الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان ما بين إضفاء الشرعية الدستورية ودستورية الدولة .. بقلم: صديق منصور الناير
نشر في سودانيل يوم 03 - 09 - 2011


باحث سياسي ونائب رئيس المجلس التشريع
السابق لولاية جنوب كردفان
لقد كنا وما زلنا نراقب التطورات التي تحدث في حكومة جمهورية السودان الحالية خاصة فيما يختص بتعديل الدستور او إعداده لمواكبة التحولات السياسية التي تحدث خاصة بعد إنفصال جنوب السودان والواضح من خلال التوجة العام للحكومة وبعض القوي السياسية الشمالية (منبر السلام العادل ) سعيهم الجاد لتبني عملية إعداد الدستور او تعديله من خلال تكوين اللجان ورسم السياسات العامة لهذا البرنامج ونحن نعتقد بان ما يحدث هي الاخطاء ذاتها التي مارستها الحكومات التي جاءت بعد خروج الانجليز من السودان لذلك لم تتمكن من إيجاد دستور دائم حتي اليوم وانا شخصيا لم اكن قانونيا اي بمعني آخر لم ادرس القانون كمهنه ولكني تلقيت تدريبات متقدمه داخل وخارج السودان في مجال العمل القانوني والنظم البرلمانية والمختصة بإجراءات صياغة او إعداد الدساتير والقوانين ومن ثم طرق إجازتها وإضفاء الشرعية لها وعلي اثر ذلك نلنا دبلومات عالية في كل من يوغندا وامريكيا
)International law institute / Uganda- Kampala(
Northwestern university / faculty of public safety, Kellog - faculty of management and administration – Chicago- USA بالاضافة للكورسات الاولية في كل من كاودا والخرطوم والتي تم صقلها ,بالعمل في المجلس التشريعي كنائب لرئيس المجلس التشريعي سابقا ولمدة خمس سنوات هذه الخبرات والتجارب التراكمية افادتنا في الثقافة الدستورية والقانونية واهمية سيادتهما واعتز كثيرا بالحراك الذي حدث في اضابير المجلس التشريعي بولاية جنوب كردفان من خلال الصراع بين رؤيتي الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني كل يحاول إدخال اكبر قدر من برنامجة في الدستور ورغم سلبية هذا الحراك إلا انه كان مفيدا من الناحية العملية لنا كمشرعيين هدفنا الاول كان يتمحور حول ترسيخ مبادئ الديمقراطية وسيادة حكم القانون كل من زاويته. من هذه الممارسة العملية خلال الخمس سنوات التي قضيناها بالمجلس عرفنا معني الدستور واهمية الوعي به من قبل الشعب ليس هذا فحسب بل ضرورة مشاركة كل قطاعات الشعب في كل الخطوات الإجرائية لإعداده او تعديله حتي يتأكدوا من انهم هم من صنعوه وبالتالي فهو ملك لهم لذلك يجب إحترامه وحمايته بواسطة المؤسسات التي يصنها الشعب نفسه من خلال العملية الديمقراطية ،ومن هنا تظهر الأهمية والحيادية الكاملة في كل المؤسسات واللجان التي تعمل في إعداد الدستور او تعديلة الي ان يتم التنقيح النهائي بعد إجازته بالطرق الصحيحة والتي سنتطرق عليها فيما بعد من خلال هذا المقال بالاضافة لمقارنة ذلك مع ما يحدث في السودان والعالم من حولنا خاصة الدول الافريقية التي مرت بخبرات تراكمية في العمل الدستوري والحراك الديمقراطي .
من خلال ما تقدم نجد ان ما تقوم بها الحكومة الحالية من إجراءات تدعو للسخرية والغرابة إذ لا يمكن ان يقوم الحزب الحاكم بإعداد الدستور ويكون دستورا دائما مهما كانت التبريرات والاجتهادات لإقناع الشعب والمؤسسات السياسية في هذه البلاد وعندما نطالب بحل الحكومة الحالية وتكوين حكومة وطنية بقاعدة عريضة لم نقصد إلا الحياد التام والمحاولة بقدر الإمكان لإيجاد صيغه قريبة من المثالية ، لان عملية إعداد الدستور او صياغيته ليست بالعملية السهلة وطرق إجراءاته معقدة لذلك من الطبيعي ان نسعي عن فهم لتوفير المناخ وتهيئة البيئه التي تقنع حتي المعارضة وذلك من خلال المشاركة الفاعلة لكل قطاعات الشعب في كل مراحله الاجرائية ومن الصعب توفير هذه الظروف خاصة في دول العالم الثالث حيث يتشبث الحكام بالسلطة ويسعون من خلال التاثير السلطوي علي الاجراءات او الطريقة التي يتم بها إعداد الدستور او تعديله ليخدم مصالحهم الخاصة وبالتالي تأمن بقاءهم في السلطه لاطول فترة ممكنه .
مما سبق يتضح لنا اهمية الإلمام بالثقافة الدستورية والقانونية لمجابهة اوجة الحياة المختلفة والمشاركة في ذات الوقت في بناء الدولة الحضارية المعاصرة .
)culture of constitutionalism (
ومن المهم الوقوف علي تعريف الدستور واهدافه وطرق إعداده او تعديله والمحركين الاساسيين للعملية إبتداء من الحكومة التي تضع سياسات إعداد الدستور او تعديله واللجنة الدستورية التي تقوم بتنفيذ هذه السياسات وللجان التي من خلال تكويناته الاجتماعية والسياسية ونشره توصل كل محتوياته دون مزايدات لكل افراد الشعب لإشراكهم لياتي دور الجمعيات التأسيسية او المؤتمر العام علي مستوي الدولة للإجازة النهائية ليصبح قانونا اعلي في الدولة صالحا لتنظيم العلاقات الافقية والرأسية لمؤسساتها ويكون اساسا للتشريعات التي تفصل كل اوجه الحياة وسنحاول إستعراض كل ذلك مع دراسة مقارنه لما يحدث في العالم من حولنا خاصة الدول الافريقية بالاضافة الي النظر لشرعية الدستور الانتقالي 2005م والحكومة الحالية وكيفية إعداد الدستور القادم ليكون دستورا دائما بقدر الامكان ، نستعين به ونحتكم اليه ويكون فيصلا وحكما يعبر عن قيمنا الحقيقة دون مزايدات او وصاية لاي كان علي الاخر.
