فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    هل تنعش التحرّكات الأخيرة عملية السلام في السودان؟    "إهانة لبلد وشعبه".. تغريدة موجهة للجزائر تفجّر الجدل في فرنسا    الفارق كبير    مدير شرطة ولاية الجزيرة يتفقد شرطة محلية المناقل    السعودية "تختبر" اهتمام العالم باقتصادها بطرح أسهم في أرامكو    العمل الخاص بالأبيض تحقق إنتصاراً كبيراً على المليشيا المتمردة    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    تصريحات عقار .. هذا الضفدع من ذاك الورل    طموح خليجي لزيادة مداخيل السياحة عبر «التأشيرة الموحدة»    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    عقار يلتقي وفد المحليات الشرقية بولاية جنوب كردفان    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    (شن جاب لي جاب وشن بلم القمري مع السنبر)    شائعة وفاة كسلا انطلقت من اسمرا    اكتمال الترتيبات لبدء امتحانات الشهادة الابتدائية بنهر النيل بالسبت    كيف جمع محمد صلاح ثروته؟    اختيار سبعة لاعبين من الدوريات الخارجية لمنتخب الشباب – من هم؟    حكم بالسجن وحرمان من النشاط الكروي بحق لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    المريخ السوداني يوافق على المشاركة في الدوري الموريتاني    شاهد بالفيديو.. مستشار حميدتي يبكي ويذرف الدموع على الهواء مباشرة: (يجب أن ندعم ونساند قواتنا المسلحة والمؤتمرات دي كلها كلام فارغ ولن تجلب لنا السلام) وساخرون: (تبكي بس)    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني أبو رهف يلتقي بحسناء "دعامية" فائقة الجمال ويطلب منها الزواج والحسناء تتجاوب معه بالضحكات وتوافق على طلبه: (العرس بعد خالي حميدتي يجيب الديمقراطية)    شاهد بالفيديو.. بصوت جميل وطروب وفي استراحة محارب.. أفراد من القوات المشتركة بمدينة الفاشر يغنون رائعة الفنان الكبير أبو عركي البخيت (بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة) مستخدمين آلة الربابة    مصر ترفع سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ 30 عاما    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الأربعاء    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    الموساد هدد المدعية السابقة للجنائية الدولية لتتخلى عن التحقيق في جرائم حرب    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    السعودية: وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    بيومي فؤاد يخسر الرهان    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصتي مع سلفاكير ....! 2-2 ... كتبت: رفيدة ياسين
نشر في سودانيل يوم 08 - 11 - 2010

