بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    بدء برنامج العودة الطوعية للسودانيين من جدة في الخامس عشر من اغسطس القادم    المصباح في زجاجة.. تفاصيل جديدة حول اعتقال مسؤول "البراء" الإرهابية بالقاهرة    إعراض!!    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن هل جنينا .. بقلم: أبو الحاج فضل
نشر في سودانيل يوم 12 - 04 - 2011

الأستاذ كمال الجزولى عزيز لدينا . دائما نحتفى ب "روزناماته" ذات القيمة الأدبية والتنويرية الرفيعة . نتفق معه ونختلف معه لكنه يظل الكاتب والمفكر الذى نحرص على متابعة "روزناماته" القيمة . ولعل المانع خير - نفتقده منذ عدة أسابيع . أتمنى أن أراه مجددا عبر مقالاته القيمة .

أنا على يقين بأن مقالتى هذه ستشفى غليلا للبعض وتنال رضاءهم ويقينا ايضا ستثير سخط وغضب البعض الذين لا يزالون يعتقدون بوجود "فكى فى القبة" . مقالتى هذه تتحدث عن المسكوت عنه . تتحدث عن جماعة منا لا يزال بعضهم يطل علينا صباح مساء عبر الفضائيات والصحف "ينظرون" لنا ويخاطبوننا واصفين لنا رؤيتهم البائرة عن كيفية انقاذ البلاد من "الانقاذ" ومن المحن التى خلقوها لنا . يقول المثل " البلد المحن لا بد يلولى صغارن " . وهم الذين ظلوا ، كالأرانب ‘ "يلدون المحن" التى ظلت تعصف ببلادنا منذ أن ابتلينا بهم منذ أكثر من أربعين عاما . ونظل نحن " نلولى " .
عندما استولت " الانقاذ " على السلطة تساءل الروائي الطيب صالح ، عليه رحمة الله ، : من أين أتى هؤلاء؟! لقد كان سؤالا آتيا من زمان سحيق . لقد كان تساؤلا فطيرا وساذجا بامتياز . ولقد تم الرد على تساؤل الطيب صالح من قبل الكثيرين . "الانقاذ " لم تتنزل علينا من السماء ولم تكن نبتا شيطانيا انبثق من باطن الأرض . جماعة " الانقاذ " منا نحن أهل السودان . " الانقاذ " ليست الا وليدا شرعيا ونتيجة منطقية لما كان يجرى فى البلاد من "عبث" منذ العام 1964 وحتى العام 1989 حيث " دهتنا بصيرة الانقاذ " .اذا كانت هذه البلاد يمكن أن يحكمها ويهيمن على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها أمثال عبدالخالق محجوب والمهدى والميرغنى ورهطهم وبكل عللهم البنيوية فلماذا لا يأتى آخرون أكثر حنكة ودربة ومكرا وينقضوا على السلطة وينفردوا بها ؟! جماعة " الانقاذ " هؤلاء أتوا من بيوت الطين وبعضهم لم يكن يملك حتى بيتا طينيا . لم يأتونا من قصور ولا من " دوائر " . من قلب الحارات والبلدات الترابية أتوا . جاؤونا " مريوقين " و " مصرومين " للمال والسلطة والجاه . كانوا يعرفون تماما ماذا يريدون . أمسكوا بالبلاد من جميع مفاصلها السياسية والاقتصادية . قضوا وبطريقة منهجية على أي فئة يمكن أن تشكل تهديدا لهم . ومما ساعدهم على إحكام السيطرة على البلاد والعباد " هوان " من كانوا يحكمون البلاد ويسوسون العباد قبل استيلاء "الانقاذ" على السلطة . أؤلئك الذين كانوا على رأس السلطة فى البلد ، وفى طليعتهم المهدى ، هم نفس الجماعة الخائرة التى مهدت الطريق لقدوم سئ الذكر نميرى العام 69 . ما أتوا من فراغ ، أعنى جماعة الانقاذ . كان المشهد السياسي العام 89 قد أعد لهم تماما . كانت الممارسات السياسية للمهدى وبقية