لقد كان لرياح التغيير التي هبت في التسعينات من القرن الماضي في انحاء كثيرة من دول شرق افريقيا وجنوبها والتي جاءت بتغييرات جذرية لبت من خلالها الاحلام والآمال العريضة لشعوب تلك المناطق والتي لا زالت قائمة فيما يتعلق بالتأكيد علي الوثائق والمستندات الاصلية الي افرزتها ، هذه الوثائق هي وحدها التي تساعد الشعوب علي تحقيق مستقبل افضل عبر إنشاء نظام إجتماعي ، إقتصادي وسياسي مستقر وهناك سؤال جوهري يدور حول كيفية الحصول علي هذه الوثيقة او الدستور الدائم والذي يصنعه الشعب بنفسه لا ان يتم صناعته بالوكالة!!!
والاجابة علي هذا السؤال ترتكز علي عدة عوامل اساسية اولها الإرادة السياسية التي تجعل الدستور وثيقة مقنعه ومعترف بها لدي كل قطاعات الشعب ،ونعتقد هنا ان نقطة البداية تدور حول كيفية إعتماد دستور قومي من خلال إستخدام الاجراءات التي تؤثر بشكل جوهري علي مضمون المستند وشرعيته بحيث يجب ان تتكامل فيه افكار كل الاطراف الاساسية والمحركة للعملية السياسية بتناغم كامل دون تغول طرف علي الاخر ومن ضمن تلك الاطراف المحركة للعملية السياسية الحكومة نفسها بالاضافة للأحزاب السياسية كلا داخل البرلمان وخارجه ويضاف الي ذلك كل الهيئات ومنظمات المجتمع المدني والمواطنون ويجب ان لا تتحكم بها الحكومة او تؤثر عليها بشكل يخالف الاصول وان يتضمن صفقة عقد بين لالطراف المحركة لهذه العملية وغالبا ما تكون التنازلات السياسية المتبادلة متعارض عليها بشده ولضمان شفافية وصدق الاجراء يفضل ان يتولاه بلد محايد او المجتمع الدولي خاصة إذا تجذر عدم الثقة في المجتمع الداخلي للدولة المعنية بالدستور لان هذا الاجراء يؤمن افضل فرصة لإعتماد دستور شعبي . )Ethos of constitutionalism مستدام وهو امر اساسي ( وتعني هذه العبارة دستور يعكس روح الشعب ومزاجه وعبقريته اي إقرارمن قبل الشعب بأنه دستورهم الذي تم إستشارتهم به وقد صادقوا علية وهم يعتمدونه وانه يتضمن احكاما يحصلون منها علي فوائد اكيدة تستحق الدفاع عنها وبأنه يحث كل من المحكوم والحاكم علي إتباع عادة مراعاة احكام الدستور والتقيد به.
وقبل الدخول في تحليل ما يحدث في السودان ومقارنته بما يحدث في العالم من حولنا لا بد من تناول المفاهيم الاساسية والمؤسسات المحركة للعملية وادوارها وذلك لصقل تجربتنا الحالية والتي ساهمت في وضع الدستور الانتقالي لسنة 2005م بموجب إتفاقية السلام الشامل والذي جاء نتيجه لصراع طويل وحرب ضروس دامت لاكثر من عشرون عاما وهذا شيئ طبيعي خاصة للدول التي تخرج من الحرب كالسودان وكذلك الدول التي تنال إستقلالها لاول مرة فهي الاخري تحتاج للدساتيرالتي تعينها في إدارة شئونها في المرحلة الجديدة ، اما عملية تعديل الدستور فتمر هي الاخري بمراحل تجريب الدستور وتطبيقة عمليا وتظهر هذه الممارسة فجوات وقصور في بعض اجزاءه مما يتطلب معه اجراء التعديلات لمواكبة التحولات السياسية والاجتماعية ويظهر ذلك من خلال التجارب الكثيرة والمحاولات التي فشلت منذ خروج الانجليز لتوفير دستور دائم حتي الآن وعلية فقد آن الآوان لإجراء التعديلات المناسبة في الدستور الانتقالي لسنة 2005م ليواكب التحولات الجيوبوليتيكية وسنتناول ذلك من خلال الوقوف علي المفاهيم الاساسية للمصطلحات الدستورية والادوار التي تلعبها الجهات المحركة للعملية الدستورية :-
1/ مفهوم الدستور واهميته :-
يحدد قاموس بلاك للمصطلحات القانونية بان الدستور هو ( ميثاق حكم يستمد سلطته من المرؤوس ) بهذا الفهم البسيط فإن الدستور يجب ان يكون المرآه التي تعكس روح الوطنية وبالتالي فإن الاجراءات الصحيحة لإعدادة يعد امرا حاسما ليكون دستورا عاما ومستداما فإذا تم ذلك فإن الدستور سيحظي بفرصة كبيرة للقبول لانه سيتجاوز السياسات الموالية ويعكس روح الشعب ومزاجه وعبقريته
( John Hatshard ,Mona,and Bitar Slin – comparative constitutionalism and good governance in commonwealth and African perspective )
2/ دور الدولة او الحكومة في إعداد الدستور :-
تلعب الدولة دورا رئيسيا في إعداد وتطوير الدستور وذلك للأسباب الآتية :-
أ / بصفتها موظفة لدي الشعب بعقد محدد من خلال الشروط والفترة الزمنية لذلك يجب ان تتفاعل مع حاجيات الشعب خاصة إذا كانت هناك ضرورة ماسة لوضع الدستور في فترة زمنية محدده من التاريخ فما علي الدولة إلا ان تواجة ذلك التحدي بكل أمانة وصدق .