ها أناذا مرة أخرى بالعاصمة الجنوبية جوبا لأجدها في طقس مشمس مطير وكعادتها تتلفح بأشجار الأبنوس وتزدان بالفواكه الإستوائية كما تتلفح العروس بثوبها، فمنذ إطلاق صحيفة (السوداني) في مرحلتها الجديدة، وانضمامي لفريق العمل الصحفي بها، وأنا أطلب من رئيس القسم السياسي الاستاذ ماهر ابو الجوخ ورئيس التحرير الأستاذ ضياء الدين بلال، ترتيب رحلة عمل للجنوب بغرض التركيز على مجموعة من القضايا ذات العلاقة بالاستفتاء الذي بات على الأبواب، ووجدت تأييداً كبيراً، صاحبه توفير الصحيفة لكل آليات العمل للسفر إلى هناك لتغطية مؤتمر الحوار الجنوبي، ومن ثم انجاز المهمة الخاصة، والتي تعني لي من البداية حوارا مع رئيس حكومة الجنوب بالإضافة لإجراء بعض المقابلات الصحفية مع قيادات جنوبية بارزة، وبالفعل وصلت لمدينة جوبا صباح يوم 14 أكتوبر الماضي، للحاق بثاني أيام المؤتمر الذي كان مقرراً له أن ينتهي في الخامس عشر من نفس الشهر، وكانت الصحيفة قد سمحت لي بقضاء خمسة أيام فقط هناك، لكن تمديد فترة المؤتمر من ثلاثة لخمسة أيام، بدّد كل الوقت الذي كان مقرراً لي في تغطية الحوار الجنوبي الذي كان يستغرق اليوم كله، فاضطررت لتمديد فترة إقامتي بجوبا من خمسة لعشرة أيام، التقيت خلالها برئيس هيئة أركان الجيش الشعبي جيمس ووث، وعدد من القيادات الجنوبية الأخرى بالإضافة لانجاز عدد من التحقيقات في المدينة، ومنذ وصولي إلى جوبا وأنا أحاول التقاء رئيس حكومة الجنوب الفريق أول "سلفاكير ميارديت" عبر مفاتيح لقائي الأول من خلال نافذين في الحركة الشعبية وحكومة الجنوب وعدد من رجاله المقربين، رغم علمي أن لقائه في هذا التوقيت أمر صعب للغاية، لأسباب عديدة أولها أن الساحة السياسية الجنوبية كانت مرتبكة وخريطتها غير واضحة المعالم، فالحوار الجنوبي تأجل ختامه أكثر من مرة، وغير معروف ما إذا كان مجلس التحرير القومي الذي تأجل أيضا مرات ومرات سينعقد أم لا..!؟... هذا إلى جانب ما كان يتواتر من أنباء حينها عن احتمالات تأجيل إجراء الاستفتاء... كل ذلك كان يقلل من فرص نجاحي للقاء الرئيس.. بيد أن ختام الحوار الجنوبي وبعد مخاض عسير استغرق خمسة أيام متتالية انتهت بوحدة الصف الجنوبي أعاد لي بارقة أمل في إمكانية ذلك، فكانت مدينة جوبا كلها ترقص فرحا بالتئام البيت الجنوبي...لكن ظروفا مرضية ألمّت بالرئيس حالت دون التقائي به رغم الوعود التي تلقيتها أكثر من مرة من طاقم مكتبه الكبير، بأنني سألتقيه ولو لدقائق بعد الحوار الجنوبي، الذي كان قد تبعه زيارات متتالية لعدد من المسؤولين الإقليميين والدوليين أبرزهم وزيرا الخارجية والمخابرات المصرية احمد ابو الغيط وعمر سليمان، أعقبتهما زيارة لرئيس جنوب افريقيا الاسبق ثامبيو امبيكي، ليُختتم زخم هذه الاستقبالات بزيارة مسؤول العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي السيناتور "جون كيري"، لكن توجه سلفاكير برفقته إلي الخرطوم حسم كل الاحتمالات يومها، وأغلق كل الأبواب أمامي بانتهاء العشرة أيام دون التقائه، ففقدت الأمل تماماً يومها، ومن ثم قررت العودة إلي الخرطوم، وخيبة أمل وشعور بالفشل يسيطرا علي بعودتي خالية الوفاض دون تحقيق هدفي الأساسي من رحلتي إلي جوبا....علي الرغم من التعليقات التي كنت اتلقاها بان تغطية (السوداني) للحوار الجنوبى كانت مختلفة، بالإضافة للتعليقات التي جاءت للصحيفة على حوار رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي جيمس ووث وهو يدلي بتصريحات نارية حول قضايا مهمة وحساسة.
