ينسب الشعر الهمبجي الى الشاعر همبجا HAMBAJA ود إدريس الذى عاش فى المتمة ومنطقة وادى الحمار فى اربعينات القرن الماضى . واشتهر بقصيدة وحيدة سيأتى ذكرها مع سيرة عمنا همبجا لاحقا . هناك الشاعر المفلق ، وهذا معروف للجميع ، لكن ما ليس معروفا هو الشاعر المفلق ( بكسر الميم وفتح الفاء وبكسرة مشددة على اللام ) وهذا نوع جديد من الشعراء . ومانحن بصدده هو هذا النوع الجديد من الشعر . قال شاعر مفلق من النوع الجديد : البارح جيت مفلق لقيت عشاي معلق بى ملاح بربور من الليدين يتزلق وملاح البربور يتكون من الماء والفاصوليا البيضاء الناشفة وبصلة إن وجدت . لا لحم ولا سمن ولا زيت لأنهم على أيام ملاح البربور تلك كانوا لا يستخدمون الزيت الا للمسوح فقط . وسمي بربورا لانه يبربر فى بطن آكله كما تبربر بعض اشعار "همبجية" هذا الزمان فى أرواحنا . قال السيد الإمام الصادق المهدى إن قريحته قد جادت عليه ببعض الشعر . والإمام الكريم بطبعه آثر أن يشركنا فى "الاستمتاع" بعينة من شعره . قال الشاعر الإمام : من تمطى باسما ظهر النمر حتما سيأكله ويبتسم النمر هذا زمان السيد الإمام . ونحن المعاصرين "لابداعاته" السياسية منذ العام 1964 نجد أنفسنا أمام إبداع جديد للسيد الإمام . ونحمد الله فى كل الاحوال ونحمد للسيد الإمام إهتمامه الأكيد بنا الى الدرجة التى إجتهد فيها ليجد وقتا لقرض الشعر واتحافنا به (تقرأ وفلقنا به) بالرغم من مشغولياته السياسية التى تزحم وقته الثمين . وكما يقال – الشعر بالشعر يذكر فقد قررنا اعطاء القارئ نبذة عن عمنا الشاعر همبجا ود ادريس وشعره . ولد شاعرنا همبجا بمنطقة وادى الحمار جنوب غربي المتمة فى أوائل القرن الماضى وعاش عمرا مديدا . وكان معاصروه يروون عنه الكثير . لكنهم أجمعوا على انه وطوال حياته لم ينظم سوى قصيدة واحدة اسوة بابن زريق البغدادى . الحمد لله ، فقصيدة واحدة من شعر همبجا تكفى لاغثاء واتعاس جيل كامل . إنه شعر الهمبجة على وزن الهمبتة . الهمباتى يسرق مالك وربما روحك والهمباجي يعكر مزاجك ويرفع ضغط دمك ويسرق صفاءك النفسي والروحي وربما قتلك غما . وبين ايدينا الآن الأثر الوحيد الذى "خلفه" الشاعر همبجا الا وهو قصيدته التى يقول معاصروه انه نظمها فى مدح السيدة الروضة بت الحر متحسرا على فراقها . ومما سنرى عند قراءة القصيدة والتمعن فيها إن صاحبنا همبجا كان المبتدع والرائد الأول للشعر الرمزى التجريدي الحديث سابقا بذلك بدر السياب ونازك الملائكة وجميع من يدعون ريادتهم لهذا النوع من الشعر . لقد ضاع حقنا فى ريادتنا للشعر الحديث الذى ابتكره شاعرنا همبجا منذ أكثر من سبعين عاما . ولو كانت وسائل النشر الحديثة متوفرة على أيام شاعرنا همبجا لسار بذكرنا الركبان . لكننا وقد عقدنا العزم سنأخذ لشاعرنا حقه حتى يرتاح فى قبره . سنكون جمعية نسميها "جمعية إحياء تراث الشاعر همبجا" للبحث عن أي آثار له إن وجدت وحفظها وسنقوم بتحويل بيته فى منطقة وادى الحمار ، إن وجد ‘ الى متحف يحوى جميع مايتعلق بالشاعر همبجا من آثار إن وجدت . وسيستمر هذا الكاتب فى الدفاع عن شاعرنا همبجا وريادته للشعر الحديث كلما لاح لنا شاعر جديد "مفلق" . وكما اسلفنا فإن شاعرنا همبجا ولد ومات فى منطقة وادى الحمار . وقد يتبادر الى ذهن القارئ الحصيف إن هناك علاقة ما بين شعر همبجا ونسبة المنطقة التى عاش فيها الى الحمار . لكن معاصروه أكدوا لى إن همبجا ولد بعد تسمية المنطقة بوادى الحمار . عليه فإن الحمار الذى سميت المنطقة باسمه برئ من همبجا وشعره . وقد سمعت ان اسم الحمار اطلق على المنطقة لانه فى احدى السنين المطيرة جاء سيل عرم بالوادى وجرف حمارا وقتله فسميت المنطقة بوادى الحمار . لكن آخرون من أهل المنطقة أكدوا لى إن ذاك الحمار التعس لم يقتله السيل بل إنتحر بالقاء نفسه فى مجرى السيل عند سماعه لاحدى قصائد همبجا . نعم هناك علاقة ما بين شعر همبجا والحمار الذى سميت المنطقة باسمه لكن هناك خلاف بين أهل المنطقة عن ماهية تلك العلاقة . واليكم قصيدة شاعرنا همبجا التى نظمها فى مدح السيدة الروضة بت الحر متحسرا عللى فراقها : العجيله القالت أمبووووووووووح علقوها وقعدت تسوق عودك الدومه أم فرق الغزال فى الشلال تعوم الحديث طارى أمات عكش الروضة بت الحر فى الصعيد أرأيتم كيف قام شاعرنا "بتجنيح" تلك الحروف الحرونة ! المفردات التى استخدمها شاعرنا همبجا غير متاحة لأي"متشاعر" آخر . إن انتهاء البيت الأول بصوت العجيلة " أمبوووووووووح " هو عجيبة العجائب . بل أم العجائب ! وأنا ظللت السنين الطويلة أقرأ الشعر فلم أجد شاعرا واحدا يستخدم هذا التعبير "العجالي" المتفرد الذى استخدمه شاعرنا همبجا . ومن أجل الوصول الى معانى ومرامى كلمات تلك القصيدة "الفريدة" فعلينا التعرف على المناسبة التى نحت فيها همبجا قريحته ليجود علينا بها . كانت السيدة الروضة بت الحر سليلة اعرق الاسر بالمنطقة وكانت ذات ثراء عريض . وكانت كريمة جدا مع شاعرنا همبجا وما جاءها فى حاجة الا ووفتها له . وما كان أكثر حاجات شاعرنا همبجا كمعظم إخوانه الشعراء فى تلك الأيام . تزوجت السيدة الروضه وأخذها زوجها الى الصعيد . وفقد همبجا المعين برحيلها وزاد استكراب امور حياه وركبته الفاقة وزادت بالتالى معاناته . ومن جوف المعاناة " إجترح " همبجا هذه القصيدة "الفريدة" . وربما تغيب معانى بعض كلمات القصيدة عن ادراك القارئ . وبما اننا قد أخذنا على انفسنا عهدا ببذل الجهد على تقديم شعر همبجا لجمهور القراء من الأجيال الطالعة فلابد من شرح معانى بعض كلمات القصيدة حتى يستقر المعنى فى "أمخاخ" القراء الأعزاء , العجيلة تعنى إسم الدلع للعجلة . والعجلة هي نتاج البقرة . والعكش هو الذهب . عليه فان أمات عكش تعنى صاحبات الذهب المعنكشات بالعكش . مفهوم ؟ أي نعم ! الفتح الفريد فى دنيا الشعر الذى جاء به شاعرنا همبجا سابقا به عصره ولاحقيقه فى دنيا الشعر هو قوله "الغزال فى الشلال تعوم" ليس هناك أي علاقة بين عجيلة تدور فى الساقية وغزال فى الشلال تعوم . ولكن كما رأينا فإن الشعر الهمبجي "يمتاز" بغرائبية لن نجدها الا فى بيت الشعر الذى اتحفنا به مؤخرا الما بقدر أجيب اسمو ! وليس بامكاننا أن نقول إن المعنى فى بطن الشاعر . لأن معاصرى شاعرنا همبجا أكدوا لى إن بطن همبجا لم تكن صالحة لاستيعاب أي شيء باستثناء الأكل والشراب . ABDO FAKI [[email protected]]