الرياضة من اسمى ضروب النشاط البشري والانساني وقد عرفت ومورست منذ امد بعيد من قبل شعوب العالم على اختلاف سحنهم واجناسهم وأعمارهم. وقد حض الاسلام على ركوب الخيل والسباحة والرماية وهي ضروب سامية من ألوان الرياضة المعروفة. وتأتي كرة القدم في مقدمة اهتمام شعوب العالم بأكمله، حيث تقام المنافسات القطرية والقارية والعالمية وغيرها من المنافسات الاقليمية والدولية الأخرى. وظل مستوى هذه اللعبة يتأرجح على نطاق العالم حيث شهد القرن الماضي ازدهار هذه اللعبة وبرز لاعبون افذاذ ارسوا قواعد وأسس اللعب النظيف الممتع مما أخرج هذه اللعبة عن نطاق كونها مجرد لعبة الى فن له أصوله ومقاييسه الفنية والابداعية ، بل وقالوا انها صارت صناعة ومصدر دخل سيما في المنافسات الدولية مثل آخر منافسة لكأس العالم الذي انعقدت منافساته في جنوب أفريقيا التي قيل انها أنفقت المليارات في بناء التجهيزات الأساسية المتعلقة باقامة المناشط الخاصة بلعبة كرة القدم وقدرت منصرفات جنوب افريقيا بحوالى ثلاثة ونصف مليار دولار أمريكي ، ولكن كان نصيب الدولة حوالى اثني عشر مليار دولار أمريكي. لقد انتشرت كرة القدم بشكل ملحوظ فأصبحت اللعبة الشعبية على نطاق العالم. ومع تزايد الاهتمام بهذه اللعبة انخفض الاهتمام بباقي الالعاب الرياضية بينما تركز محليا ودوليا. ومما يؤسف له انخرط معظم شباب الامة وراء تلك الموجه والمد العارم والاهتمام الزائد بهذا المنشط الرياضي الذي يعتبر جزئية من كم هائل من ضروب الرياضة كان ينبغي ان ينصب الاهتمام به ورعايته ونشره بين الشباب. وتقلص ذلك الأمر في التشجيع دون ممارسة حقيقية لأي لون من الوان الرياضة مما أدى الى تفشي الخمول والكسل والدعة وسط شباب الامة، حتي تضخمت اجسامهم وكبرت كروشهم وركنوا الى الحياة السهلة، مما عمل على تفشي ظاهرة السمنة ومايتبعها من أمراض مصاحبة لم تكن من قبل متعارفة وسط جمهور الشباب، مثل مرض السكر والجلطات وغيرها من الامراض المرتبطة بالسمنة. هناك حدود معقولة لتشجيع كرة القدم وغيرها من الانشطة الرياضية الاخرى. ولكن الامر الذي نعاني منه اليوم مما قد يندرج تحت ما يسمى بالهوس الكروى أمر مرفوض جملة وتفصيلا وهو مفسدة من المفاسد التي تعود بالاثار السلبية ليس على شريحة الشباب التي هي مؤشر صلاح الأمة وفلاحها لأنهم هم قادة الغد وحملة رايات العلم والجهاد وحماة الامة من تغول الأفكار الهدامة وغيرها من الاسلحة التي يسلطها أعداء الامة، واذا خابت هذه الشريحة الكبيرة والفعالة فعلى الدنيا السلام. هل يصل الهوس الكروي الي درجة أن ينتحر مؤذن أو امام مسجد بسبب هزيمة الفريق الذي يشجعه أو ينشب شجار وخصام بين الأب وابنائه في البيت الواحد؟؟؟؟؟؟ لقد اضحى الافراط في تشجيع كرة القدم آفة تدق ناقوس الخطر، حيث اصبح الامر ليس محدودا على تلك الشبيبة لكن الدولة نفسها وكثير من اجهزتها الفعالة انخرطت في هذا الامر، كما ان هناك شريحة كبيرة من ذوي رؤوس الاموال ورجال الأعمال ومن الذين فتح الله عليهم بالمال يصرفون على اندية كرة القدم اضعاف اضعاف ما يصرفونه على بيوتهم وعلى اعمال الخير والبر التي حض عليها ديننا الحنيف، بل وصل ببعضهم الحد الى الانفاق بشكل فيه كثير من السفه وقلة العقل والطيش، فلماذا لا يكون