بعدها عاودت عملي اليومي كعادتي، لكن سلفاكير كان موجودا بالخرطوم لحضور اجتماعات الرئاسة، فعادت الفكرة تراودني بشدة، وتلح علي من جديد للقائه، فحاولت التقائه أكثر من مرة لكن مدير البروتوكولات والمراسم الخاصة به، والمدير التنفيذي لمكتبه أبلغوني بأن الرئيس "مشغووووول جداً"، وانه لا مجال لديه لإجراء مقابلات صحفية في هذه الأيام..فاستسلمت بعدها، وواصلت متابعاتي الصحفية اليومية العادية..حتي فاجأني اتصال هاتفي من جوبا من شخصية نافذة في رئاسة حكومة الجنوب، فقد طرقت كل الأبواب منذ وجودي في جوبا لإنجاح هذا اللقاء، وكان ذلك الاتصال في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي في تمام الساعة السادسة مساءاً ليبلغني المتصل بالذهاب لبيت الرئيس بحي المطار خلال نصف ساعة فقط من توقيت الاتصال، لاستقبل بعدها بدقائق مكالمة أخرى من السكرتير الخاص بالرئيس في الخرطوم، وهو يؤكد على عدم التأخير للحاق بالموعد فتوجهت، وأنا أسارع الخطى لمكتب مدير أول التحرير الأستاذ عثمان فضل الله لأبلغه بما حدث وانه لا يوجد لدي وقت لإهداره في انتظار سيارة أو سائق أو مصور..أو..أو...، فما كان منه إلا أن طلب من زميلي الصحفي الخلوق الأستاذ عبد الباسط إدريس أن يصطحبني في السيارة الخاصة به إلي هناك في سرعة البرق..وقد خلقت لعبد الباسط حالة من التوتر لالحاحي ان يقود مسرعا حتي أصل في التوقيت المحدد لي، وبالفعل وصلت..أمام منزل الرئيس بحي المطار، عدد من رجال الأمن المنتشرين حول المنزل استوقفوا السيارة أبلغتهم بأنني على موعد مع الرئيس، من تصرفاتهم وردود أفعالهم شعرت أنهم على علم بالموعد لأنهم لم يسألوا كثيرا كعادة أمثال هؤلاء فقط طلبوا مني الانتظار ليأتي شخص لاصطحابي إلى الداخل..خلال الدقائق التي انتظرتها خارج هذا المنزل الكبير المطلي بلون الطبيعة وهو يكتسب خضرة فاتحة بحي المطار الذي يسكنه عدد من المسؤولين الحكوميين، وأعضاء من هيئة تدريس جامعة الخرطوم..تذكرت معلومات كنت قد عرفتها في وقت سابق (بالصدفة)، وهي أن منزل سلفاكير تمت إزالة أربعة بيوت لكي يقام في موقعها منزل رسمي يليق بمقام النائب الأول، وبحسب المعلومات المتوفرة لدي أن المنازل الحكومية الأربعة التي تمت إزالتها ليحل محلها هذا المبني كان إحداها يقطنه رئيس المجلس الوطني احمد إبراهيم الطاهر، ومن قبله كان يسكنه المهندس السعيد عثمان محجوب حيث كان مسئولا عن جهاز المغتربين، وقبل الإزالة مباشرة سكنه وزير الثروة الحيوانية الحالي فيصل حسن إبراهيم وكان وقتها يشغل وزير زراعة ولاية الخرطوم، أما المنزل الثاني فكان يقطنه محمد احمد سالم الذي كان مسجلا للأحزاب السياسية، والمنزل الثالث كان يقيم فيه وكيل وزارة التجارة الأسبق جورج، لكن المنزل الرابع كان مخصصا للدكتور علي الطاهر بجامعة الخرطوم، ويقابل منزل سلفاكير مباشرة منزل وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، كنت اتابع الحركة الدورية والكثيرة للمنزل أثناء انتظاري حتي جاءني احد رجال الرئيس ليأخذني إلى الداخل، وكان واضحاً لي من مساحة المنزل الشاسعة أنه روعي في تصميمه استيعاب كافة