قال الأمين العام لاتحاد العمال أمس الأول إنه سيتجه لمجلس الوزراء لعرض مسألة متأخرات العمال عليه لفشلهم في لقاء وزير المالية. وسنعرف بعد قليل أن الوزير ليس بهذه المشغولية. ولكنه يبدو أنه سقيم النفس من هذه المتأخرات المتفاقمة الغلبت حيل الدولة. فهذه المتأخرات فاقت ال900 مليون جنيه على نطاق السودان ما بين 2001-2008. وبلغ دين عمال الخرطوم على الحكومة 54 مليون. وتطلب دارفور الممحنونة الحكومة فوق المائة مليون جنيه. وككل مديون يفك الدرب لدائنه وجدت الحكومة نفسها في موقف المدين الزائغ. فقال السيد عبد الرحمن التيجاني على دينار، ريس اتحاد عمال شمال دارفور، إن الحكومة عرضت عليهم أن يتوقفوا عن العمل إذا لم يستلموا مرتباتهم في يومها الموعود. وهذه سابقة مبتكرة تطلب فيها حكومة من عمالها أن يضربوا ويحلوا عنها هرباً من الدين. وزير المالية الفَكّه الدرب للعمال شكل حضوراً فنجرياً في منتدى النشاط الصيفي لاتحاد الطلاب السودانيين قبل أيام. وكان في معيته وجوه الوزراء والمستشارين. وتباروا في تكليف الاتحاد بمهام تراوحت من دعم الوحدة إلى إصلاح المناهج الدراسية. وهي مهام أنزل الله بها من سلطان ولكن علق ذنبها بوزارت ومصالح ووكالات تجري عليها الدولة ميزانيات سنوية للأغراض الموصوفة. وجاء دور وزيرالمالية فقرر أن وزارته ستلتزم بسداد عجز ميزانية الاتحاد وهي 836217 جنيهاً. و"فرقت" مع الاتحاد لأن دخله (من شنو يا ربي؟) كان 2400000 ومنصرفاته 3236217 . لو جاءني اتحاد طلبة بمثل هذا التبذير لقعدته رئيسو في علبو بطريقين: 1- سأقول له يا ابني إنت "نصف الحاضر وكل المستقبل" وإذا دي طريقتك يا ولدي صباحنا أصبح. 2- ولابد لكل كهل أو شيخ من حكاية لتبليغ رسالته. أما أنا فكنت سأحكى له نادرة من الستينات. قيل إن والد أحد الأفندية العزابة في الخرطوم جاء للمدينة بعد أن لم يستلم مصاريف من إبنه لشهور خلت. وتعذر الابن بالتزاماته في المدينة التي حالت دون ذلك. فأجلس الوالد ابنه وسأله عن ماهيته وكانت عشرين جنيهاً. قال له طيب 10 جنيه قول للميز. و5 جنيه لسكرك وقلة فكرك. يا ولدي ما ترسل لينا الخمسة الرابعة. ولما استبعدنا "السكر" الستيني من لوازم الشباب الإسلامي فليورونا "قلة الفكر" الذي أسرفوا به فتصدعت ميزانيتهم هكذا. ولكن وزير المالية الفنجري اب جبين أداها سوط. ولكنه هو نفسه استلم دولة معجزة 17% لهذا العام مقارنة ب 5% لعام 2006. أتابع ما يقوم به د. الفاتح عزالدين رئيس لجنة الإدارة لوقف الفنجرة وسعيه لضبط الصرف داخل الموازنة. بل لإيداع المال العام نفسه في خزانة الدولة. فقد اشتكى مدير الضرائب منذ أيام بوجود حسابات خارج مظلة الحكومة وديوان الضرائب فيما عرف ب"التجنيب". وسرني قول الفاتح إنه سيحرك إجراءات إدارية ضد كل حالة صرف خارج الميزانية حتى لو كانت لعمل خيري. ثم توقفت عند دلالة اجتماعه بالسيد الطاهر عبد القيوم، المراجع العام، أول أمس لتدراس إجراءات ولوائح لجم الفنجرة. كفى نصحاً للمتفلتين بالمال العام أن يرعوا الله في حق الناس. ما أجدى. ولنخضع المسألة للمؤسسية. وأول ذلك أن نوطن أمانة المال العام في البرلمان الذي سينظر في الميزانية الجديدة خلال أيام. فالعمل المعارض سيكون لغواً لو كِذابا لو لم يعبيء طاقة سياسية طاغية لا غالب لها حتى تلك المؤسسات التي ساء ظنك فيها. وهذا نهج أحسن ألوف المرات من تفريغ هذه الطاقة في "القطيعة" الفضائحية العقيم. 