عثمان ميرغني يكتب: «منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود    مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اكتوبر: بارك وحدتنا الوطنية ... بقلم: سليم عثمان
نشر في سودانيل يوم 17 - 10 - 2010


كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
أيام معدودة، وتحل علينا ذكري هبة شعبية، هبها الشعب السوداني، في الحادي والعشرين من اكتوبر 1964م،كنت حينها في رحم الغيب،لكني سمعت عنها الكثير، الذي جعلني أفاخر بأمتنا العظيمة ومنجزاتها العظام، التي سطرها التاريخ، في جبينه بحروف من نور،تمر تلك الذكري العطرة، وقد لا يبارك أكتوبر الأخضر وحدتنا القومية،التي تغني بها الاستاذ محمد الأمين، بعد أن نسج كلماتها(الملحمة الملهمة) زميلنا الاستاذ الكبير، فضل الله محمد ، الذي ضل طريقه من القضاء الواقف أو الجالس، الي فضاء القريض المغني، ومهنة البحث عن المتاعب، لكنه ولجها كبيرا.
تمر ذكري أكتوبر، وبلادنا هي الأخري تمر بمنعطف خطير، ولا أدري هل سنردد مع ود الأمين مقاطع ذلك النشيد؟ الذي طالما تغنينا به :
أكتوبر واحد عشرين
يا صحو الشعب الجبار
يا لهب الثورة العملاقة
يا ملهم غضب الأحرار
الي أن نرفع معه أكف التضرع الي الله، وليس الي أكتوبر الشهر فنقول:
بارك وحدتنا القومية
وأعمل من أجل العمران.
( وحدة وطننا باتت في خطر حقيقي)
ولو عمل ساستنا جميعا ،منذ فجر أكتوبر الأخضر، الذي سرقوه منا بليل فقط ،من أجل العمران في كل أرجاء السودان، لبارك الله في وحدتنا، ولم يجعلها في مهب الريح ، يتقاذفها الشريكان تماما مثل كرة الجوارب، التي كنا نلعب بها في أيام شبابنا الباكر، وكنا في مقالنا السابق قد أشرنا من باب المشاركة لبعض الساسة، دفن رؤؤسهم في الرمال، بأن الانفصال مجرد إشاعة، لكننا بعد أسبوع واحد ربما أصبحنا اكثر يقينا، بأن إخواننا في الجنوب، لن يكونوا معنا في وطن واحد، يجمع شملنا، حينما تعود ذكري اكتوبر المجيدة العام القادم ، وقد لا نردد مع الاستاذ محمد وردي كلمات رائعة الاستاذ محمد المكي ابراهيم، التي يقول في خاتمتها :
كان اكتوبر في غضبتنا الأولي
مع المك النمر
كان أسياف العشر
ومع الماظ البطل
وبدم القرشي.. حين دعاه القرشي
حتي أنتصر.
نعم قد لا نمجد ذلكم البطل الجنوبي الأبنوسي، عبد الفضيل الماظ ،وقد لا يحتفل السيد ياسر عرمان، بدار البطل العامرة في امدرمان ، لأنه قد يختار مع رفاقه الشماليين، من أمثال الدكتور منصور خالد ووليد حامد ،وغيرهم العيش مع رفاق الكفاح والأحراش، ليس في عاصمة سودانهم الجديد، بل في جوبا عاصمة الدويلة التي ستولد قريبا،وقد يعتزل العمل السياسي أو يعود الي مقاعد الدرس مجددا ،لأن حلمه حينما التحق برفيقه الراحل قرنق، لم يكن انفصال الجنوب، ولكن بناء السودان الجديد، الذي طالما حدثونا عنه، لكننا لم نعرف كنهه ،ولا أظن أن قادة الحركة سوف يكرمون نضاله بتنصيبه رئيسا،لدولتهم الجديدة،ولا حتي منحه رئاسة الوزارة، رغم ترشحيهم له لرئاسة الجمهورية في الانتخابات السابقة لكن ربما يردون الجميل إليه، بتعينه وزيرا للإعلام، أو مستشارا لرئيس الدولة الجديد، ولعل مناضلي الشمال داخل صفوف الحركة الشعبية هم الأكثر حسرة،علي ما سوف تؤول إليه أحوال البلاد عما قريب،لكن هكذا هي السياسة دائما لعبة قذرة كما يقول المثل الانجليزي .