من حق المجتمع ان يحجر على هؤلاء من منطلق ان ذلك الامر يتنافي وعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف. لقد سمعنا عن صفقات خيالية عقدها رجال أعمال مع بعض اللاعبين الدوليين ودفعوا فيها ملايين الدولارات التي كانت بعض المجالات الحساسة في أمس الحاجة لها، وكان مردودها سيعود بالخير بالنسبة لرجال الأعمال والمجتمع، ولكن للأسف انحرفت تلك الأموال عن الهدف الذي كان من المفروض ان توجه له وتعود بالعائد المرجو من انفاقها. ليس ذلك فحسب بل أني اعتبر أنه ليس من الوطنية من شئ أن نستقطب بعض اللاعبين الأجانب للعب في الفرق الوطنية، بينما نهمل الموارد المحلية مثل صقل مواهب الأشبال والاهتمام باللاعب السوداني الذي كان له تاريخ مشرف محل فخر واعتزاز جميع السودانيين وخرج باللعبة من حيزها المحلي الاقليمي الضيق الى آفاق دولية رحبة حيث كان للسودان مكانته المرموقة في الأوساط الرياضية الاقليمية والقارية والدولية، بل كان السودان يصدر اللاعبين المبرزين للدول المجاورة، وكانت الموارد أنذاك محدودة والميزانيات ضعيفة، لكن الحس الوطني كان أكبر وفعال لدى اللاعبين والاداريين على حد سواء. اننا بحاجة الى ان ندرك انه يجب ان نركز جهودنا في اشياء تعود لنا بالنفع وتجعل منا امة قوية تعرف كيف تستغل طاقاتها وطاقة شبابها في ما هو فيه صلاح لجميع افراد الامة. وليس من الصالح ان نهدر طاقة الشباب فهم ثروة قومية يجب تكريسها وتوجيهها الى ميادين الانتاج وحقول الزراعة. كما يجب علينا الا نهدر طاقات وامكانيات وموارد الدولة، بل يجب الاستفادة القصوى منها والى ابعد الحدود في الميادين التي يمكن ان نوظفها فيها توظيفا امثلا حيث تعود علينا بالخير الوفير، وعلى سبيل المثال وفي اطار الازمة العالمية شهد العالم التراجع الكبير في اسعار البترول وبدأت الاصوات ترتفع الى الاستفادة من المواد غير البترولية كاستغلال مواردنا الزراعية والحيوانية التي تنعم بها البلاد وهي الاستثمار المضمون عائده ومنفعته، وعلى الدولة ان تكرس كل امكانياتها في سبيل تطوير المحاصيل والمنتجات الزراعية التي يعول عليها العالم كثيرا للنقص الكبير في الانتاج الزراعي العالمي وبخاصة محصول القمح والذي يمكن للسودان ان يرفع انتاجيته من تلك السلعة الاستراتيجية الهامة والتي يمكن ان توفر له اضعاف ما توفره المواد البترولية من العملات الصعبة، والتي قلت حصتنا منها بعد قيام دولة الجنوب. وعلينا الا نبالغ في الاهتمام بكرة القدم الي حد يوصف بالهوس، فكرة القدم من الرياضات الشعبية التي ينبغي ان تجد منا الاهتمام المعقول بها والا ننسى ضروب الرياضة الأخرى مثل السباحة وكرة السلة والتنس وغيرها من الأنشطة الرياضية الأخرى. والمتتبع لمنافسات كأس العالم الاخيرة يرى كيف كان الناس جلهم – على نطاق العالم بأسره وسيما العالم العربي- يهتمون بمشاهدة ومتابعة تلك المنافسات، وكأن جل مشاكلهم قد حلت وأنهم يعيشون في رغد من العيش، فاذا بذل نصف ذلك الجهد والاهتمام في أي من قضايانا القومية المزمنة لكان التوفيق حليفنا ولحلت معظم تلك القضايا. آمل أن نعطي كل مجال حقه من الاهتمام ولكن دون مغالاة أو مبالغات وبالله التوفيق والسداد. alrasheed ali [[email protected]] \\\\\\\\\\\\\\\