سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوموا للوحدة .. بقلم: د. فاروق البدوي
نشر في سودانيل يوم 06 - 01 - 2011


قوموا للوحدة Stand 4 Unity
جمهورية المؤتمر الوطني V / S دولة الحركة الشعبية
1 / 4
عندما تدافعمنا نحن السودانيون في 1997م وتسابقنا وتجمعنا في القاهرة ومشينا ذرافات ووحدانا, وزحفنا ركبانا وعلى كل ضامر تهللوا ومن كل فج بعيد وأبعد, وهيأت لنا السلطات المصرية الشقيقة أفخم الناقلات السياحية من عدة ميادين القاهرة الكبرى وخارجها فامتلأت قاعة النصر للمؤتمرات السيادية والدولية, فحضرنا ورأينا ولأول مرة من عمرنا, العقيد الدكتور جون قرنق مؤسس الجيش الشعبي لتحرير السودان أمامنا face to face واستمعناه يخطب فينا عن حال السودان, بعد أن حيّانا بعربي جوبا المعلوم ( أنا بكب ليكم سلام كلو ), فكان يطمئننا عن حال الوطن بكلمات ومعلومات القائد الفذّ الأوحد, ويحثنا بوجوب مواصلة الكفاح والنضال - الجهاد المدني السياسي - لتحرير الوطن من( عصابة إنقلاب الإنقاذ), وقد عملت وجاهدت من أجل وطني بإخلاص ومروءة بالقاهرة 1992 /1998م ثم أغربت بنا مشارب الشتات ومراكبه وما لزمنا الجابرة ولا جلسنا على الرصيف ولا استكنّا, نبحث مع الباحثين عن ملاذ يخرج الوطن لشاطئ آمن مؤمّن أمين, وبدأ د.قرنق حديثه بحماسة وقوة ألهبت العقول وفجّرت القلوب, إلا أنني اشتممت وأحسست بعد أن استرسل في الكلام أنه يبطن ما لا يقول لنا, وكان التصفيق والهتاف يزلزل ويرجّ أركان القاعة الفخمة الرائعة, فوقفت مدفوعاً من داخلي بحسٍ وطنيٍ لا يفارقني إطلاقاً أهتف فيه وأوقفه بأن NO SEPERATION FOR ONE NATION فوقفت معي وشاركتني الهتاف بقوة الأخت الفاضلة المجاهدة/ زينب..... إبنة الختمية حفظها الله ورعاها أينما تكون, وتكرر اللقاء مرة أخري في واشنطون عام 2002م عندما خاطب د. قرنق الأمة السودانية كافة في الداخل والشتات والأصقاع ومعها الإدارة الأميريكية والحكومات الأوروبية ومن يهمهم أمره, من خلال لقاء جماهيري تنويري محروس بشدة ومؤمَّن بأشد, ثم عرض إلينا سودانيي شتات أميريكا رؤيته الخماسية لنماذج حكم السودان القادم حسبما يرى ويتوقع أن يحدث: 1) السودان الجديد العلماني الديموقراطي..2) حكومة الإجماع السوداني بدولتين كونفيدراليتين شمالاً وجنوبا.. 3) السودان العربي الإسلامي وهو يرفضه لأنه يُرسِّخ لشكل الحكم القائم منذ الاستقلال 1956م.. 4) السودان الأسود الإفريقي ويرفضه أيضاً لأنه يُرسِّخ لحكم إفريقي شبيه بالعربي القائم اليوم منذ 1956 وهذا حكم يرفضه الجميع شمالاً وجنوبا.. 5 ) نموذج الانفصال التام ( الطلاق البائن ) وهذا ما يراه مناسباً وفوائده جمة للشعبين شمالاً وجنوبا.
أقول إن ما يسمعه ويشاهده العالم كله منذ وقت مضى في وسائط الإعلام المتنوّعة, من ملفوظات وبيانات الفريق أول سيلفا كير رئيس الحركة وقائد عام الجيش الشعبي لتحرير (جنوب) السودان, وقياداته السياسية والتنفيذية واركان وقادة جيشه حول أمر تقرير مصير السودان بالإستفتاء إنفصالاً - كما يشتهون ويعملون لأجله - وقد أعلنوا أنه (إستقلال من المستعمر المحلي), وما قولهم إلا وهو امتداد وتواصل لما أُعلن في مانفيستو الجيش الشعبي والحركة مذ تأسست مع بداية تمرد فبراير 1983, قبل تنفيذ وتطبيق قوانين سبتمبر الخاطئة للعقوبات الشرعية, التي طُبَقت ظلماً وجوراً وعدواناً على الناس, وعندما أنجب الجيش الشعبي –عروسه المدللة- الحركة الشعبية, رباها لتنفيذ ولتمكين أجندته وخططه العسكرية باسلوب المماحكة السياسية, وذلك اتساقاً مع نداء د. قرنق في مايو 2005م لأهل السودان ويقول(( أنا وكل من جاء إلى الغابة والتحق بالكفاح المسلح وقاتلوا لأكثر من عشرين عاما, أحضرنا لكم اتفاقية السلام الشامل في طبق من ذهب خالص, وقد اكتملت مهمتنا وجاء دوركم كلكم خاصة الذين لم يجدوا فرصة المشاركة وخوض تجربة الحياة في الغابة,فعند وقت التصويت للإستفتاء لمصير جنوب السودان, هو فرصتكم الذهبية لتقرير مصيركم, فهل تريدون الاقتراع لتبقوا مواطنين من الدرجة الثانية في بلدكم؟ إنه خياركم أنتم وحدكم...)) أليس هذا بنداء تحريضي استفزازي.
حالة القلق والاشمئزاز والقرف الشعبي العام, التي تسيطر على مزاج وحراك كل الأمة السودانية داخل الوطن وخارجه, تضع الناس في حال ركود وجمود, إلى أين يقود هذا الناس!, فهو السؤال المطروح بالعموم, ويطرحه حكماء ورشداء وزعماء وقادة وساسة الأمة مواربة في ما بين ما يقولون ويتنادون دون الفيض في تفاصيل معانيه, ويجاهر به العامة في كل شبر ولحظة, وأحسب أن هذه الأيام العصيبة والحالة الأزمة من تاريخ السودان ستطرح الحلول و(المَخرَج) الذي ليس في حسبان أحد, تيمّناً بما قامت به الأمة السودانية فانبهر العالم كله من قبل في علاجنا الوطني الراشد لعدة أزمات وإحن واجهت الوطن من قبل, وذلك لأن الرحم السوداني فريد نوعه دائماً يحمل المولود المجهول الذي ينتظره كل شخص محلياً وإقليمياً وعالمياً, فما بالك بسودان أصبح الناس يرددون أسمه في أقاصي شمال غرب أميريكا وكندا وأقاصي جنوب شرق أستراليا والصين وغابات إفريقيا والملايو, والمولود الجديد إني لأجزم بأن لا أحد يعرفه ويعلم عنه شيئا وإن طبقت وسائل التقنية الحديثة لمعرفة نوعه وشكله.
السودان منعطفه لا يختلف إطلاقاً عن شقيقاته في المنطقة من العراق واليمن ولبنان وغيرها, وأكثر شعوب المنطقة عروبة بين كل الشعوب العربية, الشعب اليمني يتعرّض لخلخلة في أضلاعه قوية, والعراق فيه من بدأ يطالب بتقرير المصير منفرداً عن باقي الأرض التي ما زالت واحدة صامدة, ولبنان الذي أزكمت الأنوف روائح الدعوات المذهبية والطائفية لتجزأته ما بين جنوب عرقي يوالي كيان العدو المحتل الصهيوني, وشمال تتقاذفه أمواج الخلافات المذهبية المعوِّقة, ولكن الحالة السودانية بها مكامن تختلف عن مثيلاتها في المنطقة معلومة للقاصي والداني, تتطلب تنازلاً بيّناً معلوماً من كلا الجبهتين شمالية وجنوبية بمشاركة كافة أبناء الوطن, فيعطي السودان درساً آخراً في نموذج التكاتف والتكافل والترابط, وذلك حتي نميت غدر وتربص الصهيوصليبية بنا من كل حدب وصوب, وبخاصة بعد تسمية السفير داني سميث مبعوثاً للإدارة الأميريكية خاصاً لدارفور, مما يعني أن بنهاية أمر إقليم جنوب السودان سيبدأ أمر إقليم غربه بذات المنوال والحال, وهل في ذلك تبصرة لمن أقى السمع وهو شهيد.
كبسولة:
يقول رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: ( صنفان من الناس.. إذا صلحا صلُح الناس كلهم.. وإذا فسدا فسد الناس كلهم.. العلماء والأمراء.))... ويقول سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه: ( ما ترك الناس شأناً من شئون دينهم استصلاحاً لدنياهم.. إلا فتح الله عليهم ما هو شر لهم.)
وأبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا.....وكل أجزائه لنا وطن.

رحم يغيض... بم يُفيض 2 / 4
المشيرالبشير يُنادي للوحدة بأي ثمن.. الفريق أول سيلفا يُنادي للانفصال بلا رجعة.. الحكيم المهدي يُنادي للجوار الأخوي الآمن.. المرشد الميرغني يُنادي للتعايش المتكافل.. أموم يُنادي للإستقلال التام.. الطيب مصطفى يُنادي لانفصال بلا وصال.. وما من مسئول ومتنفذ وقيادي ومواطن سوداني إلا وشغله وحديثه الشاغل في وقته كله.. إلا أمر ومستقبل الوطن الواحد مع إطلالات أعياد الاستقلال ال 55 عاما والعامين الجديدين الهجري 1432ه والميلادي 2011م, فماذا عن دولة السودان الجديدة بجنوب الوطن بعد يناير 2011م, ويتحدث الكثير من الناس بأنها (حتماً) ستكون نصرانية الهوية صهيونية الهوى صليبية المعتقد, وهذا (الثالوث المقدس) لا يبرح أن يكون حقيقة دامغة للدولة الجديدة التي تشكل مزاجها إسرائيلياً حتى وإن نفى قادتها وسادتها أية صلة لهم بدولة العدو الاسرائيلي, وكتب في ذلك العديد المتنوّع من كاتبي الرأي الصحفي محلياً وإقليمياً وعربيا, وما النفي - حسب تجربتي واحتكاكي بالسياسة وأهلها ( إلا من رحم الله من أهل العقد الفريد وحيد نوعه في زماننا هذا) إلا تأكيد للحدث والنبأ, فوجود المزاج الاسرائيلي والهوى الصهيوني بالجنوب لا يخدم مطامع وأماني واستحقاقات الاستقرار والثبات والنماء لشعب