الفرقة "السجمانة" المتربعة على مفاصل السلطة مثار قلق واشفاق لجميع المراقبين . كان المهدى وجماعة السلطة فى واد والشعب فى واد يفصل بينهما صدع لا حدود له . لقد قام المهدى بتجفيف الحياة السياسية آنذاك من جميع الأسس والقيم المتعارف عليها والتى تحكم العلاقة بين السلطة الحاكمة والشعب فى الأنظمة الديمقراطية . لم يكن هناك بواك على المهدى وسلطته التى كانت زورا تدعى الحكم باسم الشعب عندما استولت "الانقاذ" على السلطة بليل . الذى أودى بآمال أهل السودان فى حكم ديمقراطي معافى العام 69 هو نفس الشخص الذى وأد الآمال العريضة التى أراد الشعب تحقيقها عندما أطاح سئ الذكر نميرى العام 85 . لقد قالها الجميل الخاتم عدلان ، عليه رحمة الله ورضوانه : " إن المهدى يكلف السودان شططا لا قبل له به " . ولا يزال المهدى يمنى النفس بالعودة الى سدة السلطة بالبلاد .
قرأته منذ أيام يقول انه يمهل "الانقاذ" شهرا فقط . اما أن تأتى الانقاذ وتوافق على تشكيل حكومة قومية لادارة البلد والا فلن يكون أمامه الا خيارين " إما أن ينضم للمعارضة لاسقاط النظام أو يعتزل العمل السياسي " يا مثبت العقل والدين أغثنا من هذه الترهات . لقد تعود المهدى على إطلاق مثل هذا "الكلام الساكت". والسؤال هو : ماذا كان المهدى يفعل طوال العقدين الماضيين من حكم الانقاذ ؟ ألم يزعم بانه يعارض حكم "الانقاذ" ؟ أم انه كان فى منزلة بين المنزلتين؟ منزلة "القابض" الليلى ومنزلة المعارض النهارى ، كما قال على بن كرتى . أرحمنا وأرحم نفسك يا رجل واعتزل بعد ان تعديت السبعين من عمرك المديد انشاء الله . أما أن تقاوم "الانقاذ" كما كان صاحبك الميرغنى يقاوم من أسمرا فهذا "كلام له خبئ معناه ليس لنا عقول "
ما أنت ولا الميرغنى "ناس حاره" . المهدى والميرغنى لم يعطوا هذا الشعب شيئا يذكر . كانوا دائما يأخذون . لم أرى ولم أسمع طوال الخمسين عاما الماضية بأن المهدى أو الميرغنى قد قدموا عملا خيريا لصالح فقراء هذا البلد . ولا حتى شفخانة ولا مدرسة ابتدائية أقاموها لمعالجة مرضى هذا البلد وتعليم أطفاله . كانوا دائما وأبدا يأخذون . أياديهم دائما وأبدا هى السفلى . امتلكوا الدور والقصور والمزارع والحدائق والمصانع لهم فقط . لم يعطوا لهذا البلد شيئا يذكر . دائما يدعون هذا الشعب الطيب والمغلوب على أمره بأن يتبعهم . يثور الشعب مزيحا سئ الذكر نميرى فيأتون لالتقاط الثمرة اليانعة من شجرة النضال المرير التى سقاها الشعب بعرقة ودمائه . ويتسلطون على كراسى الحكم ولا هم لهم الا منافعهم وأسرهم واعوانهم فقط . اما اغلبية الشعب فعليهم الانتظار الى أن يكتفى" السادة" ويشبعوا فربما يكون هناك بعض الفتات للشعب بعد ان " يبشم " " السادة" . وظنوا أنهم مخلدون فيها وانهم سيسلمونها الى” عيسى " ولكن "عيسى" جاء هذه المرة مبكرا . و " نواطير الانقاذ " لم تنم . فعصفت ب " الثعالب " . أنقضوا على السلطة " السائبة " بليل وأحكموا قبضتهم عليها . وهم يعلمون أن ماهناك من " صليح " للمهدى والميرغنى ومحازبيهم . وانهم أي جماعة " الانقاذ " يعلمون أن " ماعندك حدا " . فقد كفر الشعب بديمقراطية شوهاء تسلط عليها المهدى والميرغنى ومن لف لفهم .

فى "روزنامته" ، فى اكتوبر الماضى ، كتب الأستاذ الجزولى معاتبا أخونا فتحى شيلا على "كلام ساكت" قاله ، بصفته الناطق الرسمى باسم حزب المؤتمر الوطنى ، عن تنفيذ اتفاقية نيفاشا والاستفتاء المنتظر لتقرير مصير الجنوب . لقد كان الاستاذ الجزولى قاسيا على فتحى شيلا وتساءل مع عمنا الرباطابى "نحن هل جنينا أم عقولنا نصاح" . أن ما يجرى بالسودان حاليا وما يريد نظام الانقاذ تسويقه لنا ليس له معنى الا اننا جنينا ومن زمان يا استاذ . " لوم نظام الانقاذ ما بركبو لو جمل " لكن هناك من سلمنا وسلم البلد لنظام الانقاذ . لا يستحق فتحى شيلا هذه القسوة . فالرجل لم يخرج على قطيع "سيده" ابدا . بل مضى فى اثر "سيده" والتحق بالمؤتمر الوطنى ليرسّم ناطقا رسميا لحزب النظام الحاكم . لقد رأى شيلا ان "سيده" قاعد "يشيل" ف "شال" .
ودائما نجد القادمين الجدد الى المؤتمر الوطنى ، سواء أتوا من احزاب "السجمانين" أو جماعات تتظاهر بالمعارضة ، يرسّمون فى مناصب إعلامية ليفرض عليهم تلاوة فعل الولاء "للانقاذ" صباح مساء مما يؤدى الى " استطالة " انوفهم والسنتهم ، "تطول" انوفهم لأنهم يتحرون الكذب ، والالسن الطويلة لزوم " لحس الكيعان" أو كما قال الدكتور نافع . هذه هى وظيفة شيلا التى يأكل منها عيش فى زمان عزت فيه اللقمة . فلماذا نلومه ؟ وهل لمنا "سيده" على تماهيه مع منطلقات وسياسات النظام الحاكم . شيلا مسكين وغلبان . لقد تعب المسكين من المعارضة "المسيخة" التى اتضح له انها "لاتوكل عيش" . ورأى ان "سيده" قد تعب ايضا مع اختلاف نوعية التعب . لقد مضى شيلا خلف "سيده" الى ان وجد نفسه فى "حوش" الانقاذ فقعد "القعدة الياها" بعد أن وجد ان "سيده" قد سبقه الى "القعاد" هناك .
كان الميرغنى أيام المعارضة المقبورة فى اسمرا يصيح محذرا ومنذرا "سلموا تسلموا" . وكنا نظن، ودائما ما يكون ظننا "خبالا " ، ان الميرغنى يحذر وينذر" الانقاذ " بان المقاومة ستأتى الى الخرطوم وتجتث " الانقاذ " اذا لم تسلم فتسلم من الاجتثاث . وقد اتضح لنا مدى "خبالنا" بعد ان عاد الميرغنى الى الخرطوم "مستسلما" . يقينا كان الميرغنى يعنينا نحن وليس النظام الحاكم فى الخرطوم . وعاد الميرغنى مستسلما ليقتدى به شيلا وبقية الجماعة . يذكرنى ذلك بحكاية صاحبنا الشايقى الذى عاد من حقله الى القرية مع المغارب فوجد القرية تحتفل وليس من مناسبة للاحتفال لديه سابق علم بها .فتسائل مستغربا : الشى شنو؟! فقيل له : سيدى جابو ليه ولد . فتفجرت الدهشة والاستغراب لدى صاحبنا الشايقى وصاح : هيييي ، هو سيدى ب ...؟! كما تساءلنا نحن "بغباء" عندما كان الميرغنى يتظاهر بقيادة مقاومة النظام فى اسمرا : هيييي ، هو سيدى بقاوم ؟!

