الاعتقال الأول 23 يوليو 1971 -15 مايو 1973 ودانا لشالا وعزتنا ما شالا الترحيل إلى شالا وزالنجي عند منتصف نهار يوم من أيام يناير 1972 دخل البشاويش لوج ومعه عسكري يحمل قائمة بدأ ينادي/ وكانت دهشتنا أن القائمة تشمل دكتور خالد حسن التوم وصديق يوسف وجلال السيد المحامي وطلب منهم حمل "عفشهم" وقلنا المسألة إطلاق سراح فقمنا لوداعهم بالأناشيد كالعادة: السجن ليس لنا نحن الأباة السجن للمجرمين الطغاة ولكننا سنصمد ونصمد وإن لنا مستقبلا سيخلد سيخلد لنا الغد لنا الغد حيث حيث تنصب المشانق للمجرمين الطغاة للمجرمين الطغاة ثم نردد نشيد حنتقدم والذي يقول: حنتقدم حنتقدم في وجه الريح ونتقدم ونهدم سد ونرفع سد وإشتراكية لآخر حد يا أكتوبر المحمول على الأعناق وثيقة دم نحن براك ما بنسلم وشعبنا براك ما بيسلم والبناه ما بنتم ثم نردد الهتاف بحياة الشعب السوداني وبكفاحه وبحياة الحزب الحزب الشيوعي وبنضاله وبحياة الطبقة العاملة وكفاحها. ثم نودع الشخص مطلق السراح. ولكن ذلك اليوم وبمجرد فعلنا ذلك ورجعنا حتى جاءت قائمة أخرى وبعدها قائمة أخرى ولا حظ زميل كان يقف في الطابق الأول للسرايا أن المجموعات لا تخرج من السجن وإنما تحول تجاه الشرقيات. فعلمنا أن الأمر إما ترحيل داخلي أو ترحيل إلى سجن آخر وبينما نحن نتحدث هكذا جاءت القائمة التالية وإذا بإسمي ضمنها. وووجدت نفسي مع من سبقوني بقسم المعاملة الخاصة وهو قسم يتكون من 8 غرف ومطبخ وحمام وتواليت والقسم يجاور قسم البحريات وهي الزنازين التي ورد ذكرها من قبل من الجنوب وتجاوره من الغرب قسمي الكرنتينة أ وب وتفتح أبوابهما عليه وكان بالكرنتينة ب مجموعة من العسكريين المحاكمين، وكان للمعاملة الخاصة كورنة ملاصقة لقسم السرايا. وأحضر لنا من الزنازين الغربية الخاتم عدلان والذي أبعد لها بسببي كما أوضحت من قبل. وما أن أغلق السجن أبوابه حتى بدأت الرسائل والطرود تأتي عبر الحائط الذي يصل طوله إلى 5 امتار. لقد قرر المعتقلون بالسرايا أن يتنازلوا لنا عن مؤنهم وبعض ملابسم ورموها عبر الحائط. وفي صباح اليوم التالي، حوالي الرابعة صباحا طلب منا أن نحمل أشياءنا ونتحرك حيث كانت هناك عربتان في إنتظارنا وعدد من الجنود المسلحين، وفي طريقنا إلى الخارج بدأنا بالأناشيد والهتافات فنهض المعتقلون بالسرايا وبدأوا يرددوا الأناشيد والهتافات. وتحركت بنا العربات إلى القيادة العامة وعبرها إلى المطار العسكري وكنا نردد الأناشيد والهتافات وحملتنا طائرة أنتينوف إلى مطار الفاشر، ولم يخبرنا أحد إلى أين نحن متجهين وبدأ التخمين: الجنوب، شالا، بورتسودان، وبعد قليل أسقطنا بورتسودان لأن الطائرة كانت تتجه عكس شروق الشمس، وفجأة قام الزميل طه بصير وربط بشكيرا في نصه ممثلا دور المضيفة وقدم لنا حلاوة ولا يعرف أحد من أين أتى بها طه البصير، المهم