طلب العيش وحيداً بعيداً منفصلا ليرتاح من ناقضي العهود وناكري الوعود من حكومات الشمال منذ الاستقلال, وقد يكون لأهل جنوب الوطن حق في ما ذهبوا له, ويكافح لتحقيق مكامن الاستقرار والإعمار والإزدهار بمنأىً عن (هيمنة وتسلّط الشمال العدو العربي) كما يزعمون, على سطح كرة أرضية تتدحرج نحو مصير مجهول لا بشائر خير فيه بما كسبت أيدي الناس, وتنظر ترقباً لموعودات الله التي لا تتأخر ولا تتبدل.. بتعاكس رغبات تلك الأنفس التي ذهبت وطلبت وسعت للإنفصال, مع الواقع الحياتي اليومي بالجنوب على أرض المكتب والمدرسة والمتجر والمزرعة والسوق والبيت والمسجد والكنيسة, على أرض مقتضيات التعايش بين قبائل متعددة متنوعة متداخلة ومتنافرة, ولا ترضى بتسلط وتفرّد إحداهن عليهن كلهن وإن أتت لهن بالاستقلال, لآن كل قبائل وبطون قبائل جنوب السودان فقدت ومات لها رجال ونساء أحباء أعزاء بطول سنوات حروب التمرد على الغبن والتهميش الإداري منذ 1954من حكام المركز الشماليين.. وهنا بيت القصيد, فلن ترضى أية قبيلة أن تُساد وتُقاد كالأنعام دون رضاها, وبما يحقق طموحاتها ومرجواتها, أمراً يُقضى على أرض لقمة العيش وشربة الماء وتوفير العلاج والكساء لكل الناس سواسية دونما تمييز أو مفاضلة, فالحركة الشعبية لا ترضى بالآخر ولا حتى بالرأي الآخر حتى ممن هم أبناء الجنوب مواطني الدولة الجديدة, فكيف بها ترضى أن يُنازع معها الحكم أو تُساق بعيداً عنه, أو لا تكون لها الغلبة على كل أهل وأحزاب وقبائل دولة السودان الجديد, وليعلم الجميع أن مقتضيات السودان الجديد ستتحقق إن شاء الله تعالى في السودان حالما يقرر الجنوب في الاستفتاء الوحدة أم الانفصال, لأن الروح والمزاج سيتبدل حاله بعد 11 يناير January Eleven مثلما حدث في العالم كله بعد 11 سبتمبر September Eleven وكله يقود للأفضل.
الحركة الشعبية تبدو للناظرين أنها متماسكة مترابطة.. ولكن حقائق الأمور تؤكد غير ذلك دونما جدال, وذلك يتمسكون به اليوم لمنازلة خصم من غير نوعها ولا جنسها ولا معتقدها ولا حتى من عين الهوية, في (موقعة) الاستفتاء القادم بتقرير المصير لجنوب السودان, نحو وحدة تَبقَى أوانفصال يُرجَى, والذي سيتم خلال سيناريو محدد معلوم لا تخفى خباياه على متابع راصد بروية وتدبر, ثم ما تليه من مخرجات وقرارات يكون فيه الوطن غير ما يكون, إلا أن الوضع السياسي بالجنوب وعدم تحمله الرأي والرأي الآخر وذلك بسبب تغليب أحمال القبلية والعنصرية والعصبية النافذة بحدة والحزبية المفرطة كما هو الحال من بعضه بشمال السودان, فستؤثر هذه الأحمال على أثقال الإعمار والتنمية والإصلاح وبناء الانسان الفرد لبناء المجتمع الحضاري الراقي, فدولة السودان الجديدة بجنوب الوطن تتعثر حركتها وحركيتها عند منافذ التطبيق, بسبب أن الحركة الشعبية وحكومتها بالجنوب ما فعلت ولا قدمت عملاً أو شيئاً يذكر لها في سيرتها الذاتية منذ توليها الحكم بالجنوب لست سنوات مضين, من نحو تنمية وتقديم حقوق وخدمات لأهل الجنوب, ولا شاركت مع المؤتمر الوطني بجعل الوحدة جاذبة, بل وألقت كل اللائمة عليه بأنه من فرّط في خيار الوحدة وتنصّل عنه رغم أنها الشريك الأوحد المقاسم للسلطة والثروة بل وأكثر لأنها تحكم ثلث الوطن في خارطته الجيوسياسية بالجنوب لوحدها منفردة متفردة, وإن كان الأمر المُشاهد أن المؤتمر الوطني قدّم لجنوب الوطن- وإني هنا لا أدافع عن الوطني, وهو لا يحتاج لدفوعاتي- ما يجعل أهل الجنوب يختاروا الوحدة برضاً وقناعةً وأريحية, وآخرها تلك المشاريع بالمليارات في خلال ستة أشهر فقط, لكنهم ظلوا يبحثون عن الوحدة الجاذبة وسمّوها ATRACTIVE وهذه قطعاً لن يجدوها لأنها جذابة أما الجاذبة فما بحثوا عنها قطعا, ولأن ما بينهما كان قبيحاً بعد هنيهة من توقيع نايفاشا( التي هي ثالثة الأثافي وأصل الخلل والمشكل الذي قد يؤدي للتمزيق إرباً إربا), وكان حريٌّ بهما أن يعملا للجاذبة والتي إن وجدوها أعان أحدهما الآخر بوطنية وإيثار وإخلاص, وقد ولّى زمان التمني والرجاء بلا رجعة.