"نحن هل جنينا ........." جنينا ساكت ، ومن زمان يا استاذ الجزولى . لقد ابتليت بلادنا برجال أصابتهم شهوة السلطان تسيدوا المسرح السياسى منذ اكثر من اربعين عاما . فى اكتوبر العام 64 أزحنا نظام عبود . وكان الأمل أن نأتى برجال يقودون البلد الى الحرية والعزة والرفاه . لكن جاءنا مسوخ رجال جثموا على حياة البلد السياسية والاقتصادية و الاجتماعية الى ان اوصلونا الى العام 89حيث "سلمونا" للانقاذ كنتيجة أكثر من منطقية للمقدمات التى كان ابطالها بضع رجال جوف تسلطوا على البلاد والعباد فاوصلونا الى ما نحن فيه الآن من ضياع و "هملة" .
عبدالخالق محجوب ، المهدى , الميرغنى والترابى . هؤلاء الاربعة هم اسباب البلاء والبؤس والضياع الذى حاق ويحيق بالبلاد . هناك آخرون غيرهم , لكنهم هم الرؤوس الفارغة التى أوصلتنا الى ما نحن فيه من ضياع .
عن الميرغنى تحدثنا عندما كنا "ندافع" عن فتحى شيلا . يقول الامام الغزالى :" آخر ما ينزع الله من قلوب الصالحين شهوة السلطان." فما بالنا بغير الصالحين من هؤلاء الاربعة البائسين وغيرهم ممن رزئت بهم بلادنا . لا يزال الثلاثة الباقين منهم يقرفوننا ويرذلوننا صباح مساء . وعن عبدالخالق محجوب ‘ الذى كان سكرتيرا للحزب الشيوعى ، الذى رحل ولا تزال نتائج اعماله البائرة ماثلة أمامنا . يقول المثل : YOU CAN”T JUMP A CHASM IN TWO BOUNDS ولكن السكرتير ، مدفوعا بشهوته المرضية للسلطان ، أراد عبور الهوة فى قفزتين فهوى وهوت معه آمال جيل بأكمله فى هوة لا قرار لها . كتب البروف عبدالله على ابراهيم يوما ، عن اليسار "الجزافى" ، قائلا :" تأبط الكولونيل غرما نواي بندقيته محاولا اقتلاع سلطة الامبراطور هيلاسلاسى وفشل " . لقد كان الأجدر بالبروف ان يحدثنا عن كيف ان "معبوده" سكرتير الحزب قد تأبط آمال جيل باكمله فى محاولة "جزافية" مأساوية بائسة للوصول الى السلطة فأودى بالحزب و بحيوات رجال كبار على مذبح شهوته المرضية للسلطان . والمغثى فى الأمر ان السكرتير تنصل عن مشاركته فى محاولة الانقلاب وأنكر أى علاقة له بها وحاول الهرب للنجاة بجلده وبجلده فقط . ولن يصدق حتى الذى على رأسه "قمبور" ان المرحوم هاشم العطا قد قام بمحاولته الانقلابية دون الموافقة الكاملة والرضاء التام من السكرتير . لقد كان السكرتير هو الحاكم بأمره ، كان هو الحزب والحزب هو .وكل من كان يشكل تهديدا لسيطرته الكلية على الحزب كان يبعد أو يدفع الى الانتحار أو تتم مضايقته الى أن يرحل ملتحقا بحزب آخر . ولكن كان هناك أصلب الرجال عزما وفكرا بعضهم رحل وبعضهم لا يزال يقاتل وقفوا فى وجهه وعرّوه نذكر منهم الراحلين العظيمين صلاح أحمد ابراهيم والخاتم عدلان . ولكن لا يزال هناك من يقدس "المعبود" الميت ويصم أذنيه عن سماع أي كلمة نقد تمس السكرتير "المعصوم"!
