من الثابت تاريخياً أن الأرقام 1-2-3 .. الخ هي اختراع عربي إسلامي تم في العصر العباسي أما الصفر العربي (0) فقد تم اختراعه في عام873 م بينما تم اختراع الصفر الهندي (.) في عام876 م والمتأمل للأرقام العربية يلاحظ أنها ترمز إلى عدد الزوايا فالواحد له زاوية واحدة والإثنان لها زوايتان وهلمجرا ، أما الصفر العربي فيُرمز إليه بدائرة لأنه عديم الزاويا! والصفر العربي هو أبو الأرقام فمن المستحيل الإنتقال من خانة الأحاد إلى خانات العشرات ، المئات والآلاف دون استخدامه! ويُلاحظ أن الاستهانة بالصفر العربي قد تؤدي للهزيمة الساحقة ، فالصفر السياسي ، وأعني به أصوات الأغلبية الصامتة، قد يسقط أقوى الحكومات ، والصفر الرياضي ، وأعني به الفريق المغمور، قد يهزم أشهر الفرق العالمية، والصفر البايولوجي ، وأعني به الفيروسات، قد يهلك أضخم المخلوقات ، والصفر العسكري ، وأعني به مقاتلي حرب العصابات، قد يهزم أقوى الجيوش النظامية ، والسبب واحد وإن تعددت الأصفار وهو الاعتماد على أسلوب الاختفاء الماكر والمباغتة الفعالة! لقد ظلت أوربا تسخر من الصفر العربي لمدة أربعة قرون باعتباره لا شيء ولكنها اكتشفت قوته لاحقاً حينما أصبح الصفر العربي أساساً لكل العلوم العصرية ومنها علم الإحصاء ، علم الاتصالات وعلم الإنترنت ، الذي قامت على اكتافه ثورة المعلومات ، فالكمبيوتر لا يستطيع العمل بدون الصفر العربي ولذلك فهو يستخدم لغة الصفر العربي المكرر ، وصواريخ الفضاء لا تنطلق إلى الفضاء إلا إذا بلغ العد التنازلي صفراً والتوقيت الدولي والخرائط الدولية والرحلات الجوية مضبوطة بخط الطول صفر ولعل أبلغ تعبير عن ذلك الاعتراف الأوربي المتأخر بمعجزات الصفر العربي هو قول البروفيسور كيني: (يكفي العرب فخراً أن تكون أرقامهم أساساً لكل علومنا الحاضرة)! ولعل أكبر مفارقة تاريخية هي أن معظم عرب المشرق العربي ما زالوا يستخدمون الأرقام الهندية ذات الصفر الهندي ويسمونها الأرقام العربية بينما يستخدم كل العالم الأرقام العربية ذات الصفر العربي ويسميها الأرقام العربية! ويُلاحظ أن الصفر العربي هو الشيء الوحيد في الدنيا الذي يهزم مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه) لأنه عديم القيمة في حد ذاته ولكنه يعطي قيمة مضاعفة إذا أضيف على يمين أي رقم آخر! بل أن الصفر العربي يثبت خطأ المقولة الشائعة (صفر على الشمال) والتي تعني انعدام القيمة فمثلاً ليس بمقدور الإنسان تشغيل التلفاز والتقاط بثّ الفضائيات إذا لم يقم ابتداءاً باستخدام كلمة السر المكونة من أربعة أصفار ، وليس بوسع أي إنسان الاتصال بأي شخص في أي دولة أخرى دون البدء باستخدام صفرين! ولعل أغرب مفارقات الصفر العربي العملية هي أن أي إنسان لا يمكنه سحب النقود من حسابه البنكي عبر جهاز الصراف الآلي إلا إذا كان المبلغ المطلوب سحبه منتهياً بصفر ، فيا لهذا الصفر الذي لا تنتهي عجائبه إلا لتبدأ! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي