ابوبكر يوسف إبراهيم الشعراء ضمائر الأمم ؛ والراحل المقيم صلاح أحمد إبراهيم شاعر ذو مخيال غير مألوف ؛ اعتاد أن يسبر به حاضر وقادم الأزمنة فيستشرف كل ما هو آت مع استصحابه للماضي والعبر التي يزخر بها .. عرك معادن سابق أجيال عاصرها لذا كانت له قدرة على التنبؤ بالقادم من الأجيال وما ستكون عليه حالهم وأحوالهم ؛ فمنهم المغرر به ومنهم من زايد حتى باع النفس والهوى فاغتوى وغوى وأغلبهم بقي على العهد والود والامانة . فإلى كل انفصالي / انفصالية النزعة سودانياً شمالياً أو سودانياً جنوبياً أهدي قصيدة الصديق الراحل المقيم صلاح أحمد إبراهيم إذ كنت وما زلت أردد مقاطعها حتى عنّ لي خاطرٌ نشرها مع إستهلالة وتوطئة فيها من التحذير من مغبة الوقوع في فخ الشياطين .. القصيدة هي بمثابة الوصية التي يحذر فيها صلاح من مغبة ما يحدث الآن من مشاهد مؤلمة وأليمة ، محزنة وحزينة من سلسال تراجيديا التمزق!! .. أيها الأحبة أرجوكم إرْعَوا ؛ عودوا إلى رشدكم .. حكموا العقل والضمير والوجدان الوطني.. لا تكونوا أسرى الماضي ؛ فنحن اليوم غير الأمس ، أنكروا ذواتكم ، وأقرأوا قصيدة صلاح التي شخصت بشجاعة العلة والمُعتلَيْن والعلاج ؛ إقرأوا القصيدة الوصية وكأنما الراحل كان يقرأكم كما هو حالكم اليوم ، وكأني به يدرك ما سيؤول له حال بعضكم ممن آثر النزاع والتنازع؛ الخلاف والاختلاف ؛ حال من " أسكرته "الأنا " فعزف معزوفة الخراب والانفصال؛ كأنما صلاح كان يدرك أنه سيأتي اليوم الذي يتحد فيه ( الأموميون والعرمانيون ) لتفتيت وحدة البلاد تحت شعارات جوفاء تباع لاستقطاب أجيال غضة لم تعركها الحياة حتى تستوعب معني الحياة ؛ والمعنى الحقيقي لسلامة الأوطان أو ماذا تعني سلامة وحدة التراب!! ؛ أقرأوها عسى أن تفعل بكم ما لم تفعله شفاعة الوطن الأم ودموعه وهو يئن تحت ضربات غدركم وعقوقكم!!ّ .. أقرأوها فهي ليست قصيدة جديدة ؛ إنها بمثابة وصيتة الشخصية الأخيرة التي أودعها في خزانة الزمن لتقرأ عليكم متى أصابتكم حمى " الأنا" ؛ وها أنا أعيدها عليكم لأنكم اتخذتم الوصايا أمر مهجورا ، فإن كانت لكم أفئدة ترتجف خوفاً أو أوصالاً ترتعد من ما تحتوي القصيدة إذ أن الانفصال تعبير مشين و فعلة شائنة توصم الفرد الخيانة بالمزدوجة وهذا النشاز هو ما آل إليه حال حال بعضكم الذي باع نفسه بأبخس الأثمان ؛ ليبيع الوطن بأبخس مما إشْتُري به!! .. إنها خيانة وطن وغدر بأمة!! ولكن لأن بعضهم لا يقرأ أصلاً ؛ فبالتالي لا يمكن لمن لا يقرأ أن يعلم أن هناك أصلاً وصيةً تركها الكبار؛ ناهيك عن أنها إرث وعهد وميثاق أغلى من أن يُهمل؛ الوصية معناها انتقال حق التمسك المعرفة والاصول والجذور؛ ممن يعلم إلى من لا يعلم حتى لا تكون للناس حجة على الشاعر ؛ لأن الشعراء ضمائر الأمم ؛ فكيف لمن لم يقرأ الوصية أن يعمل بها ؟!!.. اللهم بلغت .. اللهم فاشهد!! السودانويَّة صلاح أحمد إبراهيم وقبل أن تنكرنى أسمع قصة الجنوب والشمال حكاية العداء اوالاخاء من قدم العربى حامل السوط المشل للجمال شكال كل