ب/ بصفتها المحرك الرئيسي في المجتمع وموظفة لدي الشعب تكمن مسؤولياتها الاساسية في تقليص النزاعات في المجتمع والمحافظة علي السلام والوحدة الوطنية باستمرار وهذا الدور يصبح اكثر إلحاحا عندما يكون الدستور مطلوبا من حيث الاعداد او التعديل .
ج/ يتوجب علي الدولة خلال عملية إعداد الدستور إشراك الشعب ولعب دورها في التربية المدنية او تأمين التسهيلات المطلوبة للمجتمع المدني لكي يأخذ علي عاتقة عملية التربية المدنية ولا يجب عليها بأي شكل من الاشكال إجبار الشعب علي الطريقة التي يشاركون بها في عملية إعداد الدستور او تعديله او العمل لإختزال دور الشعب في هذه العملية الجوهرية ويجب عليها العمل كمسهلة فقط
(Pro. Eva Jala – The role of the state and civil society in constitution making process).
د / دور المجتمع المدني (النقابات ، الاتحادات،الجمعيات، المنظمات والكتل المهنية والفكرية)
وهي مجموعة من الافراد الذين يجتمعون لتعزيزمصالحهم في الحراك الذي يحدث لحماية مكتسباتها وقد تتخذ هذه المجموعات اشكال وقطاعات ذات مصالح مشتركة ومتنوعه، ونمو او تطور الحركات المدنية اوالمجتمع المدنيي ينتج من حالة المزاملة ويحثها الحاجة الي تعزيز حقوق المواطنين وحرياتهم اثناء مناقشة المسئوليات والواجبات وكثيرا ما يتم ذلك في المجتمعات العصرية عبر إطار دستوري قانوني يعكس بالضروره المجتمعات التي تعمل لحماية عقدهم الاجتماعي مع الحكومة. لذلك يتوجب علي الدولة المساعدة في بناء قدرة الناس ليكونوا عوامل مطلعة وحاسمة في تحديد تعدديتهم الخاصة في جدول اعمال المحتمع وفي هذا السياق يكون دور المجتمع المدني هدفة هو خلق مشاركة عالية المستوي في الاصلاح الدستوري القادر علي تأكيد عمل الحكومة كأداة للشعب ويستطيع الشعب بدوره محاسبتها .
خ/ دور الاحزاب السياسية:- هناك مبدأ قائل ( بأن الاحزاب السياسية هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيع المواطنون من خلالها نيل طلباتهم والتعبير عن مصالحهم وإختيار الاشخاص المؤهلين لتمثيلهم في المناصب القيادية في الدولة بما في ذلك رئاسة الجمهورية) وبشكل عام تشكل هذه الاحزاب كتل إجتماعية ذات برامج واهداف سياسية، في إعتقادنا هذا المبدأ صحيح لان الاحزاب السياسية تعمل كوسيلة لمراجعة وتقييم عمل الحزب الحاكم وتكون القوة الرائدة للتغيير من خلال الممارسة الديقراطية ، لذلك يعتمد عدد كبير من الدساتير الحديثة علي سياسة تعدد الاحزاب كأساس للعمل الدستوري والاصلاح الديمقراطي ، والمهم هنا هو ان تعمل القوي السياسية لكي تعلو رفاهية المواطن علي المصالح الشخصية للأفراد في عالم السياسة والدولة الحديثة .
بهذه المفاهيم المتقدمه نؤكد علي وجود مشكلة كبيرة في دول العالم الثالث خاصة افريقيا التي تستخدم السياسة والاحزاب فيها كوسيلة شخصيه مدمره للوصول الي السلطة او البقاء عليها ، لذلك نحتاج الي تكثيف البرامج السياسية المنسجمة مع الثقافة الدستورية وفي هذا الاطار يجب إعادة النظر في القوانين التي تقيد النظام الديمقراطي وتقدم مصالح الحزب الحاكم علي النظام الدستوري والقانوني العام خاصة تلك التي تتدخل في شئون وسائل الاعلام بمضايقتها وإتهامها بتشويه السمعة وبالتالي الاعتقالات والسجون.
(Eva Jala- general paper on good governance and constitutionalism)
من الواضح ان رياح الغيير التي هبت في الدول الافريقية في منتصف القرن الماضي والتي قادت بشكل واضح الي إستقلال اعداد كبيرة منها من الاستعمار الغربي وبدات بعدها المحاولات الكثيرة للإصلاحات الدستورية والديمقراطية بهدف تسليم السلطة للشعب خاصة في التسعينات في معظم الدول الافريقية ومحاولة المناهضة من قبل الحكام ،هذا الصراع افرز فهم متقدم ووعي جماهيري كبير في تلك البلاد عن الثقافه الدستورية والاصلاحات السياسية خاصة في زامبيا،زمبابوي،كينيا،اثيوبيا،يوغندا،تنزانيا،غانا وجنوب افريقيا التي ذاقت الامرين من خلال النظام العنصري (الابرتايد ) ...الخ ويبدو ا السودان رغم تقدمه في هذا المجال خاصة بعد إنتفاضة اكتوبر1964م وتبعة إنتفاضة ابريل في 1985م لم يستفد من تلك الثورات ومن الواضح ان الدور السيئ الذي لعبة السياسيين الاوائل في تقنين العمل الدكتاتوري من خلال الديمقراطيات الزائفة هو سبب تراكم المرارات ليدخل في حرب طويلة مع نفسه حتي الآن رغم إتفاقية نيفاشا ودور الدول الافريقية ذات التجارب الطويلة في الممارسة الديمقراطية خاصة مجموعة الايقادوأصدقاءه من الدول الاوربية المتقدمه في هذا المجال لقد افلحوا في أيقاف الحرب بين الشمال والجنوب وذلك لان مدخل التفاوض كان من هذا الباب لذلك كان الانفصال خيار الجنوبيين واستمر الحرب فيما تبقي من السودان في دارفور ،جبال النوبة وربما النيل الازرق والشرق المتململين . والدور الذي يمكن ان يلعبة منظمات المجتمع المدني والقوي السياسية قادم لا محاله لان ما يحدث الآن في الدول العربية التي إنتفضت اخيرا بعد ان فاض بهم الكيل وبلغ السيل الزبا ليس إلا وسيلة لابد منها لمواجهة الطغاة والدكتاتورية هناك وهنا ظهر دور الاحزاب والقوي الحديثة ومنظمات المجتمع المدني كممثلين للشعب في شكل مجموعات ضغط اطاحت بالاستبداد والظلم بهدف إجراء الاصلاحات الدستورية والديمقراطية التي تلبي تطلعات شعوب تلك الدول والسودان ليس ببعيد مما يحدث .
