لعل صحائف الواقع السياسى و العسكرى السودانى تبين ان نظام حكومة الأنقاذ فى أضعف حالاته و أن أسباب بقائه قد أنتفت ,,, لقد عاندت هذه السلطة نيف وعشرين عاما ووقفت أمام عجلة التاريخ ,, فمهما طال الأمد سينتصر الشعب بكم و ستدور عجلة التاريخ بالأتجاه الصحيح ,, و ها هو التاريخ يضعكم أمام عجلة التغيير .... استشعارا بحاجة الشعب للتغييرو تجاوزا لأزمنة الخوف والصمت ... أعلم أن الجدل ليس فى التغيير فكلنا يتفق على أهميته و ضرورته و حتميته ,, و ها هى المنطقة العربية تعيش أنواع من التغيير (المدنى و العسكرى) ,,, لكن الجدل و الأختلاف هما فى الأتى : 1—فى أتجاه التغيير .. و هو أمر يستوجب أن يبادر القائمون بالأمر الى قيادة عملية التغيير ,, و توجيهها الى كافة أنواع الأصلاح (السياسى و الأقتصادى و الأجتماعى ) بأمان و سلام ,, دون وكس أو شطط ... 2—عمق التغيير ... يجب أن يتجاوز التعميم و الغموض ,, و أن يستصحب كل سلبيات الماضى القريب و البعيد و ايجاد معادلة توفيقية فى كيفية حكم السودان و ضرورة مشاركة الجميع فى حكم السودان ( الديمقراطية الفاعلة) ,, مع أن يضع الجميع بعض المتغيرات المستجدة التى قد تطرحها بعض قوى الهامش فى الأعتبار ,, و هنا أخص بعض الأبواب و النوافذ المشرعة أتجاه سقف المطالب (تقرير المصير ,, الحكم الذاتى ,, الكونفدرالية ,,, الخ ) ,, و ضرورة أيجاد حوار جاد يفضى الى المحافظة على وحدة السودان الجغرافية .... و أدارة التنوع و التعدد بحيث يحفظ للبعض حقوقهم قبل أن نطالبهم بواجباتهم ... أعلم أن الكيانات المدعومة بقوة السلاح قد تستقوى و تستعلى على الجميع ,, و تتصدر الواجهات و تحاول جاهدة أن تفرض رؤاها و خطابها السياسى بقوتها المادية,,, كما أن بعض القوى السياسية المدنية فى المركز تحاول الأستئثار بالسلطة و الثروة و الحكمة السياسية و أختزال كل الحراك السياسي فى فلك المركز و تنصيب أنفسهم أوصياء على العمل الوطنى بحيث يقرروا شروط اللياقة لمناضلى قوى الهامش بفعل أجادتها لأحابيل السياسة ,, فتقوم العلاقة بين الطرفين على أساس التقاطع و الأشتباك ,, و ليس على التواصل و الحوار على ثوابت مشروع وطنى متفق عليه ,,لذلك لابد من مد جسور التواصل و الحوار العميق بين الطرفين و الدفع بقيم التعايش حتى تفضى الى التعددية السياسية بغير تشوهات لنوفر للوطن هياكل ديمقراطية ,, ذات قيم ديمقراطية بعيدا عن المزايدة و القطيعة ,,,, اذا لم يضع الطرفان ما أثرناه آنفا فى الحسبان سيظل جوهر الصراع قائما و أسبابه موجودة ,,, حينها تنفصم الرابطة الجغرافية الجامعة و يتفرق الوطن أيدى سبأ ... ضرورة مشاركة القوى السياسية المعارضة بالمركز فى التغيير :- يجب أن نعترف أن هنالك حالة من التردد و التوجس تبديها القوى السياسية المعارضة بالمركز فى عدم الألتحام و و الألتحاق بتحالفات قوى الهامش الحاملة للسلاح و اضطلاعها بالدور المنوط بها فى تحريك المركز من خلال العمل المدنى (المظاهرات ,, الأعتصامات ,, الندوات ,, التعبئة السياسية ضد النظام ....الخ ),,, رغم ألتقاء الطرفان فى حتمية التغيير,, و الأجماع على أقتلاع هذا النظام و القذف به الى غياهب التاريخ ,, بالعامية السودانية (ما بدورك ,,, و ما بحمل براك ),, و هى حالة تطيل أمد النظام و تخدم أجندته ,, و خاصة أن النظام يدمن لعبة الزمن و يراهن عليها ... و لعل هذه بعض الظروف التى ساعدت على ذلك :-- 1—عدم وضوح الخطاب السياسى و الأعلامى لتحالفات الهامش ,, و عدم قدرتها على تطمين القوى السياسية المعارضة بأن ما لديها خيرا مما لدى النظام ,, و توطين هواجس هذه القوى فى ضبط سلاح الهامش و جمعه فور أنتهاء التغيير ,, وفق أسس يتفق عليها ,,, 2—أستدعاء أعلام النظام للذاكرة التاريخية القريبة ( صراع الغرابة و أولاد البحر أبان الثورة المهدية) و تداعياتها السالبة و محاولة خلق حالة اللاثقة و التردد بين فرقاء المعارضة .... 3—عدم وضوح أطار محتمل للممارسة الديمقراطية لدى أغلب تنظيمات الهامش ,, و التأكيد فقط على الشرعية المستمدة من قوة السلاح .... وحصار وعى منسوبيها فى ضرورة حكم المركز دون أعتبار للمعادلة السياسية ... 