فليفخر أهلُ الإنقاذ وحزبهم (المؤتمر الوطني) ... فقد إمتلكوا دون سواهم من حقب سياسية (شجاعة) منح الجنوب (حق) تقرير مصيرة وليُشعِل المؤتمر الوطني سنوياً مع أهل الشمال والجنوب شمعة أعياد السلام (إحتراماً) لقرار أهل الجنوب أيا كان و(تذكيراً) بعهد قطعته الإنقاذ لجنوب البلاد و(أوفت به) بخاصة مع وجود روح جنوبية متوثبة من عدم ثقة (شبه دائم) بناحية العهد الشمالي ...وقُرّْيب الإستفتاء تسابق قطارا الوحدة والإنفصال في خطي سكة حديد متوازيين فتقدم قطار الإنفصال بقوة دفعه الأكبر المتحركة بوقود أشواق أهل الجنوب للحكم الذاتي المُطلق , وقد رفعت قيادة قاطرة الإنفصال راية اليأس البيضاء والتي رفرفت من بين ثنايا إفادات قيادات حزب المؤتمر الوطني الاخيرة والتي أطلق مؤخراً السيّد رئيس الحزب رصاصة رحمتها بوضع (فاجعة) الحقيقة على منضدة أعضاء هيئة شورى الحزب مُذكِّراً بأن الإنفصال (ربما) صار واقعاً يجب على الجميع التعايش معه والتحسّب له بشكل جدِّي داعياً الجميع للتعامل بموضوعية وواقعية مع التداعيات المتوقعة لممارسة أبناء جنوب البلاد لحقهم الدستوري في يناير 2011م تاركاً الباب موارباً لكل الإحتمالات (الحميدة) وقاطعاً {وهذا الأهم بالخطاب} بأن الإنفصال إن حدث فسيكون على مستوى المكان وشكل الدولة , جُغرافياً ودستورياً , ولكنه لن يمس (وحدة السودان الوجدانية) ... هذه الروح المملوءة بالواقعية وشئ من التفاؤل والتي أطلت من بين كلمات السيّد رئيس الحزب في خطابه الذي جاء كخطبة حجة وداع الوطن الواحد تظل هي (الفسيلة) المطلوبة التي غرسها السيد رئيس الحزب في نفوس أعضاء هيئة شوى الحزب وتبقى هي الأمل المُرتجى والمنارة التي تُعيد (الضآلين) من دعاة شق البلاد إلى جادة طريق الوحدة لأن يعود السودان يوماً ما دولة واحدة موحدة (شعباً وأرضاً) ... هذه هي كلمات السيد رئيس الحزب وقائده وكلمات القائد عن العسكريين (قانون) وكلمة القائد عن الساسة (برنامج عمل) تحتاج من يلتقط قفازها ... و لتقع الكورة بملعب السيّد د. عبدالرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم لإلتقاط القفاز وتحويل كلمات الرئيس إلى (برنامج عمل) ومشروع تنمية إجتماعية يستنفر لها وزارته للشأن ويعيّن لها المختصون يعينه في ذلك أن ولايته (الخرطوم) هي النموذج ألأكثر وضوحاً للتعايش الديني والتمازج الإجتماعي وهي الولاية التي يلتقي فيها النيلين الأزرق والأبيض في وحدة تمنح نهر النيل قوته وغروره الطبيعي وبها (شارع النيل) والذي يضم ببداياته (كاتدرائية) القديس متى (الكاثوليكية) بركن العمارة (الكويتية) ويحتضن بنهاياته (مسجد) النيلين يقع بينهما القصر الجمهوري مقر رئاسة الدولة مطلاً على النيل مستمداً منه عنفوان الدولة , وعلى جدار الكاتدرائية تستقر لافتة (شارع المك نمر) بين شمال الخرطوم ووسطها بحي العمارات الذي تتجاور فيه (كنيسة) الحي مع (مسجدها) وبينهما (قليل) من المباني و(كثير) من التسامح ... وكما إلتقط د. الخضر الكورة وأصدر قراره بإنقاذ سفينة الدورة المدرسية من الغرق في بحر التلاطم السياسي مرسلاً إشارته المُماثلة لإشارة السيد الرئيس و مُتحملّاً في ذلك الكثير من الرهق التنفيذي والمالي , هذا القرار الذي جاء حكيماً وخالياً منعاطفة الحُكم ... فإن الدورة المدرسية (القومية) ليست عبارة عن تنافس بين ولايات السودان المختلفة فقط بل هي ممارسة من ممارسات تقوية وإزكاء