لاشك ان التحول السياسي الذي حدث ويحدث في كل من مصر وتونس ومن بعدهما ليبيا واليمن والتململ في البحرين وربما السعودية والمغرب ، كل ما يحدث يعكس أطماع السلطان والحكام التي وصلت الي حد إستخدام اجهزة الدولة ومؤسساتها ضد شعوبهم ضاربين بالقانون والدستور عرض الحائط ودون ان يمنعهم الوازع الديني ولا حتي الضمير، الذي مات ، لذلك استمروا في قتل وتصفية الشعوب الهادرة التي تطالب بإصلاح او إسقاط تلك الانظمة الفاسدة ومن الواضح ان السودان لم يستفد من كل ذلك لان ما يحدث في جنوب كردفان/ حبال النوبه ما هي إلا اطماع السلطان الذي يعبر بصور واشكال مختلفة من خلال التقاطعات الماثلة منها العروبة والدين ومنها الجهه والهوية الشمالية (منبر السلام العادل ) إذ لا يمكن ان يكون السلطان وزيرا للخارجية ويقوم بتعيين زوجته سفيرا ولا يوجد احد يمثل جبال النوبة والنيل الازرق وولايات كثيرة في الغرب والشرق في السلك الدبلوماسي وما خفي اعظم كل مؤسسات الدولة تمت تصفيتها من عناصر بعينها واصبح هذه المؤسسات بيوتات لاسر سلاطين السودان وحكامه ورغم ذلك يريد السلطان ان يخضع الشعوب المظلومة بالقهر والقوة المفرطة ان ما يحدث في السودان هو حقا امر غريب. والحديث عن الدستور والديمقراطية ،العلمانية والدين حديث مبتذل وما هو إلا اسلوب رخيص القصد منه تثبيت اركان السلطان بدلا من ترك ذلك للشعب لكي يقول كلمته الفاصلة . ويبدو ان سلاطين واباطرة السودان يعتقدون بان إنفصال الجنوب خلق لهم الفرصة جيدة لمواصلة جبروتهم في البطش والإقصاء لكني اعتقد بان ذلك سينتهي يوما ما طالما وعي الشعب الدرس وإستفاد من تجارب الآخرين بدلا من ان يستفيد الاخرون من تجاربنا الحضارية اصبحنا نحن نلهث للإستفادة منهم للأسف الشديد.
وسنورد بعض النمازج من تجارب بعض الدول من حولنا حول خيارات إضفاء الطابع الشرعي علي الدستور مثال ذلك كينيا :-
1 / شكل كينيا مؤتمردستوري وطني مؤلف من 629 عضوا كان تمثيلهم كالآتي :-
(1) 223 عضوا من مجلس الشعب الكيني .
(2) 210 عضوا من القطاعات التي إنتخبتها مجالس المقاطعات.
(3) 29 عضوا يمثلون اللجنة كأعضاء لا يصوتون.
(4) 41 شخصا يمثلون الاحزاب السياسية .
(5) 126 ممثلا يمثلون مختلف القطاعات والمؤسسات الدينية والنساء والشباب والمجموعات المهنية ، النقابات ،المنظمات غير الحكومية وغيرها من المصالح تم إختيارهم طبقا للنظام الذي حددته اللجنة الدستورية . كل هؤلاء شاركوا في المؤتمر الدستوري الذي اعد وإعتمد دستور كينيا وذلك لان الشعب الكيني تعلم من تجاربه السابقة لذلك اصر علي عقد مؤتمر دستور وطني لانه فقد الثقة في قياداته السياسية هذا طبعا بعد ان تأكد الشعب بأن السياسيين لن يوافقوا علي دستور يعكس آراؤه فقد حدث ذلك عقب إزالة فقرة التعديل التقييدي في دستور 1965م المرسوم 14 للعام 1965م فقد قال توم امبويو هو شاب سياسي بارع قال ( يشكل التضمين الدستوري للأحكام في الدول الاخري الذي ينص علية القانون العادي إنتقاصا من سيادة البرلمان إذ تكمن الديمقراطية البرلمانية في ايدي البرلمانيين ويكمن البرلمان في يد الشعب عند الانتخابات فؤلئك الذين يخشون السلطات التي ننقلها اليوم من الدستور الي البرلمان لا يخشون فقط الطاغية بل يخشون شعبهم ، يخشون الديمقراطية في حد ذاتها لا يثقون بشعبهم وبقدرتهم علي حكم الدولة عبرهذا البرلمان ) .
