بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:(هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم* توطئة: وصلتني رسالة إلكترونية من الأخ/ حيدر خلف الله من ولاية أريزونا بالولايات المتحدةالأمريكية معقباً على مقالي الذي تناولت فيه ما كتبه الأخ بريش بعنوان : حركة مذبوح :عودة ملك الصحراء ؛ أي الدكتور خليل إبراهيم من ليبيا فاراً منها إثر الثورة التي استهدفت المرتزقة الذين حاربوا سواء تطوعوا أو أقسروا- في صفوف الطاغية القذافي لمحاربة الثوار . وقد استأذنت صاحب الرسالة في أن أتناولها في موضوع اليوم وقد وافق مشكوراً. الذي أثار إعجابي بصاحب الرسالة وفحواها هو ؛ أن هناك شباب يُفَرق بين معارضته للنظام – وهذا حق مشروع ؛ فبني البشر جُبِلوا على الاختلاف - وتمسكه بقدسية الوطن ووحدته وتماسكه ؛ وهذا لعمري نضج وطني وسياسي نبحث عنه اليوم في كثيرٍ من الذين اختاروا المنافي ليعارضوا ؛ فاستحلوا حماية وجودهم فيها باسم حرية التعبير؛ ومن هناك استمرءوا ضرب الوطن بالنصال نصلٍ تلو نصل مع إدعاء البطولة والنضال. المتن: إليكم نص الرسالة أولاً؛ ومن ثم بعد إطلاعكم عليها مثلما فعلت سأتناولها بالتعليق: نص الرسالة: From: Hayder Ba-Bakr [[email protected]] Sent: 15 سبتمبر, 2011 01:48 م To: Abubakr Ibrahim Subject: ردك على عبد الغنى بريش اليمى الأخ أبوبكر تحية طيبة قرأت ردك على المدعو عبد الغنى بريش وصدقني انه ينتمي للفئة التي لا تحتاج لرد فلا ترهق نفسك معه والشعب السوداني أوعى بكثير من مثل هؤلاء فهو من قئة باقان وعقار وغيرهم كثيرون تمتلئ بهم صفحات الانترنت فالحقد الأعمى والكراهية هي ما يجمع بينهم وعدم الثقة فى النفس تجعل العنصرية هي سلاحهم ؛والقاسم المشترك بينهم هو كراهية كل ما ينتمي للثقافة العربية والإسلام ؛ فهم يكتبون بنفس الطريقة بعد ان توهموا أن فلسفه جون قرنق بإمكانية أعاده السودان إلى ما فبل مملكه سنار الإسلامية يمكن تحقيقها بتحالف النوبة في الشمال مع نوبة الجبال والبجة في الشرق والزغاوة والفور والمساليت فى الغرب والانقسنا والفونج في النيل الأزرق وتفكيك النسيج الاجتماعي للوسط وراس الحربة كل جنوب السودان لذلك أصر جون قرنق أن تكون الانتخابات قبل الاستفتاء حتى إذا نجح في الانتخابات يكون حقق ما يريد وإذا فشل في الانتخابات يدعوا الجنوبيين للانفصال ومن خططهم أيضا جعل الصراع على الهوية هو الأوضح لأنهم يعرفون إن الإسلام لا يمكن محاربته. وعندما زار ياسر عرمان حلفا القديمة قال لهم : من حقكم أن تدرسوا أبناءكم اللغة النوبية بدلا عن اللغة العربية وفى شرق السودان قالوا للهدندوة لماذا تتركون أبناء الوسط النيلي يسيطروا على كل الوظائف في الميناء؟! يريد ياسر عرمان أن يدمر حتى النسيج الاجتماعي الذي تكون في وسط وشمال وشرق السودان واستطاعوا ان يسوقوا مصطلح السودان بلد متعدد الثقافات ونسوا ان كل بلد فى الدنيا لابد أن تكون له ثقافة مركزيه حتى أمريكا ثقافتها المركزية ثقافة انجليزية مسيحية وأصبحت لغة الهنود الحمر في المتحف لمن أرادها والفرنسيين فرضوا على المهاجرين تعلم الفرنسية أو مغادره فرنسا . أخوك/حيدر خلف الله معارض للإنقاذ فى حاله كمون حتى ينجلي