وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة تعريف الجبهة الداخلية جغرافيآ كأساس للتخطيط الإستراتيجي للأمن القومي. بقلم: د. عادل الخضر
نشر في سودانيل يوم 26 - 04 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: د. عادل الخضر أحمد بله
[email protected]
توضيح:
ركائز النهضة - بما فيها من تعليم وصحة وزراعة ..الخ- تؤسس علي ارضية .. حتي هذه اللحظة فالمعمول به ان هذه الأرضية - الجبهة الداخلية جغرافيآ- هي الحدود الدولية لجمهورية السودان متصلآ كان أم منفصلآ بعد يوليو .. السوال هو: هل هذه الحدود هي ما يجب وضع هذه الركائز داخلها فقط أم أن هذه الجبهة تحتاج لإعادة تعريف؟ تم نشر هذا المقال في سودانيل الإلكترونية يوم 13/2/2009 تحت عنوان " مؤتمر أهل السودان 2: النهضة المتزامنة للدوائر" .. وأعيده هنا بإختصار لإعتقادي أن الشعب السوداني عليه السير وبخطوات حثيثة نحو التوافق الوطني متخذين من مبادرة السيد رئيس الجمهورية وسيلة تزيل كثيرآ من عقبات البدأ.
الفكرة:
في هذه المرحلة الدولية الإنتقالية المضطربة .. إن قدر الشعب السوداني أن يأتي "بالنموذج" لا "بالممكن" .. ما كانت وليست هي الآن ولن تكون مشكلة السودان في: من يحكم؟ .. المسألة في: ماذا يراد تنفيذه؟ وكيف ينفذ؟ ثم كيف يحكم السودان؟ .. إذا تم التوافق علي ذلك فلن تكون مسألة: من يحكم؟ إلا ملحآ للديمقراطية .. السودان (الدائرة الأولي) من مركزه الخرطوم يخف الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني كلما إتجهت نحو الأطراف .. هذه الأطراف محاطة بمجموعة دول (الدائرة الثانية) وكل منها محاط في طرفها الأبعد عن السودان بدول (مجملها يمثل الدائرة الثالثة) .. تتأثر الدائرة الأولي بكل ما يحدث في الدائرتين الأخيرتين .. ولذلك يكون التأثر في الأطراف أشد من المركز .. فكانت سياسة شد الأطراف وقطعها .. إنفصال الجنوب مثالآ مرحليآ يليه مواصلة الهجوم نحو المركز تدريجيآ (دارفور – أبيي – جنوب كردفان والنيل الأزرق عن طريق المشورة الشعبية مثلآ) .. عليه ففي ظل عدم التوافق الوطني وأيضآ عدم الإستقرار وسوء الأوضاع الحالية لدول الجوار وجوار الجوار فالشاهد أن القول بنهضة السودان منفردآ هو تنظير غير عملي ... والقول بأن حزب أو حتي إئتلاف حزبي يحكم السودان يستطيع أن يفرض رؤيته وحدها (بطريقة سيدنا الخضر مع سيدنا موسي "عليهما السلام") هو قول غير عملي أيضآ لأنه يحتاج للآخر (شعبآ وقوي سياسية) داخليآ علي الأقل عند الشدة .. ولأني أعتقد أن الذهنية التي تدير التخطيط والتنفيذ العملي الآن هي من أخطر المهددات الأمنية القومية .. وعليه فبدون التوافق علي إعادة تعريف الجبهة الداخلية جغرافيآ لتضم الدائرتين الثانية والثالثة (بتوسيع مفهوم الجبهة الداخلية ضمآ للأطراف) وبدون شفافية عالية تقود ل "توافق وطني حقيقي" لا يمكن أن تكون للرؤية الوطنية المستقبلية أي إمكانية للقبول والتنفيذ والإستمرارية لا داخليآ ولا إقليميآ ولا دوليآ (الدائرة الكبري) .. .. فخلافآ للتجمعات الحالية كالإيقاد مثلآ .. فالفكرة هي النهضة المشتركة والمتزامنة للثلاثة دوائر الأولي بتفهم ودعم الدائرة الكبري.
الموضوع:
من أهم ما يمكن الإستفادة منه من دروس الماضي هوغياب الإجماع أو التوافق حول الرؤية المستقبلية .. فلو قام آباء الإستقلال بالتخطيط والتنفيذ للجيل القادم بعد 50 عامآ لكان الوطن في موقع آخر الآن .. وحتي الآن فالمجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي هو "مؤسسة حزبية" وربما أصبحت بيروقراطية ومكلفة بإنتشارها ولائيآ ومطالب منتسبيها في الأونة الأخيرة .. لا بد من وجود "مجلس قومي" مثله للتنسيق .. عليه ففي مثل وضعنا الراهن يظل السؤال الأساسي هو: من هو المستهدف بالخطة الإستراتيجية لل 25 عامآ القادمة؟ والإجابة هي :
"هو المواطن السوداني الذي سيتم الحمل به في الدقيقة الأولي بعد 25 عامآ" ... الأساس الذي بني عليه هذا التعريف هو المثل الشعبي ""ما أحلي من الجني الا جني الجني".. فمنذ لحظة التأكد من حمل أول مولود يصبح هذا المحمول هو السيد وتصبح الأم والأب والجدود والحبوبات موظفين أو عمال همهم تسهيل حياة هذا السيد او هذه السيدة .. وعليه فالمأمول هو أن نرفع هذا العبء عن أي أبوين أوجدين .. ليصبح هذا همآ عامآ.. وهو مبتغانا من هذه الفكرة ..
في ظل التعريف الحالي للجبهة الداخلية جغرافيآ (حدود السودان الجغرافية) .. فالشاهد أنه وبدءآمن الخرطوم يخف الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني كلما إتجهت نحو الأطراف (الجنوب وولاية النيل الأزرق مثالآ).. وأيضآ هذه الأطراف تتأثر بكل ما يحدث في دول الجوار ويكون التأثر في الأطراف أشد من المركز (دارفور مثالآ).. فالواقع:
1) أن هنالك تداخل قبلي علي طول الحدود يقود بالضرورة لصعوبة أو إستحالة تحديد السوداني من غيره في ظل هذه الحدود الكثيرة الطول والوعرة ..
2- أن هنالك هجرة غير قانونية من أفراد قبائل غير حدودية يستحيل ضبطها أيضآ في ظل هذه الحدود ..
3) أن المشاكل القبلية في دول الجوار تنعكس في الحال علي أمن الوطن.
4/ أن الصراعات علي السلطة في دول الجوار (تشاد مثلآ) تنعكس علي أمن الوطن والعكس صحيح.
5/أن أي صراعات بين دول الجوار (أثيوبيا إريتريا مثلآ) تنعكس علي إستقرار الوطن.
5/ الأحوال الطبيعية كالجفاف الذي يقود لمجاعات تنعكس في نزوح يؤثر علي أمن وإستقرار الوطن
أمثلة لضعف التعريف القديم (الحدود الدولية) في إستيعاب الواقع:
1- الجبهة الشرقية: الشاهد أن ما يحدث في اثيوبيا – مثلآ- ينعكس مباشرة علي السودان : مجاعات وحروب – حرب إثيوبيا مع إريتيريا مثلآ– ولذلك لا بد من ضمهما كمحور يجب العناية به .. ولا بد مع توسيع دائرة الإهتمام لتضم كل دول الحلقة الملاصقة للسودان .. هذا إضافة إلي أن تدخل إثيوبيا في حروب الصومال إنعكس علي إثيوبيا ومن ثم علي السودان أيضآ .. فالصومال في هذه الحالة هي الحلقة الثانية (الدائرة الثالثة) ووجوب ضمها لدائرة التخطيط والإهتمام الوطني أمر موضوعي.
2- الجبهة الجنوبية: الشاهد أن حرب بورندي - رواندا أقحما يوغندا والكونغو في الحرب وظهرت الأعراض عندنا في جيش الرب .. وجيش الرب – حسب قول السيد أتيم قرنق ووزير داخلية الجنوب في مقابلات سابقة– دخل الجنوب ووصل لدارفور .. فإذن حلقات بورندي – رواندا وما هو في محيطها بالنسبة للسودان (الدائرة الثالثة) وأيضآ الحلقة الثانية: يوغندا- الكونغو (بالإضافة لدولة جنوب السودان بعد يوليو) من الموضوعية إدخالها في تعريف الجبهة الداخلية جغرافيآ..
مما لاشك فيه ان هنالك ما يخص البيت السوداني في حوشه (حدوده الجغرافية) مثل الهوية وغيرها وهذا ليس موضوعنا هنا... ورغم ذلك فالشاهد أنه يصعب إن لم يكن مستحيلآ تصور تطور وتنمية السودان بدون تطور متزامن لدول الجوار.. فإذا قال أحدهم أن أهم مهددات الأمن الوطني هو الأمن الغذائي .. فيكون السؤال أمن غذائي لمن؟ ألأربعين مليونآ (السودان) أم لأربعمائة مليون (وجيرانه وجيران جيرانه ممن يموتون غرقآ في طريقهم لأوربا) .. نفس السؤال للصحة والتعليم والإقتصاد ..الخ وكمثال للإقتصاد : فإضافة للهجرة غير الشرعية فهناك دعم للسلع للسودانيين ولكنها تباع في دول الجيران .. وصحيآ فناقلات الأمراض (البعوض كناقل للملاريا والفيروسات كالوادي المتصدع) لا تفهم سياسة ولا تحتاج لفيزا لعبور الحدود .. بهذا الفهم يستوجب التوافق اولآ علي: ما هي الجبهة الداخلية جغرافيآ ؟ حتي يتم التوافق علي بنود مثل الأمن الغذائي والصحة والتعليم ..الخ
المتأمل للوضع الحالي يري أن السودان بالتعريف الحالي للجبهة الداخلية جغرافيآ ينقص من أطرافه (الجنوب حاليآ) .. والإنكماش مستمر نحو مركز الدائرة (الخرطوم) : مثلآ من دارفور (فرض حظر طيران يتبعه حسب رأي فرانسيس فوكوياما قطع دارفور وضمها لتشاد) ومن الجنوب الحالي: أبيي وجبال النوبة ومن النيل الأزرق (الحكم الذاتي كجني تقرير مصير!) ومن الشرق (زيارة قريشن ومحاولة إدخال إريتريا كوسيط) .. ولذلك فإعادة تعريف الجبهة الداخلية بهذا الفهم هو "طرح رؤية جديدة للمصاهرة -وليس فقط للمشاركة - الإقليمية" .. ببساطة كل أسرة داخل السودان تديرها شأنها داخل حوشها كيفما شاءت ولها مشتركات خارجه.. فهي مساهمة أيضأ في توسيع أفق تناول الشأن الأقليمي وهي بمصطلحات أهل كرة القدم: لعب الكرة "لوب" و"المرمي" هو الحدود الأبعد لدول الدائرة الثالثة.. بهذا الفهم هل دعم دولة الجنوب الوليدة وتوصيل الطرق عبرها لبورندي وكينيا هو عين العقل أم نوع من الجنون؟ .. في ظل التعريف الجديد للجبهة الداخلية جغرافيآ وبهذا الفهم أليس وضع إطار لمياة النيل والتعاون المشترك عبر هذا الإطار في تنمية هذه الدول هو الأمثل من "التقوقع علي ذاتك الجغرافية" والنظر لمصالح دول الجوار كإنتقاص لخيرك ومهدد لوجودك؟ .. وهكذا من أمثلة.
والقول بأن مركز أو مراكز قوي داخل الحزب الحاكم أو حتي الحزب أو حتي الإئتلاف الحزبي الذي يحكم السودان يستطيع أن يفرض رؤيته وحدها (بطريقة سيدنا الخضر مع سيدنا موسي "عليهما السلام") هو قول غير عملي لأنه يحتاج للآخر (شعبآ وقوي سياسية) داخليآ علي الأقل عند الشدة .. ولأني أعتقد أن الذهنية التي تدير التخطيط والتنفيذ العملي الآن هي من أخطر المهددات الأمنية القومية حاليآ .. وكمثال مشروع الجزيرة:إن أخطر ما يهدد هذا المشروع هو عدم الشفافية .. لا أحد يعلم ماذا يجري ولم حدث هذا؟ ينظر المواطن السوداني العادي في كل بقاع السودان لمشروع الجزيرة كضمانة لأمنه الغذائي وهذا مصدر أطمئنانه في حين يقول الواقع أن مشروع الجزيرة "إتشلع" .. وضجيج إعلامي عن إنهيار مشروع الجزيرة ويصاب هذا المواطن في كل بقاع الوطن "بالهلع" فأمنه الغذائي ومصدر قوته ينهار أمام عينيه وهو لا يعلم لماذا؟ وما هو المستهدف بهذا الإنهيار .. يسمع ببذور قمح فاسدة ثم زهرة شمس فاسدة ومبيدات فاسدة وتشليع السكة حديد والمحالج ثم تصريح مسؤولين بالرجوع لزراعة مساحات شاسعه من نفس القطن الذي تم تشليع بنياته الأساسية وبعروض لا تهمها مصلحة المزارع .الخ والمواطن العادي هذا لا يجد إجابات تطمئنه .. هذه الذهنية التي تخطط وتنفذ بمثل هذه الطريقة هي في حد ذاتها مهدد أمن قومي خطير .. هذه الذهنية ربما كانت وبنسبة مئوية عالية ذات أهداف سياسية ذاتية ولكنها بالتأكيد ليست وطنية متجردة .. الخطورة أيضآ أن هذه الأفعال سترتد سلبآ علي أصحابها والوطن ليس في حاجة لإضعاف أحزابه ووضعها في سلة المهملات .. أيضآ الخصخصة نجحت في الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الرأسمالية ولكن في المقابل فالكارثة الإقتصادية الأخيرة كان سببها الخصخصة أيضآ ولكنها خصخصة غير مسؤولة .. فإن كانت هنالك "خصخصة" فهناك "خصخصة غير مسؤولة" نتيجتها كارثية .. الشفافية ركن أساسي إذا أريد لهذا الوطن أن ينمو كما نحب .. واللهم ألطف.
