ما زلنا نستعرض العولمة ما لها وما عليها ولا زال الاستعراض ينتهي بنا إلى أن الإسلام هو الدين الوحيد والنظام الذي له المقدرة والمؤهل للأخذ بيد العالم الى بر الأمان بما فيه من الحلول لكل ما يعيشه العالم من مشاكل روحية واقتصادية واجتماعية مع تباين العالم الجغرافي والثقافي ولان الإسلام له تجربة سابقة استطاع من خلالها ان يستوعب كل الشعوب في ماعون واحد دابت داخله كل الفوارق بين تلك الشعوب وكل من هؤلاء وجد نفسه في هذا الدين مع إحساسه بحبل المودة الذي يربطه مع إخوانه المسلمين في كل أنحاء العالم وهذا ما تفتقده الأديان والأنظمة الأخرى وهذا الرابط هو الذي يتلفت له عالم اليوم ويبحث عنه بعد ان عاش ردحا من الزمن الحروب والكروب والنزاعات العنصرية والاستبداد واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان . والسؤال المطروح هل ما يصبو إليه العالم اليوم من حلول واطمئنان وأبوة تجمع العالم في حجر والد واحد يعامل أبناءه بالسوية هل هذا موجود في الإسلام فعلا وللإجابة على هذا السؤال نستعرض أراء بعض الغربيين الذين أسلموا والذين لم يسلموا ولكنهم بدافع الامانة قالوا ما قالوا عن الإسلام ونبيه وهم ينتمون الى مجتمعات نبعت منها فكرة العولمة فهذا العالم الكبير الفيلسوفي الفرنسي جارودي في كتابه وعود الاسلام حيث تأكد له بعد دراسة مستفيضة وبحث طويل في حضارات وديانات العالم كله قوة الاسلام في حل المشاكل التي يعيش فيها عالمنا اليوم يقول جارودي احب ان اقول ان انتمائي للاسلام لم يكن صدفه بل جاء بعد رحلة عناء وبحث طويلة تخللتها منعطفات كثيرة حتى وصلت الى مرحلة اليقين الكامل والخلود الى العقيدة التي تمثل الاستقرار والاسلام في نظري هو الاستقرار فبدأ لي الاسلام يمثل حامل اجابة على اسئلة حياتي لا سيما على ثلاثة نقاط : أولا :- لم يزعم محمد ( ص ) انه اختلق ديانة جديدة ولكنه يدعونا الى العقيدة الجوهرية لإبراهيم. ثانيا:- الإسلام يجيب على السؤال كيف ولماذا . ثالثا :- الإسلام لم يفصل السياسة عن الدين . وأستمر الكاتب في ذكر محاسن الإسلام قائلا عن انفتاح الإسلام وتسامحه انه قبل في مجتمعه مجموعات وأفراد غير إسلامية بجانب السماح لغير المسلمين لممارسة شعائرهم الدينية دون تضييق وأردف قائلا ان الإسلام دعوة لتحرير الشعوب المقهورة سياسيا واقتصاديا ودينيا كما ذكر ان الفتح إسلامي لم يشكل استعمارا فقد استقبلت الشعوب الفاتحين الذين أنقذوهم من طغيان الحكام وغطرسة رجال الدين وقوله ان محور الأمة عقيدة أساسها أن يتجاوز كل فرد مصالحه وأغراضه الشخصية لمصالح الأمة التي تشتمل الإنسانية جمعاء وذكر أن الإسلام ينفي التفريق بين العلم والعقيدة اذ ان كل ما هو موجود في الطبيعة دليل على وجود الله حيث تصبح معرفة الطبيعة نوع من العبادة في حين تجمدت العلوم في أوربا أبان سطوة الكنيسة ومن ثم فان العلم والتقنيات في مفهوم الإسلام مسخرات لأهداف عليا ونختم قوله بحديثه أن أكبر افتراء يجب فضحه وتفنيده هو الزعم القائل (انه لابد من اقتفاء اثر الغرب إذا ما أراد العالم الثالث تحقيق تقدم اقتصادي إذ من المسلم به أن تطوير أوربا