنهم يخطبون فى قضايا ليست مصيرية مثل بقاء الوطن ككتلة موحدة ومايدهش ان رئيس الجمهورية لايدرى اين الخير.!! و يتضح جلياً من خلال حديثة ان البلاد تسير بعون الله لاتخطيط استراتيجى ولا بعد نظر لمألات الحال فى الدولة السودانية وسيكتب التاريخ إن المشروع الحضارى فشل فى الحفاظ على السودان وإن الانقاذ هى السبب الرئيسى لإنفصال الجنوب وستكون العامل الاساسى لتقسيم السودان كل ذلك عبر المشروع الحضارى الفاشل