بسم الله الرحمن الرحيم هذا بلاغ للناس (1-2) - الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا صدعونا بالديمقراطية ونشرها ؛ وهذا نوع من الرياء المكشوف ما عاد ينطلي على الشارع العربي ؛ خاصة بعد موقف ساركوزي وريوماري من ثورة الياسمين التي أوقد أوارها محمد البوعزيزي في بلاد القيروان ؛ أيضاً بعدما تضارب الموقف الأمريكي الذي بدا جلياً بعيد تصريحات أوباما المائعة التي بدأت بترجي نظام الرئيس السابق مبارك بإدخال أصلاحات تؤدي إلى (استقرارالأوضاع) حتى ترضي تطلعات ثورة شباب التحرير ؛ بمعنى آخر أنه يريد أن يقول لا داعي للديمقراطية في هذه المنطقة من العالم فهي ضد مصالحنا الاستراتيجية ولكن لا ضير من الاعلان بها لنلعب على الحبلين فنكسب رضا الشارع ولا نفقد الحليف ؛ ثم تضاربت بعد ذلك مواقفه تصريحاته وتصريحات موفده فرانك ويزنر سفير أمريكا في مصر في عهد السادات ؛ ومع تسارع إيقاع الثورة يقين المبعوث بأن ما يحدث هو تسونامي الشعب والحرية ؛ وأن تصريحات رئيسه أوباما لا تتواكب أو تتفق مع الواقع في ميدان التحرير ؛ فلا عجب من أن نتسلى ونروح عن أنفسنا بالنفاق لأوباما حينما جاء في أول حكمه مبشراً بنشر الديمقراطية وحقوق الانسان في دول الشرق الأوسط والتصالح مع الولاياتالمتحدة مع المسلمين؛ لم تتغير استراتيجية أمريكا إطلاقاً ولكن كل ما تغير هو التكتيك. كانت تصريحات أوباما بدءً من يوم 25 ينايرهي مجرد شراء وقت لتتضح الرؤية انتصارثورة اللوتس ومقدرة مبارك بجهازه المترهل على قمعها فأن تغلب عليها فهم أصدقاء النظام ولا ضير أن يطلقوا عليه النظام القوي أو الرجل القوي المسيطر على الأوضاع !! لكن هذا التسونامي خيب ظنهم زظن اسرائيل وتغيرت وستتغير معادلات كثيرة في المنطقة كانت كلها قد هُيئت لتضمن أمن ورخاء إسرائيل!!. - إن ثورتا الياسمين واللوتس بقيادة الشباب ؛ الشباب الذي كسر حاجز الخوف وتحدى الدولة البوليسية التي قوامها مليون وثلثمائة وخمسون ألف شرطي أمن مركزي ؛ جهازالأمن ذاك الذي يفوق تعداد جلاديه وزبانيته عديد الجيش المصري بأكمله والذي لا يتعدى عديده أربعمائة وخمسون ألف فرد وهو الذي يحمي سيادة مصر وأراضيها!! - كانت ثوار اللوتس ثورةً أخلاقية كما كانت ثورة الياسمين ، ثورة ضد الفساد والسرقات والخصخصة، كانت ثورة ضد اقتصاد السوق الذي لا تضبطه معايير فكان سداحاً مداحاً ؛ كانت ثورة أخلاقية ضد حكم العائلة التي تهيمن فيها زوجة الرئيس على الدولة ، ثورة ضد التوريث .. ثورة ضد تزاوج المال والسلطة بين رجال أعمال فسدة ونظام فاسد ة ، ثورة ضد المنافقين لآعقي الأحذية ؛ ماسحي الجوخ مقبلي الأيادي ؛ ثورة ضد فئة النفعيين الآفاقين الذين سخروا الإعلام الرسمي والصحف القومية للتطبيل والتهليل والتكبير بحمد الرئيس الذي لا يأتي الباطل من بين ه ولا من بين يدي ابنه وأهله.. المنافقون حملة المباخر صوروا إبنه كما لو كان المفكر الفيلسوف ميشيل سوسولوف الذي كان يُنظر للحزب أيام الاتحاد الشيوعي السوفيتي.!!.. لقد أذهلت ثورتا اللوتس والياسمين أنظار العالم الغربي الذي بدت حيرته منها إذ كان مطمئناً لأن الأنظمة الفاسدة تطبق أجندته فأسبغ على هذه الأنمة " محور دول الإعتدال" وكل دول الاعتاد هذه إما ضربها التسونامي وإما في طريقه ؛ وحتى حينما ظهرت بوادره في بعضها ارتعد قادتها وبدأوا في تقديم كباش الفداء من رموز أنظمتهم!! ، أن تلك الانظمة القمعية وتلك النوعية من الحكام اعتقدت أنها قد أخصت الشعوب من وطنيتها فكان التسونامي مفاجئة مذهلة حتى تساءلوا مذعورين فيما بينهم : أليست هذه هي الشعوب التي اعتقدنا أنها استكانت ونامت؟! ؛ فاحتاروا لهذا التسونامي الذي جاء من رحم الاستكاتنة العميقة لشعوب المنطقة ؛ فكانت كالخدعة صنعها الشعب وقد صُدِّقت من قبلهم حتى إذا أطمأنوا وأطمأنت إسرائيل ومحور الاعتدال الذي وفر لها الأمن وحراسة الحدود كانت المفاجأة التي أذهلت الجميع وأذهلت أيضاً جميع أجهزة الاستخبارات الغربية ذات الأسماء التي ترتعد لها الشعوب المستضعفة حتن تذكر أسمائها ؛ لقد أثبتت كل هذه الاجهزة التى يقال أنها ترصد دبيب النمل على الأرض من الفضاء فشلها ؛ إذ يمكنها أن ترصد دبيب النمل ولكنها لا تستطيع أن ترصد ما بعقول الشعوب في هذه المنطقة . فأمن إسرائيل أمر إلتزمت وتلتزم به أمريكا والغرب عموماً . اليوم الغرب بقيادة أمريكا ومعهما إسرائيل في حالة ترقب حذر وكأنما دخلوا في دوامة حيص بيص ؛ خاصة أن تطمينات المجلس العسكري عن الالتزام بالمعاهدات الدولية كانت فضفاضة.!! - لقد أذهلت ثورتي الياسمين اللوتس والياسمين الغرب والعالم أجمع بأنهما كانتا ثورتان سلميتان قام بهما شباب مسلم ومسيحي يؤمن بوطنه ؛ فكيف يوصف الاسلام بالارهاب ومن فجر ثورة اللوتس كان شعاره " ثورة سلمية"؟!! ؛ أيضاً هنا تكشف للعالم متاجرة الأنظمة القمعية بما يعتقد الغرب أنه هاجس مخيف " الاسلاموفوبيا " فلم نسمع أي هتافات طائفية في ميدان التحرير؛ بل كانت كلها هتافات وطنية لم يستطع أي مشاهد أن يصنف الثوار إلى مسلم ومسيحي ؛ حتى تكشف أيضاً أن كل الهجوم على الكنائس كان بفعل أمن النظام ليحرض الغرب على المسلمين وخلق فتن طائفية ومن ايجابيات ثورة اللوتس أنها ودأتها الفتن المزعومة في ميدان التحرير بل صناعها!! - بعد فظائع جورج بوش الابن وغزوه العراق و سجونه السرية والطائرة وخطف الأربرياء وتلفيق الادعاءأت وامتهان حقوق الانسان والأديان في ابوغريب وغوانتنامو وتورا بورا وفي فلسطين تراجع عالمياً الدور الأمريكي ودور الغرب عموماً ؛ خاصة وأن هاتين الثورتين ليستا من نوع الثورات الأيديلوجية ؛ أنها وظنية حولت خوف الشارع إلى جسارة وخضوعه إلى مطالبة بالحقوق فانتقل من الخوف من الشارع إلى الأنظمة القمعية التي كانت تمارسه ضد شعوبها غارتعدت بعد ارباكٍ وذهول مما جرى وكانت تظنه مستحيلاً؛ وبدا أن جميع محاولات الغرب لإحتواء هذه الثورات للإبقاء على الانظمة القمعية قد باءت بالفشل وكل ما تقوم به من إبداء السند لهذه الثورات هو محاولة تهرب وتبرير أفعالها المصلحية فمهما حاول الغرب لن يستطيع التطهر من نجاسة دعمه ومساندته للأنظمة العربية والافريقية القمعية . - لقد حاول الغرب بقيادة أمريكا أن يلتف حول ثورة اللوتس عندما انتقلت السلطة للمجلس العسكري العالي وكأنما يريد أن يطمئن نفسه بأن الجيش قد استولى على الحكم وأن التغيير سيصبح شكلياً. هذه قراءة خاطئة كما عهدنا الدول الاستعمارية القديمة ودول الاستعمار الحديث؛ فالغرب وأمريكا تحديداً والتي تعول دائماً على الانقلابات العسكرية هي من أسس لإزدواجية المعايير ولسياسة الفوضى الخلاقة في افريقيا والعالم العربي فكيف تثق بها شعوبنا؟! ؛ وكانت قراءة الغرب خاطئة لأنها اعتمدت على الرئيس وأعوانه من حوله ممسكون بزمام كل شيء وكل شيء تحت السيطرة ؛ وحتى وصل بها الأمر الاعتقاد بأن كل مؤسسات الدولة العسكرية منقادة تماماً للرئيس كما كان حال وزير الداخلية السابق وكما كان حال قيادة الأمن المركزي وأمن الدولة ؛ اعتبروا علة أنهم اتباع للرئيس يفعلون ما يأمرهم ؛ فبلغ بهم الاعتقاد أن حتى الجيش وقادته تابعون أن عقيدته هي حماية النظام لا حماية الوطن ؛ ولم يدرك أيضاً أن الجيش تماهى في العمل المدني فدخل معترك المساهمة الوطنية المدنية اقتصادياً وتعميرياً