الغربية ولد التخلف وضاعف من اتساع رقعته في الدول النامية. وهذا المفكر الغربي لارانس يقول أن الإخوة التي أعلنها الإسلام كانت أمرا واقعا لاعهد للشعوب الشرقية به فإننا نشك بان مسيحي سوريا كانوا يعاملون مسيحي إيران معاملة الإخوة للإخوة وهذا على خلاف ما عليه المسلمين حيث أن مسلمي الشام يعاملون إخوانهم في الدين من الإيرانيين ويعتبرونهم أعضاء أسرة واحدة. وقول المؤرخ الفيلسوف توينبي في كتابه الحضارة في الامتحان أن القضاء على الفوارق السلالية والعصبيات الجنسية والعرقية من أعظم مآثر الإسلام ومفاخره انه مما لاشك فيه أن الشعوب الناطقة بالإنجليزية قد حققت بعض النجاح لربط الشعوب بعضها ببعض ولكن الحقيقة الراهنة التي يجب الاعتراف بها إنما أخفقت في القضاء على العواطف السلالية والجنسية وذكر في الكتاب انه حيث دخل الإسلام الهند وهي اشد البلاد تمسكا بالعنصرية والطبقية مما يعجب له المرء أن سادت المساواة فلا منبوذ ولا جاهل بل الكل متساوون. وتناول رد الاعتبار للمراة في الإسلام وكذلك بين دور المراة في الديانات والمجتمعات القديمة التي لم تكن تعرف للمراة حقا والتي كانت تحسب المراة في عداد الماشية والمراة عند اليونان مسلوبة الحرية والمكانة وهكذا تعامل المجتمعات المراة ذكر ان القانون الاسلامي في ما يتعلق بالمراة يعد من ارقى القوانين التي ظهرت في الدنيا واكثرها عدلا . وكذلك ذكر الكتاب ان محاربة الياس والتشاؤم وبعث الامل والرجاء والثقة والاعتزاز في نفس الانسان من اكثر ماثر الاسلام وكذلك تناول قضية الجمع بين الدين والدنيا وقضية توحيد الصفوف المتنافرة والمعسكرات المتحاربة . وعن نبي الإسلام يقول الكاتب البريطاني هررت جورج وولز ان الفضل يعود للنبي (ص ) في منح العالم ثقافة وقيما إلهية جديدة جعلت العرب يقيمون عقيدة لا تزال إلى اليوم من أعظم القوة الحيوية في العالم وأضاف وولز أن التاريخ لم يعرف تلفيق ديني متعمد استطاع أن يعمر طويلا وهكذا فان الإسلام لم يعمر حتى الآن ويكسب كل يوم إتباعا إلا لأنه دين الهي ويعود الفضل الى شخصية النبي (ص ) الذي خلق في العالم روح الكرم والسماحة كما انه أسس في العالم تقاليد عظيمة التعامل إنسانية السمة ممكنة التنفيذ . هذا ما شهد به الأمناء والمنصفون من الذين ينتمون إلى المجتمعات الغربية الرافعة للواء العولمة وصاحبة فكرتها . فإذا كنا اليوم نعيش مرحلة الدولة الإعلامية الواحدة التي ألفت الحدود وأزالت السدود واختزلت المسافات والأزمان حتى بات الإنسان يرى العالم ويسمعه من مقعده ولم يقتصر ذلك على اختراق الحدود السياسية انما بدأ يتجاوز الحدود الثقافية ويشكل القناعات العقيدية وذلك لصاحب الخطاب الأكبر تأثيرا والبيان الأكثر سحرا والتحكم الاكثر تقنية فعلى علماء المسلمين ان يرتقوا الى مستوى هذه المسخرات الإعلامية لبث الدعوة والتعريف بالإسلام وان لا يؤثر الخطاب الاسلامى المعاصر سلبا على الدعوه ومواقف الناس منها وذلك عندما يكون الطرح سيئا أو جاهلا أو ساذجا فيسئ الى الاسلام وعظمته ويزهد الناس فيه ويجعلهم يتوهمون ان حالتهم أفضل مما يدعون اليه. الخليفة احمد التجاني احمد البدوي