ولذلك - بإشراك الجميع وبشفافية عالية - فالمطلوب هو أن يتم وضع التصور لتطور وتنمية السودان وتنفيذه علي أساس النهضة المشتركة والمتزامنة لهذه الدوائر مع إعتبار الخصوصية "داخل الحوش".. ما يفرض بالضرورة إعادة تعريف الجبهة الداخلية السودانية (جغرافيآ) لتشمل هذه الدوائر .. بعد التوافق الوطني و/أو أثناءه يتم إقناع دول الجوار بأن من مصلحتها حذو تجربة السودان للإتيان بنموذجها الخاص (داخل حوشها) بمشاركة كل شعبها ثم في هذه الدوائر.. وأن تتم النهضة المشتركة وفق: القواسم المشتركة في المفاهيم والرؤي أو قريبة الشبه لبعضها... وأن يتم تنفيذ هذه الرؤي في وقت متزامن ما أمكن ذلك... وأن تحدد نسبة من الدخل القومي السوداني لدعم هذا المشروع .. وأن ينشأ في وسط السودان (كوستي مثلآ) مركز دولي للطوارئ: تحت إشراف الحكومة وبدعم الأمم المتحدة والأسرة الدولية .. به مطار ووسائل نقل وبه أغذية وفرق وأدوات طبية ومعدات للإطفاء وكل ما يدرء أو يقلل الأضرار الناتجة عن الكوارث .. وذلك لمساعدة الداخل وهذه الدوائر وغيرها.. وأن يخطط وينفذ إمتدادات لطرق المرور السريع والقطارات لربط السودان بكل دول الجوار عرضيآ: السودان - إثيوبيا - الصومال مثلآ وأيضآ السودان – الجنوب – يوغندا- رواندا - بورندي .. والسودان إريتريا ثم إثيوبيا كينيا يوغندا وتلف الدائرة حتي ليبيا .. وأيضآ يخطط وينفذ لتكامل في إمداد السودان ودول الجوار بالبترول والكهرباء وغيرها والتركيز علي تنمية مناطق الحدود معها قبل تمدد المشاركة في التنمية إلي داخل تلك الدول .. ومهم جدآ التركيز علي أهمية التواصل الثقافي معها و" فرقة الفنون الشعبية وناس محمد وردي".. والأمل أن يصبح الوضع كما هو حادث في المجموعة الأوروبية: ينتقل المواطن الإيطالي مثلآ من قرية في أقصي الجنوب الإيطالي لأي مكان في اوروبا ويقضي شأنه ويعود لداره لسبب بسيط وهو أنه طالما توفرت له سبل الحياة الكريمة في قريته أو مدينته فلماذا يهاجر؟ .. أهلنا وأهل الجوار وفي سبيل الهجرة لدول مستقرة يموتون غرقآ وقتلآ .. في ظل الظروف الحالية ومع هذه الحدود الطويلة يستحيل تأمين الوطن ونهضته .. فقط نتعاون ونساهم جميعآ في إستقرار أوطاننا وتنميتها مشتركين..
