[email protected] بدءاً قد يقولُ قائل (ولكن ما ظللتَ تسرده وتردده دائما هو ليس تحليلا للواقع والحال السياسي بالولاية وإنما تتبع لسوءات وعورات ومثالب الحركة الشعبية ولو إنك أمعنتَ النظر في حال القوى السياسية الأخرى بالولاية لوجدت الحال أسوأ وأخْيَب و...) ،وهذا صحيح ،وقد تعمَّدته ، ومبرِّري ومنطقي وفلسفتي المتواضعة والبسيطة إزاء وحِيال هذا هو إن الواقع والراهن الحالي المُعاش هو من صناعة المؤتمر الوطني والقوى السياسية الأخرى المتواطئة معه أيدولوجيا أو عرقيا وإن الجهة المناط بها (أدبياً وأخلاقياً) الإجتهاد في تغيير هذا الواقع هي الحركة الشعبية كتنظيم مناوئ ونظير ونديد ، وصاحبة قوة وصلاحيات من خلال شراكتها في السلطة وبالتالي فإن مؤشر أدائها وحركتها .. كسبها أو خسارتها.. إنتظامها أو إنحرافها ، في أي مجال ، هو مؤشر قياسي لإمكانية (أو لا إمكانية) ومدي ومعدّل أي تحوُّل أو تغيير وإننا حين نتعاطي مع قضايا النقد والنقض بمنطق (لماذا لايرى الناس إلاعيوبنا ويتعامون عن عيوب الأخرين) أو لماذا (حق الحركة الشعبية في السوق وحق التانيِّين في صندوق) فإن هذا المنطق ينسف برنامج الحركة الشعبية ومشروعها المعلن (السودان الجديد) من أساسه لأن هذا المشروع (عبر شعاراته وأدبياته المعلنة) قائم على إجتثاث وإزالة الواقع الحالي (السودان القديم) من جذوره وليس التعايُش أو التواطؤ أو التصالح أو التراضي معه مثلما القوى الأخرى .. وبالتالي فإن معايرة سلوك الحركة الشعبية قياساُ بسلوك المؤتمر الوطني أو أيٍّ من القوى القديمة يُظهِر الشأن وكأنَّما (السودان الجديد) نسخة مُعدَّلة من (السودان القديم) وليس نظاماً بديلاَ عنه . في الحلقتين الماضيتين (1 ، 2) وقفنا عند العنوان عن كيف وما معني قولنا (بدءْ عبد العزيز الحلو في في جبال النوبا / ولاية جنوب كردفان في بناء تنظيم سياسي جديد على أنقاض الحركة الشعبية التى يرأسها ؟!) إنطلاقاً وإستناداً على الإجابة عن السؤال حول ماهية التنظيم السياسي أوالفكري أو أي كيان أو كائن أيدولوجي ؟!.. وكانت إجابتنا البيسيطة بإنها هي الأهداف والقيم والأدبيات والشعارات والشعائر والمقاصد لهذا الكيان .. والنظم واللوائح الضابطة والمحددة لكيفية ممارسة تلك القيم والأدبيات والشعارات والشعائر .. وبالتالي ، خَلُصنا إلى صعوبة إدعاء أحد إن عبد العزيز ادم الحلو يعمل الآن في إطار برنامج الحركة الشعبية بأساليبه ومناهجه ووسائله التي لا صلة لها بمانيفيستو أودستور أولوائح الحركة الشعبية وأدبياتها وشعاراتها (المعلنة) .. وقد حاولتُ سرد نماذج من ممارسات عبد العزيز الحلو هذا في المحاور(التنظيمية والسياسية وتعاطيه وسلوكه مع القضايا العامة) وسردت (الخستكات) التنظيمية في عشرة مناحي ، والسياسية في أربعة محاور بتفريعاتها ، ونسرد في هذه الحلقة (الأخيرة) التعاطي العام لعبد العزيز الحلو مع القضايا : 1. تصنيف خلافات وجهات النظر معه من رفاقه على إنها عداوة وجعل أعضاء المؤتمر الوطني المناوئين له في الفكر السياسي والأيدولوجي أقرب إليه من رفاقه المناوئين له في وجهات النظر والرأي التنظيمي . 