وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الامارات .. الشينة منكورة    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلات في طريق المشورة الشعبية في منطقة جنوب كردفان/ جبال النوبة.. بقلم: شاكر محمد نعيم حماد
نشر في سودانيل يوم 08 - 12 - 2010

على الرغم من أن اتفاقية السلام الشامل قررت ما اسمته المشورة الشعبية لسكان ولايتي جنوب كردفان/ جبال النوبة والنيل الازرق إلا أن اهتمام معظم سكان السودان في غير الولايتين المذكورتين يتجه نحو الاستفتاء على بقاء جنوب السودان ضمن جمهورية السودان الحالية أو انفصاله كدولة منفصلة مع أن مصير ولايتي جنوب كردفان/ جبال النوبة والنيل الازرق سيكون مشكلة حقيقية في حال انفصل الجنوب كدولة قائمة بذاته أو بقى ضمن السودان الموحد حيث أن التعقيدات السياسية في كل من الولايتين وكذلك التعقيدات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الحرب وانعدام التنمية هي ما جعلت الاتفاق الثنائي يخصهما بما سمى بالمشورة الشعبية وللأسف فان المشورة الشعبية تناقش بصورة واحدة لكل من الولايتين مع أن لكل منهما خصوصية سياسية واجتماعية واقتصادية تجعل الوضع في كل ولاية مختلفا عن الأخرى بحيث يجب مناقشة قضايا واشكالات المشورة الشعبية في كل ولاية على حدة إذ انه ورغماً من كون الولايتين جزءاً من المناطق الثلاثة (جبال النوبة، جنوب النيل الازرق، أبيي) الاكثر معاناة من انعدام التنمية في السودان إلا انهما لا يتشابهان في واقعهما وبالتالي لا يجب مناقشة قضاياها معاً إلا في الإطار العام.
خصصنا هذه الورقة للمشكلات التي تقف في طريق المشورة الشعبية في جبال النوبة وقد تم تقسيمها لأغراض اجرائية ومنهجية إلي ثلاثة أقسام: القسم الأول يعطي لمحة عن مسيرة الحرب والسلام في جبال النوبة والقسم الثاني يناقش قانون المشورة الشعبية في ظل واقع الولاية واخيرا تطرقنا للمشكلات الكبرى التي تواجه المنطقة إذا تم إجراء المشورة الشعبية بالطريقة التي نص عليها القانون في محاولة لتدارك ما يمكن تداركه خاصة وان بعض التقارير المتخصصة (مثل تقرير مجموعة الأزمات الدولية) وصفت المنطقة بأنها ربما تكون دارفور جديدة وهذا وضع له خطورته على السودان الكبير إذا توحد أو إذا انقسم لجزأين أو أكثر.
عشرون عاماً من الحرب ومحاولات السلام
جذور الصراع:
بذرت بذور الصراع في جبال النوبة منذ أمد طويل حيث شهدت المنطقة هجرات وغزوات مختلفة منذ حملات محمد علي باشا مروراً بهجرات المهدية وصراعاتها المتمثلة في سياسات الامير محمود ود احمد ثم ازدادت معاناة السكان أثناء الحكم الثنائي الانجليزي المصري من خلال ما عرف بسياسة المناطق المقفولة حيث اشتعلت المنطقة بالثورات ضد الظلم في جبال (براني) مركز تلودي عامي 1908م و1917م في (رقيق) عامي 1910م و1911م.
وفي (هيبان) عام 1911م، وفي (تقوى) عام 1910م وفي (تير الاخضر) عامي 1914 و1915م واستمر تفجر الثورات ضد سياسات الحكم الثنائي في مركز كادقلي في مناطق (الداير) 1904، وفي (الليري) 1906م، وفي (نيانج نيانج) عام 1906م، وفي (كيلا كرون) عام 1910م وفي (شات الصفية) عام 1914م، وفي (ميري) عام 1915م.
أما في مركز الدلنج فاشتعلت الثورة في (مندل) عامي 1914م و1919م وفي (كاندرو) عام 1906م، وفي (فندو) عام 1908م، وفي (كيلا كيدو) عام 1914م، وفي (دلمار) عام 1914م، أما النيمانج فقد ظلوا في حالة ثورة دائمة من 1908م – 1918م حيث تروى قصص البطولة عن السلطان عجبنا وابنته مندي فيما عرف بثورة النيمانج الثانية ولم تحكم الإدارة البريطانية سيطرتها على جبال النوبة إلا عام 1929م بعد قمع المعارضة الثائرة بشراسة في (الليري) وذلك بعد ثلاثة اعوام من سحق ثورة (التابوسا) في جنوب السودان.
وتاريخياً فقد احدث ادخال زراعة القطن إلي منطقة جبال النوبة عام 1925م تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة في المنطقة؛ ساهمت في تغيير نمط حياة الناس وترافق مع الثورات والتحولات الاقتصادية انتشار المدارس التي اتبعت سياسات ومناهج مختلفة وكذلك انتشر النشاط التبشيري والدعوي على حد سواء والغريب انه رغم مساهمة منطقة جبال النوبة في الثورة ضد الاحتلال وفي الدخل القومي عبر زراعة القطن بالإضافة للمحاصيل التقليدية مثل السمسم والكركدي هذا بخلاف الثروة الحيوانية فان ضريبة الدقنية (ضريبة يدفعها كل نوباوي مقابل وجوده في الحياة) لم تلغ لا بعد الاستقلال باعوام عديدة حيث حدث ذلك عام 1965م كما أن دور النطقة الوطني لم يوثق له المؤرخون بالصورة التي ينبغي أن يوثق بها بل بقى مجرد نتف في كتب مختلفة ووثائق بحاجة للدراسة والتحليل.
من ناحية أخرى فان مشاركة أبناء المنطقة في الحكومات المركزية أو في حكم اقليمهم بقيت ضعيفة هذا على المستوى السياسي أما على المستوى الاقتصادي فان توزيع مشاريع الزراعة الالية في مناطق هبيلا وغيرها اثار حفيظة الكثيرين من السكان حيث كان نصيب الاسد للتجار العرب الوافدين من شمال السودان (الجلابة) رغم إنها قامت على اراضي كان يزرعها أبناء المنطقة فتحول الكثيرين من أصحاب ارض إلي أجراء في اراضيهم.