وقد أدت هذه الثقة الجديده الي 27 تعديل للدستور الكيني وقد خلق جوهر معظم التعديلات حصنا وحماية للدستور مقابل السلطات الغير قابلة للمحاسبة في السلطة التنفيذية الذي قوض اجهزة الحكم الاخري اي البرلمان والقضاء ، ووضع قدسية ونزاهة الدستور الكيني في المحك الحقيقي بعدها تعهد الشعب الكيني ان لا يقترف هذه الاخطاء مرة اخري وكانت البنية الدستورية جزءا من النظام الاساسي للدستور ويسمح للبرلمان برفض الدستور برمته او تنفيذه وفق ما اعتمده المؤتمر الوطني الكيني العام وبات معروفا ان دستور كينيا المعتمد إنتهي امره بالاستفتاء العام بين ما قدمه الرئيس مواي كيباكي من تعديلات برمز الموز في الاستفتاء ورفض المعارضة بقيادة رايلا برمز البرتقال من الناحية الاخري فقد إنتصر فريق البرتقال علي الرمز الرئيس (الموز) وذلك بعد صراع سياسي حميم نشر علي اثره مسودة الدستور والتعديلات عليها علي القازيت وإطلع علية ان لم يكن كل الشعب الكينبي فمعظمهم واعطي كل المواطنين اراءهم في لإستفتاء شعبي كبير وكنت انا شخصيا حضور لحسن الحظ حيث حضرت هذا الحراك السياسي وعرفت اهمية الدستور والثقافة الدستورية ودور الشعب في توجية العملية الديقراطية . قام الرئيس الكيني بحل وطرد حكومته علي اثر تلك الخسار.
لقد إعتمدت معظم الدول الافريقية مثل غانا وجنوب افريقيا واوغندا التي وضعت دساتير جيده الي حد ما من خلال الجمعيات التاسيسية ( المنتخبة بحق) مما اعطي دساتيرها الشرعية ووجد الشعب نفسه في الدستور لانه إشتمل الي حد كبير علي تطلعاته وقيمه ومبادئه وما يظهر من مشاكل يكون سببه اطماع الحكام في خلق التجاوزات من اجل الاستمرار في السلطة ونادرا ما يحدث ذلك بعد الاقرارات التي تمت بواسطة الدستور المعتمد حقا.
أين نحن في السودان من هذا الحراك الحقيقي والنزيه كل الاجراءات في الغالب تكون مصحوبة بالتزوير والتلاعب بالانتخابات من قبل الحكومات بل حتي عمليات تعديل الدستور الغرض منها إعطاء سلطات اكبر للحكام خدمة لهم وليس لخدمة الشعب !!!!
2 / النموزج الاخر في افريقيا هو دستور اثيوبيا فقد بدا بناء الديمقراطية في اثيوبيا بعد سقوط الدرج وفشله في هزيمة جبهة تحرير ارتريا بمؤتمر السلام والديمقراطية الذي اسس المرحلة الانتقالية لوضع مسودة الدستور ، لقد إقترحت الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الاثيوبي ان يكون التمثيل في الحكومة الانتقالية علي اساس المشاركة التي ستبديها كل جماعة بعد سقوط الدرج وسيطرتهم علي اديس ابابا واعتبر برنامج ( او ،ال، ا ف ) إستثناءا من الخطوط العامه لهذه البرامج فقد جاء في برنامجها إقتراح بتكفل الامم المتحده إدارة البلاد مؤقتا نتيجة لذلك عقد مؤتمر السلام والديمقراطية من 1-5 يوليو 1992م إعترف المؤتمر بحق الشعب الارتري بالاستقلال إذا إختاروا ذلك في إطار إستفتاء عام تحت إشراف الامم المتحدة كما توصل المؤتمرون الي تكوين حكومة انتقالية مثلت فيها الجمعيات المشاركة في المؤتمر بمجلس نواب إنتقالي تم تمثيلهم علي النحو التالي :-
1 / الجبهه الديمقراطية الثورية 22 مقعد .
2 / جبهة تحرير اورومو 12 مقعدا.
3 / والمنظمات الباقية وعددها 21 منحت مقعد او مقعدين حسب الاتفاق . وإتفق المؤتمرون علي ميثاق يكون بمثابة القانون الاعلي في البلاد خلال فترة الانتقال .
تم إنتخاب لجنة من 27 عضوا لاعداد الدستور وكان من اصل المنظمات ال18 ، 7 منها كانت سياسية و6 منها كانت جماعات شعبية ومحترفه و2 ممثل للجبهة الديمقراطية الثورية بالاضافة الي ذلك تم اختيار اعضاء اللجنة من خارج المجلس وعددهم 28 عضو تم تحديد سنتين لإستكمال عمل اللجنه وقد تم الاستعانة بخبراء اخرين من الدول الاخري بعد ذلك تم مناقشة المسودة داخل المجلس . تم تحويل امر الدستور الي الهيئة التشريعية القومية لاثيوبيا والتي كانت تضم 557عضوا منتخبا وقد ادخلت الهيئه التشريعية عدد من التعديلات يدخل معظمها في إطار نص الدستور كما وافقت علي تعديلين جوهريين دون مناقشة تذكر . إجمالا كانت عملية وضع الدستور الاثيوبي مفتوحه ومرنه وداعية للمشاركة من خلال استشارة كل السكان خاصة سكان كيبيلي المنتشرين في كل ارجاء اثيوبيا مما سنح للشعب فرصة لمعرفة شيئ حول مبادئ الديمقراطية والتعبير عن تفضيلاتهم حول خيارات محدده علي اسس معروفة . كان النقاش في الجمعية التاسيسة بناء ومركزا وكان يبث علي الراديو التلفزيون مما ساعد في تثقيف الشعب الاثيوبي في امور الدستور والديمقراطية.
3 / الدستور الامريكي إعتمد منذ 1787م واصبح دستورهم الدائم حتي الآن اجرين عليها 20 تغيير فقط منذ ذاك التاريخ .
4 / الدستور السويسري الذي اجيز عبر الجمعية التاسيسية منذ 1848م وتم التصديق عليها عبر إستفتاء علم ولم يتغير كثيرا سوي تعديلات طفيفة.