4—المرارات و حروب الأبادة الجماعية و سياسات الأقصاء و التهميش التى أرتكبها المركز فى أغلب قوى الهامش و دورها فى أثارة المشاعر السالبة ,, و أنكار روح التعاون بينهما ,, أو أستنفار كل أنواع التواصل و الحوار خدمة للوطن فى هذا الظرف التاريخى الحرج ... لا نريد أن نتجاوز عن أخطاء المركز و نحدد فقط هواجسه أتجاه سلاح الهامش ,, ولكن فقط نحاول أن نبين حجم المسئولية التاريخية و الأخلاقية المنوطة بالأثنين ,, قوى الهامش و القوى السياسية المعارضة فى المركز ,, و خلق خطاب سياسى يلتف حوله الجميع و الألتزام بأدب الحوار و تقاليده ,, حتى تزول حالة اللأثقة و التردد ,, و الدفع بالأمور عاجلا نحو تغيير النظام ... فكلا الفريقين مكمل للآخر ,,, لقد بينت الأحداث الحاجة الملحة للتغيير ,, و ما يتبعه من تغيير فى السياسات ,, و لحدوث ذلك هنالك قائمة من التحديات التى تستوجب تضافر الجهود لأزالة حالات التردد و المخاوف و بناء جسور الثقة فيتدافع الفريقان للمشاركة فى التغيير كل حسب الدور المرسوم له و المتفق عليه ,, و لعل تلك التحديات تتمثل فى الآتى :-- 1—وضع ضوابط تكفل صياغة علاقة بين قوى الهامش و قوى المركز المعارضة تراعى المصالح العليا للأمة السودانية و المحافظة على وحدتها الجغرافية ,, علاقة تستوجب البعد عن الأنفعالات و المرارات التاريخية و الأحكام المسبقة ,, و تتبرأ عن الأهواء و النزوات الأنتقامية .... 2—ضبط سلاح المقاومة فور حدوث التغيير و نبذ العنف المادى و الفكرى و الحفاظ على الحرمات و الأعراض و الأموال ,, منعا لأستدعاء الماضى السالب و ما تحدثه من تقاعس و حواجز نفسية ... 3--- الأتفاق على دستور للبلاد يراعى أدارة التنوع و التعدد ,,, مع خلق معادلة نسبية لكيفية حكم السودان و كفالة الحريات وفق القانون و عبر القنوات المتاحة المعترف بها ... 4—حرية تشكيل الأحزاب وفق معايير يتوافق عليها الجميع ,, و الحجر على تكوين الأحزاب الدينية ... 5—ضرورة مرعاة المشاركة فى السلطة و الثروة و أيجاد تمييز أيجابى للولايات التى تاثرت بالحروب تجسيرا لهوة التفاوت التاريخى و الأقتصادى ... 6—تكوين جيش قومى ذو مهنية على أسس يتفق عليها الجميع ,, يراعى فيه التنوع للحفاظ على أرض الوطن و صونها... 7--- المهنية فى تكوين أجهزة الأمن و الشرطة و القضاء ,, 8—الأيمان علاقة خاصة بين المرء و ربه ,, و ليس لأحد الحق فى التنفير من دين أو تكفير شخص .. أما الخلاف فى المواقف السياسية و الرأى ,, فيجب تسويتها بالنقد و التمحيص بعيدا عن التجريح و السباب أو التوصيف بالأوصاف التى تقدح فى الأيمان ... 9—التساوى فى الحقوق و الواجبات وفق معايير المواطنة بعيدا عن الأقصاء و التهميش العرقى و الدينى ... نعم أن التحديات التى تواجه الوطن كبيرة و جسيمة ,, و لأجتيازها لابد من بناء عوامل الثقة و فتح أبواب الحوار و التخلى عن المعارك الجانبية و شحذ عوامل الأطمئنان فى نفوس المترددين حتى نصرف الى ما هو مصيرى و عاجل ,,,, تغيير النظام ... ان معايير الألتزام الوطنى نحو التغيير تستوجب التعامل الحى مع المشكلة و تبديد الخوف و تجاوز حسابات البيدر قبل نضج المحصول ,, و الأستعلاء فوق مرارات الماضى ,, و تجاوز الحسابات العرقية و الدينية الضيقة ,, ثم الألتزام الأخلاقى بالأنضمام الى جموع المتدافعين الى معركة المستقبل ,, الى الدفاع عن حياض الأمة المهددة بالتشظى و الأنقسام عسكريا ,, و أثنيا و تاريخيا و جغرافيا .... و فى الختام الى تحالف قوى الهامش (تحالف كاودا ) ... أرفعوا رؤوسكم و أعينكم عن معارك الماضى و محاكمة الحاضر .... و ضعوا أيدكم و سلاحكم مع قوى المعارضة فى المركز و الوسط من أجل أقتلاع الطاغوت الجاثم على صدر الوطن ,,, و بناء المستقبل بمنطق الحزم لا التراخى ,, بمنطق العدل لا الجبروت .... فمن أراد السلام مع تجار الدين و أدعيائه ,,, فعليه أنتظار المسيح عليه السلام ... و لكم من الود أجزله .. موسى عثمان عمر على ----- أستراليا --- برسبن Musa Ali [[email protected]]