من مميزات بلادنا التي وقفت تتحدى كل الأزمنة الصعبة،أن الإنسان السوداني من حقه أن يموت عندما يحين أجله في أي وقت دون أن يحمل هما أو يحمل ورثته هما في مساحة القبر التي تضمه ولا في غسله أو تكفينه أو دفنه دونما فاتورة يدفعها الورثة أو تدفعها أي جهة إذا لم يكن له ورثة (مقطوع من شجرة). حتى هؤلاء المقطوعون من شجرة الذين قهرتهم الدنيا وهمشهم المجتمع لن يعدموا من يتولى أمرهم بعد موتهم ، مجانا. في مدينة القضارف ظهرت منظمة اسمها "حسن الخاتمة" وهي تحمل اسما فخيما فيه الرمزية لمعان جميلة درجا على نهج مثل هذه الأسماء التي تعطي انطباعا روحيا رغم أنها تقابلك على أبواب المتاجر والبقالات والمطاعم وغيرها. منظمة حسن الخاتمة منظمة حكومية أو شبه حكومية لأن مكاتبها الفخمة تقع ضمن مبنى المحلية وفيه مدير وموظفون وسيارات وغير ذلك من مظاهر السيادة. عندما يتوفى شخص بلا أقارب أو مجهول الهوية في المستشفى أو حوادث الطرق الكثيرة أو السجن تتولى "حسن الخاتمة" غسله وتكفينه ونقله للمقابر ودفنه ثم تقدم فاتورة بأتعابها للمحلية التي تقوم بالدفع الفوري. أسعار الخدمات كالآتي: 22000 جنيه قيمة كفن 20000 أجرة حفر قبر، 20000 جنيه أتعاب الغسل 20000 جنيه أجرة النقل من المستشفى إلى المقابر الجملة 84000 جنيه (بالجنيه القديم). سلطات المحلية تقوم بسداد الفاتورة فور تقديمها. في جانب آخر من المدينة جمعية خيرية طوعية بلا موظفين ولا مكاتب ولا اعتمادات من المحلية تحمل اسم جمعية الأحباب الخيرية" تعتمد كما كان يفعل أهل السودان على أهل الخير الصامتين في توفير كل مستلزمات دفن الموتى بدءا من الكفن وانتهاء بالمولد الكهربائي و"فنطاز" الماء ويعتمدون علي سواعدهم في غسل الميت وتكفينه وحفر القبر وعلى سياراتهم في نقل الجثمان للمقابر، مثلما اعتاد الناس فعله. جمعية الأحباب الخيرية الطوعية تدار من منازل أعضائها وتعمل بسواعدهم ، ومنظمة حسن الخاتمة تدار من مكاتب الدولة وتصرف على (عملياتها) من خزينة الدولة المرهقة أصلا. "حسن الخاتمة" .. هل هي بداية فعلية لإدخال ثقافة مهنة الحانوتي بعد أن ترفع المحلية يدها في يوم من الأيام وتمتنع عن سداد الفواتير وتوفير الرواتب والسيارات والمخصصات فتتحول المنظمة إلى مؤسسة تجارية ، تماما كما نشاهد في السينما؟ (عبدالله علقم) [email protected]