ملاحظه مهمه حول فشل النخب السودانية في خلق إدارة وقيادة رشيدة للتعامل مع وضع السودان الدستوري من خلال وضع دستور دائم حتي اليوم مقارنة بالوضع في كينيا واثيوبيا كنمازج في افريقيا وبالمقابل نجد الدستور الامريكي منذ القرن السابع عشر والدستور السويسري منذ القرن الثامن عشر وكلا الدستورين الامريكي والسويسري الدائمين ساريان حتي اليوم ، في اسيا يوجد الدستور الهندي وهو الاقرب للنموذج اذا ما قورن بمثيلاتها في افريقيا كدول العالم الثالث أما الدول العربية التي تقبع في المؤخرة العمل الديقراطي لذلك بدات الان في مناهضة الإستبداد بحثا عن الديمقرطية الحقيقية فهل يا تري ستنجح هذه الثورات والانتفاضات العارمة حاليا ام انها ستسرق وتقوض وتنتهي الي لا شيئ ؟
لقد ورثنا تركة مثقلة من إتفاقية السلام الشامل بعد ان إنفصل الجنوب والقاعدة تقول (تذهب الاجزاء بامراض الكل ) ذهب الجنوب بامراض السودان الام الصراع القبيلي والصراع علي القيادة كل يحاول إضعاف موقف الاخر وينفرد بالسلطة وهناك التمرد ، جورج اطور وجماعته بيتر قديد ، قلواك قاي ولام اكول والقوي السياسية الجنوبية الاخري لهم رأي .....الخ اما الشمال فقد بقي بكبري اشكالياته دارفورباشكالياته صراع حول قيادة دارفور نفسها عبدالواحد محمد نور د. خليل إبراهيم ومني اركو مناوي والسيسي وجبال النوبة هي الاخري بامراضه المختلقة ما بين القيادات المنطقة والبحث عن الديمقراطية الحقيقية وليس كما في قطاع الشمال ، جبال النوبة بدأت الحرب بإدعاءات نزع الاسلحة من الجيش الشعبي وخلفية الانتخابات والنيل الازرق يرفض الحرب لكنه يتململ بين هذا وذاك والشرق كذلك والاحزاب السياسية تتناقض ما بين الاشتراك في الحكومة او الانتفاضة والمعارضة في الخارج والداخل تريد خلق الجبهة العريضة للإطاحة بالسلطان كل هذه الامراض سببها حكام ما بعد الاستقلال كلهم شركاء في هذه المصيبة التي المت بهذا السودان إبتداء من الازهري وعبود والصادق المهدي كبيرهم والمرغني ونميري واخيرا حكومة المؤتمر الوطني وبسببهم كلهم اصبح السودان اكبر واغني بل اعظم دول افريقيا الافقر والاضعف ( رجل افريقيا المريض) حقيقة اخجل عندما اكتب بهذه اللغة ويصيبني الاسي لما آلت إلية الاوضاع ولكن لابد من التعبير علي الاقل بالكلمة لانها اضعف الايمان.
أمامنا واقع لابد من التعامل معه وهو خاص بالدستور الانتقالي لسنة 2005م والحكومة لحالية التي جاءت بعد الانتخاباتا المعروفة ، إنفصال الجنوب وافرازات الانفصال خاصة اقضايا العالقة ، الاصلاح الدستوري والديمقراطي وكيفية العبور من خلال هذه المطبات الي بر الامان . سنكتب آراءنا بكل تجرد وسنحال الاجابة علي بعض التساؤلات التي طرحناها في هذا المقال حول الدستور والحكومة الحالية وإمكانية التعامل مع الوضع الحرج القادم :-
اولا شرعية الدستور :-
تنص المادة (223 ) من الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005م علي الاتي ( يسري نفاذ هذا الدستور كدستور السودان الإنتقالي للعام 2005م عند إجازته من جانب المجلس الوطني ومجلس التحرير الوطني للحركة الشعبية لتحرير السودان ويوجد تعزيز آخر لشرعية لإستمرار هذا الدستور في المادة (226/7) والتي تنص علي الاتي :- ( بنهاية الفترة الانتقالية يظل هذا الدستور ساري المفعول خاضعا لاي تعديل او إعادة نظر متفق علية وحسب ما نص علية المادة 223 . وفي حالة ان تكون الاستفتاء علي تقرير المصير هي الانفصال ، فإن اجزاء وفصول ومواد وفقرات وجداول هذا الدستور التي تنص علي المؤسسات والتمثيل والحقوق والالتزامات لجنوب السودان تعتبر ملغية كما ينبغي ) مما يعني ان هذا الدستور صالح ومستمر بعد ان يتم إسقاط المواد الانتقالية المرتبطة بجنوب السودان وذلك حتي لا يكون هنالك فراغ دستوري او ان يستمر الحكومة بهذا الدستور الإنتقالي الي ما لا نهاية كما كان يحدث منذ إعلان خروج الانجليز ، وعلية فانه لا بد من العمل لتعديله بهدف خلق دستور دائم حسب ما اوضحنا سابقا من خطوات وإجراءات في جو صحي معافي وبعيد من تأثيرات السلطة او الجهة او العنصر نترك الكلمة للشعب ليقول كلمته في جو صحي وعادل .
إن إجراءات إجازة الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005م صاحبة الكثير من التجاوزات خاصة من طرف الحكومة السودانية لان إعتمادة كان من المجلس الوطني آنذاك والمجلس في حينه كان للمؤتمر الوطني فقط دون غيره من الاحزاب السياسية الاخري لذلك تم الاعتراض حتي علي الإتفاقية بإعتبارها ثنائية إقصائية خاصة حزب الامة واللإتحادي والعدالة والشيوعي والقومي السوداني بفروعه مما يعني عدم أشراك جل القوي السياسية لذلك كانت المعارضه قوية من الاحزاب الكبيرة لمبدأ الاتفاق الثنائي والاجراءات الاقصائية في إجازة الدستور .