من ناحية أخرى فان فشل سياسات التنمية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة قد اثر على كثير من نواحي السودان وجعل أهلها يشعرون بالغبن والظلم مما افرز لاحقاً نظرية التهميش التي تقوم على الصراع بين المركز والهامش بحثاً عن الحقوق والعدالة والمساواة وقد أفلحت مؤسسة جبال النوبة الزراعية وكان لها مساهمة لا يمكن انكارها رغم الأخطاء التي وقعت فيها والعقبات التي ادت إلي تراجعها.
من ناحية أخرى فان فشل الجهاز الاداري للدولة يعود بدرجة كبيرة إلي اتباع نظم الدولة الحديثة قسراً في مناطق تقوم ادارتها على الاعراف والتقاليد التي يحكم بها رجال الادارات الأهلية الذين اعتمد عليهم جهاز الدولة في تسيير بعض الأمور ولكن التسيس المستمر للجهاز الاداري للدولة افضى إلي تسييس الادارات الأهلية أيضا فانحرفت عن أداء دورها لاداء ادوار سياسية لا علاقة لها بالمجتمع المحلي مما عمق الشعور في نفوس السكان بغياب سلطة الدولة وفاقم هذا الشعور وعززه غياب خدمات الدولة الاجتماعية مثل التعليم، الصحة بالإضافة لضعف الخدمات الامنية.
بدأت نقمة السكان في جبال النوبة تتنامى ليس فقط من خلال عدم العدالة في توزيع المشاريع الزراعية ومشكلات الأرض ولا من غياب التنمية و سطلة الدولة بل ساهمت الدولة نفسها في تنامي هذه النقمة من خلال اتباع سياسات افراغ العاصمة من أبناء النوبة وابناء الغرب عموماً لاسباب سياسية تمثلت في المشاركة الواسعة لابناء النوبة في انقلاب/ ثورة حسن حسين وذلك عبر اتباع نهج ما عرف ب(الكشة).
على المستوى الاجتماعي فان لحمة وسداة النسيج الاجتماعي كانت لتظل متماسكة لولا التدخلات الخارجية والتي غالباً ما تكون بحثاً عن الموارد وبالتالي تبحث عن نصير محلي على اسس عرقية وذلك منذ حملات محمد علي باشا لجلب الرقيق مروراً بالقرارات الادارية للاحتلال الثنائي التي صدرت وفق سياسة المناطق المقفولة وانتهاء بتجنيد الفرسان لمقاتلة الحركة الشعبية أو هجرة القبائل بسبب الجفاف بحثاً عن الماء والكلاء فكلها قامت على اسس عرقية وتحالفات اثنية هتكت النسيج الاجتماعي.
فبدون التدخلات الخارجية القائمة على الاستقطاب الاثني نجد أن سكان المنطقة متعايشين وفق نظم اجتماعية راسخة تصل احياناً لدرجة التحالفات غير المكتوبة مثل حلف قبيلة النوبة (مورو) وقبيلة السلمانية اولاد المؤمن الذي اسفر عن وجود قبة الفكي سلمان في أم غربان بمنطقة أم دورين وكذلك يتحدث بعض أبناء السلمانية لغة المورو ووصل هذا التمازج الاجتماعي لدرجة اسماها د. حامد البشير ابراهيم تعريب النوبة واونبة العرب حيث تبني العرب ثقافة النوبة في الرطانة والصراع والسبر كما تاثر النوبة بثقافة العرب مثل الختان للذكور والإناث (تسمى في مناطق نرتو ومندي بالتعريب) وكذلك تحول أفراد من النوبة لرعاة ماشية.
وقد وصلت هذه التحالفات للمستوى السياسي حيث انخرط بعض العرب في اتحاد عام جبال النوبة مثل الناظر عثمان بلال من الرواوقة والسيد/ احمد الزبير النعمة من دار نعيلة حيث اصبح عضواً بالبرلمان من خلال اتحاد عام جبال النوبة عام 1966م.
هذا بالإضافة للتزاوج بين الطرفين وقد رصد د. حامد البشير الكثير من الزيجات على مستوى قادة القبائل ناهيك عن التزاوج على مستوى كافة شرائح المجتمع.
الصراع المسلح:
عمد أبناء جبال النوبة إلي إنشاء تنظيمات عديدة لازالة الظلم الذي لحق بهم عبر الحقب المختلفة مثل الصقر الاسود، الكتلة السوداء، نحن كادقلي، الحزب القومي السوداني إلا انهم دفعواً دفعاً للانضواء تحت لواء الحركة الشعبية وذلك لاسباب عديدة منها:
• لم تفلح كل التنظيمات في تحقيق تطلعاتهم في التنمية بل تم دائماً التعامل معها على أساس إنها توجهات عنصرية فقط وتم اهمال الجانب المهم المتمثل في العدالة السياسية والمطالبات الخدمية والتنموية.
• تعمق الشعور بالغبن نتيجة عدم مساواة الحكومة المركزية بين المواطنين بممارسة سياسة افراغ العاصمة من أبناء الغرب عموماً والنوبة خصوصاً عبر ممارسة ما عرف (بالكشة) وهي اسلوب يحرم الناس من التنقل في بلادهم بحرية على اسس عنصرية.
• ساهمت موجات الجفاف في نهايات السبعينات وبداية الثمانينات وظهور المجاعة في تعميق الاحساس بعدم وجود حكومة تعمل على رعاية المواطن وتقديم الخدمات له بل وحتى انصافه كما عملت على خلخلة المجتمع بنزوح إعداد كبيرة من السكان ليستقروا في مناطق غيرهم ويتقاسموا معهم الموارد الشحيحة اصلاً هذا بخلاف المشكلات الاجتماعية الناتجة عن قدوم مجموعات لها عادات وتقاليد مختلفة عن عادات السكان المستقرين.
• ظاهرة تسليح المليشيات القبلية من قبل الحكومة المركزية والتي بدات في عهد الحكومة الانتقالية بتسليح بعض القبائل لمواجهة الحركة الشعبية كسند للجيش المتضعضع بدلاً عن الاهتمام بتقوية الجيش وتم ترسيخ هذه الفكرة في عهد الاحزاب وجرى استغلالها بشكل بشع خلال فترة الانقاذ في دارفور والجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق وفي شرق السودان واخيراً طالت شمال السودان حيث انقسم الناس إلي قبائل مناصرة للحكومة المركزية ومساندة لها وقبائل أخرى يتم تصنيفها كعدو للحكومة في اغرب اسلوب للحكم في العالم.
