في الوقت الذي تناقلت فيه وسائل الإعلام أن رئيس الدولة في طريقه إلي أديس أبابا للإجتماع بالنائب الأول لإجراء مفاوضات حول الأوضاع في جنوب كردفان ومدينة أبيي ظل كل من المؤتمر الوطني وجيش الحركة الشعبية يتبادلان الإتهامات ويجيء ذلك متزامناً مع التصريح الذي أدلي به المتحدث باسم الجيش الجنوبي فيليب أقوير لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية مبيناً إن الجيش السوداني شن ضربات جوية على مواقع للجيش الجنوبي في ولاية الوحدة الغنية بالنفط. مضيفاً أن طائرات الأنتنوف والميج قامت بالقصف عدة مرات على منطقة (جاو) في ولاية الوحدة على الحدود مع الشمال بتاريخ9/6/2011م ... ومضيفاً: (أصبح من المؤكد أن القوات المسلحة السودانية لديها نوايا لاحتلال مناطق النفط في الجنوب في ولاية الوحدة قبل ترسيم الحدود). وأضاف أن جيش الجنوب لديه معلومات مؤكدة حول الخطة التي أعدتها القوات السودانية لاحتلال مواقع في شمال واراب والوحدة وأعالي النيل بعد أن احتلت أبيي الشهر الماضي. في ذات السياق تناقلت القنوات الفضائية أيضاً بتاريخ 10/6/2011م أوضاعاً مأساوية بولاية جنوب كردفان مع نزوح أكثر من أربعين ألف مواطن من مدينة كادوقلي من المدينة خوفاً من المعارك الدائرة في المدينة بين الجيش السوداني وجيش الحركة الشعبية . إلي هنا فالأمر طبيعي لأن النظام الإنقاذي ماإنفك بسبب أوبدونه يسعي حثيثاً لخلق أوضاع حرجة ومواجهة مباشرة مع حكومة جنوب السودان ويسعي سعياً دؤوباً إلي تفجير أكثر من أزمة قبل الموعد المضروب لها للإعتراف بدولة جنوب السودان في التاسع من الشهر القادم ..ولا يدري المواطن العادي لماذا هذا التوقيت ؟؟ هل أدمنت الحكومة معالجة أزماتها وإدارتها بخلق الأزمات ؟؟ أم أن النظام يسعي للتنصل من الموعد النهائي بحجة أن هنالك ملفات لم تتم تسويتها ؟؟ والإحتمال الثالث وهو الأقرب للواقع أن الحكومة : ( جقلبت من الإتفاقية ) وتبحث لها عن حجج في زمان وتوقيت لا تنفع فيه الحجج ؟؟ أما غير الطبيعي والذي يجافي المنطق السليم فهو ما جاء في الباب الثابت ( زفرات حري) بصحيفة الإنتباهة بتاريخ 11/6/2011م وهو مقال دعي فيه الطيب مصطفي الخال الرئاسي رئيس الجمهورية لإعلان الجهاد ودعاه لأن يحي آيات الجهاد حتي يطهر تلكم الولاية ( جنوب كردفان )...ومن حق الشعب السوداني سؤال الطيب مصطفي بإعتباره ذو صفة في هذه الدعوي للحرب: (الجهاد مرة أخري أيها الخال ؟؟ وضد من ؟؟) وماذا جني الشعب السوداني من جهاده مع النظام ستة عشر عاماً غير شواهداً للموتي من الأبناء زينة الحياة الدنيا ومعيشة ضنكاً لما تبقي منهم ولم تنلهم سهام المنية وهم علي شفير الهلاك ؟؟ بينما جلس أمراء الجهاد من العصبة الحاكمة في كراسيهم الوثيرة ومكاتبهم الفخيمة يكبرون للشهداء من خلف مكاتبهم . والذي يدعو للدهشة أن تكون دعوي الجهاد ضد مواطنين في الدولة إلي حين إشعار آخر ..ثم أين إتفاقية نيفاشا ؟؟ ولماذا عجزت نصوصها عن وقف الحرب تسعة وعشرين يوماً فقط حتي موعد الإنفصال ليذهب الجنوب بالجمل وما حمل وتبقي للعصبة الحاكمة الأزمة الإقتصادية الخانقة لشعب الشمال ..ألا يدعو ذلك الأمر للريبة والشكوك ؟؟ لماذا تصالح النظام مع الحركة الشعبية حتي أصبحت شريكه في الحكم ست سنوات كاملة وعاد لمربع الحرب قبل أقل من شهر من الإعتراف الرسمي بنتيجة الإستفتاء حول جنوب السودان ؟؟ هل الخلاف السياسي بين شريكي الحكم وهما الطرفان الرئيسان في تلك الإتفاقية تتمثل فيه دواعي الجهاد ؟؟ لقد لبي الشعب السوداني من قبل دعوة هذا النظام للجهاد وقدم فلذات أكباده فداءاً لهذه الدعوة وفي الوقت الذي مهرت الأرض وروتها دماءاً زكية هرولت هذه الدولة لإتفاقية السلام وباعت أرواح الشهداء رخيصة وحولتها إلي نصوص وفصول في إتفاقية ما أغنت البلاد شيئاً وحولت الدولة إلي قطع وأشلاء يتربص بها الأعداء للإنقضاض علي ما تبقي منها . الجهاد سنة ماضية إلي يوم القيامة ولكنه جهاد لإعلاء كلمة الله خالص لوجهه وليس جهاد ضد شعب الدولة إقتضته سياستها غير الحكيمة وهي تتلمس طريقها لتبحث لها عن مخرج يداوي ازماتها ..كما أن للجهاد أحكامه وشروطه وما يحدث الآن في جنوب كردفان لايستوفي هذه الشروط ولا تتنزل عليه الأحكام. لو كان دعوتك للجهاد أيها الخال الرئاسي صادقة ونصيحتك خالصة لوجهه الكريم لدعوت للجهاد في حلايب والفشقة ولكانت دعوة صادقة وليس دعوتك للجهاد هذه والتي تسعي منها لتحقيق رغبات ومآرب أخري وأجندة خفية .. ولتعلم أن ولاية كردفان ليست ميداناً للجهاد إذا وضعنا في الحسبان أن بها والي يتبع للمؤتمر الوطني وهو الحزب الحاكم في البلاد إلي إشعار آخر وإلي أن يلبي ذلك الوالي مع رئيسه نداء العدالة الدولية ودعوة أوكامبو لهما لزيارة لاهاي فعليه تحمل مسئوليته تجاه ولايته ومواطنيه بدلاً من إعلان الجهاد ضدهم. لو كنت تكتب أيها الخال الرئاسي عن الفساد الذي عم البلاد وأتلف الإقتصاد وأزكم أنوف الصالحين من العباد لكانت كتابة صادقة عفيفة شفيفة ووجدنا لك العذر إن لم تطع أصابعك الكتابة وعطفتك الرحم كما عطفت رابع الخلفاء الراشدين في واقعة صفين وإلتزمت الصمت أيماناً منك أنه من ذهب وفي مثل هذه المواقف أجدي وأنفع و لم يكن من طبعك الصمت فدع الحديث عن الجهاد في زمان الإنقاذ هذا لأنه لايستقيم والمجري العادي للأمور وعليك بالرويبضة وتلفون كوكو وباقان أموم فالكتابة عنهم تصادف هوي في نفسك حتي التاريخ المعلوم واليوم المحتوم الذي تعرفه ونعرفه وفي إنتظار ذلك التاريخ لكل حادث حديث. Omar musa [[email protected]]