إن إعادة تعريف الجبهة الداخلية جغلرافيآ يسهل كثيرآ التوافق الوطني علي: ماذا يراد التوافق عليه؟ وكيف ينفذ؟ وكيف يحكم السودان؟ وفوائد مشاركة الجميع تخطيطآ وتنفيذآ هي:
أولآ: سنقلل لحد كبير الطموحات الشخصية الهدامة: فالشاهد أن حب القيادة صفة عامة عند الشعب السوداني ومن الأفضل ترشيدها لا قهرها .. فمهم جدآ ضبط التكالب علي السلطة والمنصب والمال بأي شكل .. فبمشاركة الجميع سيضطر المشارك –عند التخطيط- أن يكون موضوعيآ لأنه إذا رفع سقف المطلوب في موضوع معين في مرحلة تنفيذية محددة فربما يفوز بالإنتخابات عند تنفيذ تلك المرحلة ولن يستطيع عمليآ أن ينفذها .. لأنها مررت عند النقاش "نكاية أو تصعيبآ" لطرف سياسي محدد بإعتبار أنه من سينفذ .. بعد الإتفاق علي الخطة وعند التنفيذ يمكن ترشيد الطموحات الشخصية بالكفاءة "الإنسان المناسب في المكان المناسب" تتبعها المحاسبة.
ثانيآ: المساعدة في إزالة التعصب القبلي والجهوي فعند التخطيط: أنت الآن لا تستطيع أن تعرف نسب المولود القادم بعد 25 عامآ ولا أين سيقيم .. وهذا سيجعلك تعامل الجميع بنفس القدر من الموضوعية .. وايضا يكون إهتمامك بكل المناطق بنفس القدر فربما يستقر المقام بحفيدك في منطقة لا توليها أي إهتمام الآن أو حتي تعاملها بسلبية الآن.
ثالثا: شارك الجميع شعبا وقيادات في هذه الانجازات بدلا عن الالتجاء للاخرين لحلها .. وطالما أن الكثير من زعمائنا ذوو أوزان دولية فالاولي أن تظهر خبرتهم وحكمتهم في قيادة هذه المرحلة الحساسة.
رابعآ: ساهم الجميع عمليا في حل المسائل علي أساس مستقبلي بدلا عن التسكين الموضعي.
خامسآ: تم تخطي عقبة الاقصاء المتبادل وتم ايجاد أرضية مشتركة للتحاور والانجاز .. وهذه لها أهمية قصوي بحساب أن من هم في المعارضة اليوم ربما يصبحوا في الحكومة غدآ والعكس صحيح.
سادسآ: ساهم الجميع في أن تكون الرؤية العامة واضحة المعالم وهذا ما سيطمئن الأسرة الدولية وسيتوقف إفتعال القروح.. وسيكون مدعاة لجلب الاستثمارات الضخمة المرجوة من ناحية أخري.
ثامنآ: إدارة التخطيط والتنسيق ومتابعة وتقييم التنفيذ بعد إنفضاض الملتقي وسيمنع هذا ذوبان مؤسسة الملتقي بالإقصاء والإهمال المتعمد مثلآ وسيضمن إستمرارية البناء وعدم تكرار "إزالة آثار من سبق" من جانب آخر.
مجمل القول أنه إذا كان التوافق السياسي والممارسة الديمقراطية الحقة والمحاسبة والتنمية وناتج التخطيط المستقبلي عمومآ هو فعلا الهدف الذي ننشد فالشاهد أن مشكلة السودان مشكلة قومية .. فلوضع الوطن في مسار الإستقرار والنمو الديمقراطي والتنموي فالشفافية والصبرهي من الأدوات الأساسية والواقعية المطلوبة للبدأ في السير نحو مصاف الدول المستقرة والغنية والمشاركة دوليآ ..
وآخر قولي مثلما قلت سابقآ وأعيده الآن : أنه ما كانت وليست هي الآن ولن تكون مشكلة السودان في: من يحكم؟ .. المسألة في: ماذا يراد تنفيذه؟ وكيف ينفذ؟ ثم كيف يحكم السودان؟ ويستحيل إتمام ذلك بدون إشراك الجميع لا بطريقة "سيدنا الخضر مع سيدنا موسي عليهما السلام" .. إذا تم التوافق علي ذلك فلن تكون مسألة من يحكم إلا ملحآ للديمقراطية .. وفي كل الأحوال فأيا كان الفائز في الإنتخابات فعلي الاقل سيكون هنالك توافقآ وطنيا .. وبالتالي هنالك جبهة داخلية موحدة وقوية وجبهة داخلية (عريضة أو جغرافية) مأمون جانبها علي الأقل .. وهناك مشاريع متفق عليها جاري تنفيذها وهنالك تبادل سلمي للسلطة وسيادة لحكم القانون وهناك محاسبة .. وهذا قدر هذا الشعب الرائع: أن يأتي بالنموذج.
هيوستن – تكساس –
25 أبريل 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.