كلية الطب, جامعة بحر الغزال [email protected] يصادف اليوم الرابع عشر من نوفمبر من كل عام اليوم العالمى لمرض السكرى. و حق للعالم ان يخصص لهذا المرض يوما خاصا به. فيوجد الان فى العالم اكثر من ثلاثمائة مليون مريض بالسكر موزعين على كافة ارجاء العالم, غنيه و فقيره, بتركيز على ساكنى المدن و الضواحى القريبة منها. كما ان هذا المرض بطبيعته مزمن, اى انه يلازم المريض مدى الحياة, و بالتالى يجب عليه التاقلم و تكييف حياته طبقا لذلك. كما ان هذا المرض, و فى غياب المعالجة الفعالة و المستمرة يغدو مصدرا لمضاعفات مكلفة و مزعجة و احيانا قاتلة. مرض السكرى فى بلادنا معروف منذ زمن بعيد. الجديد هو ازدياد معدلات الاصابة به باعداد كبيرة فى الاونة الاخيرة. و يعزى السبب فى هذا الى التغييرات التى طرات على نمط الحياة فى بلادنا. اهمل الناس الرياضة. وادت سهولة و توفر وسائل المواصلات الى اهمال المشى و لو لاقصر المسافات. شوارعنا المتربة المظلمة الضيقة تبدو غير معنية بالمشاة و لا تشجع على ممارسة رياضة المشى. تغير نمط الاكل التقليدى الغنى بالالياف و قليل الاستعمال للزيوت الى نمط الوجبات السريعة وافرة الدهنيات المشبعة و السكر و النشويات البسيطة الامر الذى يؤدى لترامن الشحوم فى الاجسام و يهيئ بيئة مواتية للاصابة بامراض العصر من سكرى و ارتفاع الكوليسترول و السمنة. علاج مرض السكرى يتم من خلال اسلوب الرعاية المتكاملة لجوانب عديدة من المرض, بخلاف كثير من الامراض المعروفة لدينا., فمثلا مريض الملاريا او التهاب الرئة ياخذ اقراصا او حقنا معينة و ينصرف, هذا هو كل علاجه. اما فى حالة مرض السكرى فمعالجته تتطلب توفير برنامج رعاية متكامل, يقتتضى اضافة الى العلاج المباشر بالاقراص او حقن الانسولين, تثقيف و تعليم المريض كثير من اساسيات المرض و متطلبات التصرف عند حدوث الطوارئ, و يقتضى معرفة و التزام برنامج غذائى معين, و يقتضى التقصى الدورى لوجود مضاعفات المرض, و يقتضى العلاج الالتزام بتغيير بعض العادات مثل التدخين, و التزام برنامج مستدام لممارسة الرياضة. مثل هذا البرنامج, ان اريد له ان يكون فعالا يقتضى توفير كوادر طبية متخصصة لعلاج هذا المرض, فى مراكز منفصلة تتعامل فقط مع مرضى السكرى, و لا يجدى كثيرا محاولة علاج المرضى ضمن مرضى العيادات الخاصة او العيادات المحولة المكتظة بمرضى اخرين. هذه المراكز يمكن ان تكون منفصلة, الا انه و تقليلا للتكلفة من المستحسن ان تكون جزءا من المستشفيات العامة او المراكز الصحية, فقط المطلوب هو تدريب الكوادر و من ثم يمكن ان تكون هذه المراكز مقرا لتدريب جيل ثان من الكوادر لفتح مراكز جديدة. الان فى البلاد يوجد مركز واحد فى العاصمة, و لا اظنه بمقدوره لوحده مواجهة احتياجات مرضى يقدرون بعشرات الالوف (للاسف حتى الان لا توجد احصائيات منفذة بصورة علمية لعدد المرضى او نسبة زيادتهم السنوية). اما مرضى الضواحى و الارياف البعيدة فيمكن توفير اتيام متحركة تزورهم بانتظام فى اماكنهم, مع مراعاة توفير مركز واحد على الاقل فى كل معتمدية على المدى المتوسط و البعيد, و توفير مركز فى كل عواصمالولايات فى اقرب وقت. يمكن فى هذا الصدد اجراء مراجعة نقدية للبرنامج القومى لمرض السكرى و دراسة اسباب اخفاقاته فى توفير الحد الادنى من (معينات) علاج المرض.