على أهزوجة (باى..باى..شمال) التى تغنى بها الأخوة الجنوبيين فى طريقهم الى مراكز اقتراع تقسيم السودان الأول ، والتى قابلها شماليو السودان باللامبالأة ،أو قل أنه فى ظل هذا النظام لم يعد هناك ما يدهش الشعب السودانى مهما كانت خطورته أو غرابته حتى لو كان على حساب أمنه واستقراره. السؤال الذى وقفنا عنده فى المقال السابق والذى يحتاج الى اجابة الى من يأمن شعب السودان فى مستقبل أيامه خصوصا وأنه عانى المرارات والاخفاقات على أيدى أبنائه من الساسة سواء العسكريين منهم أو من يدعون الديمقراطية الجميع الان مشغول بمالآت الانفصال وتوابعه دون النظر الى مستقبل السودان واستراتجية مابعد الانفصال . سياتى من يقول أن لا خوف على السودان ومستقبله بعد أنفصال جنوبه عن شماله،وهناك الكثير من القضايا التى تعتبر فتيل لاشعال قنبلة الحرب من جديد (أبيي)، ثم أن الحكومتين فى الدولتين فرضتهما الظروف والواقع السياسى المعوج على الشعب السودانى فالمؤتمر الوطنى ليس له تفويض من جموع الشعب السودانى والذين سيستفرد بهم فى دولته ولا الحركة الشعبية لها تفويض من جموع الشعب السودانى والتى ستنفرد بهم فى دولتها الوليدة. فكل من الشريكين يعانى فى مفاصل دولته داخليا بخلاف القضايا العالقة بينهما والتى عجزا عن حلها وهما شريكين فما بالك بهما وهما كيانيين مختلفين لايجمعهما سوى شىء واحد هو السيطرة على رعاياهم بالاجهزة الامنية والوسائل القمعية التى يختبئون خلفها. وان كنا لانلوم الحركة الشعبية بمقدار ما نلوم المؤتمر الوطنى لاحقا ونظام الانقاذ سابقا والذى لاتحتاج دكتاتوريته وأحاديته لشواهد أكثر ما يحيط بالسودان الان . الرئيس البشير ربما يعتبر من أكثر الرؤساء فى العالم يتمتع بمستشاريين فى جميع المجالات ورغم ذلك عجز وجيش مستشاريه الجرار فى أيجاد مخرج للازمات المتلاحقة التى تعرض لها نظامه بسبب غياب الاستراتجية وفرض كوادر حزبه على جميع المواقع فى الدولة، فدوما تأتى مبادرته متأخرة وذلك بسبب أنه دائما ما يسبقها بتصريحات تهديدية للأخرين. لهذا لامبرر لبقاء حزبه فى السلطة فى هذا المنعرج الخطر من تاريخ السودان ولا أحد مجبر على تصديق مسرحية الانتخابات تلك،فاذا كان لازال مؤمنا بالسودان ويبحث عن مستقبل أفضل له عليه أن يبتعد عن كرسى السلطة والذى أحتكره لمدة عشرين عاما باكورتها تقسيم السودان الى دولتين وما خفى فى قادم الايام أعظم. البديل فى الوقت الراهن لنظام الأنقاذ ليست الأحزاب القديمة والتى لم يرى الشعب السودانى فى عهدها سواء تهافتها على تقسيم الوزارات فيما بينها وحشد الشعب لتقسيمه فيما بينها دون أن تقدم له شىء يذكر، والمصيبة الأكبر هى تجمعهم المنصرم لبحث دور لهم عقب الأنفصال. نحن نحتاج فى هذا الوقت الى حكومة من الأكاديميين السودانيين والكفاءات السودانية المهاجرة والتى ضاقت بها جنبات الوطن بسبب ساستنا فهؤلاء هم المطلوبين فى المرحلة الراهنة ولندع لهم الأمر ولو لمدة عشر سنوات حتى نؤسس لآحزاب جديدة لا طائفية ولا عقائدية أحزاب تؤمن بالراى والراى الاخر تؤسس نفسها على أساس أن تبنى دولة حقيقية وليست أحزاب باحثة عن السلطة من أجل السلطة ،هؤلاء بمقدورهم التأسيس لجيل جديد يؤمن بسودان يزيده تنوعه قوة وتميزا ولايحوله الى دويلات عرقية.