تهب علينا نسمات ذكري أكتوبر،وعقول الحاكمين والمعارضين صماء، وبالتالي فهم لا يسمعون سوي أزيز الطائرات المقاتلة ،والمدافع، وهدير الدبابات،وقعقعة الأسلحة الأخري، التي ذودت بها جيوش شريكي الحكم ، فالحرب أقرب إليهم من شحمة آذانهم وقلوبهم الغلف، نعم ستكون الحرب مختلفة، لا كتلك التي خبرناها، كما قال الامين العام للحركة الشعبية، باقان اموم، ولن يستخدم فيها أسياف العشر، كما فعل أجدادنا البواسل ،مع أعداء السودان ،فالتاريخ السوداني الناصع ،الذي أشعل نارا فاشتعل، ضد الغزاة الأجانب، وضد الأنظمة الشمولية سوف يشتعل هذه المرة ،لنحترق نحن معاشر الشماليين والجنوبيين، بنيران صديقه ،حتي يقضي الله أمرا كان مفعولا،ذلك أننا كشعب عجزنا أن نقوم بثورة شعبية تقتلع شريكي الحكم من جذورهما، فالكنوز التي انفتحت في باطن الأرض تنادي ،كنا نأمل أن تكون خيرا للشمال والجنوب ، نعمة للمواطنين في كل مكان ،لكنها أصبحت نقمة،فالحرب حقا أكبر نقمة وابتلاء،ابتلي بها شعب السودان ،والحقول التي كنا نأمل، أن تشتعل قمحا ووعدا وتمني ، سوف تجدب هي الأخري، وسوف تقضي الحرب علي أخضرها ويبسها ،وحائط السجن الذي ظننا أنه قد إنكسر في كوبر و في غيرها من مدن البلاد، سوف يبني من جديد ،ذلك أن الحرب دائما ما تكون فرصة، لمن بيدهم السلطة، للزج بمن يسمونهم عناصر الطابور الخامس والخونة،في غياهب السجون،وقد فاقت الحركة الشعبية المؤتمر الوطني في قمعها للمعارضين،وفي ظل انبثاق الدولة الجديدة في الجنوب، لابد ان قادة الحركة يفكرون في فتح المزيد من السجون، لتستوعب تلك العناصر المخربة، وعندها سوف نحرف في ذلك البيت الذي يتغني به وردي مفاخرا:
من غيرنا يعطي لهذا الشعب معني ان يموت ويحتضر؟ ..بدلا من أن يعيش وينتصر؟وسيكون جيلي أنا وليس جيل ود المكي من يبكي علي ضياع حلم الوحدة الوطنية ،ولذلك سوف يستحثنا يومنا الذي نعبره نحو الضياع ،أن نفهمه وأن نعي فيه دروس الأمس،حيث اكتوبر الأخضر، ورجب ابريل الأغر، وأن نغنيه مع وردي وود الامين وغيرهما،أغنية في الصباح وفي المساء ، ان نغطيه وندعو له بالرحمة ،وان يبارك الله لنا فيه، ما تبقي من الوطن، وأن نقرأ عليه ونتقي فيض حلمه،فهذا الوطن المسمي بالسودان يئن تحت جراحه سنين عددا،فماذا يفيدنا هذه الأيام البكاء والأسى في أعيننا؟ والخور والضعف في جسد وطننا العليل؟ بل ماذا يفيد رفع الرايات الحزينة علي مراكبنا؟ ونحن نغلق أرواحنا بالصواري، ونطلقها تجاه الشواطئ،التي لن نجد فيها سوي رصاصات تدوي، لتحصد أرواحنا،ثم نقدمها هدية وعربونا، لمجانين نيفاشا وجلادينا، من قادة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية .
شكرا لصديقنا صلاح الباشا، الذي حرضني لأكتب عن ذكر شهر كنا نحسب بعد ما يقارب نصف قرن من الزمان، ان القيود التي قيدنا بها الأعداء قد انسدلت، فعلا جدلة عرس في الأيادي ، لكن هاهم من بيدهم مقاليد الأمور، يقيدوننا من جديد ويسوقوننا الي الجحيم، سوق النعاج الي المقصب الآلي ،فمن أين لنا يا اكتوبر الأخضر، ببذور نزرعها في يباب وطنا ،الذي يقبع في دواخلنا، ويمتد وتتأزم حالته يوما بعد آخر؟ ليلف حول رقابنا حبلا متينا،يكاد يخنق فينا الأمل، في العيش بسلام في ظلال وطن امن، ونعجز أن نفعل شيئا تجاهه ؟ثم تنطفئ عيوننا ،عن النظر الي ذلك الغد المشرق الزاهي، الذي طالما تغني به كل سوداني، ويسربلنا بالعجز والحزن غير النبيل ليمنحنا صك الموت البطيء، في وطن (حدادي مدادي) هو وطن الآباء والأجداد ، الذي تغني به الراحل العطبراوي:
كل أجزائه لنا وطن إذ نباهي به نفتتن
نتغنى بحسنه أبدا دونه لا يروقنا حسن
يا بلادا حوت مآثرنا كالفراديس فيضها منن
فجر النيل في اباطحها يكفل العيش وهي تحتضن
رقصت تلكم الرياض له وتثنت غصونها اللدن
وتغنى هزارها فرحا كعشوق حدا به الشجن
حفل الشيب والشباب معا وبتقديسه القمين عنوا
نحن بالروح للسودان فدا فلتدم انت أيها الوطن
هذا الوطن الكبير لم يعد يسعنا لأن الساسة ضيقوه علينا. ولن تكون كل أجزائه وطنا لنا بعد انفصال الجنوب، تمر ذكري أكتوبر وسحب الحرب تلبد سماء الوطن ،وابيبي عواصفها عاتية،والجنسية المزدوجة،لن تكون جواز عبور الي حدود الدولتين بل ستكون مجرد أوراق لذكري وطن ذبيح،وابيي التي قالوا أنها تسبح في بحيرة من النفط أو الذهب الأسود ، قد يحترق فيها كل شئ وهي ليست بحال من الأحوال كما تصورها الدعاية الغربية ،نفطها محدود لكن رغم ذلك فسوف يستخدم شريكا نيفاشا سكانها من دينكا نوك والمسيرية دروعا بشرية، ووقودا لحرب داحس والغبراء الجديدة ،التي يعدون العدة لها، ووقتها لن يتحدث احد عن كشمير آسيا سواء كانت تتبع لباكستان او الهند، لأن أخبار كشمير السودان سوف تطغي عليها وما لم تنصلح نوايا الطرفين وترمم جسور الثقة بينهما ،وما لم يجلسا بتواضع علي الأرض، لتسوية قضايا الحدود والنفط، وابيي والمواطنة فيها ،والجنسية والديون وغيرها، من الأمور العالقة، فلن نهنأ في الشمال والجنوب .
صحيفة السوداني :عودة حميدة
سررت كثيرا بسماعي نبأ عودة السوداني في ثوب قشيب زاه،وددت أن أكتب كلمات قليلة عن هذه الصحيفة التي احتضنتني في منتصف الثمانيات وأنا ألج مهنة البحث عن المتاعب ،أو بلاط صاحبة الجلالة،كأن وقتها الاستاذ الأنيق الخلوق الذين يقول للناس حسنا محجوب عروة رئيس التحرير و والأستاذ صلاح عمر الشيخ نائبا له والأديب الأريب عبد الرحمن ابراهيم مديرا للتحرير،كانت مبانيها بالقرب من إستاد الخرطوم مبان متواضعة ومكاتب محدودة المساحة،لكنها كانت تضم ثلة من الصحافيين، والكتاب المميزين أذكر منهم الزملاء راشد عبد الرحيم ،معاوية ابوقرون،صلاح مبارك، عثمان نمر،بثينة عبد الجليل،د/ البوني،تاج السر الملك (حاليا في أمريكا)حسين حسن حسين(في السعودية)حمدي عبد الرحمن، وأسامة علي وإيمان نفيد وتودد وابتسام عثمان،وهالة حسن فرح ،ومحمد يوسف عثمان،وعبد المجيد عبد الرازق وعبد المولي الصديق والمصور شالكا والفادني وغيرهم ممن لا يسع المقام لذكرهم جميعا فلهم جميعا مني التحية و العتبي حتي يرضوا ،وأذكر أن أول تغطية لي كانت برفقة الزميلة إيمان نفيد،حيث سرت شائعة أن كوبري النيل الأبيض