الحركة الشعبية من جانبها حاولت إضفاء الشرعية للدستور من خلال المجلس الوطني للحركة الشعبية وكان القرار فوقي اي لم يتم مناقشة الدستور علي مستوي القواعد بالصورة المطلوبة ، القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني اصبحت امام الامر الواقع لان طرفي الشراكة أرادا ذلك واضفيت الشرعية للدستور كما اراد السلطات في طرفي الشراكة.
والآن هناك مؤشرات توحي الي إتجاة قيادات من المؤتمر الوطني للتاثير علي اجراءات تعديل الدستوروحتي سياسات الحكومه بعد إنفصال الجنوب ،اول هذه المؤشرات تكمن في مبدا تكوين اللجنة الدستورية من الحكومة الحالية الحكومة نفسها لا تمثل إلا المؤتمر الوطني وبرنامجه وفهمه الخاص مما يعني الاتجاه لفرض الرأي الحزبي لكل القوي السياسية الاخري ناهيك عن دور منظمات المجتمع المدني المهم في حيادية الدستور . المؤشر الثاني هو خطاب نائب رئيس الجمهورية امام جماعة انصار السنه المحمدية بالسجانه ( صحيفة الرأي العام العدد 4976 بتاريخ 11اغسطس 2011م فقد خاطب السيد النائب مؤكدا ثبات الانقاذ علي امر الدين فهو ايضا يخلط بين مسؤلياته الحكومية الدستورية والمسؤوليات الحزبية واعتقد ابتعاد القيادات السيادية من التاثير السياسي الحزبي سيساعد كثيرا في حيادية الدستور لان صناعة القرار يفضل ان يكون من الشعب دون تاثير إذا اردنا الاستقرار والسلام الدائمين في السودان . المؤشر الثالث هو ما جاء في مقال الدكتور امين حسن عمر وتحدث فيه عن إسلامية الدستور في صحيفة الرائد العدد 1084 بتاريخ 17 اغسطس 2011م وتطرق فية علي رؤية ثلاثة تيارات حول الدستور التيار الاول هو التيار الاسلامي الشكلي الذي لا يري في الدستور الحالي نص حاسم علي مرجعية الشريعة الاسلامية في الدستور الانتقالي . والتيار الثاني هم العلمانيون او المتشبهون بالعلمانيون كما قال وهم يتعقدون حسب تحليلة بان الفرصة قد جاءت لإلغاء ما جاء به مشاكوس من مرجعية الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع في السودان . والتيار الثالث والاخير هم الاسلاميين الذين يدركون ان الدستور الحالي هو دستور إسلامي ولكنهم يريدون إظهارا لرمزية لهذه الاسلامية في بنود توجيهية حكمية واضحه بالدستور ، اعتقد ان كل هذه محاولات لسلب الراي العام باسم الدين من قيادات المؤتمر الوطني وهم في السلطة ، هل الاحزاب الاخري غير معنية بامر الدين كحزب الامه مثلا او الاتحادي او العدالة الاصل؟ هذا السلوك في رايي يقود الي التاثير علي الوثيقة وإجراءاته من منطلقات السلطة الحزبية والحكومية معا لان البحث عن التبريرات يؤكد النية المسبقة لتوجية اجراءات تعديل الدستور لإتجاه الفرض او الوصاية باسم الحزب او الدين اوالجهه ، والاتجاه الصحيح يتطلب وجود جهه محايده تشرف علي عملية اجراء تعديل الدستور لضمان إستدامته وقوميته وفق الخطوات التي ذكرناها في بداية هذا المقال والسؤال هنا هو من هي تلك الجهه المحايدة لإجراء العملية الدستورية في السودان والتي ستقود حتما الي تحول حقيقي نحو الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ؟ هذا السؤال يقودني الي سؤال آخر لا يقل اهمية من الاول وهو هل هذه الحكومة دستورية ومحايدة للإشراف علي هذا العمل القومي الكبير ؟
بالرجوع للدستور القومي لم نجد مادة تتحدث عن اجل حكومة الوحدة الوطنية كما هو الحال فيما يختص بالهيئة التشريعية القومية والتي افردت لها عدة مواد كالمادة 90 والتي تقول ( اجل كل من مجلسي الهيئة التشريعية القومية 5 سنوات تبدأ من يوم اول جلسة له. والمادة ( 118 /2 ) والتي تقول ( في حالة التصويت للإنفصال من قبل شعب جنوب السودان ، يعتبر الاعضاء / الممثلون الجنوبيون في السلطة التشريعية القومية مستقيلين وتصبح دوائرهم وتمثيلهم لولايته في حكم المنتهيان وتكمل الهيئة التشريعية القومية التي يعاد تشكيلها اجلها لحين الانتخابات القادمة )
هذه مواد دستورية واضحة تحدد مستقبل الهيئة التشريعية لقومية في حالتي الوحدة والإنفصال ويختلف الوضع عنه في الحكومة التنفيذية الذي إستمر حتي الان بدون سند دستوري حسيب رغبة الحزب الحاكم لذلك لا يمكن باي حال من الاحوال القبول بدستور مستقبلي يعده حكومة حزب واحد ليكون دستورا مستداما لجمهورية السودان !!!
بالنسبة لرئيس الجمهورية فإن المادة (57 ) تقول (أجل رئيس الجمهورية 5 سنوات تبدأ من يوم توليه . ويجوز إنتخاب ذات الرئيس لمرة اخري فقط ) .
المادة ( 69 /2 ) هي الاخري جاءت معززه للماده 57 ولكنها فصلت وضعه اي إستمرار اجله حتي بعد إنفصال جنوب السودان وتقول ( في حال تصويت شعب جنوب السودان للإنفصال يستمر رئيس الجمهورية في منصبه إذا كان /كانت من الشمال ، ويعتبر مستقيلا من المنصب إذا كان/كانت من الجنوب ، ويتولي نائب رئيس الجمهورية منصب الرئيس لإكمال أجل الولاية لحين الإنتخابات القادمة ).