"نحن هل جنينا .........." جنينا ساكت ، ما من زمان يا استاذ الجزولى . اكتوبر العام 64 أزحنا نظام عبود وجاءنا المهدى وتفاءلنا خيرا بهذا الشاب حفيد الامام . ولكنه كان "أظرط" من سابقيه ولاحقيه .تولى رئاسة الوزارة بعد ان "دفر" المحجوب الجميل . أراد أن يكوش على كل شئ منذ البداية وأثارها "شمطة" مع عمه الأمام عليه رحمة الله . وطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان ورفض تنفيذ حكم المحكمة باعادتهم . وكانت النتيجة هي دفع الشيوعيين للتحالف مع العسكر ليأتينا "كسار الجبور" سئ الذكر ، ضحل الفكر ، نميرى . رمى الشيوعيون بثقلهم تأييدا لانقلاب نمير ى نكاية بالمهدى وزمرته ليأتى نميرى ويقضى على السكرتير وحزبه فى يوليو 71 .

"نحن هل جنينا .............." جنينا ساكت ، ما من زمان يا استاذ الجزولى . ويضحك القدر معيدا التاريخ الى أيام المهدى البائسة . قمنا فى ابريل 85 بازاحة نظام "كسار الجبور" وكان المهدى "لابدا" لنا عند أول منعطف . جاءنا ، يا لسخرية الأقدار منا ، ومن طيبتنا الغبية ، جاءنا المهدى
رئيسا للوزارة . نفس "البوربونى" من شقانا تانى جانا ، فتأملوا . يحل وزارة ويشكل اخرى (اخرى هذه تقرا بالضمة على الألف وتقرا فى كثير من الاحيان بالفتحة على الألف عندما يتعلق الأمر بالوزارات التى كان يشكلها المهدى) قام بحل و زارته الأولى لابعاد الدكتور أبو حريره . كان أبو حريره وزيرا للتجارة ولأنه كان "مستقيما" فقد أقصاه المهدى عن الوزارة . ( لله در الجميل الدكتور النور حمد ، فقد دأب على تنويرنا بسلسلة مقالاته الرائعة المعنونة "كيف أقصى الملتوون المستقيمين" ) أقصى المهدى الدكتور أبو حرير "المستقيم" ليفسح المجال "للملتوين" قال المهدى ، مبررا إقصاءه أباحريره " انه كان قليل الخبرة وشم شطة فعطس" أبو حريرة لم يكن قليل الخبرة. كل "عيبه" انه كان "مستقيما" وسط مجموعة من "الملتوين" ورأى الفساد ضاربا أطنابه فى وزارته فقرر تنظيف الوزارة من الفساد والمفسدين "الملتوين" . ولكن، كان المهدى نصيرا "للملتوين" فأقصى الدكتور أبو حريره . يظل هو الثابت والميرغنى ورهطه هم المتحولون . نفس الخرمجة القديمة عادت الينا فى عبوات جديدة . رفض قبول الرجل النظيف احمد السيد حمد عضوا فى مجلس رأس الدولة بحجة انه كان من سدنة نميرى .وفى اليوم التالى يأتينا بصهره الترابى ، الذى "طوب"نميرى إماما للأمة ومجددا للدين ، وزيرا للعدل . لم يستحى المهدى من السماء ولا منا . كان هو الذى مهد الطريق لصهره ليأتينا العام 89 بالانقاذ . الحقيقة كما أرى ، لقد حققت " الانقاذ " انجازا لنا كنا نراه مستحيلا . لقد أبعدت المهدى عن كرسى الحكم والى الأبد وعلينا ان نشكر" الانقاذ" ونحمد لها هذا الصنيع . وكما وصفهم "حكيم الانقاذ"على بن كرتى ب "السجمانين" ، يقصد المهدى والميرغنى . ولعل بن كرتى نسي أو تناسى السجمان الثالث الا وهو شيخه سابقا الترابى . علينا أن نسميه ب "التربى" اى حفار القبور الدفان . وهو الذى أعد حفرة "الانقاذ" ورمى فيها البلاد والعباد منذ العام 89 . ولا نزال فى قاع حفرة "التربى" نجاهد ونسأل الله الخراج . ولكن" الانقاذ " لا تزال تدهشنا بعجايب وانجازات اخر ولا بد من ازجاء الشكر للانقاذ . ولأن " التسوى كريت فى القرض تلقاهو فى جلدا " " ................قال فرعون ما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد " الآية 29 من سورة غافر . الترابى كان هكذا ، فرعون زمانه . هكذا كان يسوس تلاميذه . لكن كان لتلاميذه رؤية أخرى فى سياسة فرعون آخر الزمان الترابى . لقد سقوه من نفس الكأس التى سقانا بل أدهى وأمر . الحمد لله الذى سلط على الترابى من لا يخاف الله ولا يرحم الترابى .

