زهير السراج * التجربة العراقية الدموية ألقت بثقلها الشديد على اتخاذ القرار الأمريكى إزاء ما يحدث فى مصر، إذ تخشى الادارة الامريكية من انتشار الفوضى فى مصر إذا رحل مبارك بشكل مفاجئ ، واحتمال صعود حركة الاخوان المسلمين المنظمة وصاحبة الامكانيات المادية الكبيرة الى سدة السلطة الأمر الذى يهدد السلام المصرى الاسرائيلى ويعيد أجواء الحرب بين البلدين ويلهب منطقة الشرق الأوسط بكل اهميتها الاستراتيجية والاقتصادية لأمريكا والغرب، وفى أغلب الأحيان فان اسرائيل ستبادر بإعادة احتلال سيناء كضمان لأمنها فى حالة صعود المتطرفين الاسلاميين الى السلطة فى مصر ولن تنتظر حتى تفاجأ بأحداث لم ترتب لها. * التردد الأمريكى الواضح يعبر عنه التناقض الكبير فى تصريحات المسؤولين الأمريكيين، بل تصريحات نفس المسؤول خلال أيام الأزمة المصرية، أو المأزق المصرى كما يطلق عليه المسؤولون فى الغرب، ولقد سمعنا وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلرى كلنتون) فى الايام الاولى تدلى بتصريحات يفهم منها انها تقف مع استمرار نظام مبارك، ثم قالت فيما بعد أنها مع انتقال سلس للسلطة، مما يعنى اقتناع الادارة المريكية بضرورة رحيل مبارك مع ضمان انتقال السلطة لنظام حليف لأمريكا يحافظ على مصالحها ويحمى السلام القائم بين مصر واسرائيل ويحظى فى الوقت نفسه بتأييد شعبى معقول ويحقق بعض المطالب السياسية والاقتصادية للمواطنين المصريين. * هذا هو السيناريو الذى يرتب له الأمريكان فى الوقت الراهن، والذى بدأ بالضغط على الرئيس المصرى لتعيين نائب له بعد ان ظل ممتنعا عن ذلك طيلة الثلاثين عاما التى حكم فيها مصر، ولقد رضخ مبارك وقام بتعيين مدير المخابرات المصرية عمر سليمان ( تحت الضغط الامريكى)، وهو رجل له احترام كبير فى مصر بحكم الوظيفة التى يشغلها حيث تحظى المخابرات المصرية باحترام الشعب المصرى ( خاصة بعد إذاعة مسلسل رأفت الهجان، الجاسوس المصرى الذى زرعته المخابرات المصرية فى قلب اسرائيل وخلد سيرته مسلسل تلفزيونى خلق صورة جميلة للمخابرات المصرية فى عين الشعب المصرى وجعلها مفخرة له). إضافة الى ذلك فان عمر سليمان يتمتع بسمعة طيبة نالها كوسيط بين الفصائل الفلسطينية المتصارعة، وابتعاده داخليا عن المجموعة المصرية الحاكمة التى تجد كراهية شديدة من الجماهيرالمصرية ..!! * كل من قرأ كتاب ( لعبة الأمم ) الذى كتبه ( مايلز كوبلاند ) عن فترة عمله (خلال النصف الثانى من القرن العشرين وحتى بداية السبعينيات) كعميل للمخابرات المركزية الامريكية فى مصر والشرق الأوسط ، يعرف أن الولاياتالمتحدة تحب دائما ان تتعامل مع رؤساء يجدون نوعا من القبول الشعبى فى بلادهم بما يضمن تطبيق تعليماتها وأوامرها بسلاسة فى تلك البلاد وهو ما يوضح لماذا تتخلى أمريكا دائما عن حلفائها عندما يفقدون شعبيتهم كما حدث مع سوموزا ( نيكاراجوا) والشاه رضا بهلوى ( ايران) وماركوس ( الفلبين) ونميرى ( السودان) وغيرهم عندما فقدوا شعبيتهم ..!! * نفس المصير ينتظر مبارك، ولن تنقضى بضعة أيام حتى يرحل، ولكن بسلاسة كما تريد أمريكا، ومن المرجح أن يحل محله ( عمر سليمان ) الذى سيرتب لفترة جديدة تتحقق فيها بعض الحريات وتتسع دائرة الديمقراطية بدون المساس بالمصالح الأمريكية أو تغير فى السياسات إزاء اسرائيل ..!! zoheir [[email protected]]