هذه هي الاسباب العامة وقد بدا الصراع فعلياً بدخول الحركة الشعبية إلي منطقة اشرون و القردود حيث تم معاقبة السكان بدخول الكتيبة (حديد) ونتج عن ذلك ما عرف بمزبحة القردود واشارت اصابع الاتهام لوزير الدفاع انذاك فضل الله برمة ناصر بتسليح مليشيات للقبائل العربية وقد اكد حزب الأمة ذلك حيث اصدر بياناً يوم 17 رمضان 1405ه شكك فيه ببيان قوات الشعب المسلحة التي كشفت الحقائق والمجازر التي حدثت في القردود وكان نتيجة لذلك أن تجمع أبناء كردفان ودارفور التي كانت تعاني أيضا مشاكل قبلية بنادي العمال بالخرطوم بتاريخ 14-8-1985م ورفعوا مذكرة للمجلس العسكري الانتقالي وقعت عليها 16 رابطة واتحاد وتجاوب معها اهالي كادقلي وتمخض عنها تنظيم الدفاع الشعبي الذي كان قد دعا إليه امام مسجد كادقلي العتيق وبدا تدريب المتطوعين في الميادين العامة بمدينة كادقلي وفي جبال شيبون.
وفي عهد الانقاذ تم تحديد اسس ومبادئ الدفاع الشعبي عبر ما سمى بتقنين الدفاع الشعبي سنة 1989م ليصبح حركة جهادية وفق منظور الحركة الإسلامية وتم تسليح المزيد من مليشيات العرب الذين اعتبروا أن كل النوبة اعداء وليس الحركة الشعبية مما قاد إلي رد فعل مضاد حيث انخرط كثير من أبناء قبائل النوبة في الحركة الشعبية وهم ساخطين على الحكومة المركزية وممثليها المنتمين للقبائل العربية وقد عمدت الحكومة إلي كسر شوكة الحركة الشعبية بالاستخدام المفرط للقوة العسكرية والضرب بالطيران.
وبدات الأخبار تمتلئ بالاتهامات للحكومة مثل التهجير والترحيل القسري ونهب الممتلكات وعلى رأسها الأرض وقد ذخرت تقارير منظمة المعونة الأمريكية ومنظمة اغاثة الطفولة الأمريكية برصد مثل هذه الاحداث مما جعل الأمم المتحدة تعين كاسبر بيرو كاول مقرر خاص لمتابعة حقوق الإنسان فكانت أول واطول زيارة ميدانية له هي التي مكث فيها في منطقة جبال النوبة وبعد ذلك ارسل الرئيس الامريكي بيل كلنتون مبعوثته مليزيا ولس لتحقق في الاتهامات الواردة إليه عن طريق المنظمات المذكورة، كما قادت البارونة كوكس مديرة منظمة التضامن المسيحي حملة شرسة لاتهام الحكومة بممارسة الرصد وقد كبت الصحيفة جولي فلنت كتابها الشهير (Nuba Genocide) عام 1996م بعد زيارتها للمنظمة.
محاولات السلام:
من ناحية تاريخية تعتبر مبادرة القاضي احمد ميسو حماد في مايو 1984م هي أول محاولة لاحلال السلام قبل وقوع الصراع وذلك باخماد نذر الحرب إلا إنها كانت مبادرة تنظيرية حيث اعتبرت أن مشكلة جبال النوبة هي مشكلة السودان كله وستحل بالديمقراطية التعددية وسيادة حكم القانون وغير ذلك مما كان يمثل سياسة حزب الأمة في تلك الفترة ويعاب على المبادرة إنها لم تناقش خصوصية مشكلة منطقة جبال النوبة فلم تات منها نتائج تذكر.
وبعد ذلك وعند وصول الانقاذ للسلطة لم تحفل في بداية عهدها بالحركة الشعبية قطاع جبال النوبة حيث تم اعتبارها حركة قطاع طرق وماجورين (تماماً كما تم النظر للمعارضة في دارفور) وفي ظل ذلك تم اجهاض محاولات السلام التي نذكر منها:
• مبادرة (ود الفضل) محافظ كادقلي 1991-1992م: حيث انه بعد القبض على خلايا تنظيم نحن كادقلي واعتباره انه واجهة للحركة الشعبية والعفو عنهم الذي تمخض عن قيام مؤتمر السلام والتنمية بمحافظة كادقلي قام محافظ كادقلي المقدم/ محمد الطيب فضل بالاتصال بقيادات الحركة والتقاء بعضهم مثل تلفون كوكو، محمد جمعة، صالح الياس، عوض الكريم كوكو وقد اثمرت هذه اللقاءات عن ملتقى للطرفين في أم سردبة عرف باسم مؤتمر أم سردبة في يوم 27/4/1991م اتفق فيه الطرفان على ضرورة الحوار لحل القضايا الخلافية وطالب وفد الحركة بتوصيل الاغاثة إلي مناطقهم حيث لم تشمل عمليات شريان الحياة مناطق جبال النوبة كما طالبوا باطلاق سراح كافة المعتقلين بتهم تتعلق بالتعامل مع الحركة الشعبية ولهذا المطلب أهمية خاصة حيث كانت الحكومة قد اعتقلت الكثير من الشباب والناشطين بهذه التهمة ومن ضمنهم جزء كبير من عضوية الحزب القومي الذي وجهت له تهمة التآمر مع الحركة أو انه واجهة سياسية للحركة كما زعمت الحكومة آنذاك واتفق كذلك على أن تكون المفاوضات سرية.
بناء على ذلك فقد التقى الطرفان في بلينجة يومي 4-5 مايو 1992م وكان الوفد الحكومي برئاسة المرحوم/ موسى علي سليمان ووفد الحركة الشعبية برئاسة القائد/ تلفون كوكو أبو جلحة وقد استمرت المفاوضات ليوم واحد وقد خرجت بتوصيات كان اهمها أن الحكومة وافقت على أن تشمل عمليات شريان الحياة مناطق جبال النوبة والتاكيد على حري التنقل والا تعترض الحركة أي مواطن في مناطقها إذا اراد الذهاب لمناطق الحكومة وتم التاكيد على ما تم في أم سردبة من أن على الحكومة عدم القبض على الناس لمجرد الاشتباه وعلى بقاء المفاوضات سرية بالإضافة إلي شئ مهم جدا حيث تم وقف كامل لاطلاق النار من قبل الطرفين أثناء المفاوضات وباتت كل منطقة كادقلي يومذاك في هدوء.
إلا أن والي كردفان انذاك اللواء بحري/ سيد الحسين عبد الكريم اجهض محاولات السلام وضلل الحكومة المركزية البعيدة عن مسرح الاحداث وعمد لاعتقال كل من عمل مع المحافظ لاحلال السلام بدعوى التامر مع الحركة الشعبية وجلب الخيل وسلح الفرسان وحشد كل القبائل العربية للتحرك نحو جبال تلشي لدحر الحركة الشعبية وقد فتح بذلك باباً للمصائب لم يغلق حتى اليوم حيث تمزق النسيج الاجتماعي بطريقة لا يمكن معالجتها في الامد القريب ودخلت المنطة في معاناة الفقر جراء الحرب والب على حكومة الانقاذ الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية.
• عمدت الحكومة المركزية في إطار سعيها لفصل قضية جبال النوبة عن قضية الجنوب ومعالجة اثار الحرب لانشاء إدارة السلام وإعادة التوطين وتم تعيين مدير لها على مستوى مساعد الوالي للسلام وقد قامت الإدارة بتوطين العائدين في اماكن بعيدة عن مناطقهم الاصلية مما جلب اتهامات التهجير القسري وتفريغ مناطق النوبة لاحلالها بالعرب ومما ساهم في تعزيز هذه الاتهامات أن كل المسئولين بإدارة السالم كانوا من عرب كردفان وحتى الأستاذ/ فاروق جبريل والذي كان النوباوي الوحيد فقد ترك العمل بها وقد قامت هذه الإدارة باعادة تقسيم المحافظات بعد تقسيم السودان إلي ستة وعشرون ولاية وقد نفذت رئاسة الجمهورية توصيتها بهذا الصدد حرفياً.
• حاول الوالي د. حبيب مختوم (1994-1995م) السير في طريق السلام على هدى المحافظ ود الفضل ووجه إدارة السلام للسير في هذا الطريق وقد تكللت مساعيه بالوصول لاتفاق سلام مع مجموعة الأستاذ/ محمد هارون كافي إلا أن هذه المحاولة لم تجد سنداً حيث عمدت الحكومة إلي اضعاف هذه المجموعة وتفكيكها وتبنت فكرة أن محمد هارون كافي جاء للسلام مضطراً في ظل الانشقاقات التي كانت تعصف بالحركة الشعبية بعد انشقاق مجموعة الناصر بقيادة كاربينو كوانين والتي كانت تسيطر على منطقة اعالي النيل وهي خط الامداد الرئيسي بين جبال النوبة وجنوب السودان وقد شن القائد/ يوسف كوة انذاك حملة ساخطة على محمد هارون كافي واصفاً إياه بالفاشل في كل شئ ابتداءاً من فشله في رئاسة تحرير اصداره صحفية تعبر عن قطاع جبال النوبة وانتهاءاً بفشله في إدارة أعمال الاغاثة في مناطق الحركة وقد وصف محمد هارون كافي بأنه مثقف تعوزه مهارات الزعامة السياسية وكاريزما القائد الميداني.
إلا أن أهم ما انجزه محمد هارون كافي ومجموعته هو إعلان المبادئ لحل قضية جبال النوبة والذي تم توقيعه مع الحكومة المركزية عام 1996م وقد تعرض هذا الاعلان لمصادرة المشاريع الزراعية لحقوق الاهالي واشار إلي برنامج اعادة تعمير كافة جبال النوبة غير أن اتفاقية سلام جبال النوبة 1997م الناتجة عن هذا الاعلان تجاهلت برنامج اعادة التعمير واشارت لاعتبار الاراضي السكنية والزراعية ملك حر وهو امر يهدد بنسف الاستقرار والتعايش وعموماً يمكن القول بان بنود الاتفاقية جاءت مضطربة وقد وقفت ضدها قطاعات عريضة من النوبة والعرب حد سواء واثارت حفيظة الكثيرين وقد انسلخ عنها بعض أهم اعضاء اللجنة المركزية مثل فاروق صالح محمد عبد الله ويونس دومي كالو.
• نتيجة لتعثر الاتفاقية وفشلها فقد قدم القس جون دانفورث المبعوث الذي خلف مليسيا ولس كمبعوث للرئيس الامريكي بوش الأب في تقديم مقترح لوقف إطلاق النار في جبال النوبة كنموذج يمكن تعميمه لوقف الحرب في كل انحاء السودان وذلك بعد زيارته للسودان عام 2001م وجولات ماكوكية قام بها في عدة دول اوربية فتم توقيع وقف إطلاق النار بين حكومة السودان التي مثلها د. مطرق صديق والحركة الشعبية قطاع جبال النوبة والتي مثلها عبد العزيز ادم الحلو يوم 19/1/2002م في مدينة بركستون بسويسرا وشهدت على الاتفاق عدة جهات دولية وممثلين للسكان ومن أهم ماجاء به الاتفاق هو وقف إطلاق النار لمدة ستة شهور قابلة للتجديد وتقسيم المنطقة إلي ثلاثة قطاعات: قطاع تحت سيطرة الحركة الشعبية وأخر تحت سيطرة الحكومة وقطاع ثالث منزوع السلاح ولكنه تابع للحكومة السودانية وهي منطقة وادي المورو حيث يتحرك المواطنين بحرية، وكذلك تم اسناد وقف مراقبة إطلاق النار للجنة عسكرية دولية قوامها ثلاثون عسكري تولت النرويح رئاستها وقد هدف دانفورث في مقترحه إلي ضمان حرية حركة المدنيين والمساعدات الإنسانية وهذا ما تحقق في المنطقة المحايدة حيث كانت الحكومة قبل ذلك تتعامل مع المدنيين بعنف وتعسف بزعم انهم جواسيس للحركة الشعبية.
هذا الاتفاق انتج ما عرف اختصاراً باسم السوفا (SOFA) وهي اتفاقية وضع القوات (Status of the arm force agreement ) وهي الاتفاق الذي ينظم وجود قوات اجنبية على ارض في دولة ذات سيادة حيث ينظم القانون الدولي العلاقة بين الدولة المضيفة وهذه القوات وبعد ذلك وعند التوقيع على بروتوكول مشاكوس 2002م مع الحركة الشعبية كاطار عام للتفاوض ثم فصل جبال النوبة، ابيي وجنوب النيل الازرق لتسمى بالمناطق الثلاث بطريقة منفصلة عن قضية جنوب السودان وهذا ما حدث حيث تم توصل الطرفان لاتفاق سلام شامل- بحسب زعمهما- يوم 26 مايو سنة 2005م متضمناً بروتوكول حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان/ جبال النوبة والنيل الازرق في الفصل الخامس من الاتفاق وقد اسكت هذا الاتفاق إطلاق النار في منطقة جبال النوبة إلا اننا نشك انه قد انهى النزاع حيث اثار الاتفاق حفيظة العرب وبالاخص الحوازمة وخيب امال كثير من أبناء النوبة خاصة انه حصر المشاركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية واهمل بقية المكون السياسي للمنطقة هو خطأ حاولت الحكومة معالجته بابتداع ما اسمته مجلس الحكماء إلا أن هذا المجلس اصبح سوقاً للكلام دون أي دور واداة للكسب المالي والثراء الفاحش ولربما كان انشاؤه حتى ينشغل الناس عن نقد أداء حكومة الولاية على غرار المجلس الانتقالي للسلام الذي انشاه الوالي حبيب مختوم.

المشورة الشعبية وقانونها
جاء في ديباجة بروتوكول حسم النزاع في جبال النوبة والنيل الازرق أن الطرفان( يؤكدان أن المساواة والعدل والتنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي والاستقرار هي الأهداف الكلية للشعب السوداني عامة والمتأثرين).
وكذلك ورد في الديباجة (يدرك الطرفان أن التوصل للتسوية السلمية التي يتوق لها شعب السودان- يتطلب حل المشاكل في ولايتي جنوب كردفان (جبال النوبة والنيل الازرق كنموذج يحتذى به في حل المشاكل في كل ارجاء القطر).
إلا أن هذا النموذج الذي افترض الطرفان انه يجب الاحتذاء به في حل المشاكل تبخر عقب توقيع الاتفاق حيث ثار أبناء المسيرية في وجه الحكومة وتظاهروا في وجه الوالي الجديد بعد اذابة ولاية غرب كردفان وتكونت جماعة شمم لتعارض الحكومة كما اعلنت جماعة الشباب العصيان المدني برجل الفولة يوم 16/12/2006م.
أما الحوازمة فقد صدموا جراء المشاركة غير المتوازنة -بحسب رأيهم- حيث انهم ساندوا الحكومة مقدمين الارواح عبر كتائب الدفاع الشعبي في العمليات العسكرية واتت النتيجة بذهاب أبناء النوبة بالمناصب -على حسب زعمهم- مما تمخض عن سعيهم لتكوين مجلس شورى في 2008م لاول مرة بعد عقدهم ملتقى جمع بطونهم الثلاثة بمدينة الدلنج وقد طالبوا بنصيبهم في الحكم.
هذا بالإضافة لابتداع الحكومة لمجلس الحكماء كما اسلفنا.. وقد ظهرت تحليلات تعلل بان دمج ولايتي غرب وجنوب كردفان كان خطوة ذكية ومبكرة لكسب الانتخابات في جبال النوبة ولذات الغرض تم تقسيم المحليات بشكلها الحالي بحيث يشكل النوبة اقلية بالمقارنة مع العرب في كل محلية، وقد ظن السكان أن كل شئ سيرجع كما كان عقب الانتخابات وهذا ما لم يحدث، بل تم اعطاء ابناء الحوازمة عدد ستة وزارات في حكومة الوالي احمد محمد هارون.
بعد هذه الإشكالات التي افرزها الاتفاق الثنائي اتجهت امال الناس صوب المشورة الشعبية كمخرج من الأزمات ووسيلة لعلاج مشاكل المنطقة المتراكمة، حيث أن الاتفاق الثنائي نص في الفقرة (3) وما بعدها من الفصل الخامس على إجراء المشورة الشعبية وقد تم ايجاز الحديث عنها في ثلاثة مواد فقط تقرا كالآتي:
3- المشورة الشعبية:
اتفق الطرفان حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، بالتوصل إلي اتفاق سلام شامل، عادل ونزيه لانهاء الحرب في ولايتي جنوب كردفان/ جبال النوبة والنيل الازرق واتفقا على ما يلي:
3-1 المشاروة الشعبية حق ديمقراطي والية لتاكيد وجهة نظر مواطني الولايتين جنوب كردفان/ جبال النوبة والنيل الازرق بشأن اتفاقية السلام الشامل الذي تم التوصل إليه بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان.
3-2 تخضع الاتفاقية الشاملة للارادة الشعبية في الولايتين عن طريق ممثليهم المنتخبين بصورة ديمقراطية في المجالس التشريعية.
3-3 ينشئ كل واحد من المجلسين التشريعيين للولايتين لحنة برلمانية للتقويم ولقياس تنفيذ اتفاقية السلام الشامل في كل ولاية و تقدم الجنتان تقريريهما الى المجلسين التشريعيين في الولايتين بحلول السنة الرابعة من التوقيع على اتفاقية السلام الشامل.
3-4 تنشئ الرئاسة لجنة مستقلة لتقويم تنفيذ اتفاقية السلام الشامل في كل ولاية من الولايتين وترفع اللجنة تقاريرها إلي الحكومة القومية وحكومتي الولايتين اللتين يستخدمان التقارير لتصحيح أي جزء يحتاج إلي تصحيح لضمان التنفيذ المخلص للاتفاق.
3-5 عندما يعتمد الشعب هذا الاتفاق من خلال المجلس التشريعي لأي من الولايتين ويرى أن يحقق تطلعاته عندئذ يصبح الاتفاق تسوية نهائية للنزاع السياسي في تلك الولاية.
3-6 إذا قررت أي من السلطتين التشريعيتين في الولايتين بعد استعراضها للاتفاقية أن تصحح- في إطار الاتفاقية- قصوراً في الترتيبات الدستورية والسياسية والإدارية للاتفاقية- عندئذ- تشرع السلطة التشريعية في التفاوض مع الحكومة القومية بغرض استكمال النقص.
ودون الاستفاضة في التعليق على هذه النصوص نلاحظ إنها شتملت على خطأين أساسيين اولاهما: إنها افترضت أن اعضاء الجلس التشريعي يمثلون سكان الولاية وهذا ما فشلت الانتخابات في تحقيقه وحققت بدلاً عنه بوادر ازمة سياسية، أما الخطأ الثاني: فهو إنها الزمت المتشاورين بان يكون التصحيح في إطار الاتفاق الثنائي وقد سبق القول انه خيب ظن كثير من السكان ولم يلبي طموحاتهم.
على ضوء هذه النصوص المبتسرة والمعيبة صدر قانون تنظيم المشورة الشعبية لولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق لسنة 2010م في يوم 28/1/2010م وقد جاء في ثماني عشر مادة توزعت على خمسة فصول كالآتي:
1. الفصل الأول: احكام تمهيدية (الماد 1-3)
2. الفصل الثاني: مرجعيات المشورة الشعبية اهدافها (المواد 4، 5)
3. الفصل الثالث: المفوضية (المواد 6-11)
4. الفصل الرابع: المصادر المالية للمفوضية (المادة 12)
5. الفصل الخامس: المراقبة والتوعية (المواد 13-16)
ولقد نناقش هنا الهنات والعيوب التي وقع فيها المشرع عند صياغته لمواد القانون ولن نناقش كذلك أي شكليات أخرى وإنما سنقصر نقاشنا على النواحي الموضوعية والتي نلخصها في النقاط الاتية:
اولاً: فسرت المادة (3) أن كلمة (الترتيبات الدستورية السياسية والادارية والاقتصادية) يقصد بها: الترتيبات الدستورية والسياسية والإدارية والاقتصادية المتعلقة بهيكل ونوع ومستوى الحكم اللامركزي والمؤسسات والصلاحيات، والعلاقة بين الولاية والمركز والصلاحيات التنفيذية التشريعية ونصيب كل ولاية من الولايتين في الثورة والسلطة القومية المفصلة في اتفاقي السلام الشامل.
وهذا يعني أن المشورة الشعبية ربما تعدل في الترتيبات الدستورية والسياسية والإدارية والاقتصادية المرتبطة بهيكل الحكم أو نوع الحكم ومستوى الحكم وربما تغير مؤسسات الحكم والصلاحيات الممنوحة للمؤسسات الحاكمة ومن هنا ربما تفلح المشاورة الشعبية في تحقيق ما فشلت فيه اتفاقية السلام وتحقيق طموحات السكان ومن هنا تتضح خطورة المشورة الشعبية واهميتها مما يوضح سبب اهتمام السكان بها حيث عن طريقها يمكنهم تحديد العلاقة بين ولايتهم والمركز والتحكم في الصلاحيات التفيذية والتشريعية الممنوحة لولايتهم وتحديد ما من تستحقه ولايتهم من نصيب في الثروة القومية وكذلك حجم مشاركة أبناء الولاية في السلطة القومية وهذا ببساطة يعني صياغة مستقبل السكان في الولاية.
ثانياً: حدد القانون آلية أو كيفية مشاركة سكان الولايتين جميعاً في المشاروة الشعبية وذلك ما تم ذكره في المادة (16) حيث ذكرت الفقرة (2) أن من بين سلطات ومهام المفوضية (أ) الالتقاء بشعب الولاية للتفاكر معهم لمعرفة وجهة نظرهم عبر استطلاع ارائهم حول الاتفاقية أو تنفيذها.
وقد حرصت المادة (14) على أن يعبر الجميع عن ارائهم حيث تنص على:
14-(1) يجب على الحكومة وحكومة كل ولاية ضمان وتوفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوى السياسية المختلفة للتعبير عن الاراء المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الأجهزة الاعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية.
14-(2) يحظر تقييد هذا التعبير أو اساءة استعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك.
14-(3) تقوم اجهز الاعلام المملوكة للدولة أو الولاية بتقديم خدمات اعلامية مجانية ومنح فرص ومدد زمنية متساوية للجميع في حملة المشورة الشعبية.
رغم أن القانون تقيد بالاتفاقية حيث حصر عضوية المفوضية على اعضاء البرلمان (المادة 9) الذي له حق تكوينها (المادة 6) مع مراعاة تمثيل المرأة والجان المختلفة بالمجلس التشريعي بحسب نص القانون، إلا أن القانون اهمل شيئاً مهماً وهو مدى التزام اعضاء المفوضية باراء السكان المستطلعين فإذا تم استطلاع السكان في منطقة ما حول قضية ما وتم بعد ذلك اهمال رأيهم أو لم تتم الاستجابة لمطالبهم بحدوث ذلك يكون عضو المفوضية أو بعض اعضائها قد زوروا ارادة السكان فلم يحدد القانون كيف يتظلم السكان عند حدوث ذلك وهو أمر ليس مستبعد الحدوث خاصة أن عضوية المجلس التشريعي تمثل وجهة نظر واحدة هي عضوية الحزب الفائز في الانتخابات (المؤتمر الوطني).
لم يحدد القانون جهة يشتكي لها السكان مثل القضاء أو البرلمان أو أي جهة أخرى وإنما اكتفى فقط بمعالجة الخلاف بين أفراد المفوضية برفعه إلي مجلس الولايات وفق خطوات اجرائية نصت عليها المادة (15) من القانون.
وكان الأولى بالقانون أن يوضح كيفية اجرائية لتصحيح الرأي إذا ثبت أن العضو المعني أو المفوضية قد زوروا الإدارة الشعبية لان هذا هو الهدف الأساسي الذي تطمح المشورة الشعبية لتحقيقه.
ومن ناحية أخرى كان الأولى بالقانون أن ينص على كيفية استطلاع الاراء هل هو باللقاء بقادة المجتمع من سياسيين وادارات اهلية ورموز اجتماعية أم بلقاءات جماهيرية لان اهمال الوسيلة التي بها يعرف رأي الشعب ربما لا يعطي المفوضية الفرصة لمعرفة هذا الرأي فعلاً.
ثالثاً: نصت المادة (13) على مراقبي المشورة الشعبية بالنص:
(13) بالإضافة للقوى السياسية المختلفة على كل من الولايتين دعوة المذكورين أدناه لمراقبة عملية المشورة الشعبية ونتائجها:
‌أ- منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية.
‌ب- منظمة الأمم المتحدة
‌ج- الاتحاد الافريقي
‌د- منظمة الايقاد
‌ه- شركاء الايقاد
‌و- جامعة الدول العربية
‌ز- الاتحاد الاوروبي
بينما نصت المادة (14) الفقرة (4) (يكون لممثلي اجهزة الاعلام المحلية والأجنبية الحق في الحصول على جميع المعلومات المتعلقة باجراء المشورة الشعبية).
وتعليقنا هنا أن عملية الرقابة سواء من القوى السياسية أو منظمات المجتمع المدني أو الأجهزة الاعلامية تبقى فقط مجرد رقابة حيث لم ينص القانون على جهة تتحقق من تقارير هذه المنظمات وهكذا فانه من المتوقع أن يتم التعامل مع أي تقرير لا ترضى عنه الحكومة على انه مؤامرة ويتم وصفه بعدم المصداقية والافتقار إلي النزاهة هذا أن لم يتم استعباد المنظمة أو المؤسسة الاعلامية باعتبارها تقر باجراءات المشورة الشعبية وتؤثر على الشعب عن طريق محاولة تشكيل راي عام يضر بالمصالح الوطنية.

عقبات في طريق المشورة الشعبية
أن ما نطلق عليه اسم عقبات يشكل عقبات بالمعني الفعلي و ليس المجازي، لأنها تهدد المشورة الشعبية بإحدى طريقتين:
• أولا: إفراغها من مضمونها ومعناها لان القصد منها هو أن يقول سكان جبال النوبة رايهم حول هيكل الحكم ونوعه في ولايتهم وكذلك مستوى الحكم اللامركزي بمعنى انهم سيقررون إلي أي مدى ستكون استقلالية ولايتهم عن المركز وما يرتبط بذلك من خلال تقييم مؤسسات الحكم القائمة والصلاحيات الممنوحة لها وكذلك سيتشاورون حول نصيبهم في السلطة والثروة القوميتين، وهذا يعني اعادة صياغة واقع الولاية ومستقبلها وعلى ذلك فان أي إجراء يمنع سكان الولاية من القيام الفعلي بذلك يحول المشورة الشعبية إلي مجرد إجراء شكلي بلا مضمون وهذا يرتبط لحد كبير بكيفية إجراء المشورة التي لم تضح حتى الآن فالقانون نص على (استطلاع السكان) هكذا فقط مما اضفى المزيد من الغموض حول عملية المشورة الشعبية.
• ثانياً: حصرها على شريكي الاتفاق (المؤتمر الوطني، الحركة الشعبية) فهم لهم حق إجراء المشورة الشعبية وبعد الانتخابات يتضح أن المؤتمر الوطني هو من يتحكم فعلياً في إجراء المشورة الشعبية بسبب سيطرته على المجلس التشريعي مما يعني سيطرته على المفوضية وذلك يجعلنا نتسائل وبحق: لأي مدى سيسمح للسكان الغير منتمين للمؤتمر الوطني بالتعبير عن ارائهم أو بالاحرى لاى مدى سيتم احترام ارائهم والتعبير عنها عند عرض راي السكان على المجلس التشريعي لان النائب ربما يعرض راي مؤيديه فقط بمعنى انه سيعرض راي المؤتمر الوطني، ومن ناحية أخرى فان الشريكين هم فقط من يحددون من سيشارك في الاستطلاع وهذا يعني التكريس للاتفاقية واسكات الاصوات الأخرى المعارضة أو على الاقل اهمالها وعدم الالتفات لها وفي هذا الإطار يتم تفسير اعتقال اللواء/ تلفون كوكو أبو جلحة باعتباره صوت نشاز لا ترضى عنه الحركة الشعبية.. وعلى ضوء هذه المهددات نطرح العقبات التالية التي تقف في طريق المشورة الشعبية وتهدد نجاحها.
اولاً: تأثير التركيبة السكانية:
• أن كلمة تغيير التركيبة السكانية في جبال النوبة لا نعني بها ازاحة النوبة واحلال آخرين مكانهم وهو المفهوم الذي ساد لفترة ليست بالقصيرة أثناء الحرب ولكننا نقصد بها تغيير التوازن الديمغرافي وذلك تم فعلاً عن طريق الآتي:
• دمج ولاية غرب كردفان (التي تضم منطقة أبيي) اضاف مزيد من التعقيدات حيث زادت إعداد العرب الموالين للمؤتمر الوطني في الولاية بطريقة تجعل من النوبة اقلية وهذا جعل من العسير عليهم ابراز صوتهم في الانتخابات الماضية خاصة بعد ترسيم الدوائر الجغرافية بطريقة تجعل النوبة اقلية في كل دائرة هذا ما سيجري فعلاً عند إجراء المشورة الشعبية.
• نزوح إعداد كبيرة من الرعاة من دارفور مثل المعاليا الابالة بسبب الحرب وبسبب الجفاف على حد سواء وكذلك من شمال كردفان مثل الحمرن الشنابلة والكبابيش سيجعلنا نطرح سؤالاً على من ينطبق تعريف كلمة مشارك في المشورة لان مشاركة هؤلاء ستسهم بالتاكيد في اعطاء نتائج غير حقيقية.
هذا الحراك السكاني نجمت عنه مشاكل قبلية لاختلاف الثقافات أو بسبب الصراع على الموارد مثل الصراع بين المعاليا الوافدين من دارفور والنوبة الصبي والحوازمة عبد العال والنوبة تيرة في البطحة، هذه نماذج فقط هذا غير التأثير البيئي لان للابل تأثير كبير على الغطاء الشجري بالإضافة لمشاكل أخرى حيث اسهم الاستقطاب السياسي الحاد القائم على اسس عرقية بين مجموعات النوبة والعرب السكان الآخرين للبحث عن حقوقهم حيث برزت مؤخراً جماعة تسمى (BBF) وهو اختصار لبرنو- برقو- فلاتة وهؤلاء أيضا من السكان فان جبال النوبة أو جنوب كردفان تاريخياً لا تحوي النوبة والعرب فقط وهم عدد مقدر يجب سماع صوتهم ورأيهم في مصير الولاية وكافة شئونها والتاثير على هؤلاء سيساهم في ترجيح الاراء هذا بجانب قوتهم الاقتصادية وثقلهم الأكاديمي.
هذا التنازع الاثني هو مصدر خطر على المشورة الشعبية ونتائجها حيث يمكن أن ترفض أي مجموع نتائج المشورة الشعبية وعندئذ رربما تنفجر الاوضاع على غرار ما حدث في دارفور حيث ازمة الموارد قائمة والصراع الاثني بدوافع سياسية موجود.
ثانياً: الاوضاع الامنية:
نص الاتفاق على أن تسند الترتيبات الامنية لرئاسة الجمهورية (المادة 10) ويكون نصيب الحركة 3 ألف جندي مقابل نفس العدد من القوات المسلحة، إلا أن هناك عيوباً كثيرة صاحبت عمل مفوضية الترتيبات الامنية وعمل مفوضية شمال السودان لنزع السلاح والتسريح اعادة الدمج مما جعل سوق السلاح في الولاية رائجاً واحد مصادر الكسب الأمر الذي شجع على قيام حركات ذات طابع عسكري وفي ذات الوقت شجع البعض على الانضمام لحركة العدل والمساواة خاصة في غرب كردفان حيث كانت صدمة مقاتلي الدفاع الشعبي كبيرة عندما اكتشفوا أن الاتفاق لا يحقق طموحهم في الدمج ضمن القوات المسلحة السودانية مما ولد داخلهم احساساً بالغبن والخديعة فكيف ينصرون الحكومة كل هذه الفترة ثم تدير لهم ظهرها عندما تستقر الأمور إذ أن فكرتهم كانت أن الثلاثة ألف سيكونون من الدفاع الشعبي وليس من القوات المسلحة.