الأنشطة المتعلقة بشخصية النائب الأول لرئيس الجمهورية من اجتماعات ولقاءات ومناسبات وغيرها... كما كان هناك عدد من الشباب الجنوبيين الذين تعرفت عليهم في جوبا يجلسون علي طاولات في حديقة المنزل، تعاملوا معي بلطف بالغ وبادلوني التحية بأحسن منها، وظللت راجلة مسافة ليست بقصيرة حتى وصلت إلي الصالون، فإذا بي أفاجأ بالسكرتير الخاص بالرئيس يستقبلني ويبلغني بأن لقائي مجرد محاولة وليس مؤكداً، لأن سلفاكير على موعد بعد نصف ساعة، وهو يقول " احنا بنحاول نخليك تلاقي الزول الكبير بس لو لاقيته ما تطول لأنه بنج ده عنده مواعيد تاني"، احبطني حديثه مرة أخرى...وأنا أنظر إليه باستغراب حتى غاب عن عيني...، لكني التزمت الصمت وانتظرت بحسب توجيهاته، فجلست حوالي عشر دقائق أخرى تقريباً ولا أعلم إن كنت سوف أجري اللقاء أم لا حتي تلك اللحظة...؟... ليناديني الشاب الجنوبي توماس أحد رجالات الرئيس، ويطلب مني السير معه دون أن يخبرني إلي أين...؟ وما إذا كنت سأقابل الرئيس أم لا..لأجد نفسي في شرفة أخرى مررت لكي أصل إليها عبر عدة أبواب حتى شعرت أنني داخل مغارة ولا ادري كيف سوف أخرج منها..إلى أن وصلت لصالة كبيرة بدا لي أنها صالة الاجتماعات فكانت الكراسي الفوتيه البيضاء مصطفة جنباً إلي جنب لتعطي في النهاية شكلا بيضاويا متجانسا تتوسطه شاشة بلازما كبيرة للغاية تطل من خلالها نشرة قناة الجزيرة التي لاحظت أن الرئيس يحرص على متابعتها... وما مرت دقيقتان حتي جاء النائب الأول لرئيس الجمهورية وهو يرتدي "كاسكيتته" السوداء كعادته، مرتديا بذلة رسمية كحلية اللون، فألقي علي التحية، ودعاني للجلوس.. تناقشنا لدقائق حول الوضع المحتقن الذي تمر به البلاد، فابلغته عن شعوري بالاسى على رجحان كفة انفصال الجنوب فرد علي وكأنه يواسيني قائلا: "حتي لو الجنوب انفصل ما ح يخلي الشمال.. وحنفضل نستقبل الجلابة الزيك عندنا في الجنوب في أي وقت وبعدين أنت صحفية ما عندك مشكلة تمشي أي محل"، ومضى الرئيس ليسألني عن فترة إقامتي الأخيرة في جوبا وعن المسئولين الجنوبيين الذين التقيتهم.. وما هو رأيي فيما يجري الآن في الساحة السياسية الجنوبية... كما نصحني بلقاء رئيس هيئة اركان الجيش الشعبي جيمس ووث، ووزير شؤون الداخلية قير شوانق.. وقال لي أنهما شخصيتان مهمتان في المرحلة المقبلة مع اقتراب موعد الاستفتاء... فابلغته بانني التقيت ووث،.فاجأني بأنه يعلم ذلك، ونصحني بلقاء شوانق لانه سيكون مسؤولا عن تأمين عملية الاستفتاء بالعاصمة الجنوبية..بعدها بدأت في تشغيل جهاز تسجيلي وطلبت من الرئيس بدء الحوار لأن الزمن المحدد لي قصير جدا....ولكن حواري استغرق معه أكثر مما توقعت بكثير فلمدة ساعة ونصفها تطرقت فيها لمجمل قضايا الراهن السياسي، وبعض احتمالات المستقبل..كما لم يغب أحيانا العودة بالذاكرة لفتح صفحات الماضي..وكان سلفاكير يرد علي بعض تساؤلاتي بصراحة ودقة حين سألته عن الاستفتاء وحول حقيقة المقترح المصري بتاجيله...وحينا آخر كان يرفض التعليق على قضايا التسليح ويتمسك بعدم الافصاح عن أعداد ابناء جبال النوبة في الجيش الشعبي وامور أخرى، كما كان يصرح بحديث مقتضب حول نقده لنائبه رياك مشار..