عندما اندلعت الثورة في تونس وأطاحت بالدكتاتور ثم انتقلت إلى مصر وحققت ذات الهدف، احتفى بالثورة كل أنصار الحرية، ولكن الغريب في الأمر أن هناك نفر ممن يؤيدون النظام السوري باعتبار أن سوريا قائدة ما يسمى بمحور(الممانعة) في الشرق الأوسط والممانعة المقصودة هي الموقف المتشدد(ظاهريا) من إسرائيل مقابل ما يسمى بمحور (الاعتدال) الذي كانت تقوده مصر، هؤلاء النفر هللوا وكبروا احتفاء بنجاح الثورة في مصر واعتبروا سقوط النظام المصري هو سقوط لمشروع السلام مع إسرائيل، بل إن الرئيس السوري بشار الأسد علق على سقوط مبارك بقوله(سقطت كامب ديفد)، وكل ذلك محاولة لصرف أنظار الشعب السوري عن الحقيقة الساطعة سطوع الشمس وهي أن الثورة في مصر وقبلها في تونس اندلعت ضد متلازمة (الاستبداد والفساد) داخل مصر وتونس، ضد انتهاك حقوق الإنسان والعدوان المستمر والممنهج على حريته وكرامته، والنهب المنظم لثروة وطنه ومصادرة الدولة بمعظم مواردها وأجهزتها لصالح حزب حاكم يفرض وصايته على الدولة والمجتمع، وضد تحويل الجمهوريات إلى ملكيات وراثية يرث فيها الابن أباه! فلم تندلع الثورة من أجل محاربة الصهيونية والامبريالية أو من أجل إحياء دور(الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة)، أو من أجل تمزيق اتفاقية كامب ديفد! ولذلك لم يكن من المنطقي أن يباركها النظام السوري ومؤيدوه لأن هذا النظام تنطبق عليه ذات خصائص النظام المصري والنظام التونسي، وبالفعل بعد شهر واحد من الإطاحة بنظام مبارك اندلعت الثورة في سوريا، خرج الآلاف من الشعب السوري في الخامس عشر من شهر مارس 2011م يهتفون(الله، سوريا، حرية وبس)، (الشعب السوري واحد)، (الموت الموت ولا المذلة)! وأخيرا وبعد أن واجه النظام الثوار الشرفاء بآلة قمعه الوحشية انخرط السوريون في ترديد النشيد الشرق أوسطي الجديد الشديد(الشعب يريد إسقاط النظام)!! ولسان حاله يقول(بلا ممانعة بلا بطيخ)! إذ ليست هناك ممانعة في أية دولة عربية إلا على شيء واحد فقط هو (الحكم الراشد)، فكلهم (متمنعون) على الديمقراطية والشفافية وسيادة حكم القانون والتداول السلمي للسلطة بصورة دورية عبر انتخابات حرة نزيهة! وبسبب هذا(التمنّع) تخلفت دولهم وفقدت القدرة على الإنجاز في أي مجال وانهزمت هزائم منكرة حتى في الميدان الذي اختارته لإثبات جدارتها أي ميدان تحرير التراب الوطني وتطهيره من الاحتلال الصهيوني! فهاهي الجولان رازحة تحت الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من أربعة عقود رغم أنف الممانعة المزعومة! وهاهي الدبابات والمدرعات والأسلحة الثقيلة تتبرج في خيلاء في درعا وتفتك بالمدنيين العزل في وحشية لمجرد مطالبتهم بالحرية أي باسترداد إنسانيتهم! ولو بقيت إسرائيل هناك مائة أو مائتي عام لما رأينا تلك الدبابات في ميدان المواجهة معها! ليت النظام السوري بدلا من الانخراط في ترديد ذات الأسطوانة المشروخة(العملاء، الخونة، المندسون، المؤامرة)! كرصفائه في تونس ومصر وليبيا واليمن، ليته يدرك أن النظم التي تحبس شعوبها في سجن الدكتاتورية في الغالب غير مؤهلة للانتصار في معاركها مع أي عدو خارجي. rasha awad awad [[email protected]]