يبدو ان السيد على كرتى وزير الخارجية يعلم تمام العلم حجم مشكلة المحكمة الجنائية الدولية وما تسببه من ضرر بالغ فى رسم وهندسة السياسة الخارجية,لذلك ظل مهموما بهذا الملف رغم غموض حجم الدور الذى يمكن ان يقوم به ويلعبه خاصة ان الملف شائك ومعقد بين الجنائى والسياسى مما يعقد الدور الذى يمكن ان يلعبه وزير الخارجية'وهو المعنى بخطوات والتى عبرها الشأن السياسى دون القانونى'وحتى لا يكون الملف نقطة ضعف للسياسة الخارجية وموضوع للأبتزاز السياسى لابد من قراءة الخطوات التى يمكن ان تسهم فى حل عقدة هذا الملف الخطير'وقد أكثر السيد كرتى من التصريحات المتفائلة بهذا الملف بعد زيارته دولة فرنسا وان فرنسا على استعداد للوقوف مع السودان لتجاوز قضية المحكمة الجنائية,هذا تصريح أكثر من متفائل بل أمنية اكثر من الواقع,ولم يوضح لنا كيف يتم ذلك هل بألغاء التهم الموجهة لرئيس الجمهورية والغاء قرار المحكمة القاضى بالغاء القبض عليه'هذا يكشف عدم ألألمام بدور المحكمة وشكل ادارتها اعتقادا بأن السيد أوكامبو فقط من يقف وراء هذه القرارات بدوافع شخصية او نزعات ذاتية وهو ما لم يمن فى حسابات المحكمة التى تستند على قرار مجلس ألأمن رقم 1593 الذى احال لها قضية دارفور فقط, وفى هذه الحالة تكون المحكمة غير قادرة على التحقق أو التدخل فى اى انتهاكات تحدث فى اى منطقة اخرى من مناطق السودان ووفق ذلك رفضت التدخل فى قضية بورتسودان كذلك عاد السيد كرتى للتصريح بعد ان أعلنت جمهورية مصر بأنها سوف توقع على ميثاق روما وتصادق عليه لتصير عضوا فى محكمة الجنايات ألدولية وثارث ثائرة بعض الساسة المبتدئين السودانين لكن كرتى عاد لبث الطمأنينة فى النفوس مما يدلل سيطرة العقلية المحلية فى ادارة شأن الدولة وحالة الفقر والبؤس المعرفى الذى عبره تدار القضايا الكبرى هذه المحاولات الغامضة التى تتم عبر وزارة الخارجية لاتعدو ان تكون ذرا للرماد فى العيون ولن تقدم شيئا فى حل مشكلة الجنائية بل تفتح مجالا واسعا لسماسرة السياسة ان يمارسوا ادوارهم فى الابتزاز بحيث لايمكن لأى دولة مهما بلغت من القدرة والقوة ان تتدخل مباشرة فى شأن المحكمة وتفرض عليها شيئا وهذا ثبت بالدليل القا طع فى المحاكمات التى تمت فى المحكمة والقضايا التى تحقق فيها المحكمة ألآن من يريد ألتأثير علي ألمحكمة عليه ان يذب مباشرة لمجلس الأمن. وداعا اوكامبو: بعد قضاء فترة عشرة سنوات مدعيا عاما لمحكمة الجنايات الدولية سوف يغادر السيد موريس لورينو اوكامبو مدعى عام محكمة الجنايات الدولية ,اوكامبو سيغادر بعد قضاء فترة ستظل مثار جدل مستمر مابين دور المحكمة السياسى والقانونى,خاصة بعد توجيه تهمة لرئيس دولة لازال فى كرسى حكمه والمطالبة بقبضه مما اثار حفيظة الكثيرين من رؤساء الدول'خاصة الأفريقية,لكن كيف يقرأ السيد كرتى ذهاب اوكامبوبعد ان تم توجيه كل النقد لشخص المدعى العام وليس للمحكمة وقد نالت من النقد ليس بحجم اوكامبو وصدرت القصائد التى تهجو اوكامبو وسارت المسيرات ضد اوكامبو وهاو اوكامبو يغادر المحكمة فى ديسمبر 2011 القادم فى مؤتمر الجمعية العشرة للدول المصادقة على ميثاق روما 'انتخاب مدعى عام جديد للمحكمة لا يعنى موت او انتهاء قضية السودان بل يجعل من القضية تأخذ منحى جديد فى ظل غياب رؤية من السيد وزير الخارجية كرتى الذى يعتمد المشى على حافة السياسة غافلا الدور القانونى,بل ربما يجهل مستويات المحكمة وربما هو نفسه يعتقد ان المحكمة هى اوكامبو,وهو بذلك يعتمد على الدول لأقناع مدعى المحكمة بسحب او تجميد القرار وهو ما لا يمكن حدوثه فى ظل لبتحولات الكبيرة التى تشهدها المنطقة العربية رغم ان وزارة الخارجية تطرب للتغيير الذى يجرى فى مصر وليبيا وهى انظمة تشبه نظام ألأنقاذ سلوكا وفعلا اذن التغيير سيكون فى غير مصلحة نظام الانقاذ لعدة اسباب اهمها ان ألأنظمة الساقطة لها انتهاكات وجرائم وخيمة من قتل وسلب ونهب واغتصاب مما يجعل الانظمة البديلة تتمسك بالشرعية الدولية وتبحث عن ملاذات قانونية تحاكم هؤلاء المستبدين من شاكلة القذافى وحسنى وبشار وعلى والبقية تأتى,وطبيعيا ان تنضم كل هذه الدول لميثاق روما مما يصعب مهمة الساسة الخارجية السودانية'هنا لاينفع حديث المجاملات والدبلوماسية'النظام الدولى الجديد بعد نجاح الثوراة الشعبية فى المنطقة العربية يحتاج لمواءمة كل الدول,كما ان فقدان افريقيا للقذافى سيجعلها من الداعمين الأساسيين لمحكمة الجنايات الدولية خاصة ان غالبية دول افريقيا مصادقة على ميثاق روما بل لها اتفاق مع المحكمة لفتح مكتب للمحكمة بأديس مقر الإتحاد الأفريقى لكن نسبة للضغوض من العقيد تراجعت دول افرقيا عن فتح المكتب لكن بعد ذهاب العقيد ليس بمقدور دول اقريقيا ان تقف فى وجه محكمة الجنايات الدولية وحتى العقيد نفسه تراجع عن دعوة الرئيس البشير لحضور مؤتمر سرت تحت الضغوط ألأوربية, المحلية والدولية عند الحكومة: منذ بداية ازمة المحكمة الجنائية لم تتعامل معها الدولة بمسؤلية بل ذهب الحديث فى تصويب نقد للمدعى العام وتوجيه اساءات شخصية ومحاولة البحث عن تهم اخلاقية يمكن الصاقها به,كان ذلك غريبا فى ظل دولة شاركت واسهمت فى صياغة ميثاق روما بل وقعت عليه فقط تبقى لها المصادقة ,السودان كان يمكنه مواجهة تهم المحكمة وفق منظور قانونى والسودان لا تنقصه القدرة والدراية القانونية للمرافعة عن رئيسه او مواطنين آخرين'لكن موجة الهوس اعمت البصر والبصيرة وخلقت حالة مت العداء والتوتر والكل يسب ويلعن وبعد ان كانت التهم فى سقف أحمد هارون وكوشيب فجأة طالت رأس الدولة, وفى هذا السقف زادت موجة التوتر وسكت صوت العقل داخل النظام وتركت الساحة لأدعياء البطولات الوهمية ليسبوا أوكامبو ....