مسترسلا في التعليق حول العلاقات مع اسرائيل..واستشفيت ان اكثر ما يزعج كير هو الحديث عن تاجيل الاستفتاء او انتقاد الحركة بعد قرنق او التطرق لمشكلات قبلية جنوبية.. بالإضافة للتشديد على معرفة موقفه الشخصي من الوحدة والانفصال...حيث كانت ملامحه تبدو غاضبة ويتحدث وهو يعقد حاجبيه ويصر على ما يقوله ويتمسك بآرائه لدرجة كبيرة...لكن ما أريد أن اؤكده من خلال اجرائي لهذا اللقاء لكل الغاضبين والفرحين أن هذا الرجل يدرك جيدا ما يقول..!، لان هناك أمورا كثيرة تحدث فيها ولم تنشر لأنه طلب ذلك...!؟وان كل ما تم نشره في الحوار لم يطلب الرئيس عدم نشره الامر الذي اعطاني ضوءا اخضر للنشر بمعنى انه يقصد كل كلمة وكل حرف خلال الحوار، وطبيعة الرجل في الحوار كانت هادئة وحرة إذ كان يستقبل كل تساؤلاتي بصدر رحب..و رغم تحفظه على بعضها إلا أنه وبذكاء ودبلوماسية لم يرفضها، فما شعرته من شخصيته منذ لقائي الاول به أنه يحترم الإعلام ويدرك أهميته كما يجيد التعامل مع الإعلاميين، وكنت قد ذهبت اليه وبذهني قضايا كثيرة تمس هموم المواطنين ومستقبلهم اردت ان ابحث لها عن اجابة عند الرجل الاول في الجنوب دون التفكير عن أية جهة من الممكن ان تستفيد منها او تستغلها او توظفها لتمرير اجندتها.....
لقائي بسلفاكير تضمن أيضا جوانب في حياته الشخصية والانسانية لم أنشرها بعد...وبعد انتهاء الحوار اعتذرت له عما إذا كانت جرأة أسئلتي والحاحي في معرفة أمور كثيرة قد أغضبه.. إلا أنه رد وترتسم علي ملامحه ابتسامة رقيقة: "مافي مشكلة أصلو الصحفيين بحبوا الشمارات"، وقال لي وأنا أودعه: " لو جنوب انفصل برضه بكون فيهو اخبار واحداث كتيرة انته صحفيين مصر والشمال ما تبطلوا تعملو شغل من هناك"، وعدته بذلك وألقيت عليه التحية..ثم خرجت لأجد زميلي عبد الباسط ما زال في انتظاري خارج المنزل كل ذلك الوقت.. اعتذرت له عن التاخير وطلبت منه العودة سريعا لابلغ رؤسائي في العمل بأنني أجريت الحوار.. وصلت الصحيفة وتغمرني فرحة بلون جماليات الحياة وانا "اتنطط" مثل طفلة فرحة بشراء ثوب العيد...بحثت عن رئيس التحرير فلم اجده.. وذهبت لمدير اول التحرير عثمان فضل الله الذي كان يعلم بذهابي إلي هناك ابلغته بانني اجريت الحوار وهنأني بذلك..وفي الوقت نفسه طلب مني الجلوس فورا لتفريغ الشريط وكتابته لتنشر الحلقة الاولي منه في صباح اليوم التالي..ومن هنا بدأت القصة...
اقام هذا الحوار الدنيا واقعدها بعيدا عن سياق الموضوعية، ليخرج وزير اعلام حكومة الجنوب برنابا بنجامين وينفي ما قيل داخل الحوار رغم انه كان في الصين وقتها، ولم يكن له يد في تحديده لا لقائي الاول ولا حتي في هذه المرة..وأن الحوار لم يتم في جوبا من الأساس، لكي يتهمني باستهداف الجنوب وتأليب الرأي العام والعالم العربي، واحداث انشقاق في الحركة، نافيا بشدة اعتزام الحركة لاقامة علاقة مع اسرائيل...بل كان هو نفس الرجل الذي كان قد اتصل بي من قبل لكي يمتدح حديثي في لقاء تليفزيوني شاهده عندما كنت ضيفة على برنامج صباحي في تليفزيون السودان وحياني على جرأتي وشجاعتي.. عجبا لتبدل مواقف الناس..!