مما سبق يتضح قانونا إستمرار رئيس الجمهورية في ولايته اي الحكم دون غيره في الجهاز التنفيذي لذلك من الاوفق للحزب الحاكم ان يتواضع في تكوين حكومة قومية يقوم بتعيينها الرئيس لتساعده في وضع الاسس المتينة لمستقبل السودان وامنه ويبدو ان الرئيس متأثر بالضغوط التي تحيط به بالاضافة لصراع الديناصورات والصقور التي تضغطه لإتجاه التطرف وتسبب الارتباك في سياسياته التي يجب ان تقوم علي التعديل والتصحيح ولكنها احيانا تسيئ وتربك الامور كلها للدرجة التي يسعي معه الحزب باكمله في البحث عن الحلول بعد الخراب ،حقيقة الرئيس يحتاج الي المزيد من التروي في إتخاذ القرارات واصدار التصريحات خاصة في اللقاءات الجماهيرية .
الوضع الحالي يحتاج الي الإرادة السياسية من الحزب الحاكم اولا والشعب السواني عامة لتكوين حكومة ذات قاعدة عريضه تعمل وفق برنامج محدد ومتفق علية اوله العمل بصدق وإخلاص لتعديل الدستوربالاضافة لتناول القضايا العالقة خاصة مع الحكومة الوليدة في جنوب البلاد بالاضافة لمشاكل الولايتين ودارفور واعتقد ان سلفاكير كون حكومته للتتعاون إجابا مع الشمال لانه اشرك كل القوي السياسية الجنوبية بما في ذلك قيادات المؤتمر الوطني مما يعني نيته الصادقة للم شمل الوطن ويشكر علي ذلك وإبعاد باقان ود. لوكا ليس للخلافات معهما كما يروج بل لانهم اكثر تفهما للوضع الحرج الذي يمر به دولة الجنوب وسيتم معالجة امرهما باحسن ما يكون طالما الهدف هو إستقرار الجنوب والانطلاق لرفاهية شعبة .لذلك بالمقابل ، نأمل ان يجري المؤنمر الوطني كحزب حاكم الاصلاحات الضرورية في السياسات العامة التي من شأنها الاستقرار في جمهورية السودان ايضا وفتح ابواب التعاون بدلا من المشاكسة وإفتعال المشاكل لمزيد من الاستقرار ومزيد من الامن ، وحقيقة نشيد بقرار وقف العدائيات الذي اصدره الرئيس من طرف واحد ولمدة 15 يوم أعتقد هذا هو الاتجاة الصحيح لإدارة السودان ونامل ان لا يكون هذا القرار قرار تكتيكيا لإشعال المزيد من النيران ومزيد من الفتن.
حقيقة كنت قد إعتكفت لتكملة التشطيبات الاخيره لهذا المقال والاحلام تراودني بتأسيس دولة القانون دولة المواطنة التي يري فيه الكل نفسه رغم دوي الرصاص في جنوب كردفان/ جبال النوبة وإستمرار ها في دارفور والتشاؤم في كل ارجاء السودان ، ففي الوقت الذي اعددت فية المقال للنشر فوجئنا بالحرب في النيل الازرق ورغم توقعنا لها منذ وقت مبكر إلا ان تصريحات القائد مالك عقار كلها كانت تؤكد عدم رجوعه للمربع الاول ولكن اشتعلت الحرب في النيل الازرق فالمؤشرات كلها كانت تقول ان الحرب ستبدأ !! من البادئ ؟ ليس مهما من بدأ ، المهم ان الحرب قد بدأت والمهم ايضا كيف نوقفها هنا وهناك !! ويبدو أن احلام دولة القانون قد بدأت تتبخر علي الاقل في الوقت الراهن ولا ندري ما يخفية المستقبل لذلك لابد من الوقوف مع النفس لتقييم ما يحدث من إنهيار في اطراف السودان نقف مع الوطن وجراحاته لتحدد الدور الإيجابي الذي يمكننا القيام به .
وطنيتنا في وحدتنا
اليوم نقف علي بركان هذا الوطن وعلي لهيب هذا الوطن الخير
ولم يكن امامنا خيار دون الوحدة... نتوحد مع الشرر المتطاير
من فوهة ذاك البركان نتوحد......من اجل هذا الوطن المجروح
وننسي آلامنا الصغيرة ننسي ....... ننسي دموعنا التي تزرف
ننسي جروحنا التي تنزف.... ..... ننبسى أحشائنا التي تحترق
ننسى من تسبب ........... في قتل إرادتنا الثورية
ننسى من تسبب......... في إحباط إرادتنا الفكرية
ننسي من شتت وحدتنا القبلية
ننسي من شرزم امتنا النوبية
ننسي كل ذلك من اجل هدف اسمي .. وغاية اجدي
ننسى ذلك لراية أعلي .. ننسي ذلك لكرامة كبري
اليوم نقف معك ياوطن بوطنيتنا الاصيلة من اجل امة الكرامة
نقول لقاداتنا في كل السودان ... نوحدوا من اجل الامه العريقه
اليوم نقف حتي لا تلاحقنا لعنة الاجيال
نقف حتي لا يذكرنا التاريخ ذكر السوء
لكننا سندون ما حاق بنا من... دسائس
سندون قاذورات التاريخ حتي يعلم من لا يعلم
سنأرخ إجراءاتنا الثورية... من اجل امة العلم
سندوس علي جراحنا يا وطن...... ولو بالقلم
كل ذلك ليعلم الاخرون باننا الاقوياء
كل ذلك ليعلم لاخرون باننا الاوفياء
ليعلم .... ويدري من لايدري ........باننا الاخيار
ليعلم من هناك باننا لا نستجير بالرمضاء من النار
ونواصل............................................
siddig mansour [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.