أقر وزير الدفاع السوداني الفريق عبد الرحيم محمد حسين أن السودان لا يمتلك الرد العسكري على إسرائيل لكن الردود يمكن أن تكون (دبلوماسية وسياسية) وقد تكون أكثر إيلاما من أي رد آخر، هذا ما أدلى به السيد الوزير في أول حوار صحفي له بعد قصف الطيران الإسرائيلي لسيارة السوناتا ببورتسودان، نشر يوم أمس الإثنين 18/4، ففي ذلك الحوار الذي أجراه رئيس تحرير صحيفة السوداني الأستاذ ضياء الدين بلال وفي سياق الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان السودان هدفا سهل المنال أجاب وزير الدفاع بأن (الوضع يسهل هجوم الأعداء ويصعب علينا دور الحماية، وعندما تنظر إلى التقانة الموجودة لدى إسرائيل وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى العلوم الموجودة عندهم والتقنيات الحديثة وأنواع الأسلحة التي يمتلكونها إلى جانب التعاون والتنسيق الكبير بين إسرائيل وبين هذه الدول يجعل مهمتنا صعبة). وما دام وزير الدفاع نفسه أعاد الكرة إلى ملعب السياسة والدبلوماسية وقال إن تلك هي ميادين الرد على الغارات الإسرائيلية، فإن من المشروع جدا محاكمة "السياسات الإنقاذية" التي جرّت السودان إلى مواجهة مع إسرائيل لا يملك- باعتراف وزير الدفاع – عدتها وعتادها، تلك السياسات الطائشة التي جعلت السودان يتصدى لأدوار "أممية" تتمثل في احتضان الحركات الإسلاموية المسلحة رافعا شعارات مواجهة الصهيونية والاستكبار الأمريكي مدفوعا بالحماس الآيدولوجي الأعمى الذي يحجب عن أصحابه بداهات الواقع السياسي، الاقتصادي، الدبلوماسي، والعسكري للدولة السودانية ولمحيطها الإقليمي والدولي، بكل تأكيد إسرائيل كيان عنصري وإستعلائي، ودولة تضع القانون والشرعية الدولية تحت قدميها، وبإتقانها لفنون الاختراق والسيطرة على مواقع ومراكز اتخاذ القرار في أمريكا وفي كثير من المؤسسات الإقليمية والدولية استطاعت أن تفرض مصالحها وأطماعها غير المشروعة كقانون أعلى وأفلتت من العقاب في كل الجرائم البشعة التي ارتكبتها في حق الشعب الفلسطيني صاحب القضية العادلة الجديرة بتعاطف كل أحرار العالم وشرفائه، وصاحب الحق في أن يقاوم بكل الوسائل لاسترداد حقوقه المسلوبة، ولكن هل نظام الإنقاذ مؤهل لنصرة القضية الفلسطينية؟ وهل السودان كدولة بظروفه الحالية قادر على القيام بأدوار إقليمية بموجبها يكون طرفا في مواجهات عسكرية عبر تسليح هذه الجماعة أو تلك أو السماح بعبور شحنات الأسلحة عبر أراضيه إلى بؤر الصراع؟ نظام الإنقاذ الذي يرفع عقيرته بإدانة الصهيونية هو نظام له ممارسات في حق شعبه شبيهة بممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني من قتل وتعذيب وتشريد، ويكفي أن عدد القتلى في الحرب الأهلية في دارفور حسب الإحصاءات "الحكومية" عشرة آلاف، أي ما يزيد عن خمسة أضعاف ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا!! وبالتالي فإن نظام الإنقاذ وكل أشباهه من نظم (ملة الاستبداد والفساد في المنطقة) لا يمتلك المشروعية الأخلاقية لمواجهة إسرائيل التي-رغم إدانتنا الكاملة لها - ينتخب شعبها حكامه دوريا في انتخابات حرة نزيهة، وعندما تحوم حولهم شبهات الفساد تقبض عليهم الشرطة ويمثلون أمام القضاء ويحاكمون في إذعان لسيادة حكم القانون كما حدث لرئيس الوزراء السابق يهود أولمرت، وكما حدث لرئيس الدولة الأسبق موشيه قصاب الذي سجن سبعة سنوات بتهمة الاغتصاب، المعركة مع إسرائيل لن تحسمها شحنات الأسلحة إلى حركة حماس، بل الخطوة الأولى في حسمها هي إلحاق الهزيمة ب(صهاينة الداخل) ب(ملة الاستبداد والفساد) التي سلبت شعوبها الحرية والكرامة وحرمتها من الحكم الراشد فعوقت تطورها في جميع المجالات وجعلتها منزوية على هامش التاريخ في ضعف وهوان! الرد على إسرائيل ليس بالسد، ولا بخطب الشيخ الكاروري في مسجد النيلين، ولا بالهتاف الأجوف، بل بتغيير ما بأنفسنا. rasha awad awad [[email protected]] \\\\\\\\\\