في مصر فأصبح دوره الوطنيا واضح منذ البداية أنه حامي الوطن والشعب وحقيقة الأمر الجدير بالذكرأن مبارك حاول استلاب دور الجيش بأن يجعله كما الأمن المركزي مجرد حرس يحمي نظامه . فتخيلوا لو كان الجيش انصاع وقبل أن يكون أداة لحماية نظام الرئيس وحدث فكيف يكون الحال إذا ما انفرط عقده كما حدث للأمن المركزي اولذي انفرط عقده في يوم 28- 29/ يناير وأصبح يقتل أبناء شعبه ووحين انفرط عقد الأمن المركزي تجلت خيانة المقربون من الزعيم.!! إن أسباب إندلاع ثورتا الياسمين واللوتس واضحة وجلية وهي: - تمكين المواطن من ممارسة حقوقه السياسية - ممارسة الديمقراطية الحقيقية وحرية التعبير - دسنور مدني عصري لدولة مدنية - انتخابات حرة ونزيهة يشرف عليها القضاء - استقلالية السلطات - حرية الصحافة والاعلام - لا قدسية ولا تأليه عند قيام النظام الديمقراطي المرغوب - لا اقصاء لأي من مكونات الشعب السياسية الوطنية التي لم ترتبط بأجندات اجنبية ولم تتدرب في معسكرات بالخارج لتهجم على الوطن وتقتل أبريائه لتستولي على سدة الحكم. إن الحكام الذين يريدون بحق أن تفخر وتعتز بهم شعوبهم عليهم البدء بالخطوات التالية حتى يخلدهم التاريخ وتفخر بهم شعوبهم وأوطانهم:- 1) المصالحة بين الحاكم والشعب بدءً بالشباب فلا مكان لقيادات أثبتت فشلها في ديمقراطيات سابقة بل يجب محاسبتها بذات المنطق التي كانت تطالب فيه هي بمحاسبة الشموليات حين تسقط خاصة أن معظم رموز الأحزاب لجأت للخارج وتدربت عسكرياً وحدث بينها وبين الشموليات مواجهة دامية راح ضخيتها مواطنون أبرياء عزل.! 2) الاصلاح ؛ يعني إصلاح نظام الحكم وتحقيق تطلعات الشعب بكل فئاته في ممارسة حقوقه المشروعة ؛ وأولها ممارسة الحرية دون وصاية ولا قيود ؛ فالحرية ليست منحة ولا هبة ولا منة من الحاكم للشعب ؛ فالشعب سيج نفسه وهو الذي يأتي بالحاكم وليس العكس. 3) صلاح الحكم يأتي بالتجرد والزهد وتداول السلطة ؛ وتجريد سارقي الثورات من مكرهم المعتاد للإلتفاف حول الثورات وتجييرها لأنفسهم .. صلاح الحكم يعني التغيير فلا مكان إلا للوطنيين الخُلّص مهما كانت اتجاهاتهم وتغكيرهم فحينما يحتاج الوطن لبنيه عليهم التجرد من الانتماءآت الضيقة والجهوية حتى يعمل الجميع بحكم المواطنة على النهوض به. 4) علينا أن نستلهم روح ومباديء ثورة أكتوبر الشعبية في التعامل فيما بيننا على أساس أخلاقيات سياسية جديدة نزيهة إن مجرد ممارسة المكايدة والمزايدة لهو دليل على أن هذه الأحزاب فاشلة ولا تسعى لتملك الشعب لحقوقه بل سعيها الشخصي والدؤوب للوصول إلى سدة الحكم ، أحزاب كل برامجها تعتمد على النقد دون الحلول برامج مبهمة لا أهداف واضحة ولا آليات ولا توقيتات للتنفيذ . إن إجهاض ثورة أكتوبر كانت على يد كثير من الأحزاب التي لم تحقق حتى مجرد استقرار للوطن ناهيك عن تنميته.!! 5) رؤية وطنية ، أقول رؤية وطنية وليست سياسية للنهوض بالوطن من كبواته تعتمد على روح المواطنة ؛ وطن فيد الجميع كأسنان المشط يطبق المساواة في الحقوق والواجبات ؛ رؤية تنطوي على المشاركة الفعلية لا الاقصاء ، رؤية تنبذ الجهويات فالمواطن هو مواطن سوداني أينما حلّ في أي بقعةٍ من بقاع وطنه. رؤية تخطط لتنمية مستدامة عادلة . كل هذا يحقق صلاح الحكم. لاؤية لبعث وطن جديد لا يرتهن أي من أبنائه لأجندات خارجية فهي تفرق ولا تجمع . رؤية تؤسس بقبول بعضنا البعض ؛ رؤية تؤسس لإدارة حوار يُثري ولا يفقر حتى مع اختلاف الآراء؛ رؤية تؤسس لديمقراطية التحاور وعدم فرض الآراء أو التعصب لها وقبول رأي الأغلبية ؛ كل هذا يحتاج لإرادة وطنية تؤدي بالمتحاورين إلى احترام لبعضهم بعضاً . يتبع..