ما أريد قوله هو انه لم يرد في الحوار بحلقاته الاربع أي حديث حول انشقاق في الحركة او خلافات بين سلفاكير ومشار..ما ورد فقط هو ما جاء على لسان كير بنقده لمشار في بعض التصرفات عندما وصفه بأنه يسئ التصرف وغير ذلك..كما أن الحديث حول علاقات الحركة مع اسرائيل هو شئ معروف للقاصي والداني وليس بجديد فقيادات الحركة أنفسهم يتحدثون بهذا الشأن ليل نهار ولا يرون ضيرا منه...فهل يمكن ان أكون ملكاً أكثر من الملك..!؟
لكن الطريقة التي تعامل بها عدد من قيادات الحركة ومسؤولين بحكومة الجنوب مع الحوار كانت غريبة بالنسبة لي لانهم خرجوا لينفوا ما لم يرد في الحوار وهو ما ذكرني بمثل شعبي مصري يقول " اللي علي راسه بطحة بيحسس عليها"، أو المثل السوداني القائل "الفي قلبه حرقص براهو يرقص"...!؟
حتي الرئيس سلفاكير نفسه ورغم اني عذرته في موقفه وهو يحاول احتواء تداعيات الحوار...لم ينف إجرائي للحوار ولا ما قاله لي..مكتفيا بالتلويح بان بعض صحف الخرطوم تستهدف الجنوب...و...!؟
ما اريد ذكره هو أنني ومنذ اليوم الاول لنشر الحلقة الأولي من الحوار وانا اتلقي مكالمات بالتهديد بكل أشكاله والترغيب بكافة ألوانه كلها لم اعرها اهتماما ولم احملها أكبر من حجمها رغم علمي بالجهات الصادرة منها... ليس بغرض البحث عن دور بطولي..وإنما لان الامر لا يستدعي كل هذه "الزوبعة"، و"الفوران"، لأنني صحفية اجرت حوارا موثقاً ومسجلاً مع الرئيس..إذا كان هناك مشكك فيما تم نشره..فهذا حقه..لكن وبمنتهي البساطة عليه بالتوجه للقضاء لإثبات صحة مزاعمه..لان بلادنا تحكمها القوانين..وليس قانون الغابة...!؟
في المقابل فاجأني أحدهم وهو يكتب في احدى الصحف متطاولا على النائب الاول لرئيس الجمهورية وهو يقول "سلفاكير سكت دهرا ونطق..!؟ رجل لا تحاوره إلا الصحفيات"، وإلى هذا اوجه سؤالا...هل يمكن ان يمتلك من الشجاعة ما يمكنه من توجيه مثل هذا الحديث لمعتمد او وزير من المؤتمر الوطني.....!؟ أعرف الإجابة سلفا.. ولا استغرب مثل هذا السقوط المهني من جهات تواري خيبتها العملية، ودنوها الأخلاقي بإشارات خبيثة للصحفيات.. لكن ماذا عن التطاول على هيبة ومكانة الرجل الثاني للدولة دون "فلترة" سواء من الصحيفة أو من الرقيب الذاتي الذي تربى داخل عدد كبير من صحفيي هذا النهج وهذا الانتماء...!
أريد ان اختم سطوري بتوجيه الشكر أولا للناقدين والمسيئين بل والمتطاولين الذين علقوا علي هذا الحوار
و"انشغلوا" به و"اشتغلوا" علي أصدائه لفترة... لانني اكن لهم جميلا وعرفانا مقدرا بالدفع والتقدم للامام..!؟
كما لا أنسي أن اعبر عن كامل احترامي لغالبية صحف البلاد التي أكدت احترامها للمهنة، ولكل العاملين فيها وإن اختلفوا في انتماءاتهم..باتباع اصول الصحافة المحترمة والموضوعية والتي تعبر عن الرأي والرأي الآخر...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.