لا زالت اتفاقية السلام الشامل "نيفاشا" تواجه الكثير من العثرات والمصاعب في طريقها نحو التحول الديمقراطي وتحقيق السلام العادل والشامل في السودان وعثرات نيفاشا سببها أن الشريكين لم يمهدا لها الطريق، فهي تسير في طرق وعرة وشائكة ومحفوفة بشيطان التفاصيل. ولئن أصيبت نيفاشا في عثراتها الكثيرة هذه بمكروه سنقول للحركة والمؤتمر : لا انتم أطعمتموها من أفكاركم ولا تركتموها ترعي من خشاش أفكار السياسيين. وقد مرت اتفاقية نيفاشا بعدد من العثرات منذ ميلادها وحتي الأمس القريب وتفجرت هذه الخلافات باكرا بسبب تقاسم المقاعد الوزارية بين الشريكين ليبلغ هذا الصراع ذروته حول حقيبة الطاقة والتعدين صاحبة نصيب الأسد من بند الثروة، لتغرق نيفاشا في بحر الثروة والسلطة اللجي وان كانت حاليا تمارس قدرتها الفائقة في التنفس تحت المال! فبعد مسيرة مليئة بالجدل والخلاف و"الحرد" ظهر الخلاف مجددا إلى السطح من خلال مخاطبة الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية رئيس الهيئة البرلمانية للمؤتمر الوطني و بيتر ادوك وزير التعليم العالي والقيادي بالحركة الشعبية لملتقي الإعلاميين العاملين بالخارج فقد تبادل الوزيران الاتهامات حول تطبيق الاتفاقية والقي كل طرف عثرات نيفاشا علي الطرف الآخر بحسب جريدة الصحافة عدد الخميس 14مايو الحالي . ففي الوقت الذي حّمل فيه العتباني الحركة مسؤولية تدهور الأوضاع والتفلتات الأمنية في الجنوب و عدم انعكاس 6 مليارات دولار عبارة نصيب الحركة من قسمة الثروة علي الخدمات وأحوال المواطنين اتهمت الحركة الشعبية شريكها المؤتمر الوطني علي لسان ممثلها بيتر ادوك وزير التعليم العالي والقيادي بالحركة الشعبية المؤتمر الوطني بعدم الجدية في تطبيق الاتفاق لإحداث التحول الديمقراطي بجانب التضييق علي القوي السياسية عبر القوانين المقيدة للحريات للإبقاء على نظام الحزب الواحد . وتصاعدت هذه الهجمات عندما تحدي القائد باقان اموم الأمين العام للحركة الشعبية عبر صحيفة الشرق الأوسط قيادات المؤتمر الوطني بالمحاسبة حول صرف الأموال علانية وأمام الشعب. وقال اموم إن الحركة تطالب بإجراء تقييم شامل عن صرف أموال الدولة في السودان كله دون اقتصار ذلك علي جنوب السودان وحده وتساءل عن مصير مبلغ 40 مليار دولار لدى المؤتمر الوطني مشيرا الى استعداد الحركة لفتح محاسبة علانية عن مبلغ ال6 مليارات دولارالمثير للجدل . وبالنظر الى خلافات الشريكين منذ توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام وحتي الآن نجد انه ما من خلاف وقع أو اتهامات خرجت وإلا كانت بسبب الثروة و السلطة، وعزيزي القارئ وحتي أعطيك المفتاح السحري للخلافات عليك بقاعدتي الشهيرة ومثلي "النيفاشي": ابحث عن الثروة والسلطة. ما حدث مؤخرا أوضح بجلاء اختزال الشريكين لاتفاقية نيفاشا في عنصري السلطة والثروة، و لذلك طغت لغة المال علي كل الاتهامات المتبادلة وكأن مشكلة السودان نتيجة لخلاف تقاسمي في ثروة وسلطة وأموال ودولارات ، في الوقت الذي اغفل فيه الشريكين الحديث عن الحالة المأساوية التي وصل لها المواطن السوداني المغلوب علي أمره في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط . ومما لا شك فيه أن هذه الخلافات والملاسنات المتكررة ستؤثر سلبا علي تطبيق الاتفاقية والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح أين المشاريع التنموية التي كان من الواجب قيامها في الشمال والجنوب خلال السنوات الأربعة الماضية لمحو آثار ما خلفته الحرب الطويلة في الوطن ولأكثر من عشرون عاما ؟. ونطرح سؤال آخر في شأن نيفاشا مفاده : هل اتفاقية نيفاشا اتفاقية لتقاسم الثروة والسلطة أم لاقتسام إشكالات الوطن وقضاياه الماثلة والشاخصة في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط؟