[email protected] مقدمة ! تسالنا في مقالة سابقة ، هل من الصعب تفجير الأنتفاضة الشعبية ، غدا ، بعد مظاهرات ولاية الخرطوم ؟ والأطاحة بنظام البشير في أيام ، كما في تونس ومصر ، أو حتى في بضع شهور كما في ليبيا واليمن وسوريا ؟ توفرت الآن كل العوامل الموضوعية لاسقاط نظام البشير ! تراكمية هذه العوامل الموضوعية ، في نفس الوقت ، ونفس المكان ، سوف تعجل بتفجير الانتفاضة ! قال : أرأيت لو رميتك بهذه الحفنة من الرمل , أتوجعك ؟ , قال : لا ! قال : فهذه الحفنة من الاسمنت ؟ قال : لا توجعني ! قال : فهذه الحفنة من الحصحاص ؟ قال : لا توجعني ! قال : فهذه الغرفة من الماء ؟ قال: لا توجعني شيئا ! قال: أفرأيت إن خلطت هذا بهذا ! وتلك بتلك ! حتى صار عجينأ خراسانيأ ؛ ثم تركته حتى استحجر ؛ ثم رميتك به ؛ أيوجعك ؟ قال : إأأي والله ؛ ويقتلني ! قال : فكذلك تلك العوامل إذا اجتمعت زمانا ومكانا ! تعجل بالأنتفاضة ، وتقتل نظام البشير ! نستعرض ادناه بعضأ من هذه العوامل المحفزة لتفجير الانتفاضة : أولأ : + كل مواطن سوداني ، غير الطغمة الباغية ، قد شعر بالجوع ... والجوع كافر ! قال مظفر ألنواب : لا تلم ألكافر في هذا ألزمن ألكافر فالجوع أبو الكفار مولاي أنا في صف الجوع ألكافر ما دام ألصف ألآخر يسجد من ثقل ألأوزار ( مظفر ألنواب ) الجوع قد وحد من تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا ، وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ... من الخرطوم الي أروما في الشرق ، حيث حذر مؤتمر البجا من مجاعة طاحنة ! كما حذرت منظمة الفاو الاممية ( الأربعاء 5 اكتوبر 2011 ) من مجاعة قادمة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، نتيجة للحرب التي تشنها عصابة البشير علي المواطنين المدنيين ! مظاهرات الجوعي التي اجتاحت ولاية الخرطوم ، سوف تنتهي بالمطالبة برحيل نظام البشير ، سبب ومصدر الجوع ! سوف تتحول هذه المظاهرات الأقتصادية ، الي مظاهرات سياسية بأمتياز ، كما حدث في تونس ومصر وباقي دول الربيع العربي ! وأن كان بعض المراقبين يدعي أن هذه المظاهرات ، احتجاجات جوعي ضد غلاء الاسعار ... وبس ! ولا علاقة لها بتغيير نظام البشير !وسوف تتبخر في هواء الخرطوم الساخن ، كما تبخرت ، في يوم طلوعها ، غيرها من المظاهرات الفئوية! هاك هذه ، في سياق غلاء الاسعار : شافع مشى لبتاع دكان رباطابى ! قال : ابوى قال ليك ادينا جبنة بخمسين قرش! قال : امشى قول لابوك يجى يلحس السكين ! ثانيأ : + كل مواطن سوداني ، غير الطغمة الباغية ، قد شعر باهدار كرامته ، وهو أمر دونه خرط القتاد ! ولكن رب ضارة نافعة ! اهدار الكرامة كسر حاجز الخوف ، ومسح هيبة النظام في أعين المقهورين من الشعب ! لانه لم يبق لهم ما يفقدونه ، بعد فقدان كرامتهم ، مما يدفعهم للتظاهر دون وجل ! الأمر الذي يعجل بالانتفاضة الشعبية ! الدولة الرشيدة ، ملزمة بإنفاذ تعاليم الله سبحانه وتعالي ، في تعاملها مع الناس بكرامة ! ملزمة بذلك بموجب النص القرآني: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) ! وملزمة كذلك بموجب المواد (1) و(3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ! ومن صميم كرامة الإنسان : + اولا وقبل كل شئ أحترام والحفاظ علي حقه في الحياة ! فحين يهدر حق الحياة، تسقط ، تلقائيا ، قيمة الحقوق الأخرى ( كالكرامة مثلا ) ، إذ لا يستطيع ميت أو مقتول أن يطالب بالكرامة ... لأنه ببساطة غير موجود ! وعليه فحرام على الدولة الرشيدة أن تهدر حياة الإنسان بدون حق ، أي بدون حق القصاص من القاتل ، كما في امر قبض الرئيس البشير ! وفي هذا القصاص نفسه صيانة لدم الإنسان وحياته ، وكرامته! + ومن صميم كرامة الإنسان ، أن يأمن ولا يروع ، وأن يشبع ولا يجوع ، وأن يحترم ولا يهان، وأن تصان حرمته ولا تنتهك! ولكن ، للأسف المواطن السوداني ، صار مصابأ بمرض عضال ؛ هو اللامبالاة المرضية ، والتخاذل عن العمل العام ، ورفض المشاركة السياسية ! وحتى الكثير من المتعلمين وأنصاف المتعلمين ، قد أصابتهم روح اليأس من التغيير ، والإصلاح ؛ فانتهوا إلى حالة عدمية ... لا تعرف السبيل للخروج من قوقعة اللامبالاة والأحباط الي حمية الغبينة والرغبة في المشاركة في التغيير ! لا تعرف السبيل من صمة الخشم ، الي القول ثم الفعل!. يتعامل المواطن السوداني مع عصابة البشير مثلما يتعامل مع قلة الأمطار والجفاف ، بمنطق بلاء من الله سبحانه وتعالي ، ولعله خير ! وعلى هذا كانت عصابة البشير مقبولة ، حتى وإن كان القبول لا يعنى بالضرورة الرضا ، وإنما التكيف والتعايش مع ما لا حيلة للمرء حياله ! اقالت عصابة البشير المواطن السوداني من الحياة السياسية ، ثم أستقال طوعأ ، وقرفأ ! . ثالثأ : + كل مواطن سوداني ، غير الطغمة الباغية ، يحس بالحزن وهو يري السودان وقد ، قسمته الطغمة الباغية ! في نهاية هذا الشهر ( أكتوبر 2011 ) ، تبدأ قبائل المسيرية رحلة الصيف جنوبأ ، عابرة الحدود بين دولتي السودان !هل نحن موعودون بتفلتات أمنية بين قبيلتي الدينكا والمسيرية ، وربما بين دولتي السودان ، اذ هذه اول رحلة صيف تقوم بها قبيلة المسيرية ، بعد أستقلال الجنوب ! خصوصأ ، وقد طلبت دولة جنوب السودان من مجلس الامن ( الخميس 6 اكتوبر 2011 ) ، العمل علي أجلاء الجيش الشمالي من أبيي ، ونقنقت قبائل الدينكا من عبور المسيرية لابيي جنوبأ ، كما في أيام نضرات غابرات ؟ طردت عصابة البشير ، بسياساتها الرعناء الاقصائية ، الجنوب وبتروله ! ومعه اكثر من 80% من مداخيل السودان الدولارية ، مما يفسر السقوط المريع الحالي للجنيه امام الدولار ، وبالتالي غلاء المعيشة الطاحن ! اكد الخبراء ان دولة السودان اصبحت مفلسة ، بعد أنفصال الجنوب ! ولا تملك اي مصادر دخل ، بعد تدميرها القطاعين الزراعي والصناعي ! ورغم ذلك تستمر عصابة البشير بالصرف غير المحدود ( لضمان بقائها ) على الاجهزة الامنية، والعسكرية ، والدستورية، ومؤسسة الرئاسة ، وعلي حساب الصحة والتعليم والمرافق الاجتماعية الاخري ! الأزمة الأقتصادية الحالية ما هي الا نتيجة مباشرة لسياسات نظام البشير البئيسة ! ينفر نظام الانقاذ من الاعتراف بأنه سبب هذه المحنة ! الأعتراف هو الباب الذي تلج منه الحلول ! ولكن نظام البشير يصر ، في عنجهية وغباء ، علي تركه موصدأ ! رابعأ : + كل مواطن سوداني ، غير الطغمة الباغية ، يحس بالحزن وهو يشاهد الأبادات الجماعية ، والحروب الاهلية ، التي تشنها الطغمة الباغية ضد اشقائه في دارفور ، وجنوب كردفان ، والنيل الأزرق ! بدات تظهر نذر حرب في الشرق وفي ابيي ، بعد أن شم الجميع دم عصابة البشير ، وشعروا بضعفها وهوانها ! في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ، هذه الأيام هدوء يرمي بشرر كالقصر ! كأنه جمالات صفر !ويل يومئذ للمكذبين !