من ناحية أخرى فان عدد مقاتلي أبناء النوبة في الجيش الشعبي بحسب المصادر الرسمية يبلغ 15.000 مقاتل منهم عشرة ألف داخل حدود الجنوب والسؤال الذي يؤرق الكثيرين دون اجابة هو ما مصير هؤلاء المقاتلين إذا حصل انفصال للجنوب فان وجود 15.000 مقاتل متمرسين مقابل عناصر الدفاع الشعبي المنتمين للعرب مهدد كبير بنشوب حرب ذات طابع اثني سياسي في ظل الاستقطاب السياسي الحاد بين الطرفين من ناحية ومن ناحية أخرى بين شمال وجنوب البلد لان جبال النوبة تمثل همزة وصل بين الشمال والجنوب وهذا لا يتوفر في مناطق أخرى مثل دارفور أو جبال الانقسنا.
طموحات المحارين من ناحية واحساسهم بالظلم من ناحية أخرى سيكن دافعاً اكيداً للصراع المسلح خاصة في ظل التقسيم الاداري للمحليات بالشكل الحالي وبالاخص إذا اخذنا في الاعتبار بروز فئات تنادي بحقها ولم يكن لها دور ملحوظ أثناء الحرب مثل لفوفة في الليري، عطورو، لمن، طجو، تسومي وتلودي.
ثالثاً: النزاعات الايدولوجية:
يسود اعتقاد خاطئ بان كل نوباوي هو حركة شعبية وكل عربي هو مؤتمر وطني وهذا خطا جسيم.. ومن ناحية أخرى إذا اختار الجنوب الانفصال فان مصير الحركة الشعبية في جبال النوبة غير واضح ومهدد من نواحي كثيرة فهل سيطالبون بالانفصال وحق تقرير المصير أيضا كما كان يطالب بذلك يوسف كوة وكبار قادة الحركة من أبناء النوبة لان الاتفاق لم ينص على ذلك والمشورة الشعبية لا تعني حق تقرير المصير.
من ناحية أخرى من الواضح أن الحركة الشعبية تفرض هيمنة ورقابة على قطاع جبال النوبة لأنه حتى أثناء صياغة البروتوكول كان هناك حضور واضح لادوارد لينو، جون قرن، ياسر عرمان.. من ناحية أخرى فان كثير من انصار المؤتمر الوطني اصبحوا غير مؤمنين بايدولوجية وإنما اصبح فقط وسيلة للكسب حيث شهدنا أكثر من تمرد للمقاتلين من أبناء المسيرية مما دفع بعضهم لاعلان الانضمام للحركة الشعبية أو للعدل والمساواة على غرار ما حدث بين أبناء الرزيقات والمعاليا والهبانية بدارفور خاصة بعد ما تم تهميشهم بعد السلام- على حد تعبيرهم- هذا بخلاف القوى السياسية الأخرى بالولاية مثل الحزب القومي وحزب الأمة والمؤتمر الشعبي وغيرهم يجعل الولاية كمرجل يغلي قابلة للانفجار في أي لحظة خاصة بعد الازمة التي ولدتها نتائج الانتخابات الاخيرة واحساس كثير من اعضاء الحركة الشعبية بأنه تم ا لتقرير بهم وخداعهم مرتين الأولى عندما لم يمنحوا مناصب كافية في الحكومة المركزية وحكومة الجنوب والثانية عند عدم فوزهم في الانتخابات.
رابعاً: نتائج المشورة الشعبية:
ماذا لو اسفرت المشورة الشعبية عن عدم رضا أبناء الولاية بالاتفاقية؟ بمعنى أخر كيف سيكون الحوار والنقاش بين المجلس التشريعي الولائي والحكومة المركزية وهل ستقببل لحكومة المركزية منح الولاية مزيد من المشاركة في السلطة والثروة القوميتين وهل ستوافق على منح مؤسسات الحكم الولائية مزيد من الصلاحيات؟ هذا ما نشكك في امكانية حدوثه.
التوصيات
1- اعادة ولاية غرب كردفان كما كانت رغم أن ذلك بعيد المنال لأنه يخالف حدود الولاية المعرفة في نص الاتفاق إلا انه سيساهم ليس في انجاح المشورة الشعبية فقط وإنما ستكون له نتائج مؤكدة في ازالة الاحتقان السياسي والاستقرار الامني بجبال النوبة.
2- الاهتمام بالتنمية وذلك باعادة تاهيل مؤسسة جبال النوبة الزراعية سيسهم كثيراً في الحد من حالة الفقر المتفشية بين سكان الولاية.
3- السماح لابناء النوبة الموجودين في الجنوب ضمن مقاتلي الحركة الشعبية بالمشاركة في المشورة الشعبية.
4- دمج شرطة الحركة الشعبية في شرطة الولاية (التبعية الادارية) مع الاحتفاظ بخصوصتها كشرطة مستقلة عن شرطة السودان.
5- اعطاء جنوب كردفان – جبال النوبة- حق الحكم الذاتي إذا انفصل الجنوب على غرار مقاطعة كويبك بكندا أو ايرلندا في بريطانيا.
6- وضع خطة عاجلة لمعالجة التدهور البيئي وايقاف الزحف الصحراوي الذي يدفع القبائل للصراع مع اعطاء الاولوية لمشاريع المياه.
المراجع
1- د. حامد البشير إبراهيم: الحكمة الغائبة والوعي المفقود- دينامية الحرب والسلام في جبال النوبة- دون ناشر- ط1 سنة 2001م.
2- ...............: سلسلة مقالات بعنوان الحرب أولها كلام في جريدة السوداني.
3- مولانا: حسين إبراهيم كرشوم: مستقبل اتفاقيات سلام جبال النوبة- التقرير الاستراتيجي الاستشرافي الأول (مستقبل وطن)- مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية- العدد الأول 2010م.
4- .................: محاضرة عن مستقبل الحرب والسلام في جبال النوبة مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية- اكتوبر 2009م.
5- أوراق وبحوث مختلفة لعدد من الكتاب على الانترنت.
شاكر محمد نعيم حماد
Abd Elgadir [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.