دولة جنوب السودان التي يُقال أن إسرائيل تسرح وتمرح فيها, لا يُزعجني كثيراً هذا, لأن هناك ما سيحدّ ويحكم الوجود الإسرائيلي فيها بنوعه وكمّه, فدول الإقليم حتماً تراقب وتعمل بسبل متنوّعة ألا تترك الحبل على الغارب لإسرائيل في الجنوب, ولا لدولة الجنوب ذاتها بأن تسرح وتمرح فيما يخص الماء والأرض والسماء, وتعاون اسرائيلي معها يُفضي لزعزعة أمن المنطقة السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره, لأن الأمن القومي لدول الإقليم مربوط بعضه بعضا, ويعلمون خبايا ونوايا العدو الصهيوني ولن يتوانوا أن يقدموا عملاً يرفض ويردع شرور إسرائيل, ولكن حقاً أخشى ما أخشاه أن يأتي ولو بعد حين إن وقع الانفصال والفراق, أن يأتي أهل الجنوب ويقولوا لأهل الشمال: ما لكم ما زجرتمونا وقهرتمونا وغصبتمونا أن نبقى معاً في دولة السودان الواحدة, وطن واحد يسعنا كلنا بلا فُرقة وبلا شتات نعيش كما وسع أجدادنا وأبآءنا فعاشوا سوياً بوئام وتراحم, كما قال من قبل الأخ الفاضل/ عبدالله دينق نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي المرشح الرئاسي, في جدة بالسعودية 1986م عندما كان ضمن وفد الجبهة الإسلامية القومية الذي زار السعودية بعد انتفاضة رجب/أبريل 85م, وخاطبوا السودانيين بمقر القنصلية السودانية: (( الجنوب ده كلو كان ممكن يكون اليوم مسلم لولا إنكم يا الشماليين مسكتوا الدين عندكم وقعدتوا, ما أديتوهو للناس بره منكم شوية, لو طلعتوا بيهو 30 كيلو بس لي بره كان كل الجنوب هسع مسلم, جيتونا في الجنوب تجار جلابة جبتوا بضاعة لكن ما جبتوا الدين, حتردوا بعدين تقولوا لي ربكم شنو يوم الحساب.....)) وعلمنا أخيراً أن السيدة الفضلى ريبيكا قرنق خالته شقيقةً لأمه, وعمّا يجري الآن في كل جوانب وأركان واأحوال الوطن ماذا سيقول أهل الحل والعقد, ماذا سيرد أهل الحكم والسلطان, ماذا سيقول أهل المعارضة والفعل الآخر, ماذا سيدافع أهل الفتوى والعلماء والفقهاء, ماذا سيحاجج أهل العوز والمسضعفين والفقراء المساكين, ماذا سيرد أهل المال والجاه والأعمال, ماذا سنقول أنا وأنتَ وأنتِ وهو وهي ونحن وهم, وكل من فرّط في عقد الوطن.
هوية الأمة السودانية تتشكّل في غالبها من المسلمين العرب والنصارى واللادينيين من غير العرب- ومعلوم أن المرء يصير عربياً عندما يستطيع فهم ونطق وكتابة اللغة العربية وإن ما كتبها فلا ضير؛ وذلك مع احتفاظه بلونه ولغة أمه وجنسية البلد الذي ينتمي له ويستوطنه ويعيش – وللسودان عناصر عدة يغلب عليها العربي في شماله والإفريقي في جنوبه؛ وما في غربه كردفان ودارفور فمزيج جميل بين العروبة والأفرقة جمال امتداد خضرة الزرع مع صفرة الصحراء بتداخل التعايش والتكافل والتصاهر بتفاضل وبتفاخر وبمودة ورحمة وتحنن سمح فريد نوعه؛ أنتج مجتمعاً كردفانياً يجاور دارفورياً من الفضيلة والألق وصنع الأمل؛ رغم الفاقة والعوز وبدائية سبل العيش؛ والسودان كله يبحث اليوم عن كل ما يعينه ويمكنه من صناعة الأمل؛ لمستقبل ليس فيه المطلوبات الكثيرة الفاخرة؛ بحسب تركيبة ونفس الإنسان السوداني القنوعة الهدّية الحامدة الرضيّة؛ سودان واحد لشعب واحد بجيش واحد وبجنيه واحد وهلال مريخ واحد وقرنق نيال وأبو اللمين واحد ومنار الصديق ولوشيا جبريل واحد وبابو نمر ودينق مجوك واحد وأموم ونافع واحد وإمانويل مايوم والطاهر المرضي واحد وفرانسيس دينق والطيب مصطفى واحد وكريستين الجريف وسارا الكدرو واحد وتيريزا وهادية واحد وإيستير ومريوم واحد ويار وإصلاح واحد وريبيكا وضوة واحد وجوبا والخرطوم واحد؛ ... وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته واحد.
كبسولة
يقول أمير المؤمنين الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: ( نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام... فإن ابتغينا العزة بغيره ... أذلّنا الله تعالى .)
وأبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا ..... وكل أجزائه لنا وطن.
(( أحيييي يا ضهري !!! )( 3 / 4
حُبلى, يارا مجوك الدينكاوية إبنة أم درمان البقعة, سارا في شهرها السابع؛ كانت تقف أمام البقالة لتبتاع؛ ومعها أخواتها من بنات النوير أجوير أكوت –منى – ومارثا إجليل – سوسن – وكان الزحام بالبقالة كثير؛ وانتحين جانباً لا يبتعن حتى يصدُر الشُرّاء؛ فساعدتها أن وجدت ما تريد؛ ثم جاء بخاطري أن أسألها رأيها عن الانفصال إن كانت تدري عنه؛ بحسب ما أقوم به منذ شهور عددا في حملة قومية ومعي آخرين؛ بالأقدام محلياً وبالشبكة العنكبوتية عالميا: قوموا للوحدة... STAND 4 UNITY ... وأدعوا إخوتي من جنوب الوطن لتمكين خيار الوحدة وفوزها؛ وللشماليين أن (يهدئوا اللعب) ويرقبوا منافع وخير الوطن وبس, وهل ستنتقل سارا لجنوب الوطن في حال تقرير الانفصال؛ وهل.. وهل.. وهل..؟؟ وهي تعمل أنيسة أطفال في حيّنا حيث نقطن؛ فجاءني أن أنظم ما قالته.. ويحمل ملفوظاتها بعينها في بعض المواقف ما يقع بين القوسين.. فماذا قالت (يارا) سارا الدينكاوية من أم درمان كما أحبت أن تسمّي نفسها.
*
((أحييييي يا ضهري..))
قالت سارا... يا يارا...
تصحي تنومي.. تقومي تفزّي..
دِغشاً بدري قبل الفجر..
يومك طال.. حالك ولا في البال..
يا ام العول.. وراعية عيال..
شن القول في ده الحال.. ( معروف الحال )..
ليلك طال.. ليك سبعة شهور.. والحال هو الحال.
*
قالوم استفتا مصير.. مصيرنا أنحن.. ما السادات..
انفصال واستقلال.. قالوم بنبقى غنيات..
(( قروشنا بتكتر)).. نبني عمارات..
وجناي بعدين يكبر.. يبقى وزير .. !
يوديني يفسحني لندن وامريكا وكمان أمارات..
بحور نركب.. في السما طيارات..
قالوم جوبا بس باريس... (تشوف بالعين )..
أبيي جنة.. ولا في أحلام عرس الزين..
سيادة وعزة.. في جنوب ناس مبسوطين..
ومن ظلم جلابة.. (هم قالوم بنعيش مرتاحين)..
( جلابة مالوم يا ناس).. من زمان ما نحن سوا عايشين..
جلابة اتولدت فيهم واتربيت واتعرست.. وشالوني جوه العين....
يا بلال عليّ ويا جلابي ليّ.. هو والدينكاوي بيحنوا عليّ.. ولينا حارسين.
نحن ما أخوان.. ( ليه نبقى ناس تانيين ؟!)
*
قالوم لينا كلام.. ولا في الأحلام..
حكولنا حكاوي.. بس ونسة يُمَّة ( بدور ) بالليل..
قالوم يدونا قروش.. يبنولنا بيوت ( زي ما بندور )..
وقدر ما نشيل.. (أمريكا بتدينا)..
مِكيالها تقيل.. ما ليهو متيل..
(وليه بس دي تشيلو براكم كوم تقيل) ..
ما عُمُر دة كلو.. سودان واحد سمح بالحيل..
نشيلو سوا وناكلوا سوا.. وبيناتنا مافي بخيل..
(كوماندورز شنو بيسوو).. وليه في وسطنا يقعدوا إسرائيل.
*
نصبح بي كلام.. وبالليل أحلام..
دولة جديدة شديدة.. ( قالوم مافي كلام)!!..
جنوب فوق فوق.. والجيش الشعبي تمام !!..
دبابات وطيارات.. ولي كوماندورز تعظيم سلام..
(قالوم كلام.. ويييييي... يا يُمَّة).. والله كلام..
سمح بالحيل!!.. بس خايفة يبقى كلام.. بس نوع كلام..
(بتجيبوا لينا وين واطة)؟.. نقوم نبني في جنوب بيوتنا..
بتجيبوا من وين زلط.. تسووا شوارع لي عربياتنا..
بتجيبوا من وين طوب.. تعملوا مدارس لي جنياتنا..
بتجيبوا من وين خضار خرطوم.. نملا فيهو قفتنا..
إسبتاليات سمح وكبير.. يولّد فيهو بنياتنا !!..
دوشمان تقوموا تسووهو.. تخربو حياتنا.. وياهو دي يبقى نهاياتنا.
*
( أحيييي يا ضهري).. ويا سارا باقيات شهرين..
(والاستقلال) قالوم.. كمان بعدين..
وقربت أولد.. بس يا سيدي وين !!..
وِليداُ زين ؟.. بنوتة اتنين ؟.. وين ببقوا ربيانين..
في جنوب سودان (ما عندي أهل).. ولا اتربيت..
في البقعة ربيت واتّربيت.. عريس عرّست واتهنّيت..
جنياتي وِلِدّت.. مدارس ودّيت..
