تنتشر في السودان في مناطق متعددة مصانع بدائية لإنتاج الجبنة، تتركيز بصورة كبيرة في ولاية النيل الأبيض والخرطوم والبطانة والجزيرة والقضارف، كنشاط إنتاجي بدائي يقوم به مستثمرون يطرقون هذا المجال جنياً للربح السريع، ولكن دون الالتزام بأدني مقومات الإيفاء بمثل هذه الصناعة الحساسة . فمن المتعارف عليه أن صناعة الألبان ومشتقاتها من المواد الغذائية، سريعة العطب والفساد، مما يتطلب التعامل معها وفق خطوات علمية محددة تتطلب وجود معامل مختبريه والاستعانة بفنيين غذائيين ، وهو ما ينعدم في مثل هذه المصانع التي تمد السوق بمقدار لا يستهان به من الجبنة البلدية، ساعدهم على ذلك ضعف الرقابة الحكومية المقننة، إذ تُسند الرقابة للسلطات المحلية للمنطقة التي يقام فيها النشاط والتي لا تلقي بالاً للجوانب الفنية في الصناعة بقدر ما تهتم بالتصديق وأخذ الرسوم ومن ثمّ ترك الأمر للمنتج ليفعل ما يروق له. ويرى الخبير الغذائي والناشط بجمعية حماية المستهلك السودانية د/ موسى علي أحمد، أن مصانع الجبنة التقليدية خطرة على صحة المستهلكين نظراً لخلوها من مختبرات معملية تحلل المنتج أو تضمن خلوه من الملوثات، ويمضي موسي ليقول: "أخطر ما في المصانع التقليدية للجبنة، التعبئة الغير مطابقة لمواصفات سلامة الأغذية ". حيث يعمد أصحاب المصانع التقليدية لإنتاج الجبن في السودان، لتعبئتها في صفائح حديدية ومن ثم يقومون بشرائها مرة أخرى فارغة من أصحاب البقالات ليستخدمونها مرات عديدة، وفي بعض الأحيان يلاحظ الشخص العادي وجود صدأ في الصفيحة الحديدية وهو ما يشكل خطراً صحياً محققاً . ويؤكد أمين الشؤؤن العلمية بالمجلس الطبي السوداني د/ بابكرأحمد محمد "أن تلوث الجبنة بالبكتريا أو السالمونيلا أو بالمخلفات الكيميائية التي يفرزها الصدأ من جراء التعبئة الغير سليمة لإستخدام الصفيح ، يسبب التسمم الغذائي الذي ربما يؤدي إلى الوفاة إن لم يُسعف الشخص المصاب به على وجه السرعة ". ويقترح موسى أن تكون هنالك رقابة على الإنتاج التقليدي من الدولة وإلزام كل منتج بوجود مختبر وفني غذاء على أقل تقدير ومن ثم تغيير نمط التعبئة من الصفائح الحديدية إلى نظم تعبئة أكثر سلامة، كالعلب البلاستيكية أو التغليف بالألمونيوم ، لتجنب الصدأ وللحصول على غذاء آمن وصحي . وكانت الجمعية السودانية لحماية المستهلك قد كشفت في وقت سابق أن مصانع الإنتاج التقليدية لصناعة الجبنة لا تتقيد علمياً ومعملياً بالمواد المساعدة على تحويل اللبن إلى الجبن والتي تسمي بالمواد (المجبنة ) أو مواد ( التخسر)، إذ أنه من المفترض أن يُستخدم (50) ألف خلية من البكتريا للجرام الواحد من الجبنة، بينما واقع الحال للعينات التي تم اختبارها ميكروبياً، هو احتوائها على أكثر من ذلك بكثير، ما يؤكد عدم مطابقة الصناعة في مصانع الجبنة التقليدية لمعايير الجودة اللازمة .