لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سارة شحاتة وسحر خاص للكمان .. بقلم: د. معز عمر بخيت
نشر في سودانيل يوم 08 - 03 - 2011


[email protected]
أكثر ما يشدني في بلادى هو إبداع المرأة فيها والذي ظل لوقت طويل مغموراً بسبب تسلط المجتمع الذكوري وكأنما العطاء الإنساني في جانب الفنون هو حكر على الرجل دون غيره من النصف الآخر. وظلت المرأة إلا فيما ندر وعبر نماذج تعد على أصابع اليد الواحدة بعيدة عن ساحات الإبداع والفنون وهي في الحقيقة تصنع الفن والجمال وتلهمه كذلك. وحديثاً بدأت المرأة تخطو بثبات في هذا المجال وظهر إبداعها عبر تجارب ثرة في شتى ضروب الفن، فقد وردت المرأة مجال الغناء ومجال التشكيل ومجال المسرح والتصوير والإخراج فوضعت بمقدرات عالية بصمات حقيقية أكدت أنها تقف نداً للرجل في هذه الساحات وتتفوق عليه كذلك كلما أتيحت لها الفصة للتدريب وصقل الموهبة لأن المرأة معروف عنها الجدية والمثابرة في كل ما تتولى القيام به ودائماً ما تحسنه وتجمله وتظهره في أبهى منظر.

من مجالات الإبداع الموسيقي ولجت المرأة دوائر التلحين والتوزيع والعزف على الآلات الموسيقية والتجربة الأخيرة هذه لم نعتد على رؤيتها إلا مؤخراً فنادراً ما رأينا في السابق مشاركة فتيات في أوركسترا التلفزيون أو سمعنا بها في أوركسترا الإذاعة أو مشاركة لأحد المطربين وقد كان المثال الموجود بقوة هو المبدعة زكية أبو القاسم زوجة الفنان الكبير شرحبيل أحمد أول عازفة على الجيتار وأيضاً المبدعة أسماء حمزة عازفة العود الشهيرة. وفي الفترة الأخيرة ظهرت عازفات مجيدات ضمن الفرق الموسيقية وأوركسترا القنوات الفضائية مما غير كثيراً من مظهر هذه الفرق ليصبح أكثر جمالاً وحضارة. ومعظم العازفات كن في مجال آلة الكمان والتي تعتبر لدى أهل الموسيقى أداة معبرة عن المرأة لتميزها بالدلع والحساسية بينما رفيقتها آلة الشيلو على سبيل المثال تعبر عن الرجل لتميزها بالوقار ورخامة الصوت لكنهما في الحالتين يعبران عن البكاء وكل يبكي على ليلاه فيقال أن المرأة تبكي من أجل شيء تريده وهي بالتالي تبكي وتبكي معها آلة الكمان على المستقبل بينما يبكى الرجل على شيء فقده فتبكي آلة الشيلو على الأطلال.
آلة الكمان تمثل قمة الرقي بأوتارها الأربعة وقوسها الجميل وقد استخدمت كثيراً بصوتها الحنين في الموسيقى الكلاسكية بما تمتلكه من قدرة على التعبير الإنساني المرتبط بالمعاني الرقيقة والمشاعر الدافئة وحتى عند الإنفعالات الغاضبة لأنها تتميز بتقنيات مختلفة للعزف عليها فكان لها القدح المعلى في الأوبرات والأوركسترات السيمفونية حين كتب لها أعظم المؤلفين الموسيقيين مثل بيتهوفن، موزار، باخ وباغانيني.
عموماً يسحرني العزف على آلة الكمان خاصة عندما تقوم به امرأة أو عزف جماعي رجالي، فلم تشدني تجربة الرجل )الفردية( لعزف الكمان حيث يظهر بجلاء عدم التناسق المعنوي بين رقة الآلة وبكائها الأنثوي وخشونة الرجل وبكائه الأجش وتأوهاته وتمايلاته المفتعلة في الوقت الذي أسرتني تجربة العزف المنفرد حين قامت بها امرأة فجاء التناسق مكتملاً بين عذوبة المرأة ورقتها وسحرها وبين أنين الكمان وتأوهاته تحت أنامل المرأة ومرور القوس برقة متناهية على أوتار النغم والحنين. لكن في وجود أوركسترا ومجموعة عازفين على هذه الآلة تتلاشى هذه المقارنات ويستبين الفعل الجماعي الذي يلغي التداعيات المنفردة ويوحي بروعة الإنسياب الجماعي في وجود عازفين من الرجال وعازفات من النساء في أوركسترا مكتملة وجذابة.
وقبل أيام شاهدت المبدعة سارة شحاتة وهي تقدم عزفاً رائعاً على آلة الكمان وخلفها مجموعة موسيقية فكانت تجربة في غاية الجمال والأناقة فأسعدني تحديها كامرأة خوض هذه التجربة وهي بالتأكيد ليست بالأمر السهل وبها مسئولية كبيرة فآلة بهذا الزخم والتاريخ تحتم على حاملها ومن يجعل منها منهجاً للقيادة وللسحر أن يكون على قدر الحدث، و دون شك كلي ثقة بمقدرات سارة كموهبة وكامرأة في تأكيد ومواصلة التجربة وتسجيل تفردها وجعلها حدثاً مؤثراً. شاهدت سارة أيضاً مع بعض الفرق الموسيقية الجادة كفرقة الموسيقار الدكتور الفاتح حسين ومع أكثر من أوركسترا موسيقية عبر الفضائيات السودانية المختلفة برفقة العديد من المطربين كما سعدت كثيراً بوجود عازفات أخريات يمثلن إضافة مقدرة للعمل الإبداعي في بلادي.
ما أدهشني في سارة كذلك هو صوتها الجميل حين غنت وكنت قد استمعت إليها في تسجيل على موقع اليوتيوب فكان صوتها يفيض جمالاً وسحراً وعذوبة ويضاهي آلة الكمان روعة وانسياباً أنثوياً حالماً بالصفاء والألق مما يؤكد أن لها موهبة فطرية جعلت من أوتارها الصوتية تدفقاً غنائياً جميلاً ومن أوتار كمنجتها ألحاناً موسيقية حالمة وندية. ومن حديثها القليل في ذلك التسجيل يبدو جلياً أنها متعلمة موسيقياً ومثقفة في مجالها، كما تتحدث بهدوء ورزانة ولا تثير ذلك الضجيج الذي تفعله الأواني الفارغة.
حقيقة يعجبني كثيراً أداء عازفي وعازفات الكمان مع الفرق الموسيقية السودانية الذين يجيدون العزف على هذه الآلة بفن وتواضع واتزان وأتمنى أن تقترن تجربة سارة مع أداء هؤلاء الرائعين ليخرجوا لنا سيمفونيات عظيمة تسجل في تاريخ الموسيقى وهج ابداعنا السوداني وروعة موسيقانا.
وأنا أتأمل تجربة سارة تداخل ذاكرتي تلكم التجربة العظيمة لموسيقارنا الكبير حافظ عبد الرحمن مع الفلوت والتي نقلت حقيقة الفن السوداني لسماوات بعيدة من الألق وجعلتنا نحلق في نشوة بين السحاب، كما استطاعت تلك التجربة أن تنقل الفن والموسيقى السودانية لكل العالم فتحية تقدير كبرى لمبدعنا العظيم حافظ عبدالرحمن وحتماً أعود لدهشتي به وبشخصيته الجميلة حاصة بعد أن استمعت إليه بالصالة الثقافية بالبحرين وشاهدت كيف أدهش حافظ الحضور من كل الجنسيات. أنا على يقين إن تواصلت مثل هذه التجارب ستصبح منهجاً يحتذى به يشكل مع تجربة حافظ نقلة نوعية في عطائنا الإبداعي في مجال الموسيقى.
مدخل للخروج:
من غير الوعد يمص رحيق النبع السابح حين يرفرف علم الإلفة في الأعصاب.. كم شهق الصوت الطالع
من أحشاء البرق سراب.. سلّم للريح جذور الشجن النائم خلف الباب.. من عبر إليك تصدع في صحراء البحر وذاب.. من قام بأرضك هاجر منك إليك تشبع ثم انساب.. واحترق سكونك في أجراس الصمت وغاب.. جدد للذنب صهيل العفو وشتت ضوء الشمس القاطن في الأهداب..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.