لسان الفتى نصف و نصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم و الدم زهير ابن أبي سلمى المتابع لشرائط الدردشة في القنوات السودانية يجد لساناً لا يسُرْ و يُنبيء عن فؤادٍ عليل. على الرغم من أن جُل المداومين على الدردشة هم من طلاب الجامعات و الخريجين و المتعلمين إلا أن الطرح السافر للغراميات بشكل غير مقبول في مجتمع السودان المحافظ هو السمة الغالبة من جيل يفترض أنهم حملة لواء الأصالة و الأخلاق السودانية في مقبل أيام مجتمعنا الذي ظل طوال تاريخه يضع المرأة في منزلة علية. فقد تغنى بها الشعراء في فخرهم حتى قُرِنت المحافظة عليها بكمال الرجولة و الشهامة. فيقال "مقنع البايتات" و "أخو البنات" و "أنا أخوك آ سَّاره". و حفلت المسادير بتزكية الأمين على بنات الفريق . . لاحظ كيف التقت المروءة و غوث الملهوف و الشجاعة مع البيت الأخير الذي يضج عفافاً في المسدار: أنا دراج رفيقو أنا فرج الرجال وكتين يضيقو أنا الدابي الرصد للزول يعيقو أنا المامون علي بنوت فريقو يثير مثل هذا السلوك, و الذي هو بدعة قبيحة يأباها الدين المروءة, الكثير من التساؤلات التي تحتاج إلى طرح جريء حول منشأهُ. هل هو البعد عن عاداتنا الأصيلة و التأثر بثقافات مستوردة لا تشابه ما نشأنا عليه؟ هل غابت التربية عن مؤسساتنا التعليمية؟ هل هو غياب الوازع الديني؟ أم أن الخرطوم ما عادت تقرأ كما كانت تفعل فنضحنا ضحالة بائنة في شرائط الدردشة؟ هي جملة تساؤلات تحتاج إلى دراسة تشخيصية صادقة حتي لا يتسع الفتق على الراقع. إن الترهل في شرائط الدردشة بما تحتويه من مواضيع قشرية و تنابذ بين مشجعي الهلال و المريخ, و هو بلا شك امتداد لما نقرأه من لغة فجة في الصحف الرياضية, أفقد هذه الشرائط و ظيفتها التي من أجلها وُجدت. كما لا يخفى على المشاهدين كمية الأخطاء الإملائية التي لا تُصنف إلا في خانة ال"عيب" أن نرتكب مثلها. و لللأسف الشديد هذه الأخطاء لا علاقة لها بالتركيب الدارجي بل هي أخطاء ساذجة ما كان لها أن تصدر من طلاب جامعيين أو خريجين, مثل: "قريت" بدلاً عن "قرية" و "قداً" بدلاً عن "غداً". و المتابع يرى العجب العجاب. هل من مداو ٍ لهذا الداء قبل أن يستفحل و يستعصي علينا.