"نحن هل جنينا ................" جنينا ساكت ، ما من زمان يا استاذ الجزولى . ليس هناك فرقا يذكر بين الشخصيتين – الترابى وعبد الخالق محجوب . كلا الرجلين كان معتوها بشهوة السلطان . كان كلاهما لا يحتمل الرأي الآخر . كان كلاهما هو المعبود الحي لمحازبيه . كلا الرجلين من طينة واحدة . كلاهما كان مؤدلجا حتى النخاع . كلاهما كان يرى ان لديه فصل الخطاب وان التاريخ ينتهى عنده . لكن الترابى كان هو الأكثر ذكاءا والاوسع حيلة من صاحبه الشيوعى بالرغم من ان كليهما كان كان "جزافيا" عجولا - نعود بالفضل لأهله ، "جزافى" هذه يرددها دائما فى بعض كتاباته البروف عبدالله على ابراهيم عندما يناكف رفقاء الحزب سابقا - الترابى كان اذكى من الأخر الشيوعى . حاول الشيوعى القفز على حصان السلطة ولكن الحصان كان عسكريا جامحا فأودى به وبحزبه . لكن الترابى استولى على السلطة عندما كان المهدى رئيسا لها . الترابى كان يعلم تماما اين يضرب المهدى . كان يعلم تماما اهواء المهدى ومسكه للعصاة من منتصفها وليس لدى المهدى عصاة . أهلنا التامراب لديهم كلمات حكيمة . عندما يدعو احد التامراب على شخص آخر يقول : ( أنت بالحربه ال تعرف محل زوغتك) أي عندما ترمي احدهم بحربة فانه يزوغ او يروغ عنها لتفاديها . ولكن تلك الحربة التامرابية تعرف محل زوغة الزول فتصيبه . هكذا كان الترابى بذكائه الشيطانى يعرف "محل زوغة المهدى " فأصابه بحربته "الترابية" وأقصاه عن السلطة والى الأبد . كان الترابى واثقا من نجاحه فى الاستيلاء على السلطة التى يتحكم فى مفاصلها "وحيد زمانه" المهدى . وقعت جميع الاحزاب والهيئات والنقابات على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية الا الترابى وجماعته فقد أبوا . لقد كان الجميع يدرك انهم كانوا يعدون للانقلاب على الديمقراطية الوليدة الا "وحيد زمانه" تظاهر بانه لم يكن يعلم . فيا لها من مصيبه عظيمة . كان المفترض عقلا ان يتم حصار الترابى وزمرته الرافضة وعزلهم . لكن المهدى أتانا بالترابى وحزبه شركاء فى حكومته الثالثة نكاية "بالسجمان" الآخر وبنا ايضا . وهكذا وبكل القصد أو بغير قصد سوى النية المبيتة لابعاد الآخرين منح المهدى الفرصة للترابى ليخطط للاستيلاء على السلطة من داخل مفاصل الحكومة . . أبدا لم تكن نكاية بالميرغنى بل كانت نكاية وازراء بنا ، بكل السودان المغلوب على أمره والذى ابتلي بنوع من أدعياء العلم بكل شئ ...."السجمانين" .

abualhaj fadul fadul [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.