قارح ملاعب السيوف والحراب حلَّ على بادية السودان كالخريف .. بالسنة والكتاب خرَّب " سوبا " وأقام فى أنقاضها " سنار " والأخرى سوارها " تيراب " يحمل فى رحاله طموحه ولوحه وتمرتين فى جراب وشجر الأنساب لاقيته فى تقلى , فى الترعة الخضراء فى كاكا وتيجان الأقار والعلياب تفتحت حقيقة سمراء فى أحشاء كل أم ولدٍ منهن من بنات جدك الأكبر مما بذرته نطف الأعراب فكان منها الفور والفونج وكل سحنة فاحمة وشفة غليظة وشعر مفلفل ذر على اهاب حقيقة كبيرة عارية كالفيل كالتمساح كالمنيف فوق كسلا, سليطة الجواب كذاب الذى يقول فى السودان اننى الصريح اننى النقى العرق اننى المحض.. أجل كذاب ملوال صوت " رابح " يقول بلسانى رابح زينة جانقيك وفهد جورك الأباة .. شبل نمنمك " عبدالفضيل " تمساح جزائر النيل وقلب وطنى الجامد يا ملوال .. ابن عمك و " ثابت " الثابت حينما تحسس الردى ضلوعه فى طرف الخرطوم ربما كانت له قرابة بأمك وابن كبرياء هذا الشعب ..عينه ..لسانه ..ضميره ويده " على " العظيم فلذة من قومك تحطم البيان غير أن نغمات منه لاتزال تفعم الأثير لاتزال تفعم الأثير أسمعها باذن " وولت ويتمن " تقول : عيشوا إخوة .. برغم كل شئ إخوة وعمروا بالحب هذا البيت .. هذا الوطن الكبير أصداؤها تضج فى دمى : يا روضة أزهارها شتى أشم فيك عبق المستقبل الجميل حينما الجميع يلتقون فى التقاء الأبيض الحليم بأخيه الأزرق المثير أنظر يوم يقبلون عرباً وبجة ونوبة وفجلو وباريا وبرتة وبنقو وزغاوة وامبررو وانقسنا ودينكا وتبوسا وأشولى ونوير ومساليت وأنواك ولاتوكا وغيرهم غيرهم للبوش كل منهم يهدى ولكن باعتزاز شيئه الصغير ومن أن يسود فى السودان صوت العقل .. صوت العدل صوت العلم واحترام الآخرين فكر معى ملوال أى مجد سوف ننشيه معاً على ضفاف النيل أى مجد لو صفت نياتنا الاثنين يتيه فى مروجنا الخضراء مثل " آبيس " الاله يملأ العين يسر القلب يهمز السماء بالقرنين فكر معى ملواال قبل أن تنتابنا قطيعة رعناء باسم عزة جوفاء أو باسم سداد دين يوغرها الأعداء بالذى مرَّ به الآباء فنقل براء .. نحن منها ننفض اليدين تفتحى يا أمنيات الشعب عن مستقبل نحن معانيه معاً وعن هناء الشمال والجنوب عن نضارة الاخاء فى هذين يوم لاتقوم بيننا السدود والحدود يوم لا يعذب الجدود فى قبورهم حاضرنا لا الدين .. لا الأصل .. ولاسعاية الغريب لا جناية الغبى .. لا وشاية الواشى تدب كالصلصال فى القلبين فكر معى ملوال رسالة إرسال سريع !! أفي هذه القصيدة الخريدة النفيسة النادرة صرخة إستنكار لما يجري اليوم ، وفيها دعوة لأن يعود الناس إلى رشدهم بعد غي دعاوى الانفصال إلى رشد الوحدة والتوحد واكتشاف الذات من جديد؟!! رحم الله صلاح أحمد إبراهيم فقد كان الرجل يستشرف معادن بعض أبناء الوطن ممن ارتهنوا لأجندة خارجية تعمل على نشر (الفوضى الخلاقة) .. أمام ناظريكم العراق ؛ افغانستان ، الصومال ، فلسطين ، باكستان والسودان في الطريق إن لم تحكموا القلب والضمير والوجدان.!!!! abubakr ibrahim [[email protected]]