31 أغسطس 2010 شاعت على عهد دولة السوفيات أن لينين أقسم بعد شنق أخيه أنه لن يسلك طريق الإرهاب: "لا. لن نأخذ هذا الطريق . ليس هذا الطريق الذي سنأخذ". ولكن وضح أن هذا حديث مكذوب. وجاءت أخت لينين لتقول إن أخاها الصغير استنكر طريق أخيها الأكبر، ساشا، لا بسبب نظريات الأداء الثوري وإنما لأنه من طبيعة مختلفة عن شاسا. قلينين ليست له روح التضحية فهو على صحو كبير ويحسبها على دائر المليم سياسياً. ولهذا قضى ربع قرن لا يمكن أن توصف سنواته ب"الدعة" ثورياً متفرغاً معظمها بالخارج. وكان أكثر الثوريين حمية وفحولة ومخاطرة ولكنه لا يستنكف أن يعود أدراجه بثمن فادح متى اقتضت الحاجة. كان شاشا يجمع بين الماركسية والنارودنك (الشعبيين). والأخيرون هم من ألهموه بتبعة القائد أن يسوق الناس بتضحيته إلى نرافيء السعادة. وهي نظرية أوسعها لينين نقداً. من راي الكاتب أن لينين انطوى ايضاً على رغبة للانتقام من الرومانف القياصرة قتلة شاسا. ولكن على نفس درجة الأهمية أراد أن يبز شاسا في منافسة "الطَردة" المعروفة. فقد كان ساشا معبود العائلة. وأراد أن يقلده تودداً في أول الأمر ولكنه لم يفلح. كان من دون الأسرة مشاغباً هياصاً ووجدته الأسرة مزعجاً لما انطوت عليه من وقار وضبط فاعتزلوه. وأثر ذلك على لينين. ففيي سنته الثانية تعثر مشيه ولغته بعد بداية حسنة. وشبه الكاتب ذلك ب "الاعتصام" احتجاجاً من لينين على عزلته. وقنعت أمه لعاهته وانصرفت عنه أمه إلى أخته الصغرى أولقا. ونجح في المشي فقط حين صار يتبعها من مكان إلى ألاخر. ثم بدا في تقليد شاسا وصار طالباً نابها مثله ولكن بغير أن يبذل جهداً مكافئاً له. واعتقد والده (ناظر المدرسة المجلل بالحزم) في كسله. وهي تهمة استعادها لينين باختيار اسم "لينين" للتعمية خلال نشاطه الثوري. والاسم مشتق من "لن" وهو الكسل في لغة الروس. وهكذا حمل لينين صراع النددة إلى هويته الثورية. كان لينين مع ذلك أقرب إلى أبيه من أمه. فتحت قناع الحزم كان الوالد ذا فكاهة ماكرة السشيء الذي قربه من لنين. وأكثر ما يكون ذلك حول مائدة الطعام. وكان لينين هو غريمه بينما يجلل الآخرين الوقار. ولكن لينين خلافاً لساشا، ود البيت، كان بعيداً عن الأم. ونسب الكاتب ميل ساشا الإنتحاري إلى فقدان الوالد الذي لم يكن يحبه. وبدا أنه وريثه على الأم (سيناريو فرويدي للفائق). وكان يؤدب لينين الذي كان ينفعل بوجه أمه بعد وفاة أبيه. ووبخه في صيفه الأخير في البيت (1886) وهدده بأنه لن يلعب معه الشطرنج متى قل أدبه على أمه. وهكذا اشتعلت الندادة حدة. بعد شنق شاسا عكف لينين غللا الأدب الثوري ليعرف عن كثب لماذا صار أخوه إرهابياً وصانع متفجرات للغرض. وعكف على المهمة بشاغل مواصلة منافسة شاسا نفسه. فقد أراد أن يكون مثله وأفضل منه يطيح بالرومانوف الذين شق أمرهم على شاسا. وجعل الشعبيين هدفاً لسهامه النقدية. وساقه