( أسيب بلدي.. أفوت لي وين)..
أفوت أم در !؟.. (إلا كان جنّيت).. أنا يا ناس .. لسه ما جنّيت.
*
أفوت هادية وإيمان.. أخواتي رحاب وانصاف.. وكمان فاطمة وسوزان !!..
فييي شنو !؟! أسيب بلدي.. ولي منو..؟ ( أنا ما ناس دينكا أم درمان)..
أعمامي حسن وسعيد.. أخواني بدوي.. مصطفى وكمان عثمان..
(موش يبقى دولة جديدة عظيمة)!!.. وقروش بالكوم..عنب مشمش ورمان..
ليه تقولوم انفصال ؟.. (كيف بلد واحد يبقى اتنين) ..
(والله حكومة دي.. صحي سجمان )..
ما راعيتوا مصيرنا.. ( ليه يفرقونا يبهدلونا)..
ولا حافظتوا علينا.. ولا اديتونا أمان..
سودان كان واحد.. ( ليه قسمتوهو كيمان كيمان) !!!
قوموا اشتغلوا شغل واحد.. تحافظوا علي بلد واحد.. تدقوا عدونا في كل مكان..
أنا وَدِي السلام ليكم.. وأنا كُبّوا السلام ليكم..
الله فوق يحرسنا.. (وكان هُن يحفظوا بلدنا).. بيحفظهم الحافظ الرحمن.
*
قايلين نحن تاني بنتلم.. بعد ما خربتو بيوتنا.. وهجرتونا..
والله السما دي قريب.. إن يرجع سودان زي ما كان..
( بلد واحد حلو ).. زي ما كان من زمان..
(وحياة الله ما بمشي جنوب.. إن أسّة أموت)..
بلدنا الواحد.. (محل ما نقعد).. دي لينا بيوت..
(منو هِن ديل أداهُن حق إغسبونا نسكن وين)..
منو هِن ديل أداهُن حق نولد وين.. كمان نموت وين..
منوهِن ديل أداهُن حق يسوّوا فينا أل هم دايرين..
منو هِن ديل.. (يقلعوني من أهلي أم درمان).. ويقتلوا بيناتنا حنين..
(ليه هِن يسمعوا كلام أمريكا).. ومعاها الما كويسين..
ما إتو بتعرفوهم !!.. هِن ديل شياطين..
قاعدين لابدين.. للشر كايسين..
يخربوا بيوتنا.. يقتلوا عيالنا.. ولي جنياتهم حافظين راعيين..
(واللاهي واللاهي واللاهي... لا بفوت بلدي) البقعة.. لا بسمع كلام ليهين..
أم در بلدي.. ( ما بفوت إن أنا وعيالي نموت)..
سارا.. يا يارا تسلمي.. تعيشي.. وتجيبي التيمان في أمان واطمئنان.
من كلامها وغيرتها على الوطن الحبيب؛ وحرقتها مما آل إليه حاله الآن؛ وغضبها أن البيت الواحد المتعايش المطمئن المتكافل قد يصبح مشتتاً موّزعاً لغرف صغيرة وغريفات لا تسعن صغيراَ ولا كبيرا؛ طاف عقلي وذاكرتي مع العشرات؛ بل والمئات من إخوتي من جنوب الوطن؛ لمواقف وطنية رجولية خبرتها منهم / منهن سنين الشدة والجهاد والشتات؛ عشنا وجاهدنا وتكافلنا وتعايشنا حلو الحياة ومرّها في سودان الشتات بدول اللجوء والمهجر سنوات الجهاد المدني السياسي 1989 / 2006م؛ ورحم الشتات يحمل الكثير ويئن ويتألم ساعات المخاض؛ التي لا يعلمها إلا القوي المتين علاّم الغيوب؛ وأحسبها ستضع الوحدة والوفاق والتوحد والموافقة والاتحاد والاتفاق؛ ليكون السودان واحداً بلداً فريداً في كل شئ نسيج وحده؛ كما علَم واثبت عبر التاريخ لكل شعوب الأرض؛ فهل لأمنية شعب أن تتحقق ليبقى واحداً متحدا؛ أم أن فعل الفاعلين من النهّازين الانتهازيين المخربين المتربّصين سيغلب؛ فينجحوا ويتشتت أهل البيت الواحد شذر مذر.. الله لا قدّر.
كبسولة:
أُنادي وأَتنادى من هاهنا كافة أهل الشمال في حال ما قرر أهل الجنوب يوم 9 يناير2011م الانفصال بقطعة أرض الجنوب.. أحلى قطع أرض الوطن إلى قلبي.. وخيار قيام دولة تخصهم, ألا نسيئ أو نلاسن أو نخاصم أو نخاشن من اختاروا منهم وفضّلوا البقاء والعيش في شمال الوطن, إخوة لنا في أرض شاسعة تسعنا جميعا, والمثل الشعبي يقول( زاد الاتنين بيكفي أربعة.. وزاد الأربعة بيشبع تمانية), بس كيف نفوسنا تتطايب ونرضى ببعضنا بعضا, وألا يشعروا هم بأنهم غرباء غير مرغوب فيهم, والجنوبيون الذين يختارون العيش والبقاء بالشمال أن يكونوا كما عاشوا مع الناس من قبل إخواناً أصحاباً أحبابا, دون الشعور بأية دونية أو غربة أو ضعف, ويكونوا مواطنين عطاءً وذخراً وخيراً للشمال, وأن تستقبل دولة الجنوب كل شمالي يرغب ويذهب للعيش فيها مواطناً عطاءً وذخراً وخيراً للجنوب.. عسى أن يلتئم الجرح وتهدأ الأنفس ويعود الخليل لخليله..والله يعلم والناس لا يعلمون.
وأبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا ..... وكل أجزائه لنا وطن.
الما بدورنا... ما بندورو !!! 4 / 4
الأساتذة الأفاضل / أ.منى ابو زيد ود.عبد اللطيف البوني في برنامج " عدد خاص " من قناة النيل الازرق الفضائية السودانية في اخر يناير 2010م؛ قدما برنامجاً استطلاعياً جماهيرياً عن رؤي وأحلام السودانين من شماليين وجنوبين حول الاستفتاء لتقرير المصير العام القادم يناير 2011؛ وماذا سيكون الحال في الوطن اذا ما جاءت النتيجة قراراً بالانفصال؛ فزارا كليهما؛ وكل بمفرده مناطق سكن وعمل بالعاصمة القومية؛ واستنطقا اكاديميين واطباء ومهندسين وتجار تجزئة وجزارين وطلاب وحرفين وربات بيوت وغيرهم كثير؛ كبار وصغار شباب وشيّاب ومسنيين من الجنسين جنوبيين وشماليين؛ وكانت المحصلة النهائية أنه إذا ما وقع الانفصال؛ فعلى الجنوبيين أن ينتقلوا للجنوب ويقبلوا الواقع الذي فرضوه وأختاروه لأنفسهم؛ ليبنوا دولتهم ويعمروها ويحترموا الجوار والعلاقة مع الشمال دون اللجوء للعنف أو لإساءة مواطني الشمال في الجنوب وكذلك مواطني الجنوب في الشمال حسب ما يؤول إليه حالهم؛ وبتبادل التعامل والمنافع بين الدولتين بالحسنى بما يحقق ويخدم المصالح المشتركة؛ ولم يجرؤ أحد من اخوتي الجنوبين أن يقول: في حال ما إن أراد أن يعيش بدولة الشمال باعتبارها دولته المختارة؛ ماذا سيكون الموقف والحكم القانوني حياله؟؛ ولم يقلها ايضاً احد الشماليين عكساً؛ كأنما تركوا الأمر لقرار الحكومة أو لخيار الاتفاق بحسب نايفاشا والذي ما زال الجدال حوله يستعر حتى يومنا هذا بين الوطني والشعبية؛ ثم أن كل المُستَطلَعين الشماليين أجمعوا على أن أى جنوبي أراد البقاء بالشمال أو لم يرد؛ لابد أن يرحل حال وقوع" كارثة "خيار الانفصال (كارثة هذه من عندي وقولي)؛ وأجزم بحسب تعاملي معهم أن الكثير منهم يريد العيش في الشمال ولا يغادره ويتمنى أن يكون مواطناً لا يعامل معاملة الاجانب الوافدين وقد ملأوا أوسط السودان وأدناه وأقصاه؛ وما تزال أعدادهم تتكاثر ولوجاً عبر مواسير الدخول؛ يقالعوننا مقتضيات شرايين حياتنا.
(الما بدورك ما بتدورو)؛ مقولة تكررت وأجمع عليها أغلب الشماليين في الاستطلاع المعني؛ بحجة أن الجنوبيين مهدوا للإنفصال وعملوا له ورفضوا البقاء مع الشمال وطناً واحداً وشعباً متحدا؛ وعليه فلا مجاملة ولا تسامح في هذا الشأن؛ ولكن يبقى السؤال الأهم والفرضية المطروحة والواقع المتاح المعاش؛ حول ما هو واقع مصير هذا الوطن الواحد المتعايش بما نسمع ونشاهد من نذر( إستقلال !!! وليس انفصال)؛ فإذا أعلنوه استقلالاً فلا عودة ولا حنين؛ أما انفصالاً فأشواق العودة في الصدور والعود أحمد؛.. وعلى خلفية استطلاع قناة النيل الأزرق الحي الجماهيري؛ وأحسبه أصدق ما وقعتُ عليه من نتائج في ذات الشأن؛ وهو استطلاع ناطق له معانيه ومحصلاته؛ وبنفس القدر فأينما أكون وفي أي محفل لا أتحرّج البتة باستطلاع اخوتي الجنوبيين حول الوحدة؛ والتحدث بوضوح لأجل أن يبقى السودان كله خارطة جيوسياسية واجتماعية كما هو اليوم؛ فأجدها (الوحدة) في صدور وأقوال وتمنيات الكثير وبخاصة الشباب؛ وكل أهل الدين من رجال ونساء الكنائس والمجتمعات النصرانية وممن وفدوا وعاشوا في الشمال منذ نعومة أظافرهم؛ وممن ولدوا فيه وتربوا وترعرعوا؛ وممن لهم حس ووعي وطنيٍ عالي؛ وأما أهل السياسة وما يتم منهم كيداً أو تكتيكاً بالمناداة لإنفصال خشن عدواني متربص؛ أعتبره نذير أزمة كارثية بسبب ماهو في النفوس والصدور من قبل الاستقلال 1956 ومن عام 1947م؛ وبسبب الشحن الخاطئ لبطاريات قلوب أهل الجنوب من ( جنريترات) مولّدات الجيش الشعبي وفصيله الحركة واستفزاز مشاعرهم بعدائيات لا واقع وحقيقة لأكثرها؛ وبسبب رئيسي هام بتغافل الحكومات الشمالية عن حل الازمة من جذورها منذ الزمن السمح البعيد؛ وقد أجج النيران كل الحكومات المتسلّطة العسكرية من 1958 و 1969 واستعرت بانقلاب الإنقاذ العسكري 1989 عند إعلانها (حرباً جهادية استشهادية ضد الكفر والكفار)!!!؛ مما ترك أسوأ الأثر في صدور الناس حتى يوم الفصل في تقرير إستفتاء المصير رغم موعودات وتمنيات اتفاق نايفاشا 2005 م.
