حدثت وقائع عدة مخجلة من قبل نظام الإنقاذ في السودان بعد سقوط نظام حسني مبارك لم يعهدها السودانيون ولا تشبههم في سلوكياتهم وثقافتهم رغم تنوعها. تتمثل تلك الوقائع في التشفي والشماتة لما حدث لحسني مبارك ونظامه. هذه الأحداث وما سبقها تؤكد على أن أهل الإنقاذ والمؤتمر الوطني حقا وصدقا لا ينتمون إلى هذا الشعب السوداني العظيم فكرا وثقافة وسلوكا. فمنذ سقوط حسني مبارك الذي فرح له القاصي والداني من شعوب الوطن العربي لم يحدث من أنظمتهم ما حدث من نظام الإنقاذ من شماتة تمثلت في زيارة رئيسه مباشرة بعد سقوط طاقة مصر ودعوته ثم رشوته للمجلس العسكري ب 5000 رأس من الأبقار في الوقت الذي هو في أشد الحاجة إليها وذلك للمساندة له بنفس الطريقة التي كان يقوم بها نظام حسني مبارك. وقد وضح جليا أن الحاكم المصري فيما يتعلق بمصلحة بلاده عندما رد الزيارة وقبل الهدية وأرسل شباب الثورة" ليعانقوا ظلمة ودكتاتور السودان الذين يكممون ويعذبون "الشقيق الأصغر". لم يكتف نظام الإنقاذ بذلك ولكنه أعلن أن السودان يرفض ترشيح مصطفى الفقى أحد رموز النظام الحاكم المخلوع في مصر لأسباب ليس من بينها الكفاءة التي يتطلبها المنصب ولا الموضوعية التي تقوم على المصلحة للدول العربية المراد أن يمثلها أي أمين عام يأتي مرشحا للمنصب ولكنه رفض جاء على خلفية شخصية للمرشح المصري في شخصه. ولولا الثورة التي أطاحت بنظام الفقي لما تجرأ نظام الإنقاذ على رفضه بل كان ومستشار الجمهورية ووزير الخارجية الأسبق والذي كان يتطلع للمنصب أول من أيده ليس لمصلحة سيقدمها الفقي للعرب ولكن تملقا "للشقيق الأكبر". يرجع سبب نظام الإنقاذ في رفض ترشيح الدكتور مصطفى الفقى لأنه من اللذين قالوا بأن نظام الأنقاذ في السودان هو نظام فاشل وذلك في لحظة لم يكن رئيس مصر راضيا تماما عما يقوم به نظام الإنقاذ في السودان بسبب محاولة إغتياله والتي لو كانت قد نجحت لحلت أهل مصر من كل المآسي التي تلت ذلك العام ولكنها كانت ستكون عكس تماما لما هو عليه حال حسني مبارك الآن. كانت تلك الحادثة جعلت منه بطلا يتغنى به أهل مصر ويضعونه جزءا من المقررات الدراسية والمنهج الجامعي وفرضوه كما فعلوا من قبل على المناهج الدراسية في السودان. ولكن علم الله كان سابقا لما كان يقوم به حسني مبارك في شعبه ودعوات المظلومين من أهل مصر كانت وراء ألا يتحقق ما تم التخطيط له رحمة بمصر وأهلها وفضحا لحسني مبارك ومن معه من عصابات نظامه التي أصبحت الآن في السجون تنتظر الحكم عليها بالفساد. لقد كان مصطفى الفقي وحزبه المنحل في مصر قد قام بتأييد نظام الإنقاذ منذ يومه الاول بإعتباره إنقلابا تقوده جماعة من الضباط الذين ينتمون للنميرى الذي جعل السودان إمعة لمصر في كل توجهاته السياسية وهي الحال التي إفتقدوها عندما جاء بدلا عنه نظام ديموقراطي بإختيار حر ونزيه بقيادة حزب الأمة وتحت زعامة رئيسه الصادق المهدى والذي إعتبروه يقف ضد مصالحهم في السودان. هذا الموقف المصري من حزب الأمة موقف ثابت تاريخيا منذ نهاية الثورة المهدية مرورا بتدبيرهم وتأييدهم لإنقلاب عبود ثم تدبيرهم وتأييدهم المتواصل لنظام مايو العسكري الذي حدثت عند بدايته مجزرة الجزيرة أبا حينما قامت مصر بضرب الأنصار فيها بطائرات الميق التي لم يكن السودان يمتلكها عندئذ كما جاء على لسان رئيس وزراء السودان الأسبق محمد أحمد محجوب في كتابه الديموقراطية في الميزان ص 241. لهذا كان الأولى بنظام الإنقاذ أن يسبب رفضه للفقي من جانب يتعلق بالمصلحة القومية للعرب ودولهم جميعها والتي فرط فيها عمرو موسى كثيرا وعمل ضدها في معظم الأحيان خاصة عندما يتعلق الأمر بدول أفريقيا في الجامعة العربية. فمثلا لم يكن هناك موقف واحد يؤكد على أن الجامعة العربية تعمل على وقف الحرب في الصومال والتي استمرت 28 عاما والتي تدخلت فيها أثيوبيا وكينيا كدولتين غازيتين إقليميا وأمريكا ثم الدول التي تدعي بأنها تحارب القرصنة في بحر العرب وهي تقتل الصوماليين الذين يدافعون عن مياههم وثروتهم السمكية في حدودهم الإقليمية. ولم نسمع من عمرو موسى شيئا إيجابيا وعمليا في مأساة السودان التي أدت إلى إنقسامه ولا دور إيجابي يسهم في حل مشكلة دارفور التي خلقها نظام الإنقاذ الذي يدعى علاقته الطيبة بقادته. وعلى العكس من ذلك تماما كان عمرو موسى من المؤيدين لأي عمل عسكري يقود إلى زعزعة العرب وفشلهم بدل البحث في تفعيل دور الجامعة العربية في حل مشاكل الدول بعيدا عن التدخل الخارجي العسكري والذي قاد إلى إنهيار العراق ويقود الآن في إنهيار ليبيا مع زعزعة لا يعلم منتهاها إلا الله في سوريا واليمن ولبنان والجزائر والسودان. ولولا تدخل مجلس التعاون الخليجي السريع والحاسم لكان حال البحرين وعمان هو نفس هذه الدول. كل هذا الإنهيار الذي يحدث في الوطن العربي يأتي بسبب الأمين العام للجامعة العربية منذ نشأتها في عام 1945م والذي منذ نشأتها كان مصريا ما عدا الفترة التي انتقلت فيها الجامعة إلى تونس حيث كان تونسيا هو الشاذلي القليبي. فلو كان نظام الإنقاذ رفض ترشيح الفقي من هذا المنطلق لكان معقولا ولوجد من يقف بجانبه حتى لا تزداد الجامعة العربية ضعفا على ضعفها وتصبح مكاتبها للمأكلة والمحسوبية كما عملها مستشار الرئيس في الخارجية السودانية، ولكن عدم موضوعية نظام الإنقاذ نفسه في وجوده كنظام جعلت منه رافضا لأسباب شخصية لا تتعلق بمصالح الشعوب العربية. Abdalla gasmelseed abdalla gasmelseed [[email protected]