الابتلاء ] أولاً الرسالة دلّت على أن كثير من أبناء هذا الوطن يدركون المخاطر المحدقة بوطنهم بل وما يراد به ؛ ويدركون أيضاً أن الأجندة الخارجية توظف أمثال عرمان لتنفيذ هذه الغاية الدنيئة ؛وأن الرسالة أكدت أن الشرفاء من أبناء هذا الوطن وإن كانوا معارضين للنظام لم يأكلوا الطعم ؛ حتى وهم يقيمون بين ظهراني أصحاب الأجندة ؛ بل ويعلنون بشجاعة معارضتهم للنظام – وهذا حقهم - ولكن بات معلوماً للكل بل ومن حكم المؤكد أنهم لن يضربوا الوطن في خاصرته بخنجرٍ مسموم.!! يفترض أن النظام مدركٌ بأن أي نظام في الدنيا مثلما له مؤيدون له أيضاً معارضون ؛ ولا أعتقد أن أي نظام راشد يعترض على المعارضة الشريفة النزيهة ؛ المعارضة التي لا تُستأجر كمخلب قط لتنهش جسد الوطن الذي يأوي أهلنا حتى وإن اهجرنا منه؛ فجذورنا ضاربة في عمق ترابه وتربته ؛ وانتمائنا له أبدي وأن أيٌ منا يتمنى إن قضى نحبه أن يدفن في تراب وطنه.!! اللعب على وتر الأثينيات والطائفية والديانات والعشائرية ؛ هو اللعب ضمن إستراتيجية الغرب لتنفيذ مخطط (الفوضى الخلاقة) حتى تجر الدول إلى حروبٍ أهلية ؛ فالغرب يغذي هذه النعرات عبر جذب وتجنيد أبناء تلك الدول المراد تفتيتها وانضوائهم تحت مظلة ما يسمى " بمنظمات العمل المدني " التي يتم تدريبها وتمويلها وحمايتها من أمريكا تحيداً والهدف هو تقسيم الدول الإسلامية والعربية إلى دويلات حتى يسهل للغرب سرقة مقدراتها وهنا يمكننا أن نطرح سؤالاً هاماً يصعب الإجابة عليه: هل تم للعراق استرداد أرصدته المجمدة في الغرب بعد غزو أمريكا للعراق؟! هل تمّ استعادت أموال الشعوب التي نهبها الطغاة والذين كان الغرب يدعمهم لحماية مصالحه ؛ الأرصدة التي تقدر بالمليارات والموجودة في حسابات بالمصارف الغربية؟!.ز سأترك الإجابة لفطنة القارئة العزيزة والقارئ العزيز . بالتأكيد أن الأخ حيدر ومن ينهج نهجه يدرك تماماً المخاطر التي تحدق بالوطن لذا فأنه لم ينساق وراء ما يسوقه عرمان وزمرته لذلك نسأل عرمان أن يفصح لنا عن مصادر إنفاقه على تحركاته وإقامته وندواته والصرف على زمرته المرتزِقة بين مدن الغرب الوسط والشرق والشمال لترويج هذا المخطط ؛ ولا أعتقد أن عرمان يعمل لوجه الله والإنسانية المعذبة؟! الآن وفي دولة الجنوب الوليدة هناك لغة مركزية وحيدة هي لغة التخاطب والتداول بين قبائل الجنوب ويطلق عليها "عربي جوبا" ؛ فهل يسمح باقان أموم أو عرمان أو أقار لنفس منظمات العمل المدني التي تمولها أمريكا للعمل بذات النحو الذي انتهجه عرمان في تحريض أهل السودان للتشرذم على أساس عرقي بغرض تفتيت وحدة النسيج الاجتماعي والوطني أم ينطبق عليهم المثل لقائل (الفقرا بيعرفوا بعض ولاعب على لاعب يطلع خسران)؟!. الحاشية: من انعكاسات تفتيت الدول العربية والإسلامية وبعد أن تم انفصال جنوب السودان بادرت حكومة الجنوب المستقل إلى إعلان قيام علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل، وكأن جزءاً عزيزاً وغالياً من جسد الأمة قد جرى بتره وتقديمه قرباناً على مذبح الامبريالية والصهيونية. للتدخلات الدولية والغربية بقيادة أمريكا تحديداً ؛ فأن الدولة القطرية في العالم العربي أصبحت تمثل الحد الأدنى الذي نسعى لتماسكه وتفعيله