كالعادة اتسمت ردود فعل حزب المؤتمر الوطني الحاكم وتصريحات قياداته على خَبَرِ الاستقالة التي تقدَّم بها السيد باقان أموم من حكومة الجنوب بالتَّسرُّع وعدم الروية وانعدام الدبلوماسية، ولم تخرج بمجملها من إطار الشماتة الفجة وإظهار الفرح الصبياني لمغادرة الرجل لمنصبه، ناسين أو متناسين من فرط نشوة الخبر الذي أسكرهم حقيقة أن الجنوب قد صار دولة مستقلة ومن غير اللائق أن يحشر أي طرف خارجي أنفه في حدث داخلي يخصه. كم كنت أتمنى أن يكون بين قيادات الحزب الذي ظل يحكم السودان ربع قرن رجل رشيد يخرج بتصريح دبلوماسي متوازن كالقول بأن استقالة وزير في دولة مستقلة وجارة شأن داخلي لا يهم حكومة السودان وشعبه في شيء ويصمت و(يقرض على كده)، فلو صدر تصريح بهذا المحتوى والمعنى كان بطبع سيكون له أثر طيب على حكومة الجنوب وشعبه وعلى السيد أموم نفسه مما كان سينعكس إيجابا على الروح التي ستسود اللقاءات القادمة بين الحكومتين ويسهل أمر حلحلت القضايا المعقدة التي مازالت عالقة. كذلك كان سيبرهن للعالم على أنه كنظام قد طوى صفحة الماضي واستطاع في فترة وجيزة التأقلم مع الواقع الجديد وتمكن من تخطي العقبة النفسية الناتجة عن مرارات الانفصال وبهذا يبعث برسالة مطمئنة للمجتمع الدولي تقول: بأنه يراعي القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية في تعامله مع دولة الجنوب وربما يساعده هذا على تحسين صورته وتخطي عقبة الحصار والعقوبات الدولية المفروضة عليه؛ ولكن يبدو أن (الجماعة) ينطبق عليها المثل الشائع (من خلى عادتو قلت سعادتو). فعوضا عن هذا راح كثير منهم ينسج الروايات الكاذبة ويروج أن الأمر (إقالة) وليس (استقالة) بل دفع الخطل البعض منهم لحبك مسرحيات متخيلة عن اجتماع عاصف ضمَّ الرجل مع رئيسه الفريق سلفا كير الذي وبَّخه بسبب قطعه للتيار الكهربائي متعمدًا إحراج الرئيس عمر البشير قبيل مخاطبة حفل إعلان الاستقلال وخيَّره بين تقديم الاستقالة أو الإقالة!! ولم يتورعوا وزادوا من الشعر أبيات عن تجاوزاته وتعديه على المال العام (ودي بجد كانت شينه) خصوصا والرجل مطلع على ملفات المراجع العام وما حوت من (بلاوي الجماعة) خلال أعوام الشراكة في الحكم. لا أدري لأي جهة سيولي اليوم القوم وجههم التي لا شك ترهقها قطرة الإحراج والإحباط بعد أن أدى السيد أموم في تطور مفاجئ أمس اليمين الدستوري أمام سعادة الفريق أول سلفا كير ميارديت رئيس الجمهورية وزيرًا مكلفًا للسلام في الحكومة القومية قاطعًا الطريق أمام حديث الإفك، (كده كويس؟!!). تيسير حسن إدريس 23/07/2011م تيسير ادريس [[email protected]]