كل يوم أزداد إقتناعا أن المؤتمر الوطني وقياداته هي التي أوردت السودان موارد التفتت والإنفصال وأنه ليست الحركة الشعبيية أو باقان أموم أو يوغندا أو إسرائيل هي التي أوصلت السودان وأهله الي تداعيات اللحظات الراهنة . حالة من الحزن والأسي والعجز تصيب كل حادب ومحب لوطنه السودان لأن الأمر ليس بيده ولكن بأيدي قيادات سياسية في تفكير وطرح أمثال د. مندور المهدي ود, كمال عبيد وآخرين سقفهم ومرشدهم في الإعلان والتصريح والتحليل هو أميرهم التنظيمي د. نافع الذي لا يستطيع أن يقول خيرا ولا يستطيع ان يصمت . إطلعت في صحيفة الرأي العام ليوم السبت 11ديسمبر( ونحن علي بعد أيام "28" من استفتاء مواطني جنوب السودان ) علي تصريح للدكتور مندور منقول عن برنامج إذاعي جاء بين قوسين " هؤلاء الذين ظلوا مع المؤتمر الوطني ويقاتلون معه سيتمتعون بشرف الجنسية السودانية لأنهم ظلوا مؤمنين بقضية وحدة السودان والمصير الموحد بين الشمال والجنوب.. ان الشمال سيكون كريما جدا معهم " والخطوط اسفل الكلمات ليست من الصحيفة ولكن سنحتاج لها لاحقا . قبل ان أكمل الخبر سألت نفسي وكيف حال الجنوبيين الوحدويين الذين ينتمون الي احزاب أخري أو الذين لا ينتمون لأي من الأحزاب فإذا بالقيادي بالحركة لوكا بيونق يقول في متن الخبر ( ان السودان ليس ملكا للمؤتمر الوطني او الحركة حتي يمنح الوطني من يمنح ويمنع من يمنع ) انه الفرق بين ذهنيتين وقيادتين, بين حزبي (لوكا ) يخلع الحزبية وينطق بلسان رجل الدولة وحزبي ( مندور) يصرخ فينا أنا الدولة والدولة أنا فهو يساوي بين الشمال ( ما تبقي من السودان ) والمؤتمر الوطني "ان الشمال سيكون كريما معهم ". إن تصريح مندور يأتي ضمن تصريحات أخري لقيادات المؤتمر الوطني تمثل خطا اعلاميا لسياسة العصا الجزرة تجاه مواطني الجنوب المقيمين في الشمال بالتهديد تارة بالحرمان من العلاج ( وكأن العلاج كان مبسوطا للمواطن سواء جنوبي أو شمالي ) وتارة بالحرمان أو المنح للجنسية الشمالية حسب نتيحة الاستفتاء. ان منح الجنسية والحرمان منها وشروط هذا وذاك تعتبر من اعمال السيادة والقانون وليست شأنا حزبيا يفتي فيه رجال الأحزاب بصفتهم الحزبية وهذا من بديهيات وابجديات العمل السياسي ولكن دعنا نذهب خطوات مع حديث مندور ولو علي مستوي النظر ونفترض ان هنالك تعديلا سيطال قانون الجنسية السوداني بعد الاستفتاء لتضمين الشروط الجديدة الخاصة بالمواطنين السابقين للدولة السودانية ( بإعتبار ما سيكون ) من الجنوبيين الذين يستحقون جنسية الشمال وهي حسب تصريحات مندور يمكن ايرادها علي النحو التالي : • أن يكون المواطن السابق ( الجنوبي ) ينتمي الي المؤتمر الوطني . • أن يكون قاتل مع المؤتمر الوطني. • ان يكون قد ظل مؤمنا بقضية وحدة السودان . وبما ان قانون الجنسية هو عماد المواطنة والحقوق والواجبات فان الشروط أعلاه تظهر صعوبات اجرائية وموضوعية يمكن طرحها في شكل اسئلة وتكون الاجابات عليها من ضمن التفصيلات التي تترك للوائح التي تصدر مع القانون. السؤال الاول :محوره ( الانتماء للمؤتمر الوطني ) هل يكون علي مستوي قيادي ام عضو قاعدي؟ وما عدد السنوات المطلوبة من تاريخ الانضمام ؟ وهل انسلخ ام اندمج ؟ وما هو موقفه ايام المفاصلة بين الوطني والشعبي؟ وهل ولد مؤتمرا وطنيا ( لأب وأم مؤتمر وطني)؟ وهل وهل .... السؤال الثاني : محوره ( القتال مع المؤتمر الوطني) هل هو قتال بالسلاح أم بالفكرة أم بالمال ؟ وإذا كان بالسلاح ففي اي الجبهات وإذا كان بالمال فكم ؟ السؤال الثالث : محوره ( الايمان بقضية الوحدة ) فلابد من تحديد المدة التي ظل فيها الشخص مؤمنا بقضية الوحدة 5سنوات ام 10 سنوات ام اكثر ؟ وهذه النقطة تحديدا حساسة ومهمة لبعض مناصري المؤتمر الوطني ( لام اكول نموذجا ) الذي خاض حربا باسم استقلال جنوب السودان وقد يخرجه التفصيل غير الدقيق لهذه المدة من زمرة مواطني الدولة الشمالية السودانية . وعليه يمكن تخيل ملف الجنسية هذه وبه شهادات من المؤتمر الوطني علي مستوي الحي ثم المحافظة والولاية فالمركز وكذلك شهادات عسكرية او مالية حسب الحال وكذلك شهادة قيد واستمرار وشهادة شهود لإثبات انك ظللت مع الوحدة المدة المطلوب وعليه يمكن اقتراح ادارة ومكاتب جديدة علي مستوي ادارة الجنسية بالشرطة وقطعا سيحتاج منسوبي هذه الادارة للصقل والتدريب لايفاء مستلزمات الادارة الجديدة . انها حالة من الإرتباك والتنصل من المسئولية تعيشها الآن قيادات المؤتمر الوطني تسعي من خلالها ان تحيل وزر انفصال وتقسيم السودان الي غيرها لأن ذلك سيفقدها مشروعيتها السياسية ( ان وجدت) والاخلاقية لحكم ما تبقي من السودان ( الفضل ) وبعد ان كنا نتندر بعبارة اول عهد( الانقاذ) ايها الشعب السوداني ( الفضل ) اصبحنا امام واقع الوطن ( الفضل ) . منتصر عبد الرحمن الماحي باحث في العلوم السياسية القاهرة 12 ديسمبر 2010