في ظل أجواء التآمر وعواصف المخططات الأجنبية التي تستهدف الجسد العربي الواحد، لذلك فإن محاولات تمزيق الكيانات العربية تصب في النهاية في خدمة الدولة العبرية ومن يدعمونها في عالمنا المعاصر. هل سيقى الوئام الاجتماعي مستداماً في دول عربية وإسلامية فيها أقليات أن تتعايش سلمياً فيظل الأمازيغ مثلاً جزءاً من الهوية العربية لشمال إفريقيا ويبقى الأكراد جزءاً لا يتجزأ من العراق الواحد ويظل الأقباط أصحاب وطن وشركاء حضارة وتاريخ وحياة فوق أرض الملتقى مصر، أم أن ما نشاهده في هذه الدول من فتن هو مقدمة للتشرذم وتفتيت وحدتها بمشاركة الأصابع الغربية الخفية أو ما يسمى ما يسمى بمنظمات العمل المدني؟! أن التآمر الغربي ( الصهيو يوروأمريكي ) يبدو، للأسف، مؤتيا للنزعات الانفصالية والتقسيمات العرقية وميلاد دول جديدة من رحم الدولة الأم، وذلك كله في ظل دعاوى براقة ومبادئ ذات جاذبية عصرية، أولها حق تقرير المصير ورعاية الأقليات واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون ودور الديمقراطية الحديثة. ونحن مع هذه المفردات من دون استثناء، ولكن عندما يجري تطويعها لخدمة أهدافٍ سياسية معينة؛ ومن هنا يبدأ القلق وتظهر المخاوف ونشتمّ رياح التآمر وعواصف الاستهداف التي لا تخفى على كل ذي بصيرة. يروج بعض من أبنائنا ليغرر بالبعض من أبنائنا وبناتنا مستعملين سلاح المال الذي تم تمويلهم به من قبل الغرب لتنفيذ مخطط (الفوضى الخرقة) وهي ألف باء مشروع تفتيت وحدة دولنا ؛ فتبدأ بعمليات مسح ومسخ العقول بأن تطرح مقارنة بين ما جرى ويمكن أن يجري في العالم العربي وما جرى في عدد من دول البلقان وشرق أوروبا، وكيف أن «الانفصال المخملي» قد حدث بين التشيك والسلوفاك في تشيكوسلوفاكيا السابقة ونتجت عنه دولتان تتمتعان بالسلامة النفسية وحسن الجوار، بينما كان الانفصال في بعضها الآخر دامياً وحزيناً، مثلما جرى في يوغوسلافيا السابقة وذلك خلافاً للاستقلال الطوعي الذي حدث للجمهوريات السوفيتية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق. والقياس هنا مع الفارق، فالجسد العربي في مجمله ارتضى ثقافة واحدة ومزاجاً مشتركاً لم تتمتع به قوميات أوروبا الشرقية، لذلك فإن خطر التقسيم الذي يحدق بالمستقبل العربي الإسلامي أمر يحتاج إلى دراسة وعناية واهتمام حتى لا تتكرر تجربة جنوب السودان في دول عربية أخرى. الهامش: إن التماسك بسلامة الأوطان ووحدة ترابها لا يأتي قسراً ولا يفرض فرضاً ولكنه شعور ذاتي بالمصلحة الوطنية بل يأتي بالعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة وسيادة القانون وإرساء العدل وتساوي الفرص والمساواة بين أبناء وبنات الوطن الواحد كل هذا هو الذي يمكن أن يدفع إلى مزايا التوحد ويدرأ مخاطر التقسيم ويبعد شبح الانفصال، خصوصاً لأمة الإسلامية والعالم العربي وخاصة السودان مستهدف بالأطماع ومحاط بالأحقاد ؛ إن الهدف الأسمى للإمبريالية العالمية هو محاصرة مصر من خاصرتها ثم الإجهاز عليها لمصلحة الكيان الصهيوني وتوسعه في المنطقة فالسودان وسيلة وليس غاية فهل ينتبه أولي الألباب؟! -- *Dr. Abubakr .Y. Ibrahim* *(Bsc Mech.Eng.,MBA ,PhD HR)* abubakr ibrahim [[email protected]]