بسم الله الرحمن الرحيم تتعدد التعريفات للازمة الاقتصادية وعلي مدي الحقب والازمان وتكاد لا تجد تعريفا جامعا فهي مثل كل الازمات التي تتشكل وتتطور وتتعقد ويمكن ان تكون بسيطة او مركبة ولكن يجمع الجميع علي ان ارتفاع الاسعار,انخفاض الاجور ,انعدام الوظائف ,ارتفاع البطالة ،كساد التجارة ،قلة الاستثمار ،احجام التسليف وتذبذب العملة الوطنية تعتبر من مظاهر الازمة خاصة اذا استمرت لمدة طويل عندها يتحدث الناس عن ركود , كساد الي ركود مصحوب بغلاء اسعار ..الخ . ولا شك ان العالم قد مر بازمات اقتصادية كثيرة ,ولكن اشهرها الكساد العظيم 1929م والذي مثل الخلفية لكتاب جون ماينارد كينز(1883- 1946م) (النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود) الذي شغل الناس كثير ا فهو الاكثر شهرة والاكثر ذكاءا من بين اقتصادي القرن العشرين و علي ضفتي الاطلسي بدا حياته كاتبا في الادارة العسكرية لشئؤن الهند لم يكن مقتنعا بالعمل عاد للتدريس بكمبردج بالرغم من عدم حصوله علي اي درجة علمية في الاقتصاد .في ايام الحرب الكونية الاولي كانت النظرية التقليدية للنقود هي السائدة والتي تقول بان الاسعار تتاثر بعرض النقود وكمية النقود هي التي تحدد مستوي الاسعار وان مزيدا من النقود يعني مزيدا من الذهب طالما معيار الذهب كان سائدا في تلك الايام .جاء كينز ليقول للناس ان هذا الافتراض الذي يعتقد به الاقتصاديون التقليديون ومدرسة النقود والكلاسيكون الجدد هذا الافتراض ليس صحيحا علي اطلاقه دخل معهم في نقاشات وحوارات لطرح افكاره الجديدة حتي بعضهم لقبه بانشتاين الاقتصاد ويدرك الناس كيف عاني انشتاين في شرح النظرية النسبية اعترض علي اعتماد علي معيار الذهب لان امريكا تملك احتياطي الذهب وهذا يعني ان بريطانيا والعالم سوف يكونان تحت رحمة الاحتياطي الفدرالي الامريكي ولكن لم يسمع له راي خاصة ان ونستون تشرسل كان وزيرا للخزانة عاد كينز الي الكتابة وكتب الاثار الاقتصادية لتشرسل تميز كيز بالدقة في الاحصاء والاحتمالات وفي كل شيي حتي في لعب الكريكت والقولف يهتم كثيرا بالتفاصيل ويدونها في مفكرته ذهب كينز ومع بذوق الحرب الي وزارة الخزانة وصار مستشارا اقتصاديا علي اعلي المستويات كما يقال انه من الذين ساهموا في اقناع امريكا بالانضمام الي الحرب شارك في المفاوضات اتفاقية باريس اتفاقية فرساي الشهيرة 1919م وكان صاحب اراء جريئة ركز علي الجوانب الاقتصادية بينما ركز الاخرون علي قضايا الامن والحدود كان لا يريد ان يحمل الحلفاء المانيا فوق طاقتها ولا يحملوا الاجيال ديون الحرب ولكنهم لم يهتموا بارائه عاد وقدم استقالته واصدر كتابه( الاثار الاقتصادية للسلام ) وهذا مدخلنا للحديث عن الوزير علي محمود الذي جاء للمالية بعد اتفاق سلام لها ترتيباتها الاقتصادية والمالية والسياسية والامنية هي اتفاقية نيفاشا وكما كان الناس في موتمر فرساي كان التركيز منصبا علي قضايا الحدود والامن وكذا الحال في نيقاشا لم تجد قضايا الاقتصاد وتاثيراتها القدر الكافي الهم كان ايقاف الحرب الان وبعد خمسة سنين من الاتفاقية بدا الحديث عن الاثار الاقتصادية خاصة ان في الافق يلوح اكثر من الخيار الاسوة هو الانفصال الامر الذي يجعل وزير المالية وجه لوجه مع النمر(محمود والنمر) هل هو رجل الازمة ؟ اعتقد ذلك ولي من المبررات ما يكفي : درس الوزير علي محمود الاقتصاد بجامعة الخرطوم وكان رئيس جمعية الاقتصاد في بدايات الثمانيات من القرن الماضي عند تخرج عمل في المجال المصرفي وخبر فيه انتقل الي العمل في مجال المنظمات الدولية في اكبر مشروع تنموي شامل في غرب السودان مشروع تنمية غرب السافنا عاد للاقتصاد مرة اخري من باب الوزارة عمل وزيرا للمالية بولاية جنوب دارفور حيث الزراعة والتجارة والثروة الحيوانية ومنها انتقل الي ولاية البحر الاحمر حيث الجمارك والصادرات والواردات ومنها الي وزير دولة بالمالية الاتحادية ومنها والي لولاية تعتبر الاولي اقتصادية ولاية جنوب دارفور واخيرا وزيرا لمالية والاقتصاد الوطني وهذا التدرج مهم للانسان حتي يعلم تفاصيل الاشياء ولااظن الاخ علي محمود محتاج الي من يشرح له كيف تعمل مؤسسات الدولة المختلفة من الناحية المالية والاقتصادية فقد خبرها عن قرب ومارس وجلس وناقش الدقائق من الاشياءفقد اتيح له ما لم يتح لاي وزير مالية من قبل اكثر ما يميزه هدوءه في الازمات يستطيع الشرح بعبارات بسيطة فالاقتصاد مثل قائد الطائرة اثناء المطبات الجوية فجاة يتحدث للناس من داخل الكابينة من خلال الميكروفون الداخلي : بانناء نمر ببعض المطبات التي سوف نتجاوزها بسلام المطلوب ربط الاحزمة والجلوس علي الكراسي ففي اثناء الازمة الاقتصادية في بريطانيا ظهر فجاة علي شاشة التلفزيون جون كينز في بدلته المقلمة وباعصاب هادئة ليقول للعالم بان كل شيء سوف يسير علي مايرام القدر انقذ الاقتصاد البريطاني من حالة ياس تام سوف لن ينهار الجنية ,الاسعار سوف لن ترتفع كثيرا والتجارة سوف تعيد عافيتها لا احد يحتاج الي الخوف والمعروف في الازمات اكثر ما يضر الهلع والذعر() اكثر من الازمة نفسها ويسبب الانهيار ذكر احدهم بان اكثرما يخيفه هو هدوء الرئيس الامريكي اوباما في الازمات و الاخ علي محمود بخبرته وخبرة مستشاريه يعرفون كيف يتجاوزا بنا الازمة فالاقتصاد علم يحتاج الي ذكاء وتفكير وهدوء فليس هنالك قوالب جاهزة للتطبيق حتي لايتحدث الناس بان المفروض والانسب هي سياسة نقدية منكمشة او توسعية او سياسة مالية مزيدا من الضرائب , قبل شهر كتب محرر مجلة نيوزويك الشهير الفريد زكريا مقالا بعنوان زد من ضريبتي سيدي الرئيس يتحدث بان الضرائب في امريكيا اقل مما يجب وان الاقتصاد يمكن ان يصاب بصدمة قلبية ويتعافي منها ولكن الخوف ان يكون الاقتصاد مصابا بحالة سرطانية . نعود لكينز ونقول كلما مر العالم بازمة اقتصادية يذكرون كينز وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرولكن يبقي السؤال ما المطلوب من الوزير علي محمود في ظل بوادر ازمة , لا شك انه يملك الاجابة اما انا فاقول المطلوب تبني سياسة هجين قليل من الضبط قليل من المرونة فنحن شعب هجين فعجلة الاقتصاد التي تحركت يجب الا نقف في طريقها فهي ليست( عايرة وادوها سوط ) كما يقول المثل و ما بين جون كينز والوزير علي محمود هناك الف فرج . والله المستعان