أن ذلك رشح طه البصير لكي يصبح مسؤولا عن الكميون عندما أستقر بنا المطاف في زالنجي. وكنا نضحك في الطائرة ونتبادل النكات والقفشات بينما كان حراسنا من العساكر والضابط المرافق يلزمون الصمت وينظرون إلينا في حيرة. وعندما أصبحنا فوق الفاشر: صحت الفاشر، خزان غولو، فنظر المهندس صديق يوسف وكان قد عمل مهندسا تنفيذيا لكهربة الفاشر عند تنفيذها: نعم هذه الفاشر، فبدأنا نخمن شالا ولا الخير خنقة (والأخير هو اسم السجن القديم في داخل الفاشر بينما الأول سجن حديث بناه إبراهيم عبود جنوب مطار الفاشر وعلى بعد 10 كلم من قلب الفاشر). خرجت من الفاشر عام 1967 بعد أن قضيت بالفاشر الثانوية 4 سنوات من أجمل سنين عمري، فقد درست الثانوي في تلك المدرسة العظيمة التي خرجت الشهيد أحمد القرشي طه وتاج السر مكي أبوزيد وبري عبدالرحمن وعثمان محمد الخير. لقد إلتحقت برابطة الطلاب الشيوعيين بمدرسة الفاشر الثانوية وكان إسمها الحركي رطش غولو، درسني في تلك المدرسة نفر من كرام الأساتذة من أمثال الأساتذة أبو حمد حسب الله (عربي وإنجليزي ودين!) ومالك محجوب محمد خير (تاريخ) ومحجوب ماث وبدر علي (فيزياء وكيمياء) و علي ابو الزين (عربي) وكمال بشير (جغرافيا)، وزين العابدين الطيب (رياضيات)، والمصري مصطفى (جغرافيا) وديفيد روبرتسون ومستر كنج (إنجليزي)، وحسن الطاهر وأحمد عمر وعمار (فنون) وحسن قاسم وهشام هاشم الكمالي (فيزياء) و المرحوم محمد البشير الحسن (عربي)، ومحجوب الخزنة (رياضيات) والأساتذة المصريون مكرم (إنجليزي) وحليم وبسيونيي (علوم أحياء وكيمياء) . وكان ناظر المدرسة عندما ألتحقت بها أحد المربين الأفاضل العظام وهو المرحوم الأستاذ أحمد هاشم والذي ضمن طلاب السنة الرابعة جميعا عندما تظاهروا في إكتوبر وتم إعتقالهم بسجن شالا وكان الضمان هو منزله الذي لم يكتمل بنائه بعد ثم جاء بعده الأستاذ الكبير والمدهش عمر حسن مدثر المعروف بعمر ماث لتفوقه في تدريس تلك المادة. خرجت من الفاشر إلى جامعة الخرطوم وأنا أحمل الشهادة السودانية (Grade One) لأدخل كلية الإقتصاد وعدت للفاشر معتقلا ولم أكمل الجامعة بعد. الإستقبال في مطار الفاشر وبقينا نحن في الحوش وكنا مجموعة تضم: وتم تقديم اٌفطار لنا ومن ثم تحركت بنا العربة إلى نيالا حيث أمضينا الليلة بسجنها وفي الصباح تحركنا إلى سجن زالنجي ووصلناه مساء. وقد قال محجوب شريف في تلك المناسبة: ودانا لشالا وعزتنا ما شالا نحن البلد خيرها ومستقبل أجيالها يالماشي زالنجى نتلاقى نتلاقى ما كلكم باقة اتفتحت طاقة وإتحدت إذلالها وكان بسجن شالا عدد من المعتقلين الذين تم إعتقالهم في الفاشرونيالا، ومن بين هؤلاء: الأستاذ إدريس الصويم الأستاذ عبد الرحيم علي بقادي الأستاذ مكي الصويم الأستاذ عبد المنعم سلمان الأستاذ صديق أحمد البشير سجن زالنجي رحلتنا للعلاج