2. تحاشِيْ ، والتهرب من ، الحوار والمواجهات التنظيمية والجماهيرية وصار غالب إجتماعاته وتنويراته تنتهي بمهاترة مع أي وجهة نظرمخالفة لما يطرحه مثلما حدث في كثير من لقاءاته ، مثالاً : مع قيادات الحركة بمحلية كادقلي بمباني سكرتارية الولاية في سبتمبر 2009م ، ومع قيادات الحركة بمحلية الدلنج بمباني سكرتارية المحلية في فبراير 2010م ، وأثناء تنويره بدار الحركة الشعبية بالمقرن في مارس 2010م ، وأثناء تنويره لأبناء جبال النوبا بمباني الجامعة في جوبا في يوليو 2010م ، وورشة جَبَدِي (كاودا) مؤخراً في الأسبوع الأول من مارس 2011 ... وغيرها . 3. التفرغ لتنمية قدراته المالية الشخصية من خلال أنشطة وعقارات إستثمارية علنية (كثيرة ومرصودة بطرفنا) ، وقد إعترف ببعضها في مواجهات رسمية مبرراً إنه يهدف إلى توفير أموال للحركة الشعبية لمواجهة تكاليف الإنتخابات الولائية والتعبئة لها ، رغم إن إستثماراته هذه تتم خارج دوائرالجهاز المالي للحزب (سكرتارية الشئون المالية والإدارية) وبإشراف أشخاص ليست لهم اي صلاحيات تنظيمية ، مختارين منه شخصيا . 4. إصدار توجيه شخصي بإستقطاع مبالغ (نتحفَّظ ، ونحتفظ بأرقامها) من ضباط وجنود قوات الجيش الشعبي بالأبْيَض (منطقة جاو) عن مرتبات أشهر عديدة ، خاصة تلك الواردة قُبَيل وما قبل العشرين من ديسمبر 2010م ، والتحفُّظ على (إحتجاز) مرتبات عناصر الخدمة المدنية من أفراد الجيش الشعبي ، وإستقطاعات من أمام صرَّافي المؤسسات من أعضاء الحركة الشعبية بالخدمة المدنية المدمجين مؤخراً (برنامج دمج الخدمة المدنية) .. والتصرف في هذا الأموال (البالغة مليارات) وفق تقديراته الشخصية وتحت إشرافه المباشر . والنتيجة : وفق المشاهدة والمُعايشة الميدانية : 1. إنقسمت الحركة الشعبية بالولاية وتفرعت إلى مجموعات (إثنية .. فكرية (حركة شعبية جيش شعبي ، حركة شعبية مدنيين ، شيوعيين ، حزب قومي سوداني ، كمولو ، سواقط الحركة الإسلامية بإنشطاراتها... إلخ) ،(مجموعة عبدالعزيز ، مجموعة دانيال كودي ، مجموعة إسماعيل جلاب ، مجموعة تليفون كوكو) .. (مجموعة موظَّفي عبدالعزيز ، مجموعة القيادات الجماهيرية)...إلخ..مجموعات ومجموعات تتخابر وتتآمر وتحيك وتحبك المؤامرات والتكتيكات ضد بعضها البعض وتفرَّغت أجهزة الحزب للكيد ضد الرفاق ومتابعتهم و التجسُّس عليهم ، وخَلت الساحة السياسية للمؤتمر الوطني ليسرح ويمرح كيفما يشاء ، ويجتهد في زيادة تسميم هذه الأجواء . 2. إنهارت الروح المعنوية تماماً لعضوية الحركة في ظل غياب الشعارات والمعالم الرمزية وغياب الأنشطة التي تعمل وتساعد على (رفع المورال) لدرجة إنه لم يَقُم الإحتفال بعيد الثورة (16 مايو) للعام (2010) ، كذلك غاب التأبين السنوي للراحل يوسف كوة مكي للعام (2010) مما إضطر أسرته وعشيرته بالريف الغربي لمحلية كادقلي لإقامة التأبين بعد مرورمدة من موعده (31 مارس) بقرية (الأخوال) نواحي ميري ، قرية أسرة والدته ، ولم يحضره المناسبة عبدالعزيز الحلو أو أحد من الرموز التنظيمية للحركة بالولاية ، كما غاب هذا العام (2011) أيضاً أي إرهاصات أو تباشير ترتيب للإحتفال بهاتين المناسبتين اللتين لهما دلالات نفسية ومعنوية عميقة لدي عضوية الجيش الشعبي والحركة الشعبية . 3. تعميق الهُوَّة النفسية بين عضوية الحركة الشعبية بجبال النوبا تجاه قيادة الحركة الشعبية ، القيادة القومية ، وتحديداً قيادات االجنوب (بسبب القرارات غير الموفقة بشأن جبال النوبة بناءاً على التقارير والتنويرات المضللة للقيادة من طرف عبدالعزيز الحلو) . 4. إستعاد المؤتمر الوطني روحه المعنوية وإستعاد مواقعه بين المواطنين للدرجة التي صار فيها الوالي أحمد هارون يتحرك داخل الولاية (و إلى كاودا ، جُلُدْ ، القرى) بمفرده دون شريكه في السلطة لمدة تقارب عن الخمسة أشهر (منذ قبيل شهر رمضان للعام 2010 حتَّى حوالي مطلع شهر فبراير 2011م) بعد أن (غيَّب) عبدالعزيز نفسه عن الولاية طوال هذه الفترة للدرجة التي زار فيها أحمد هارون بمفرده كاودا ثلاثة مرات (خلال الفترة) أثناء زيارة علي عثمان محمد طه ، الجمعة الثانية في شهر رمضان ، ثاني أيام عيد الفطر ووصل منطقة جاو العسكرية في ثاني أيام عيد الفطر(رغم إن جاو منطقة محررة ، خارج سُلطات الشراكة بالولاية) ، ووصل قرية (وَالِي) بمحلية الدلنج (موطن الرفيق العقيد عمار أمون دلدوم الذي فاز بدائرة الدلنج من ضمن دائرتين فقط فازت بهما الحركة الشعبية في إنتخابات المجلس الوطني) !! .. ثم تواصلت تحركاته الفردية بعدها إلى الفولة ، ومهرجانات بالدلنج والقوز(منطقة الدبيبات) ، هذا عدا الزيارات المشتركة والمتكررة مع عدالعزيز الحلو لتلك المناطق ومعلوم إن أحمد هارون يعمل بكل جد في (مثلما يقتضي لكل رئيس حزب أو أي سياسي مسئول) قفل المنافذ التي أسقطت المؤتمر الوطني في إنتخابات المجلس الوطني بدائرتي الدلنج وكادقلي . وعودةً إلى ما ذكرنا في مقدِّمة هذه الحلقة من إنَّ الواقع والرَّاهن الحالي المُعاش هو من صناعة المؤتمر الوطني والقوى السياسية الأخرى المتواطئة معه أيدولوجيا أو عرقيا وإن الجهة المناط بها (أدبياً وأخلاقياً) الإجتهاد في تغيير هذا الواقع هي الحركة الشعبية كتنظيم مناوئ ونظير ونديد ،وصاحبة قوة وصلاحيات من خلال شراكتها في السلطة وبالتالي فإن مؤشر أدائها وحركتها.. كسبها أوخسارتها.. إنتظامها أو إنحرافها ، في أي مجال ، هو مؤشر قياسي لإمكانية (أو لا إمكانية) ومدي ومعدّل أي تحوُّل أو تغيير .. وعوداً إلى ما ذكرنا من إخفاقات وإحباطات وإرباكات الحركة الشعبية بجبال النوبا / جنوب كردفان بسبب القيادة غير الرشيدة وغير الواعية من عبد العزيز الحلو ، فإن مؤشرات ودواعي حتمية أن يفكر النوبا وأبناء منطقة جبال النوبا في طريق ثالث للخروج من النفق المظلم والمصير المجهول الذي يواجهونه ، صارت ماثلة بقوة (اليوم وليس غداً) ، وأصبح من الضروري والحيوي إجراء عصف ذهني (Brain storming) جاد لهذا الشأن ضماناً لمستقبل المنطقة ومستقبل قضاياها. نواصل
• كاتب صحفي وناشط سياسي من جبال النوبا .. مساعد السكرتير للشئون السياسية والتنظيمية (السابق) للحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان .. مرشح دائرة الكرقل ، هبيلا ، دلامي الولائية المؤجلة .