الوحدة الوطنية في نفوس الأجيال إذ (تمتزج) فيه شتى ضروب الممارسة الحياتية بتنوعاتها المختلفة ثقافياً وإجتماعياً ودينياً حتى , لتخرج الدورة في (قوميتها) فائزاً أوحداً في كل منشط رياضي أو ثقافي ولكنها تمنح (الوطن) كأس التفوق الدائم والمستمر في قدرته على جمع أبناء وبنات الوطن في بوتقة تنافس (رحيم) بينهم , وسقوط الدورة (القومية) كان يعني سقوط واحدة من أهم مواضع الإلتقاء السوداني الأصيل ... فكما إلتقط الدكتور عبدالرحمن الخضر قفاز إنقاذ الدروة (القومية) بدلالاتها الوطنية فإنه وطاقمه الحكومي والسياسي يمتلك الآن الفرصة التأريخية والواجب المُقدّس لأن يلعب الدور المتوقع منه وأن يبذر بذرته الوحدوية في أرض الولاية البِكر لتخرج شجرتها الوطنية التي تظل أهلها وبحذورها القادرة على التمدُّد لأطراف البلاد الأُخرى فوحدة البلاد هي امل كافة الوطنيين ولكن يجب ألا يبقى الإنفصال حفرة الرمال التي نسعى بكل الاوقات لدس رؤوسنا فيها لاعنين الظلام وتغشى أبصارنا عن رؤية (الشمعة) التي بين كلمات السيّد الرئيس و(عود الثقاب) المختبئ بين قدراتنا على (إيقاد) الفعل الإيجابي في الإستفادة من التجربتين الألمانية واليمنية , فالسودان وإن (خسر) جنوبه الحبيب بمايتركه من غصة وألم فإنه قد (كسب) وضع اولى لبنات الثقة بين أبناء الوطن الواحد , فالوفاء بالعهد لأهل الجنوب هو المكسب الذي يجب أن يعتد به أهل الإنقاذ وهو الخطوة الاولى لبناء جُدُر الثقة بين أبناء الوطن الواحد , وما (تُهمة) شق الإنقاذ للبلاد إلا ذريعة يتذرع بها من يقف على طرف نقيض من الحكومة الحالية وهي (التُهمة) الشرف التي يجيب على الإنقاذ جماهيراً وقيادات أن ترفع رأسها عالياً لوفائها بعهدٍ كان مسئولا , ويُحمد لولاية الخرطوم وواليها د. الخضر أن مدت بالسابق يد العون لجوبا حاضرة الإقليم الجنوبي في توامة سياسية بين الولايتين يُتوّقع لها الديمومه كيفما كان قرار يناير 2011م .. هذه التوأمة التي يُؤمل أن تكون (شارعاً) إضافياً (لنيل) حقيقي يربط (إسلامية) الخرطوم و(علمانية) جوبا للتواضع على قصرٍ وطنيّ يدار به وطن مساحته (مليون ميل مربع) متعدد الأديان متنوع الثقافات .... وإلتقاط الدكتور الخضر لإشارة القائد وإنقاذه لسفينة (وُحدة السودان الوجدانية) يجعل جذوة (وميض) نار الوحدة تحت (رماد) الإنفصال المُهيمن على الجو السياسي العام تنبيهاً لنا لقذف أعواد الثُقاب على شمعات أشواق القائد حينها سيحفظ التأريخ للسيد والي ولاية الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر وطاقمه الحكومي أنهم في الفترة من 2010 وحتى 2014 من عمر السودان جعلوا الوحدة المستقبلية مُمكنة وحاضرة دوماً في النفس البشرية السودانية ولا يتأتي ذلك إلا بالتهيئة السياسية والجماهيرية بأن خيار جنوب السودان محل تقدير وإحترام وأن نفرح لما يفرحهم وأن نعمل (بحال الإنفصال) على تأمين مواطن الجنوب في ماله وممتلكاته وأعماله وأن نبني معهم جسور من العلاقات وننشئ بيننا ما يشبه (التوادد الدبلوماسي) بين الجارتين بدلاً من (التمثيل الدبلوماسي) ... محافظة على حُسن الجوار كما حافظت الإنقاذ قبلاً على العهد , بذا وغيره نكون قد وضعنا حجراً للأساس لمشروع مستقبلي إسمه (حُلم التوحُّد السوداني) ونكون حفظنا للسيّد الرئيس حقه التأريخي في ترك الباب مفتوحاً كل مشروعات الوحدة المستقبلية ... والله المُستعان ... أحمد موسى عمر المحامي