أليس من طبيب ماهر لتشريح العلة (مرض؛عدوى؛ ورم ..الخ)!!؛ أليس من جراح ماهر يقضي بالعلاج المفيد النافع دونما اللجوء لمشرط وأدوات الجراحة والاستئصال!!؛ أليس من رجل رشيد يجمع الناس على كلمة سواء!!؛ أليس من تنازلات يؤثر بها الأطراف المتنازعة المتخاشنة من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية هذا الوطن بما فيه من خصاصة وجرح وأنين!!؛ ولماذا أقفلت الحركة والجيش الشعبي أذنيهما عن كل طرح ومبادرة ومساهمة لرأب الصدع وجمع الجمع في صعيد وحدوي أخوي واحد!!؛ ولماذا رفض المؤتمر الوطني كل مبادرات ووسائط الخيرين للم الشمل وبقاء أرض السودان واحدة غير متشظية؛ هل عقمت رحم السودان أن تنجب الأبناء المحبين المطيعين البارّين بأمهم!!؛ أم هل استأصل أبناء السودان (رحم أمهم) بما يفعلونه بها منذ حوالي 60 عاماً مضين بل أكثر!!؛ هل صارت الأم الودود الولود عقيمة لا تعطي ولا تجود فتكالب عليها كل حقود حسود؛ هل تنكّرت الأم لأبنائها بما اسطلوا جسدها من العذابات وقبيح الأفعال؛ فتأبى أن تنشد عيالها بما فعلوا؛ ولا تطلب جمعهم وحضورهم بما ضلوا؛ ولا تسعى لوصلهم خيراً؛ ولمن في أحضانها لا تأبه بما يصيبهم؛ هل صار هؤلاء الأبناء من ألدّ الأعداء ومعذبيها وقد نبشوا سيرتها وفضحوا سريرتها بين العالمين؛ وقد نبهنا الله تعالى بأن من أزواجنا وأبنائنا عدواً لنحذرهم؛ فكيف تحذر الأم الوطن السودان هكذا أولاد ما رعوها ولا حافظوا عليها.
أنادي أهل الدين من المساجد والكنائس؛ ألا يركنوا للسياسيين ولا أن يصبحوا من فقهاءالسلاطين في ما تبقى من وقت ضائع؛ وأن يخافوا الله في دينهم وأنفسهم وبلدهم السودان وشعبه وأهلهم؛ فلا يستكينوا وليعملوا بكل ما هو متاح الآن؛ وبكل ما هو من آيات وتعاليم وهدي في القرآن والإنجيل؛ لجمع الناس في الجنوب والشمال وبقائهم في وطن متحد بصفاء القلوب وتكاتف العزائم؛ ويحذّر المصطفى حبيبنا محمد عليه افضل الصلاة والتسليم من أن النار تُسعّر "أي يُزاد لهيبها" بثلاث: بعالم ومحسن وشهيد لانهم ماجعلوا أعمالهم خالصة صالحة لوجه الله تعالى أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر؛ ناصحين متناصحين؛ فعلماء أمتنا وقادتها ورموزها وحكماؤها وساستها لا يكون لهم هماً وشاغل يشغلهم سوى الحراك والدعوة لوحدة الوطن؛ لبقائه أرضا متماسكة؛ وتعايش سكانه وأبناءه والتسامح بينهم بسلام ومودة ورحمة؛ وعلى السياسين كلهمو من حكومة ومعارضة الإلتزام بالعهود والوفاء بالوعود؛ والفعل الناجز للقول الناجع؛ دون مزايدات أو إقصاء أو استعلاء بينهم وبلا خيرية استباقية من روح الشيطان عندما رفض الامتثال لأمر الله استعلاءً واستكباراً واستحقارا لمخاوقه آدم.. فالوطن لنا كلنا لا فضل فيه لأحد على آخر إلا بالتقوى وإخلاص العمل وحماية أركانه والدفاع عنه وإيثار النفس والوقت لأداء واجبات الوطن دون المتاجرة والمراهقة في الحقوق؛ وكل أبنائه له خدم وكل أجزائه لنا وطن.
كبسولة :
قال احدهم:( Time is short, and things to be done are so many, to make unity attractive option for Sudan people.)
( الوقت قصير ومازال الكثير لينجز؛ لجعل الوحدة الجاذبة الخيار الامثل لشعب السودان.)
وأبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا.. وكل أجزائه لنا وطن.
د / فاروق البدوي... *سودان الشتات / أميريكا... [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.