[email protected] * أعود للحديث عن ( سوء الصين العظيم) الذى بدأته فى الاسبوع الماضى، وأذكر هنا تجربتين كنت شاهد عيان، عليهما وهما يوضحان بجلاء كيف تتعامل الشركات الصينية مع المواطنين السودانيين مثل الشركة الصينية التى شيدت خط الانابيب، وكيف تتعامل غيرها من الشركات الأجنبية مثل الشركة الألمانية التى رصفت طريق كوستى جبل أولياء ..!! * اختارت الشركتان قرية أو (مدينة ) الشوال في النيل الأبيض كموقع لاقامة المهندسين والمشرفين على تنفيذ المشروعين. * الشركة الألمانية أقامت مدينة صغيرة بالمواد الثابتة مثل الخرصانة وجهزتها ببئر ماء عميقة وحوض سباحة وسورتها بالسلك الشائك، وكانت تستخدم كل العمالة الموجودة بالقرية فى كل اعمالها حتى في الوظائف الاخرى مثل الحسابات وغيرها، ومن الطرائف انهم وجدوا مواطناً من الشوال في سن المعاش درس الجامعة في ألمانيا وعاش فيها فترة من الزمن فاستخدمته كمترجم، كما استخدموا الكثير من الطلاب فى مرحلتى الثانوى والوسطى كمترجمين فوريين يرافقون المهندسين في مواقع العمل لترجمة توجيهاتم للعمال من الانجليزية الى العربية (كان هذا هو مستوى الطلاب زمان) واحد هؤلاء الطلاب يعمل الان استاذا للغة الانجليزية لغير الناطقين بها باحدى الجامعات الامريكية. * فضلا عن ذلك، قدم الخواجات عونا كثير ومباشرا لاهل القرية، وانشأوا مشتلاً كانوا يدفعون تكلفة الاشراف عليه من مالهم الخاص وكانوا يقدمون من وقت لأخر الوقود لمحطة المياه والكهرباء لندرة الوقود في تلك الفترة. *عندما انتهى المشروع باعوا كل معداتهم الصغيرة مثل التركترات لاهل المنطقة بثمن زهيد، وتركوا مدينتهم كما هي ببيوتها ومكاتبها وكهربتها ومياهها وسورها وكل شئ للمواطنين وكان من الممكن الاستفادة منها كمستشفى او مدرسة ثانوية ولكن بكل أسف استولى عليها الجيش ثم آلت ملكيتها لأفراد واصبحت خرابا ( ولقد وقفت على آثارها فى زيارة صحفية للمنطقة). هذا هو النموذج الغربى. * اما الصينيون فأشادوا مدينة من الخيم، وكان سورها عبارة عن حائط ترابى حيث اتوا بالياتهم وحفروا الارض واقاموا حاجزاً ترابيا سوروا به تلك الخيم، وعندما انتهوا من المشروع ما تركوا لأهل القرية غير السور الترابي والخندق الذي يحيط به من كل جانب والذى اصبح مصدرا للخطر البيئى الدائم على القرية حيث تتجمع فيه الأوساخ التي تحلمها الرياح ومياه الأمطار وتتوالد الحشرات الضارة لتفتك بأهل المنطقة، ولم يسألهم احد حتى الآن بأن يزيلوا ما أحدثوه من خراب ودمار وأذى للبيئة وللمواطنين ( ولقد وقفت على ما فعله الصينيون فى نفس الزيارة) . * هذا ما تفعله الصين الطيبة الحنينة ببلادى وأهلى ايها الناس، وذلك ما فعلته شركات اوروبا الامبريالية الاستعمارية، فأيهما ارحم ؟! الاخبار، 19 يوليو 2011