(الى «جو» و«امبروز» و «هيلري».. رغم كثير من الحقد والجهل والغباء والغرض في الشمال والجنوب).. ملوال ها أنا ألحس سنة القلم ألعق ذرة من التراب أضرب فخذي بيدي.. أقسم بالقبور.. بالكتاب «1» شلت يدي جنازة لو أنني كذبت يا ملوال ولينشق اللسان من جذوره ولتنفطر هذه اللهاة من ألم كأنها حنظلة الجبال لو أنني كذبت يا ملوال وقبل أن تنكرني اسمع قصة الجنوب والشمال حكاية العداء والإخاء من قدم ٭٭٭ العربي حامل السوط المشل للجمال شكال كل قارح، ملاعب السيوف والحراب حل على بادية السودان كالخريف بالسنة والكتاب خرب «سوبا» وأقام في أنقاضها سنار، والاخرى التي سوارها «تيراب» «2» يحمل في رحالها طموحه ولوحه وتمرتين في جراب وشجر الأنساب لاقيته في «تقلي» في الترعة الخضراء في «كاكا» وتيجان «3» الأقار والعلياب ينافس الفرنديت، يريد منك العاج والعنسيت والصيد من فرتيت والمرعى وعسل الغابة والخرتيت، كل ما يفرح السوميت في خواطر الجلاب تصطرعان مثل جاموسين يا ملوال، لكن قرنك الصغير قرنك الطري قرنك الضعيف لا يهاب والوثني دمه وماله حلال لا عاصم يقيه إلا أن يقول: لا إله الا الله، الا رأفة الإسلام بالرقاب، الا قولة قديمة: كلكم لآدم وآدم من تراب تفتحت حقيقة سمراء في أحشاء كل أم ولد منهن، من بنات جدك، مما بذرته نطف الأعراب فكان منها الفور والفونج، وكل سحنة فاحمة وشفة غليظة وشعر مفلفل ذر على اهاب حقيقة عارية كالفيل كالتمساح كالمنيف فوق كسلا سليطة الجواب، كذاب الذي يقول في السودان إنني النقي العرق، إنني المحض أجل كذاب ٭٭٭ والمثقل الضمير بمثلث اضلاعه العذاب والاتجار بالعذاب والتحضير للعذاب. فؤاده سفينة أخس من سفائن القرصان بيرقها سود المنايا ونوايا السوء قلعلها والإثم والعدوان ألواحها تنز بالخمور ودم الضحايا.. قاعها ينفث بالديدان وحين أقعلت باركها الحبر خليفة الفادي المسيح: ما لله لله وما لقيصر لقيصر أبناء «حام» العبيد لعنة من نوح في العهد القديم ليس العبد كالانسان واعترت التاريخ قشعريرة، استيقظ الضمير من سباته ورقص الدين على مزمار رأس المال الأبيض الشرير جاء من جديد، يتبع الرحالة الجاسوس قد غير قمصيه الثعبان الابيض الشرير جاء من جديد ملهم الجرائم الكبرى اتاك والمبشر الابيض يبنيان بالقش كنيسة صغيرة في وسط القرية في معسكر السخرة في عقول البسطاء في مجاهل الأدغال جاءك في تخالف مقدس، حكاية المقعد والأعمى بذاتها الرب والشيطان معا عليك قيصر الروس وراسبوتين في ستة ايام يجدف الجديد ثم يرتاح لكي يمجد السماء يوم الأحد الصلبان جاءك للأرض وما على الأرض ونحن الأرض كل علم كالخنجر المغروس في مكان جاءك لانقولا، لموزمبيق، لجنوب افريقيا، لزمبابوي الكنغو، كما جاءك يا ملوال غردون في خلواته شرابه المفضل الانجيل بالبراندي وبيكر الصارم يرسل الرعب إلى حدود الزايدي وكل من معبده مغارة اللصوص، داره مؤتمر الذئاب وكل من لسانه يمج مثل الشهد وهو للشارب صاب.. صاب وكل من حرفته للتضليل همه حرق البخور للضلال وكل من علمه «التفتيش» أن يصم أذنيه عن الصواب أن يضطهد الصواب وكل من درسه تجار أوربا، وكل شبلوك بها، كيف يغش بالحساب والخنجر المغروس في قلب البلاد صار في العقول فكرة وفي اللسان لغة وفي النفوس علا وحزازات يدور كأسها موتا وجاءت أوربا ونيويورك تعتق الشراب ٭٭٭ ملوال.. صوت رابح «4» يقول بلساني «رابح زينة جانقيك وفهد جورك الاباة شبل نمنمك عبد الفضيل.. تمساح جزائر النيل، وقلب وطني الحامد - يا ملوال- ابن عمك وثابت الثابت حينما تحسس الردى ضلوعه في طرف الخرطوم، ربما كانت له قرابة بأمك وابن كبرياء هذا الشعب عينه، لسانه، ضميره ويده «علي» العظيم فلذة من قومك «5» تحطم «البيان» غير أن نغمة منه لا تزال تفعم الأثير اسمعها بأذن «وولت ويتمن» «6» تقول عيشوا اخوة برغم كل شيء اخوة، وعمروا بالحب هذا البيت، هذا الوطن الكبير «01» أصداؤها تضج في دمي: يا روضة أزهارها شتى، اشتم فيك عبق المستقبل الجميل، حينما الجميع يلتقون في التقاء الأبيض الحليم بأخيه الأزرق المثير انظر يوم يقبلون عرباً، وبجة ونوبة وفجلو وباريا وبرتة وبنقو وزغاوة، وأمبررو، وانقسنا ودينكا وتبوسا وأشولي، ونوير ومساليت وأنواك ولاتوكا، وغيرهم وغيرهم للبوش كل منهم يهدي ولكن باعتزاز شيئه الصغير ويوم أن يسود في السودان صوت العقل، صوت العدل صوت العلم، واحترام الآخرين حقهم في أن يكونوا «آخرين» حقهم أن يبلغوا الرشد متى شاءوا وكالشمال الريح احرارا فأمهاتهم..«7» يسود صوت الحق صوت الخير ذاك الذي يمكن أن يحمله صديقنا قرنق بالديمقراطية الحقة ما تعرف أنه هناك ثابتا كمرجل الفولاذ يمسك البناء في سعادة القرغيز والتتار والبشكير فكر معي ملوال اي مجد سوف نبنيه معا على ضفاف النيل أي مجد لو صفت نياتنا الاثنين نية في مروجنا الخضراء مثل «آبيس» الاله يملأ العين، يسر القلب، يهمز السماء بالقرنية فكر معي ملوال قبل أن تنتابنا قطيعة رعناء باسم عزة جوفاء أو باسم سداد دين يوغرها الأعداء بالذي مرَّ به الآباء فلنقل براء.. نحن منها ننفض اليدين تفتحي يا أمنيات الشعب عن مستقبل نحن معانيه معاً وعن هناءة الشمال والجنوب عن نضارة الإخاء في هذين يوم لا تقوم بيننا السدود والحدود،. يوم لا يعذب الجدود في قبورهم حاضرنا، لا الدين ولا الأصل ولا سعاية للغريب، لا جناية الغبى، لا وشاية الواشي تدب كالصلال في القلبين فكر معي ملول!