القديم الذي يربط الخرطوم بامدرمان قد انهار،فذهبنا الي هناك والتقينا بروفسير دفع الله الترابي وكان يومها أستاذا في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم فنفي لنا الخبر جملة وتفصيلا ،غير انه لم ينف حدوث بعض التصدعات التي تحتاج الي معالجة سريعة،كان الاستاذ عروة رجلا في غاية التواضع،حيث كان كثيرا ما يأتي إلينا أيام العطلات بما لذ وطاب من المأكولات ،وكنا وقتذ ممن لم يستطيعوا الباءة،بل كان يأخذنا بسيارته الي بيوت كبار السياسيين،ومن أكثر تغطياتي التي لا تنسي في السوداني تحقيق أجريته مع زميلي الاستاذ الكبير معاوية أبو قرون لحادث بص السفينة الشهير علي طريق مدني الخرطوم ،وقدمت الصحيفة لكلينا حافزا،والإضراب الشهير للعاملين بسودانير،وانقطاع خط السكة حديد بمنطقة التراجمة وغيرها من التغطيات التي ما زالت خالدة بالذاكرة،كانت السوداني أسرة جميلة وكان بها عدد من أفضل المصممين ،عملنا فيها حتي ليلة انقلاب البشير وأذكر إنني صبيحة الجمعة قد أيقظت الزميل حسين حسن حسين وكنا نسكن منزل زميلنا السر الملك وقلت له البلد فيها انقلاب،ونهض مفزوعا من فراشه وبدأنا نسمع الموسيقي العسكرية حتي أعلن البشير بيانه الأول وتشردنا لبعض الوقت والحق يقال ان عروة لم يقصر معنا فقد منحنا حقوقنا التي مكنتنا من اجتياز تلك الأيام العصيبة.
واليوم تعاود السوداني الصدور وعلي رأسها زميلنا النبيه الاستاذ ضياء الدين بلال ،وثلة من الزميلات والزملاء الذين عركتهم المهنة وعركوها ،فأنا إذ أهنئهم بالعود الحميد ،ورغم انه لم يتسن لي مطالعة الأعداد القليلة، التي صدرت حتي الان، أتطلع لأن تحمل الصحيفة هذا الاسم الحبيب الي النفوس(السوداني)في حدقات العيون ،وأن تكون الصحيفة فعلا قد ارتدت ثوبا ورديا جميلا لا يكشف الا سوءات الفاسدين مهما علت مراتبهم ثوبا شفافا نطالع من خلاله كل قضايا الوطن،لا نريدها منقبة عما يريد القارئ معرفته من أخبار،لا نريدها ذات ابتسامة صفراء، ذلك إن صحافة لا تعني بقرائها وهمومهم ومشكلاتهم هي صحافة بائدة في نهاية المطاف حتي لو تغير مالكها وكل العاملون فيها ، لأن المواطن السوداني هو الرهان الوحيد لتحقيق نجاحها واتساع رقعة توزيعها، وبالتالي تحقيق مكاسبها المادية من خلال التوزيع والإعلان، فالقارئ أولاً وهو الذي يرفع معدلات التوزيع، وبه يرتفع حجم الإعلان الباحث دوماً عن أكثر الصحف توزيعاً. وبذلك تتحقق نظرية أن الصحافة رسالة وصناعة، والرسالة التي لا تحقق أهدافها فاشلة، وكذلك الصناعة التي لا تحقق للمستثمرين العائدات المنتظرة فاشلة أيضاً، النجاح، أما الفشل فنتيجته غير ذلك. ومن حسن الطالع ان الرجل الأول فيها السيد جمال الوالي رجل له موقعه لدي شريحة واسعة من الشعب السوداني بحسبانه رئيسا لناد جماهيري كبير هو نادي المريخ ،فضلا عن موقعه في صفوف رجالات الحكم ،كواحد من رجال الأعمال الكبير، ولابد من تحية الرجل الذي اقتحم بشجاعة يحسد عليها فضاء الاعلام المرئي والمقروء في بلادنا ،فاذا كان إفساد ذوق القارئ مهمة أخذتها بعض الصحف علي عاتقها ، دون ان يكون لسلوكها المعوج هذا أي تفسير، اللهم الا سعيها المحموم للتوزيع والكسب ، وصولاً إلي رفع نسبة التوزيع، وهو هدف لن تحققه سوي الصحف الجادة التي تمارس العمل الصحفي بمهنية عالية ووعي كبيرين لدورها في التنوير والإصلاح وكشف مواطن الخلل، في كل ما يتعلق بمصالح المواطنين، وتنمية الوطن ورتق نسيجه الاجتماعي فأننا نربأ بالسوداني والزملاء الذين أخذوا علي عاتقهم قيادة مركبها في هذا الظرف الدقيق من تاريخ امتنا ،الذي يتطلب من حملة القلم سواء كانوا من أولئك الذين يمارسون فنون التحرير المختلفة من خبر وتحقيق وحوار واستقصاء او استطلاع او تصوير الخ او الكتاب والمحللين للشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي ممن استقطبتهم الصحيفة ،ان يمنحونا ويعطوا للسوداني قيمة مضافة حتي لا تكون نسخة طبق الأصل لعشرات الصحف السودانية التي يفترشها الصبية في قارعة الطريق ،او تتكدس بها أرفف المكتبات ، بل نريدها صحيفة لها عطر مميز تتضوع به الأنفس،فضاء يغذي العقل والروح ،لا تخشي مقص الرقيب بل يجب ان يكون حامل كل يراع هو الرقيب علي ما تخط أنامله فالقارئ السوداني يعيش هموما كثيرة طاحنة ، وأحداثا سياسية مقلقة، تمثل تحديات لا طاقة له علي مواجهتها، مما يتطلب أن يجد في صحافته عوناً له عن طريق معالجة ما يمكن معالجته من معضلاته الملحة تحاشياً لتبعاتها المستقبلية السلبية وهو ما يحتم علي السوداني في ثوبها الجديد ان تكون مختلفة عن أخواتها وذلك بأن لايكون عرضها للقضايا المختلفة عرضا بشكل سطحيا لا يدل علي جدية المناقشة أو الرغبة في الوصول إلي حل، لتلك القضايا حتي وإن أدي ذلك إلي تجاوز المحاذير الوهمية التي تجد فيها بعض الصحف تبريراً لتقصيرها تجاه القارئ وهمومه وقضاياه المختلفة التي لم تعد خافية علي أحد.
من كتاب أخبار النساء:
قال الزّبير بن بكار: كان عبد الرّحمن بن أبي عمّار من عبّاد أهل مكّة، فسمي القسّ من عبادته. فمرّ ذات يومٍ بدار سهل بن عبد الرّحمن بن عوف مولى سلامة الزّرقاء، وهي تغنّي، فسمع غناءها، فبلغ منه كلّ مبلغ، فرآه مولاها وتبيّن ما لحقه، فقال له: هل لك أن تدخل إليها وتسمع منها? فامتنع وأبى، فقال له: أنا أقعدك في موضعٍ تسمع من غنائها ولا تراها ولا تراك. ولم يزل به حتّى دخل وسمع غناءها، فأعجبه، فقال له: هل لك أن أخرجها لك? فامتنع بعض الامتناع، ثمّ أجابه. فأخرجها إليه، وأقعدها بين يديه، وغنّته، فشغف بها، وشغفت به. وكان أديباً ظريفاً. واشتهر أمره معها بمكّة حتّى سمّوها سلامة القسّ.
وخلا معها يوماً، فقالت له: أنا، والله، أحبّك فقال له: أنا، والله، كذلك. قالت له: أحبّ أن أضع فمك على فمي. قال: وأنا، والله. قالت: فما يمنعك من ذلك، فوالله إنّ الموضع لخالٍ? فقال لها: ويحك، إنّي سمعت الله عزّ وجل يقول في كتابه: "الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتّقين". وأنا أكره أن تكون خلّة ما بيني وبينك عداوة يوم القيامة. ثمّ نهض وعيناه تذرفان من حبّها وعاد إلى الطّريقة التي كان عليها من النّسك والعبادة. وكان يمرّ في بعض الأيّام ببابها فيرسل إليها بالسّلام فيقال له: أدخل فيأبى. وقال فيها أشعاراً كثيرةً، وغنّته بها. فمنها:
إنّ التي طرقتك بين ركائب تمشي بمزهرها وأنت حرام
باتت تعلّلنا، وتحسب أنّنا، في ذاك أيقاظ ونحن نيام
حتّى إذا سطع الصّبح لناظرٍ فإذا الذي ما بيننا أحلام
قد كنت أعذل في السّفاهة أهلها فاعجب بما تأتي به الأيام
فاليوم أعذرهم وأعلم أنّما طرق الضّلالة والهدى أقسام
وفيها قوله:
على سلاّمة القلب السّلام تحية من زيارته لمام
أحبّ لقاءها، وألوم نفسي، كأنّ لقاءها شيءٌ حرام
إذا ما حنّ مزهرها إليها وحنّت نحوه، أذن الكرام
فمدّوا نحوها الأعناق حتّى كأنّهم وما ناموا نيام
Saleem Osman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.