هذا يوم لا ينطقون ! ولا يؤذن لهم فيعتذرون ! خاف المكذبون الأنقاذيون من تواجد الدكتور خليل ابراهيم في دارفور ، ومن ثم رحلة الفريق محمد عطا المولي الي تشاد ( الجمعة 7 اكتوبر 2011 ) ، لتوسل الدعم التشادي ، في تحديد مكان تواجده ، بواسطة عملية الصقر الفرنسية ( الأقمار الصناعية ) ، المتمركزة في انجمينا منذ العام 1986 ! Operation epervier ) ) وأيضأ تحديد مكان دفن الصواريخ الليبية قراد ( أرض – جو ) ، التي يزعم المكذبون أن حركة العدل والمساواة قد دفنتها في المثلث دارفور – ليبيا – تشاد ! في هذا السياق ، وعدنا الرئيس البشير بصلاة الشكر في الكرمك يوم الاربعاء 5 اكتوبر 2011 ! ومر يوم الاربعاء دون ان نري الرئيس البشير يصلي في الكرمك ! اين ذهبت المجنزرات ، والمدرعات ، والمدافع الثقيلة ، والدبابات ، وقاذفات اللهب ، وطائرات الانتونوف ،والهليكوبترات ، التي فار بها الطريق بين الدمازين والكرمك منذ يوم الجمعة 2 سبتمبر 2011؟ هل انشقت الارض عنها ، وبلعتها ؟ أم بلعها القائد مالك عقار ؟ قال : رغم توحد الاهداف ، هناك ازمة ثقة عميقة بين الحركة الشعبية الشمالية ، وحركات دارفور الحاملة للسلاح ؛ من جانب ؛ ومن الجانب الاخر ، الأحزاب السودانية الشمالية !الحركات تخاف ان تخطف الاحزاب الانانية ، ثمرة جهدها وكفاحها المسلح ، وتستمر في تهميشها ، اذا نجحت الأنتفاضة ! والأحزاب تخاف ان تتنمر وتستاسد الحركات الأثنية ، وتشوتها خارج الملعب ، اذا نجحت الانتفاضة ! بعض المراقبين يزعم بان مواطن وسط السودان اللامنتمي لا يحس بأي تعاطف أخوي مع اخوانه المنكوبين في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ! لان نظام البشير ، بالته الاعلامية الجبارة ، قد نجح في التعتيم علي هذه المحن ، وتصويرها علي انها : + حركات عنصرية أثنية تستهدف الوسط ككل ؛ + عصابات قطاع طرق ، ونهب مسلح من مارقين علي القانون في دارفور ؛ + حركات تجسس لجهات خارجية ( حكومة الجنوب ؟ ) ، وحركات تمرد من فلول جوبا الهامشية ، ضد الهوية العربية - الاسلامية للمركز ! ومن ثم النفور الغريزي لمواطن وسط السودان ، وعدم تعاطفه مع هذه الحركات التحريرية ! خامسأ : + كل مواطن سوداني ، غير الطغمة الباغية ، يحس بالغضب الدفين ، وهو يري السودان وقد ، فتكت به ، حتي العظم ، ديدان وفيروسات الفساد والأفساد ! وقد طحنته الضائقة الاقتصادية الخانقة ! ماذا تنتظر أن يفعل الجوعي ، وهم ينظرون ، فيبصرون الابالسة وأذنابهم يتقلبون ، جهارأ نهارأ ، في نعيم الفساد المسروق من قوت الشعب ؟ الأسراع بتفجير الانتفاضة طبعأ ! اخر حلقة في مسلسل الفساد تشير الي ان معالي الدكتور قطبي المهدي، رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني قد فتح بلاغاً لدى الشرطة ، بأن مجهولين سطوا على منزله ، وأوثقوا حارسه بالحبال ، واستولوا على ( 90) مليون جنيه سوداني ، بالاضافة الى مبالغ أخرى بالدولار والاسترليني واليورو والليرة اللنانية والسورية ، وتقدر جملة المبلغ ب(200) مليون جنيه! . وقبضت الشرطة علي تسعة من المتهمين ، اثنين من تجار العملة وسبعة من القوات النظامية ! وتشير تسريبات الي ان معالي الدكتور قطبي المهدي يتاجر ، بالمكشوف ، في العملة ، وان المتهمين المقبوض عليهما من منافسيه في السوق ، ويعرفان بتخزينه للعملات داخل منزله ! وتوضح الحادثة التنسيق بين تجار العملة والقوات النظامية ( حاميها حراميها ) ، والمستنقع الاسن من الفساد الذي تخوض فيه قيادات عصابة البشير ! لن تعمر عصابة البشير طويلأ ، بعد أنكشاف هذه الفضيحة ال بجلاجل ! قال : أجمع محللون اقتصاديون على انهيار الاقتصاد الوطني ، وقالوا إن العجز في الميزانية ( أس الداء ) لا يمكن تغطيته في المستقبل المنظور ! وان الامور سوف تتدحرج من السئ الي الأسوأ ! هل تصدق ان احتياطي بنك السودان المركزي الآن لا يغطي استيراد أسبوع واحد ، حسب المعطيات المتوفرة ! ثم ماذا بعد الاسبوع ؟ الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم !