يثار هذه الايام غبار كثيف حوا اهتمام العالم في غالبيته العظمي ، دولا و منظمات و مجتمع مدني بانفلونزا الخنازير . يشكك البعض في مقاصد الضجة المثارة حول وباء الانفلونزا المسمي ب (H1 N1) و يقولون ان الامر مرتبط بمصالح دول معينة او حتي بمصالح شركات منتجة للادوية الخاصة بذلك الوباء. لقد ذهب البعض مذاهب شتي بين التحليل و التشكيك المنطقي وصولا الي نظرية المؤامرة و افتعال ضجة لا مبرر لها ، كما عقدت مقارنات بين الامراض المنتشرة في الدول الفقيرة و التي تفتك بارواح الناس دون ان تجد العناية الكافية في الاعلان و التوعية و رصد الاموال و الجهود الخاصة بالوقاية و العلاج. من اهم الامثلة في ذلك ما يثار حول امراض الفقر و سوء التغذية و الملاريا و السل و غيرها. الكثير من ذلك الكلام صحيح لكن الصحيح ايضا هو اهتمام العالم المتقدم اقتصاديا بالطب الوقائي اضافة لاهتمامه بالطب العلاجي . لكن الامر عندنا مختلف فامراض مثل الملاريا و السل و سوء التغذية متفشية و مستوطنة و مزمنة و هي امراض خاصة بالدول الفقيرة ( يعني مرمي الله ) . لكن الدول المتقدمة اقتصاديا غير متعودة علي الاوبئة اضافة لاهتمامها بالصحة العامة للانسان و الحيوان كما ان مستوي الرفاهية المرتفع يجعلها شديدة الحساسية تجاه الامراض مما يسبب لها خسائر اقتصادية مباشرة جسيمة . فمثلا دولة مثل المكسيك لا تعتبر من الدول الغنية لكن قطاع السياحة وحده يدر عليها اكثر من 13 مليار دولار في السنة. في هذا الوضع و في حالة انتشار وباء مثل انفلونزا الخنازير فما هو المانع من انفاقها لمئات الملايين من الدولارات لمكافحة المرض و دحره. كما آن المكسيك دولة مجاورة لاغني دولة في العالم هي جارتها الشمالية التي تدخل معها في تكتل تجاري يضم معهما كندا و هو ما يسمي بال ( NAFTA) و قد انتقل الوباء اول ما فعل من المكسيك الي الولاياتالمتحدةالامريكية. في هذه الحالة اذا لم يهب العالم بما فيه المنظمات التابعة للامم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية ، اذا لم يهب لنجدة دولة مثل الولاياتالمتحدةالامريكية فلمن يفعل ذلك و لمن تقرع اجراسه انه منطق القوة و الثراء و هو منطق معلوم . دعونا نعود الي الطب الوقائي و ننبه بهذه المناسبة لاهميته و ضرورة الاهتمام به و تطويره. الطب الوقائي يتبع لطب المجتمع و هو من اهم الفروع الاساسية لعلم الطب و يهدف لوضع حزمة من الاجراءات و الاساليب حول توقع الامراض و منع حدوثها و رفع مستوي الوعي الصحي للجماعات و الافراد . من اهم ما يقوم به من مهام هو الوقاية من حدوث و انتشار الاوبئة و التدخل السريع لمنع تفشي الامراض و التقليل من اضرارها، كما يعمل علي تحسين الصحة العامة للمجتمعات البشرية و يسعي للحفاظ علي " جودة حياة " للأشخاص الأصحاء و المرضي. في سبيل تحقيق تلك الأهداف تتبع اجراءات مثل تحسين مستويات الوقاية من الامراض في ما يسمي بالوقاية الاولية مثل رش الحشرات ، غسيل الايدي و نشر الوعي الصحي .